الملابس

 تشمل كل أنواع الثياب والزينة التي يرتديها الإنسان في كل أنحاء العالم. فعلى سبيل المثال، يرتدي الإسكيمو في المناطق الباردة الحذاء الطويل والسراويل والمعطف السميك، بينما يرتدي الرجل الإفريقي الذي يعيش في إحدى قرى القارة قطعة من الثياب يلفها حول وسطه. وترتدي الممرضة في المستشفى زيًا معينًا، وتضع على رأسها غطاءً معينًا. وكذلك يرتدي الصيرفي الذي يعمل بأحد المصارف بلندن زيًا كاملاً، يتكون من سروال وسترة وقبعة توضع على الرأس. يرتدي كل هؤلاء الأشخاص ملابس مختلفة. وبالرغم من اختلاف الثياب فهم جميعًا في حاجة إليها. وتعتبر الثياب إحدى ضروريات الحياة للإنسان كالطعام والمأوى.
وعبر التاريخ، ارتدى أغلب الناس الملابس بغرض الزينة أكثر منه لستر أجسامهم. ويهتم بعض الناس في المناطق الباردة بتزيين أجسامهم أكثر من حمايتها من البرد. ففي سنة 1830م، سافر عالم الأحياء البريطاني الشهير تشارلز داروين إلى جزر تييرا دل فويجو في أقصى جنوبي أمريكا الجنوبية. ولاحظ أن الناس هناك يرتدون قطعًا صغيرة من المعاطف المصنوعة من جلود الحيوانات بالرغم من برودة الطقس والمطر. فوزع داروين على هؤلاء الناس قطعًا من القماش ذات لونٍ أحمر فاتح، فأخذوها منه ولفوها حول أعناقهم. ويهتم الناس كثيرًا في هذه الجزر النائية بالملابس لأجل الزينة أكثر منه لحماية أجسامهم من البرد.
ولا يعرف أحد على وجه التحديد لماذا ومتى بدأ أول إنسان لبس الملابس في التاريخ. فربما بدأ الإنسان ارتداء الملابس قبل 100,000عام، وربما لنفس الأسباب التي تجعل الإنسان في هذا العصر يرتدي الملابس. ولعل الإنسان الأول قد لبسها لحماية بدنه وتجميل مظهره وتقديم نفسه للناس حتى يتعرفوا عليه. وفي عصور ما قبل التاريخ، على سبيل المثال، ربما كان الصياد يرتدي جلد الدب أو أيل الرنة لحماية بدنه من البرد، أو لإظهار مهارته وشجاعته وخبرته في الصيد. وبنهاية العصر الحجري القديم، أي قبل حوالي 25,000 سنة، اخترع الإنسان الإبرة التي استخدمها في خياطة ثياب من الجلود، وتعلم كيف يغزل خيوطًا من قلف الشجر أو جذور بعض النباتات أو من الفراء أو أصواف بعض الحيوانات. وبالإضافة إلى ذلك، تعلم الإنسان كيف ينسج من هذه المواد المختلفة ثيابه. وأخذ الإنسان يزرع النباتات التي تمده بالمواد التي يستخدمها في صنع الغزل، كما أخذ يربي الأغنام والحيوانات الأخرى لتمده بالصوف.
استغرق هذا التطور البسيط في مجال الملابس آلاف السنين. أما التطور الذي حدث مؤخرًا في صناعة الملابس والمواد الخام، فيرجع تاريخه إلى مئات السنين.
لم تكن هناك آلات للخياطة لصناعة الملابس حتى قبل حوالي 200 عام. وكانت معظم العائلات تصنع ثيابها بنفسها، ويستخدم التجار، أحيانًا، بعض العمال لصنع الملابس نظير أجرٍ يدفع لهم، ثم يبيعونها في الأسواق. يقوم العمال بصناعة هذه الملابس في منازلهم؛ إذ كانت لا توجد مصانع للملابس في ذلك الوقت، وانتقلت صناعة الثياب من المنازل إلى المصانع بدخول آلات الخياطة، في هذا المجال.
في الفترة ما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، أدت الآلات التي تقوم بالغزل والنسيج والخياطة إلى تطور صناعة الثياب. ويستطيع الإنسان في عالم اليوم، وفي كل أنحاء العالم شراء حاجاته من الملابس الجاهزة التي تنتجها المصانع الكبيرة.
تعتبر صناعة الملابس من أكبر الصناعات في معظم دول العالم. وتعد الملابس وموادها الخام من أهم السلع التجارية المتداولة بين الدول. ويشتري الناس في كثير من الدول مثلاً الملابس والأحذية الإيطالية والصوف الأسترالي والحرير الياباني. وتبيع معارض الأزياء الملابس المُصممة في لندن وباريس وروما في كل أنحاء العالم. ولذا يرتدي الناس في معظم مدن العالم ملابس متشابهة. وبالرغم من ذلك فهناك اختلافات واضحة في الأزياء في معظم أنحاء العالم.
يرتدي الناس في كل أنحاء العالم أنواعًا مختلفة من الملابس لأسباب عديدة؛ فقد يرتديها الناس لحماية أنفسهم من تغيرات الطقس أو ربما يستخدمون موادَّ وطرقاً مختلفة لصنع الثياب، أو قد تكون لديهم عادات مختلفة في لبس ملابسهم.
تناقش هذه المقالة الملابس وأنواعها في بعض أجزاء العالم، وتحاول الإجابة عن التساؤل المطروح، لماذا يرتدي الإنسان الملابس؟ وتقدم وصفًا لبعض النماذج من الملابس عبر الحقَب التاريخية المختلفة ثم تناقش صناعة الملابس. ولمعلومات أوسع في هذا المجال، انظر: مقالات الدول المختلفة في الموسوعة.

لماذا يرتدي الناس الملابس

يرتدي الناس، بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه، نوعًا ما من أنواع الملابس، ويعزى ذلك لأسباب شخصية عديدة. وبصفة عامة، يرتدي الإنسان الملابس لأربعة أسباب رئيسية هي: 1- ستر العورة 2- الحماية 3- الاتصال 4- الزينة. وتخدم أغلب الملابس هذه الأغراض الأربعة.
ستر العورة. يلبس الناس الملابس لتغطي أجزاء من أجسامهم لا يصح نظر غيرهم إليها، وهي مواضع العورة، يقول الله تعالى: ﴿يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوءاتكم وريشا﴾ الأعراف: 26. فقدم الخالق عز وجل ستر العورة على الزينة وغيرها من وظائف اللباس، الذي هو نعمة من نعم الله على عباده ميّزهم به عن سائر مخلوقاته. واللباس الذي يستر العورة واجب تقره الفطر السليمة.
الحماية. تساعد الملابس على حماية الإنسان من الناحية الجسمانية والشعورية. الحماية الجسمانية. قد يعزى ارتداء الملابس لرغبة الإنسان في حماية جسمه، لاسيما وأن محاولته الأولى بدأت بارتداء الجلود، ووضع أوراق الشجر فوق جسمه، واستعمال أشياء أخرى قبل صنع الملابس. ويحتاج الإنسان في كثير من أنحاء العالم إلى ارتداء الملابس لحماية جسمه من تغيرات الطقس، كما تحمي الملابس الإنسان الذي يعمل في المجالات الخطيرة، أو الذي يمارس الألعاب الرياضية العنيفة أو الذي يعمل في المجالات المتعلقة بتلوث البيئة.
يرتدي الناس في المناطق الباردة أنواعًا من الملابس السميكة المصنوعة من الصوف والفراء، أو ما يماثلها، كما ينتعلون أيضًا الأحذية السميكة والطويلة. أما في المناطق الحارة فيرتدي الناس نوعًا آخر من الملابس المصنوعة من المواد الخفيفة كالقطن والكتان، ولهما خاصية امتصاص العرق وتهوية الجسم. ويرتدي الناس في هذه المناطق أحيانًا الملابس البيضاء أو الفاتحة اللون، حيث تعكس هذه الألوان أشعة الشمس. ويرتدون أيضًا نعال الصندل وهي أحذية خفيفة ومريحة مقارنة بالأحذية العادية أو الطويلة. وبالإضافة إلى ذلك، يلبس الناس في هذه المناطق الحارة، القبعات الكبيرة المصنوعة من سيقان النباتات لحماية رؤوسهم من أشعة الشمس.
يرتدي الناس، في كثير من المناطق المختلفة المناخ، الملابس لحماية أجسامهم من تغيرات الطقس. ففي المناطق الصحراوية على سبيل المثال، يرتدي السكان العرب العباءة الواسعة وذلك لحماية أجسامهم من لهيب الشمس المحرقة نهارًا ومن الهواء البارد ليلاً. ويحتاج الناس في مناطق المناخ المعتدل الملابس لحماية أجسامهم في فصلي الشتاء والصيف.
تتطلب ممارسة بعض الأعمال ارتداء نوع معين من الملابس، وذلك بغرض حماية جسم الإنسان. وعلى سبيل المثال يرتدي الجندي في المعركة زيًا معينًا، حيث يلبس فوق رأسه خوذة من الفولاذ أو المطاط المقوى، وسُترة على صدره مصنوعة من النيلون أو من الألياف الزجاجية، ويلبس عمال اللحام في المصانع والورش نظارة اللحام لحماية عيونهم من الشرر المتطاير. ويرتدي ملاحو الفضاء ملابس خاصة بالفضاء تتكون من السروال والسترة، والبدلة وغطاء الرأس، وذلك لحماية أنفسهم من تغيرات الضغط الجوي والرطوبة أثناء طيرانهم في الفضاء. ويرتدي العمال في المصانع الأحذية الطويلة الواقية لأقدامهم، كما يرتدي بعض الرياضيين أنواعًا من الملابس لحماية أنفسهم من الإصابات التي قد يتعرضون لها.
وفي بعض المجتمعات، يرتدي الناس الملابس لحماية أنفسهم من الإصابات الفجائية الجسمية. فقد لبس الفرنسيون مثلاً الملابس العادية البسيطة إبان الثورة الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. وكان الثوار يعتقدون أن الملابس الفاخرة ترمز للطبقات الغنية من المجتمع، وأن الذي يرتديها يعرض حياته للموت من قبل الثوار. ويعتقد الناس في بعض دول العالم أن الأرواح الشريرة قد تسبب أضرارًا جسيمة، ولذا فإنهم يلبسون ملابس خاصة اعتقادًا منهم بأنها تحميهم منها.
الحماية الشعورية. تساعد الملابس على حماية الإنسان من الناحية الشعورية؛ وذلك بتمكينه من إشباع بعض رغباته. فمثلاً يحتاج بعض الناس إلى إشعارهم بأنهم مقبولون لدى المجتمع، ويرغب بعضهم الآخر بالتمايز عن الآخرين.
وتدعو رغبة الإنسان في الانتماء إلى مجتمع ما، أن يرتدي ملابس مماثلة لذلك المجتمع الذي يسعى للانتماء إليه. ويدل اختيار الملابس على أن صاحبها يشارك المجتمع في المعتقدات والاتجاهات والميول ونمط الحياة. أما الأفراد الذين يميلون إلى الاستقلال بأنفسهم، فهم يلبسون ملابس تختلف في تصميماتها عن تلك التي يرتديها الآخرون. ويبدو الشخص الذي يلبس ملابس مختلفة عن الآخرين كأنه يخاطب المجتمع قائلاً: ¸انظروا إليّ فأنا شخص مختلف عنكم·.
الاتصال. تشكل الملابس واحدة من وسائل الاتصال بين الناس؛ إذ تدل الملابس على الهوية والوضع الاجتماعي والحالة النفسية للأفراد.
هوية الناس. يستطيع الناس تحديد هويات بعض الشخصيات البارزة مثل رجل السياسة والممثل المشهور دون أن يلقوا نظرة على ملابسهم. ولكن المشهورين قلة، ولذا يمكن بصفة عامة تحديد هوية الإنسان من نوعية الملابس التي يرتديها. وتدل الملابس على كثير من المعلومات المتعلقة بهوية الإنسان مثل المهنة والعمر (بالتقريب) والجنس. فالملابس التي يرتديها سائقو الحافلات وعمال البريد والممرضات وضباط الشرطة ورجال الدين، على سبيل المثال، تدل على نوعية المهنة التي يؤدونها. ويختلف الناس في أنواع الملابس التي يرتدونها بحسب أعمارهم، حيث يرتدي الرجال والأولاد ثيابًا مختلفة عن النساء والبنات. وتدل أنواع الملابس على الهوية أو الانتماء لجماعة ما، وذلك مثل رواد ورائدات الكشافة، حيث يرتدون زيًا خاصًا بهم.
ويرتدي بعض الأشخاص الملابس أو الثياب العادية لاعتقادهم الشديد بارتباطها بالسلوك الشخصي. وهم يعتقدون بخطأ الاهتمام بالملابس والزينة كنوع من المظهر، ويؤمنون بأن يكون اهتمام الناس بأمور أهم من الملابس. وتؤمن بهذا الاعتقاد جماعة دينية في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وتعرف هذه الجماعة بـ الأميش. يرتدي الرجال من الأميش ملابس عادية سوداء اللون، بينما ترتدي المرأة منهم الملابس الطويلة العادية.
مشاعر الناس. تساعد الملابس في التعرف على الحالة النفسية للإنسان. ولايعطي الإنسان الذي يعاني من الاكتئاب النفسي أو الحزن اهتمامًا بمظهره الشخصي. وتدل الملابس الزاهية الألوان والتصميمات الجريئة على الإحساس بالسعادة، وتبعث الملابس الزاهية في النفس البهجة والسرور لدى رؤيتها. ولألوان الملابس في بعض المجتمعات دلالات خاصة؛ فالألوان لها دلالتها أو معانيها المتباينة بحسب المجتمعات المختلفة. فقد يرتدي الناس في حالات الحزن والعزاء في بعض المجتمعات الملابس السوداء، كما يختلف لون فستان زفاف العروس من بلد لآخر. فألوان فستان الزفاف في بعض الأقطار يشبه ملابس الحداد في أقطار أخرى كالهند مثلاً. وتجدر الإشارة إلى أن ملابس الزفاف بيضاء في معظم البلدان، بينما ملابس الحداد سوداء.
رغبات الناس. يرغب الإنسان في الظهور بصورة أنيقة، وذلك بلبس أنواع معينة من الملابس، وقد يلجأ الإنسان إلى إخفاء شعوره أو عمره، أو قد يحاكي بعض الشخصيات المهنية من خلال الملابس التي يرتديها. وقد يرتدي الإنسان الحزين أو المكتئب ملابس زاهية لإخفاء حزنه أو كآبته عن الآخرين. ويحاكي الأطفال في ألعابهم الكبار من أمهاتهم أو آبائهم وذلك بلبس ملابسهم. وقد يحاكي بعض الناس الممثلين الناجحين من ناحية اللبس أو المظهر. وتوجد حالات يرتدي فيها كثير من الناس ملابس تظهرهم في هيئة تخالف حقيقة أعمارهم وذلك عند التقديم لشغل بعض الوظائف الشاغرة. وقد يرتدي بعض الأشخاص أزياء غيرهم من المهن الأخرى، حتى يبدو وكأنهم من أصحاب تلك المهن. الزينة. يسعى معظم الناس إلى ارتداء الملابس التي تبرز أناقتهم، وتوفر لهم الحماية، وتسهل عليهم الاتصال فيما بينهم. ومن الملابس التي توفر الحماية للإنسان إزاء تغييرات الطقس معطف المطر وحذاء الثلج وصدرية البرد، وهي تتميز بألوانها الزاهية وتصميماتها الجريئة. وترتدي بعض النساء الملابس المصنوعة من الفراء الغالي لا لأنه دافئ، ولكن لأنه أكثر جمالاً. وحتى الزي العسكري لا يخلو من الجمال حيث يصمم لإظهار أناقة الرجل أو المرأة في الخدمة العسكرية.

الملابس في جميع أنحاء العالم

يرتدي الناس منذ آلاف السنين وفي كل أنحاء العالم أنواعًا مختلفة من الملابس. وتنتشر أنماط الملابس الغربية في كثير من بقاع العالم اليوم، وبالرغم من ذلك يختلف الناس كثيرًا في أنواع الثياب التي يرتدونها، ولا سيما في أوساط سكان الريف.


لماذا تتنوع الملابس. هناك أربعة أسباب أساسية لتنوع الملابس في كل أنحاء العالم وهي: 1- تعدد أغراض ارتداء الملابس. 2- تنوع المواد الخام. 3- تعدد طرق صناعة الملابس 4- تنوع عادات وتقاليد الملابس. وتقف هذه الأسباب وراء التنوع في الملابس من قارة لأخرى، ومن قطر لآخر، ومن شخص لآخر. الغرض. ذُكر من قبل أن النـاس يرتدون الملابس لأربعة أسباب أساسية، وهي ستر العورة والحماية والهوية والزينة، ولكن في مناطق عديدة من أنحاء العالم يحتاج الناس لأنواع من الحماية خاصة وأنهم يعيشون في أقاليم مناخية مختلفة. وتدل الملابس التي تستعملها الشعوب في بعض الأمم على معان ومعتقدات معينة قد تجهلها الشعوب الأخرى. وعلى سبيل المثال، تلبس المرأة المسلمة الحجاب في الأماكن العامة، وذلك لأن الدين الإسلامي يأمرها بذلك. بالإضافة إلى أن هناك العديد من الآراء حول كيفية صنع الملابس بصورة جميلة وأنيقة.
الخامات المتاحة. تستخدم الشعوب في كل أنحاء العالم أنواعًا مختلفة من المواد الخام في صناعة الملابس. وإذا أخذنا فرنسا مثلاً، فإن الفرنسيين يستعملون الملابس المصنوعة من أنواع عديدة من الخامات بالمقارنة مع الصينيين، وتعرض معارض الأزياء الفرنسية كل أنواع الملابس المصنوعة من المواد الخام الطبيعية كالقطن والفراء والجلود والحرير والصوف، وكذلك الملابس المصنوعة من المواد غير الطبيعية كالبلاستيك أو النيلون والحرير الصناعي.
طرق صناعة الملابس. تختلف صناعة الملابس من قطر لآخر، وتستخدم الدول الصناعية الكبرى مثل كندا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية ودول غربي أوروبا أنواعًا كثيرة من آلات الخياطة والعمليات الإنتاجية المتنوعة في صناعة الملابس. وتستطيع مصانع النسيج في هذه الدول الصناعية الكبرى إنتاج ملايين الياردات من المنسوجات القطنية في غضون وقت وجيز وبأنواع وأشكال مختلفة. وتستطيع مصانع الملابس أيضًا تفصيل وخياطة الملابس بسرعة فائقة. ويستطيع سكان قرية صغيرة في الهند مثلاً نسج ثيابهم بالمغزل اليدوي، ويستطيعون ابتكار عدة تصميمات قد تفوق الآلة، إلا أن هذا العمل يستغرق وقتًا أطول من الآلة. ورغم ذلك فهم يصنعون ملابسهم بأيديهم. عادات اللبس. تؤثر عادات اللبس على نمط الملابس، حيث تتوارث الشعوب عادات اللبس جيلاً عن جيل. وهكذا يتعلم الأطفال أنواع الثياب التي يلبسونها. وتتشابه في بعض الدول أنواع الملابس التي يلبسها المزارع مثلاً، كما في الصين والمكسيك من ناحية المواد الخام وطرق صناعتها. ورغم أن الحاجة إلى الثياب أو الملابس واحدة لكل الشعوب، إلا أن هناك تباينًا واضحًا في عادات اللبس. فالقبعة المكسيكية أطرافها تميل إلى أعلى بينما القبعة الصينية أطرافها تميل إلى أسفل.

الملابس عبر العصور

يروى أن الإنسان منذ آلاف السنين ارتدى نوعًا ما من الملابس. وقد صنع الإنسان أول نوع من الملابس من الفراء وجلود الحيوانات التي اصطادها، وتعلم بمرور الزمن كيف يستخدم مواد أخرى في صنع ملابسه. واستطاع كذلك أن يخترع الأدوات والآلات التي يستخدمها في صناعة النسيج والملابس.
نناقش في هذا الجزء من المقالة وبصفة عامة تاريخ الملابس في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا الشمالية. وقد أسهمت هذه الشعوب في تطوير أشكال وأنواع نمط الأزياء الغربية.
العصور القديمة. تمتد فترة العصور القديمة من قبل أكثر من 5,000 سنة حتى القرن الخامس الميلادي. ومصادر معلوماتنا عن الملابس التي كان يرتديها الإنسان في تلك العصور القديمة هي المزهريات والتماثيل واللوحات الجدارية. ووجدت كميات كبيرة من الحلي في تلك العصور القديمة. واكتشفت كذلك آثار قليلة من الثياب المنسوجة وبعض الأدوات الجلدية التي كانت موجودة في تلك الفترة. وتحافظ بعض أنواع الثياب القديمة على شكلها بسبب الظروف المناخية الجافة كما في مصر. اختفت الألوان التي كانت تُزين اللوحات الجدارية والتماثيل القديمة بفعل السنين، ولهذا السبب تبدو الثياب في تلك الجدران والتماثيل بيضاء أو باهتة اللون. وكان قدماء المصريين يرتدون فعلاً الثياب البيضاء، ولكن هناك شعوبًا أخرى مثل قدماء الرومان الذين كانوا يسكنون بومبي أظهرت الاكتشافات الأثرية على الجدران في القرن الثامن عشر والتماثيل أنهم كانوا يرتدون ثيابًا زاهية الألوان.
المصريون القدماء. استخدم المصريون القدماء الكتان في صناعة ملابسهم، وكان معظم العبيد والأطفال لا يرتدون الملابس، بينما كانت العائلات الكبيرة ترتدي الملابس، لإظهار مكانتها الاجتماعية في المجتمع، وكان المصريون القدماء يرتدون قطعًا من الملابس مستطيلة الشكل.
وارتدى الرجال في بداية عصر الحضارة المصرية القديمة ثيابًا واسعة كالعباءة، وقطعًا صغيرة من الثياب في حجم الفوطة (المنشفة) كملابس داخلية أو رداء قصير مثل التنورة أو القميص. ويلف الثوب في وسط الجسم. وتحول الرجال بمرور الزمن إلى ارتداء الثياب المكونة من قطعة واحدة، وهي الرداء الطويل، وكانوا أيضًا يردفون الثياب بوشاح واسع.
ولبست المرأة في مصر القديمة في البداية نوعًا من الملابس، تلف به جسدها. ويتكون هذا اللباس الضيق من قطعة أو قطعتين تُربطان بإحكام فوق الكتفين، ويكون طويلاً حتى يصل أسفل القدمين، ويبرز الملابس الصدر عاريًا، وكانت معظم النساء يتزين بالحُلي.
لبس الرجال والنساء في عصور لاحقة ثيابًا واسعة وطويلة، وهي أشبه بالروب أو العباءة بدلاً من تلك الثياب القصيرة. وكانوا يصنعون هذه الملابس الطويلة التي تُطبق إلى نصفين في شكل مستطيل من ناحية الطول ويكون لها فتحة للرأس.
ويرتدي الناس العباءات بطرق مختلفة، ففي أحيان تُلف العباءة حول الجسم حتى القدمين، وفي أحيان أخرى تُربط العباءة بحزام عريض من القماش في وسط الجسم. وكان الرجال والنساء في مصر يحلقون رؤوسهم ويلبسون الشعر المستعار المصنوع من شعر الإنسان أو من ألياف سعف النخيل أو الصوف. وارتدى الرجال والنساء أحذية خفيفة، غير أن معظمهم كان يمشي حافي القدمين. انظر: مصر القديمة.
السومريون والبابليون والآشوريون. كان السومريون والبابليون والآشوريون من رعاة الأغنام. وقد صنعوا ملابسهم من أصواف الحيوانات التي كانوا يربونها، وكانوا يستوطنون في أرض ما بين النهرين، وهي المنطقة التي تعرف الآن بالعراق وسوريا وتركيا. ففي هذه المنطقة كان يعيش السومريون، بينما كان الآشوريون يعيشون في الشمال، وأما البابليون فعاشوا في الوسط.
وكان السومريون يلبسون التنورة الضيقة وعليها الزينة في أطرافها السفلى، أو يلبسون نوعًا آخر من التنورات يسمى بالكوناكس. ويعتقد بعض المؤرخين أن الكوناكس ما هو إلا نوع من الثياب مغطى بزينة من الصوف الناعم حتى أطرافه السفلى. ويعتقد مؤرخون آخرون أن الكوناكس كان يصنع من صوف الأغنام الكثيف.
ارتدت المرأة السومرية الخِمار على رأسها بالإضافة إلى الكوناكس. ووضع الآشوريون والبابليون ثوبًا أو شالاً كبيرًا فوق أكتافهم، أو لفوا ثوبًا كبيرًا حول وسطهم وأردافهم. وقد ارتدوا هذه الملابس بطريقة معينة؛ حيث وضعوا أحد أطراف الثوب على الكتف الأيسر. وارتدى الآشوريون والبابليون صدرية ذات أكمام قصيرة تحت الثوب الكبير. وكان الناس في هذه المنطقة يضعون الزينة في أطراف ملابسهم. وخلال السنوات الأولى من هذه الفترة التاريخية كان الناس يلبسون على رؤوسهم عدة أنواع من الملابس أو الأغطية وكانوا غالبًا يمشون حُفاة الأقدام، ولكن فيما بعد لبس هؤلاء الناس الأحذية الخفيفة مثل الصنادل والأحذية العادية والثقيلة. وقد تميز الرجال الآشوريون بإطلاق اللِّحى الطويلة والشعر الكثيف المُجعد.
الفرس. يُعد الفرس ضمن الشعوب الأولى التي صنعت الثياب الضيقة بدلاً عن الثياب الواسعة، التي كانوا يلفونها حول أجسامهم. وتعرف بلاد الفرس القديمة اليوم بإيران. وكان الفرس من الصيادين وراكبي الخيل. ويعتقد المؤرخون أن الفرس كانوا يرتدون الثياب الضيقة المصنوعة من جلد الحيوانات؛ لأنها كانت تناسب عملية الصيد وركوب الخيل أكثر من الثياب الواسعة، ومن ثم صنعوا الثياب من المواد المنسوجة بدلاً من الجلود. ولبس الرجال من الفرس السراويل الضيقة عند الكعب، كما لبسوا مع السروال الحذاء العادي أو الثقيل، ومع البدلة صدرية ذات أكمام قصيرة. وارتدت المرأة الفارسية ثيابًا مثل ثياب الرجال، غير أنها لبست الحجاب الطويل. وصنع الفرس الثياب الضيقة بما يلائم أجسامهم. وفي فترات لاحقة تطورت الملابس الفارسية بما يشبه نمط الملابس الغربية.
العبرانيون. ليست هناك معلومات كافية عن الملابس التي كان يرتديها العبرانيون. وتصف لنا النصوص القديمة من التوراة أن أقدم أنواع الملابس العبرانية عُرفت من خلال اللوحات الجدارية والتماثيل التي وجدت في فترة حكم الآشوريين وقدماء المصريين. وتشير هذه المصادر إلى أن العبرانيين كانوا يرتدون نفس أنواع الملابس التي كان يرتديها سكان منطقة الشرق الأوسط الذين كانوا يرتدون ثوبًا يُلف حول الجسم بالإضافة إلى صديري تحت الثوب، وشال يوضع فوق الكتف. وجاء في الكتاب المقدس أن العبرانيين كانوا يخيطون العزبة (شرّابة) على ثيابهم. وقد صفف الرجال من العبرانيين شعرهم في شكل خِصل على جانب واحد من الرأس، سمي بشق الشعر. وامتنع العبرانيون عن ارتداء الملابس المصنوعة من الكتان والصوف لاعتبارات دينية.
الكريتيون. تقع جزيرة كريت على بعد 130كم جنوبي اليونان. وارتدى سكان الجزيرة نوعًا من الملابس اختلف كثيرًا عن أزياء الشعوب القديمة في المنطقة. وارتدت المرأة في جزيرة كريت ثيابًا ضيقة في الوسط أو الخِصر والمخصِّر. وكانت ثيابها تشبه نمط ثياب المرأة الغربية في منتصف القرن التاسع عشر. وارتدت المرأة التنورة الطويلة، التي كانت تشبه في شكلها الجرس وتُزين بكشكش في أطرافها، كما اشتمل القميص أو البلوزة التي كانت ترتديها المرأة الكريتية على أكمام، غير أنه كان يجعل الصدر عاريًا.
الإغريق. كان الإغريق يرتدون ثيابًا واسعة تتكون من قطع مستطيلة الشكل. وكان الرجال والنساء يرتدون النوع نفسه من الثياب. وكان الملبس الشائع يشمل ثوب الخيتون وهو ثوب طويل يُلف حول الجسم، ويُربط عند الكتفين والوسط، وثوب الهماتيون وهو أيضًا نوع آخر من أنواع الشملات الواسعة، وثوب الكليميز، وهو عباءة قصيرة كان يرتديها المقاتلون من الرجال بحيث تكون إحدى ذراعي المقاتل عارية.
وشملت الحُلي التي تزينت بها المرأة الإغريقية القرط في الأذن وهو من الذهب وزينة الشعر والأبزيم الذي استعمل لتثبيت الثوب عند الكتف.
وكان الناس يمشون حُفاة الأقدام في البيوت، ويلبسون الأحذية الخفيفة أو الثقيلة عند الصيد والسفر. ولبس الرجال قبعات ذات أطراف عريضة سموها بتاسوس، أو قبعات ليست لها أطراف سميت بيلوس. وزينت المرأة الإغريقية رأسها بعدة أنواع من أدوات الزينة مثل أغطية الرأس والشرائط الملونة واللفاع.
الرومانيون. كان الرومانيون يرتدون الملابس نفسها التي كان يرتديها الإغريق. وصار الخيتون والهيماتيون الإغريقي والصديري الروماني، والعباءة الواسعة التي كانوا يطلقون عليها الباليوم للرجال، وكانت المرأة تلبس ثوب الإستولا وهو ثوب واسع طويل يغطي كتفي المرأة، ويتدلى حتى أخمص قدميها. وكذلك كانت تلبس ثوب البالا وهو ثوب ثقيل وطويل. وتباينت أطوال الصدرية الرومانية من فئة لأخرى. وكان الجنود يرتدون الصدرية القصيرة، ويتركون أيديهم التي يقاتلون بها عارية دون أكمام. وارتدت المرأة الرومانية الإستولا فوق الصدرية، وهو طويل إلى حد ما، وكذلك قميصًا واسعًا ذا أكمام قصيرة، أسموه كاميزيا بالإضافة إلى الملابس الداخلية المسماة بإستروفيوم. وارتدى الرومان الباليوم والبالا خارج المنازل، واستعملوها أحيانًا كدثار.
وارتدى المواطن الروماني ملابس تشبه العباءة تسمى التوجه كانت تغطي الكتف الأيسر، ثم تمر تحت الذراع اليمنى. ولم يكن يرتدي هذا الزي إلا مواطنو مدينة روما، كما منع العبيد والمنفيون من ارتدائها. وأما العبيد الذين تحرروا فكان عليهم أخذ إذن حتى يتمكنوا من ارتداء التوجه. انظر: التوجه .
وفي أخريات العصر الروماني القديم لبس الرجال ثيابًا أو عباءة طويلة واسعة تسمى دالماتيكا. وارتدى الصبيان من الأولاد والبنات الخرزة، حيث ارتداها الأولاد حتى سن البلوغ، بينما لبستها البنات حتى سن الزواج. وارتدى الرجال الصنادل العادية والثقيلة، بينما لبست المرأة الصنادل أيضًا والأحذية النسائية العادية.
لقد تطورت التجارة في قطاع النسيج، حيث استورد الرومان الصوف من بريطانيا وبلاد الغال. وتشمل بلاد الغال اليوم فرنسا وبلجيكا وأجزاء من ألمانيا، كما استوردوا الكتان من مصر والقطن من الهند والحرير من الصين وفارس. انظر: روما القديمة.
العصور الوسطى. يبدأ تأريخ العصور الوسطى بانهيار الإمبراطورية الرومانية الغربية في أخريات القرن الخامس الميلادي، وتمتد حتى القرن الخامس عشر الميلادي. وفي خلال هذه الفترة، تحررت أوروبا الغربية من هيمنة وسيطرة الإمبراطورية الرومانية البيزنطية أو الإمبراطورية الرومانية الشرقية.
الإمبراطورية البيزنطية. كانت الطبقة الحاكمة في الإمبراطورية البيزنطية ترتدي الثياب الفاخرة من العباءات والصدريات. وكان هؤلاء الأثرياء يلبسون الثياب الحريرية المطرزة بخيوط ذهبية، وتُزين الثياب باللآلئ والأحجار الكريمة. أما الفقراء فقد كانوا يلبسون الثياب البسيطة المكونة من الصدرية والقمصان (البلوزة).
وفي أوائل عصر الإمبراطورية البيزنطية لبس الإمبراطور وحاشيته العباءات أو الروب الواسع فوق الصدرية. وكان هذا الزي يسمى بالودامنتوم وكانت الإمبراطورة أيضًا ترتدي عباءة البالودامنتوم وتضع على عنقها ياقة واسعة من القماش مطرزة بالجواهر وتسمى مانياكيز. وارتدت نساء الطبقة الحاكمة عباءات أو ثيابًا طويلة تسمى الإستولاز والبلاز.وفي أخريات الإمبراطورية البيزنطية كان الإمبراطور والإمبراطورة يضعان على كتفيهما شالاً ملفحًا من الحرير أو الصوف أسموه اللورم بدلاً من البالودامنتوم. ولبس النبلاء كذلك الجوارب الطويلة والجوارب المسماة بهوسا.
أوروبا الغربية. أخذ السلت، وهم قوم ينتمون لبريطانيا ولبلاد الغال، يتأثرون بنمط الثياب الرومانية في عهد الإمبراطورية الرومانية. وخلال العصور الوسطى بدأت أنماط أزياء الإمبراطورية البيزنطية تمتزج مع أزياء أوروبا الغربية التي تأثرت بها كثيرًا. وبمرور الوقت تأثرت أنماط الإمبراطورية البيزنطية، وتطلعت الطبقات الحاكمة إلى ارتداء الثياب الفاخرة أكثر من الملابس، أو الثياب الخشنة التي كان يرتديها عامة الناس والمصنوعة من الفراء والجلود.
وكان الناس في بداية العصور الوسطى يصنعون ثيابهم في المنازل، كما كان يفعل أجدادهم قبل مئات السنين. وكانت العائلات تربي الأغنام وتزرع أشجار الكتان، ثم تغزل وتنسج من الكتان والصوف ثيابها. وكانت المدن تنمو بشكل مطرد، ثم ظهرت ورش الحرفيين التي كان يديرها النساجون والخياطون والإسكافيون وغيرهم من الحرفيين. وكانوا جميعًا يعملون في حرف تتعلق بالملابس. وخلال القرن الثاني عشر الميلادي، بدأ هؤلاء الحرفيون في تنظيم أنفسهم في نقابات الحرفيين انظر: النقابات. وقد تطورت حرفة صناعة الملابس التي كان يقوم بها هؤلاء الحرفيون، وذلك لارتفاع مستوى مهاراتهم في التفصيل والخياطة والأناقة بصورة جيدة. وكان الرجال والنساء، في أوائل العصور الوسطى، يلبسون ملابس بسيطة تتكون من الصدرية والعباءة المستطيلة أو الدائرية الشكل، وفيما بعد لبس الرجال الملابس الضيقة بدلاً من الملابس الواسعة. كما استبدلت المرأة بملابسها الواسعة ملابس طويلة وضيقة في أعلى الصدر. ولبس الرجال سروالاً قصيرًا واسعًا ينتهي في أسفل الركبة مع الصدرية، وأنواعًا عديدة من الجوارب، ومنها قطعة من القماش تلف حول الساق. وقد لبسوا أيضًا جوارب زاهية الألوان.
وكانت المرأة في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين ترتدي قناعًا من الشعر على وجهها ـ شبكة ـ أو حجابًا لتغطية الرأس والعنق، وسمي هذا الغطاء الخمار. وارتدى الرجال غطاء فوق الرأس له ذيل، سمي ليريبيبز. كما ارتدى الرجال والنساء رداءً خارجيًا ـ فوق ثيابهم ـ الصدرية أو العباءة. وكان هذا الرداء يشبه زي الجنود المقاتلين في العصور الوسطى، وسمي بالسيركوت، ولم يكن به أكمام، كما أن فتحتي اليدين كانتا تميلان إلى أسفل قليلاً. وأما الرداء الخارجي (السيركوت) الذي كانت ترتديه المرأة فقد كان طويلاً ويلبس فوق الفستان ذي الأكمام الطويلة. وارتدى الرجال السيركوت بدون أكمام، وتميز هذا الزي بأطوال مختلفة، تمتد ما بين الركبة وكعب القدم.
انتشرت أزياء الطبقة العليا في القرن الرابع عشر الميلادي، وصارت الأدوات المكملة لزينة المرأة، كحقيبة اليد والقفاز واسعة الانتشار. وأدخلت الأزرار في الثياب الخارجية للرجل، وكانت أطراف معظم الثياب بها زينة في تلك الفترة، وتسمى الداجنج. ولبس الرجال سترات ضيقة وقصيرة ذات حزام فاخر مطرز بالجواهر سمي كوت هاردي، وكذلك كانت المرأة تلبس فستانًا طويلاً وضيقًا سمي بنفس الاسم. وفي نهايات القرن الرابع عشر الميلادي لبس الرجال والنساء الثياب الفاخرة المسماة هوبلاند. وفي البداية، كان الثوب الذي يرتديه الرجل من هذا النوع الفاخر كثياب خارجية طويلاً؛ إذ كان طوله يصل إلى الأرض، ولكن هذا الطول أخذ يتناقص تدريجيًا حتى وصل لمستوى طول البدلة أو السترة. أما ثوب المرأة من الهوبلاند، فقد كان يتميز بالطول من أعلى حتى وسطها، وله أكمام طويلة.
ومع نهايات العصور الوسطى، لبس الرجال الأثرياء الثياب الحريرية والأنواع الراقية أو الفاخرة من الثياب، والتي كان التجار يستوردونها لأوروبا من الشرق الأوسط. وكانت طبقة النبلاء وسيدات المجتمع الراقي يزينون ثيابهم بفراء الحيوانات كحيوان القاقوم والخز والسمور. ولكن عامة الناس كانوا يلبسون الثياب المصنوعة من الكتان والصوف. وكان شكل ونمط ملبوساتهم بسيطًا وعاديًا بالمقارنة مع الطبقات الحاكمة. أما الطبقة الوسطى والنبلاء الأدنى درجة، فقد كانوا يزينون ثيابهم بفراء الثعالب والأرانب وثعالب الماء. ويلبس عامة الناس الثياب المصنوعة من جلود الأغنام والماعز والذئاب. انظر: العصور الوسطى.
عصر النهضة. بدأ عصر النهضة في إيطاليا في القرن الرابع عشر الميلادي وانتشر في سائر أوروبا خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين. نشأت المدن في خلال هذه الفترة وازداد التجار والحرفيون بأعداد كبيرة. وبسقوط الإمبراطورية البيزنطية وظهور أوروبا الغربية، آلت إليها قيادة صناعة الملابس وتصميماتها. وتأثرت الأزياء الأوروبية، التي ظهرت في القرن الخامس عشر الميلادي، بالمفاهيم والقيم السائدة في ذلك العصر، وأصبحت الملابس وتصميماتها أكثر أناقة وتطورًا من ذي قبل. وصار للمرأة عدة أنواع من أغطية الرأس منها الهينين، وهي قلنسوة مخروطية طويلة الشكل، يبلغ ارتفاعها حوالي متر. وكان هذا الغطاء ترتديه المرأة في كل أنحاء أوروبا في القرن الخامس عشر الميلادي. وقد انتشرت الثياب المطرزة بالحلي والألوان الزاهية في كل أنواع الأزياء المصممة في أوروبا. وكان الرجال يرتدون الجوارب الطويلة مع السترة القصيرة، وكانت الموضة السائدة ارتداء السترة القصيرة. وكانت الجوارب تشبه السراويل الضيقة. وارتدى الرجال عدة أنواع من القبعات منها على سبيل المثال، العمامة المسماة بالشابرون، ولبسوا في أقدامهم أحذية سميت البولين، وبلغ ارتفاع كعب بعض الأحذية حوالي 15سم من الأرض. وكانوا يرتدون ملابس مبطنة بطبقات عديدة من اللباد، والسمة المميزة لهذه الملابس أنها كانت ضيقة إلى حد كبير. ولبس الرجال قمصانًا من الكتان كملابس داخلية وعباءة صغيرة أو ثوبًا ضيقًا سموه الدوبليت كملابس خارجية. ولبسوا فوق الدوبليت سترة بدون أكمام سميت الجركن. ولبسوا بجانب هذه الملابس السروال القصير الذي يصل الركبة، وارتدى الرجال مع الجركن قميصًا طويلاً يصل إلى الركبة، وله أكمام واسعة. ومن أنواع السراويل الأخرى التي ارتداها الرجال الجوارب العليا وكانت تخاط بإحكام شديد لتثبيت الجوارب السفلى المسماة نيزرستوك.
كان نمط أزياء المرأة الملابس الضيقة الخصر. وفي النصف الأول من القرن السادس عشر الميلادي، كانت المرأة ترتدي فستانًا له فتحة مربعة الشكل، وتلبس من الداخل تنورة داخلية مفتوحة من الجانب الأمامي. واشتملت ملابس الرجال والنساء على فتحات صغيرة تسهل عملية تغيير الملابس الداخلية.
تأثرت الأزياء الأوروبية بأنواعها المختلفة بنمط أزياء رجال الحكم والحاشية في أسبانيا في أُخريات القرن السادس عشر. وكان الرجال يرتدون الجوارب بالإضافة إلى السروال القصير المسمى ترنكوس أو السروال القصير الذي ينتهي عند الركبة المسمى أسليمر، وتخلى الرجال عن ارتداء العباءة المُحزقة (الدوبليت) إلى نمط آخر من الثياب أكثر اتساعًا، ولا يكون ضاغطًا على البطن.
ثبتت المرأة التنورة الواسعة بأداة تسمى الفارثنجيل تصنع من مواد صلبة كالعظام أو السلك أو الخشب ولذا تبرز التنورة بعيدة عن الجسم. وكان هناك نوع آخر من الفارثنجيل يتكون من قطعة قماش طويلة ومرنة تربط حول الخصر وتحت الفستان. وزين الرجال والنساء ياقات ثيابهم بالنشا وتسمى هذه العملية تزيين الياقات. انظر: عصر النهضة.
أزياء القرن السابع عشر الميلادي. سادت في كل أوساط أوروبا الأزياء الواسعة والمزركشة في هذا القرن. وصارت فرنسا في مقدمة الدول في تصميم الأزياء الأوروبية، بينما أصبحت أسبانيا أقل أهمية في هذا المجال. بدأ الرجال يتخلون عن ارتداء نمط الملابس القصيرة المسمى الدوبليت واستبدلوا بها صدريات أو قمصان متوسطة الطول. وكانوا يلبسون فوق ذلك السترات إلى مستوى الركبة. وفي منتصف القرن السابع عشر حل السروال الواسع بطول مستوى الركبة محل السروال القصير الضيق. وبنهاية القرن نفسه، عادت موضة السراويل القصيرة للظهور مرة أخرى.
وارتدت المرأة التنورة الداخلية في كل أنحاء أوروبا ما عدا أسبانيا، وذلك بدلاً عن الفارثنجيل الذي كانت ترتديه المرأة تحت الفستان. ولبست المرأة الأوروبية ثيابًا بها أكمام شبه طويلة. وكان هذا بمثابة أول تغيير في نمط أزياء المرأة الأوروبية منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية قبل حوالي عشرة قرون، حيث كانت الأزياء تصمم بدون أكمام. وعندما صارت المرأة ترتدي أزياء ذات أكمام قصيرة، أصبحت ترتدي معها أيضًا القفاز الطويل. وبنهاية القرن السابع عشر صارت المرأة ترتدي الفساتين الواسعة وهي نوع من أنواع التنورات الواسعة. ويبدو الفستان واسعًا من الخلف. وكانت المرأة ترتدي قُبعة طويلة فوق رأسها تسمى الفونتانج.
كان الرجال يرتدون الأحذية الطويلة، ويحملون السيوف التي توضع في أغماد من الجلد، ويحمل السيف فوق الكتف. ووضع الرجال أيضًا قبعات فاخرة من الريش على شعرهم الطويل الكثيف. وكان الرجال والنساء يلبسون الأحذية عالية الكعب، وكانت الأحذية تثبت بأربطة. وبدأ ـ تدريجيًا ـ استعمال الياقات العريضة المصنوعة من الكتان والمواد المرنة بدلاً من الياقات القديمة الجافة. وفي نهاية القرن السابع عشر حلت القطع الطويلة من الكتان المزركش محل الياقات العريضة، لتزيين العنق. وكان الرجال يلبسون الشعر المستعار.
وكان البيوريتان من رجال الدين في إنجلترا وأمريكا يفضلون نمط الأزياء العادية في ذلك الوقت. وكانت المرأة أيضًا تفضل لبس الأزياء البسيطة ذات الألوان السوداء، والقبعات البيضاء اللون. وكان الرجال يقصون شعرهم قصيرًا، ويلبسون قبعات طويلة وقوية، ويفضلون الثياب القصيرة كالسروال والقميص والسترة، والدوبليت. وكان الرجال وكذلك النساء يفضلون نمط الياقات البيضاء.
أزياء القرن الثامن عشر. أحدث القرن الثامن عشر تغييرات عدة في صناعة الملابس. ففي عام 1764م اخترع النساج الإنجليزي جيمس هارجريفز آلة النسيج. وكانت هذه الآلة تنسج عدة خيوط في آن واحد. وفي الفترة ما بين عامي 1774 و1779م استطاع نساج إنجليزي آخر يسمى صمويل كرمبتون أن يطور آلة النسيج. واستطاعت هذه الآلة أن تنسج مقدار ما ينسجه حوالي 200 شخص يدويًا. وفي منتصف الثمانينيات من القرن الثامن عشر استطاع إدموند كارترايت، أحد رجال الدين، أن يخترع ويطور آلة نسيج بالبخار. وبهذه الآليات التي اخترعها وطورها النساجون الإنجليز استطاعوا أن ينسجوا كميات كبيرة من الأقمشة وبأسعار أقل من تلك التي كان ينسجها الحرفيون بالوسائل التقليدية. ونتيجة لذلك الإنتاج الكبير من الأقمشة، ظهرت المصانع الضخمة لإنتاج الملابس. وتوقف بعض الناس عن إنتاج الملابس في المنازل. انظر: الثورة الصناعية.

وتغيرت موضة الأزياء الأوروبية سريعًا، ولم يقدر كثير من الناس، عدا الأغنياء والنبلاء، على شراء الملابس المصممة على الموضات أو الأنماط الحديثة. وكان العامة لا يزالون يرتدون الملابس الصوفية الواسعة. واستمر بعض الناس في صناعة الملابس بالطرق التقليدية. وانتشرت موضة الأزياء الفرنسية، وهيمنت على كل أنحاء أوروبا في هذا القرن، ولكن سرعان ما تخلت فرنسا عن قيادة أوروبا في مجال تصميم الأزياء، وذلك عندما اندلعت الثورة الفرنسية وما صاحبها من اضطرابات في أخريات القرن الثامن عشر. وفي ضوء تلك الظروف آلت القيادة في أوروبا لإنجلترا. وبعد أن استقرت الأوضاع في فرنسا، آلت إليها مرة أخرى قيادة أوروبا في تصميم الأزياء النسائية، ورغم ذلك لا يزال المصممون الإنجليز يؤثرون في موضة أزياء الرجال. وتأثرت أزياء الولايات المتحدة الأمريكية بموضة الأزياء الإنجليزية والفرنسية. كما أرسل كثير من المصممين الباريسيين عرائس الدُّمَى من تصميماتهم إلى إنجلترا وأمريكا وإلى بلدان العالم الأخرى ليقلدوا ملابسها وأزياءها. كان معظم الرجال والنساء يرتدون موضة معينة من القبعات، وكان الرجال يستخدمون الشعر المستعار والمساحيق المكونة من مواد مختلفة. وبنهاية السبعينيات من القرن الثامن عشر كانت موضة تصفيف الشعر بالنسبة للمرأة هي تصفيفه إلى أعلى بطريقة معينة سميت البومبادور. واستعملت المرأة في تصفيف شعرها بهذه الطريقة الشحوم والمساحيق، ثم زينت شعرها بالريش والحلي والأشرطة. وبالإضافة إلى ذلك وضعت بعض الضفائر على شعرها الأصلي، ولبست أيضًا الشعر المستعار. وفي بعض الحالات قد لا تغير المرأة تصفيف شعرها لعدة أسابيع، وذلك حفاظًا على أن يبقى شعرها مصففًا بهذه الطريقة لأطول فترة ممكنة.
تكون زي المرأة عامة من المخصِّر والتنورة الواسعة التي تربط بحزام عند الخصر. وفي الثمانينيات من القرن الثامن عشر حلت الأرداف المستعارة مكان التنورة المطوقة. وشملت قبعات المرأة القبعات الفاخرة الكبيرة. أما الرجال فكانوا يرتدون أنواعًا عديدة من السترات والقمصان كالسترات القصيرة، وذلك حتى أخريات القرن السابع عشر. وأحدث اندلاع الثورة الفرنسية في عام 1780م تغييرات كبيرة في نمط الملابس الفرنسية والأوروبية، وأصبح الرجال يرتدون الملابس البسيطة التي تخلو من الألوان الزاهية والزينة. وكانوا يستعملون أنواعًا من القبعات الطويلة المسماة بذات الطرفين. وتميز هذا النوع من القبعات بانطباق أطرافه مرتين. وقد حلت هذه القبعات محل القبعات ذات الطبقات الثلاث، وكان هذا النوع من القبعات ذات الطبقات الثلاث، موضة قبعات الرجال في القرن الثامن عشر. وكانت موضة القبعات التي تلبسها المرأة تشبه موضة المرأة في العصر اليوناني القديم. وشملت موضة الملابس بجانب القبعات، الصنادل والملابس القطنية الخفيفة، وكانت المرأة تقص شعرها قصيرًا، وتمشطه بطريقة تمكنها من ارتداء القبعة ذات الأطراف العريضة. أما الملابس النسائية فكانت تبرز العنق عاريًا والوسط عاليًا. وأصبح هذا الزي يعرف بداريكتور وذلك في أوائل القرن التاسع عشر، ثم عرف فيما بعد باسم (الإمبراطورية).
أزياء القرن التاسع عشر. بحلول القرن التاسع عشر انتهى عصر إنتاج الملابس بالطرق التقليدية، وانتشرت صناعة الملابس آليًا في أوروبا ثم الولايات المتحدة الأمريكية. واستطاع أمريكيان هما المخترع إلياس هاو والميكانيكي إسحق سنجر من تطوير آلة الخياطة في منتصف القرن التاسع عشر. وقد جعل اختراع هذه الآلة وغيرها من الآلات صناعة الملابس أكثر رواجًا، وأصبحت المصانع تنتج الملابس الجاهزة بتكلفة أقل. وتطورت وسائل الإنتاج تدريجيًا. ورغم ذلك، فضَّل بعض الناس الملابس التي تصنع بالطرق التقليدية، بينما فضَّل بعضهم الآخر الملابس المصنوعة في المنازل. ولقد سادت أزياء الطراز الإمبراطوري حتى العشرينيات من القرن التاسع عشر، كما أن الثياب الضيقة عند الخصر واللبسة الكاملة للتنورة صارت الأزياء الشعبية السائدة في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي. وبحلول الخمسينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، صارت المرأة ترتدي نوعًا من الملابس الداخلية المصنعة من مواد جافة وصلبة كصوف الخيل. وسمي هذا الزي كرينولينز.
وفي السبعينيات من القرن التاسع عشر أفسحت اللبسة الكاملة للتنورة المجال لظهور فساتين نسائية أخرى. وفي الثمانينيات من القرن التاسع عشر استطاع مصممو الأزياء في أوروبا تصميم أول سترة نسائية كاملة تتكون من القميص أو البلوزة التي تنتهي عند الخصر وتنورة. وكان هذا الزي النسائي يمثل الموضة في الاحتفالات والمهرجانات العامة التي أقيمت في التسعينيات من القرن التاسع عشر. وانتشرت موضة الأزياء الضيقة في وسط الخصر وتطلب هذا الزي أن تكون المرأة رشيقة حتى يبدو خصرها نحيلاً.
وظل الرجال حتى القرن التاسع عشر يرتدون الملابس البسيطة. وفي عام 1815م ظهرت في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية أزياء رجالية جديدة تتكون من السروال الطويل بدلاً عن السروال القصير الذي ينتهي عند الركبة. وكان هذا الزي يمثل موضة أزياء الرجال لأكثر من قرنين أي حتى مطلع القرن العشرين الميلادي. وكان الرجال خلال هذه الفترة يرتدون السترة الطويلة، وسميت السترة ذات الذيل، ثم حلت السترة الطويلة محل السترة الواسعة القصيرة، ولا يزال الرجال حتى اليوم، يرتدون السترة الواسعة والقصيرة بدلاً عن السترة الطويلة. وظل الرجال يلبسون فقط السترة الطويلة ذات الذيل زيًا رسميًا في المناسبات، وكان الرجال يلبسون عدة أنواع من القبعات منها الكاب والمدورة والطويلة والمصنعة من القش.
كان العاملون في صناعة الملابس يتقاضون أجورًا منخفضة، بينما يعملون الساعات الطوال التي تمتد لأكثر من 12 ساعة في اليوم الواحد. ونظرًا لسوء أحوال بيئة العمل، حيث تكدس العمال في ورش ضيقة، تعوزها الإضاءة والتهوية الكافيتين، عرفت هذه الورش بمعامل الكادحين. وفي مطلع القرن التاسع عشر، وضعت القوانين التي تمنع استخدام الورش الضيقة، وتدعو لتطوير وتحسين بيئة العمل.
أزياء القرن العشرين. أدى تطور صناعة الملابس في الفترة من عام 1890م إلى 1920م إلى سرعة نمو وانتشار صناعة الملابس الجاهزة. وأصبح الرجال والنساء يلبسون معًا الملابس التي تنتجها المصانع بالجملة. انظر: الإنتاج بالجملة. ونظرًا لإدخال أساليب الإنتاج بالجملة في صناعة الملابس، أصبحت الأزياء النسائية أكثر عرضة للتغيير من ذي قبل. أما بالنسبة لأزياء الرجال فإن التغيير كان بطيئًا حتى الستينيات.
وفي أوائل القرن العشرين، كانت المرأة الغربية ترتدي ملابس واسعة وخفيفة، وأدى التغيير المتواصل في أزياء المرأة وخاصة الملابس الرياضية والمنزلية إلى تصميم أزياء تكشف عن بعض أجزاء من جسدها. ففي عشرينيات القرن العشرين كانت الأزياء تكشف الساقين عاريتين، وفي الأربعينيات كانت تكشف الصدر عاريًا، وفي الستينيات كانت فوق الركبة. وارتدت المرأة في عالم اليوم ثيابًا أقل بالمقارنة مع أي وقت مضى.
وفي حوالي عام 1910م ولعدة سنوات لاحقة كانت المرأة ترتدي الفساتين أو التنورات المحزقة، لدرجة أنها كانت تعوقها في المشي. وصارت الملابس أكثر بساطة وشعبية في أثناء الحرب العالمية الأولى (1914- 1918م). وفي العشرينيات كانت المرأة غير المسلمة تتشبه بالرجال في المظهر العام. فالفساتين النسائية كانت تصمم في أشكال طولية، وكانت واسعة وتنتهي عندالركبة أو أعلى منها قليلاً. وفي الثلاثينيات كانت المرأة ترتدي السروال الواسع، وفي الفترة نفسها أيضًا ازدادت التنورة طولاً عما كانت عليه من ذي قبل. ثم عادت مرة أخرى لتصبح قصيرة في أوائل الأربعينيات. وفي خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945م) كانت المرأة ترتدي الأزياء التي يصممها ويحيكها الخياطون، وصار السروال الواسع أكثر رواجًا لدى المرأة العاملة في مجال الصناعات العسكرية. وصارت الملابس المبطنة في الكتفين تمثل موضة أزياء المرأة. وتغيرت أزياء النساء كثيرًا بعد الحرب العالمية الثانية. وعادت الكرينولينز والتنورات الطويلة وملابس النيلون كالجوارب والملابس الداخلية من نوع لينجري للظهور مرة أخرى، وانتشرت بكميات كبيرة. وفي خلال الخمسينيات صارت الأزياء الضيقة والمطرزة في أطرافها هي الموضة الشعبية، وفي أوائل الستينيات ظهرت الأزياء المحزقة في الصدر والفساتين الواسعة إلى حد ما، وأصبحت واسعة الانتشار. وانتقلت موضة التنورة القصيرة من إنجلترا إلى بلدان أخرى سريعًا في منتصف الستينيات.
وفي الفترة ما بين أوائل القرن العشرين الميلادي وحتى منتصفه انتشرت في أوساط الرجال أزياء الصدرية الواحدة والصدريتين معًا. وكانت أكتاف الصدرية تصنع بدون بطانة أو حشوة عام 1950م. ولكن بمرور السنين، أصبحت أكتاف الصدرية تُبطن من الداخل. وكان معظم الرجال قد عادوا لارتداء الصدرية الواحدة التي تتميز بياقة ضيقة وأكتاف عادية بدون بطانة أو حشوة. وكان الرجال يرتدون القمصان الملونة مع موضة بدل رجال الأعمال.
تطور إعجاب الرجال والنساء بالملابس الرياضية والملابس الجاهزة من نوع اغسل والبس في فترة الخمسينيات والستينيات. وشملت ملابس المرأة الرياضية السروال القصير بمستوى الركبة، والسروال الواسع والضيق في الكعب وملابس التزلج على الجليد والسروال الواسع المطاط، وارتدى الرجال الملابس الرياضية المكونة من السروال القصير والسروال الواسع والقمصان الملونة. وقد عزى الاهتمام المتزايد بالخياطة إلى التطور في آليات صناعة الملابس، وفي نمط التصميم والتفصيل.
وفي الستينيات انتشرت موضة الأزياء الملونة التي كان يرتديها معظم الشباب، وكذلك الحلي الثمينة، كما كانوا يتركون اللحى والشوارب بدون حلاقة. وفي السبعينيات تغيرت موضة أزياء الرجال من كل الأعمار، وتحولوا إلى ارتداء الثياب الملونة والقمصان المخططة بكل الألوان، مع سترات رجال الأعمال. وكانوا يرتدون أيضًا أربطة عنق عريضة فاخرة ومتعددة الألوان وذات خطوط أو نقاط جميلة. وفي السبعينيات انتشرت في أوساط الرجال ومن كل الأعمار عادة قص شعر الرأس واللحى والشوارب، وذلك مقارنة مع فترة الستينيات.
أما الأزياء النسائية فكانت تتكون من التنورة بأنواعها المختلفة، وتفاوتت أطوالها ما بين التنورة القصيرة والتنورة الطويلة (الماكسي) التي تصل لمستوى الكعب. وبدا أن هناك شعورًا عامًا لدى غالبية الناس يرى أن أي شيء يمكن أن يتماشى مع الموضة.
وفي ثمانينيات القرن العشرين، صارت الموضة أكثر رقة، فقد لبس الرجال سترات فضفاضة أضيفت لأكتافها بطانة أو حشوة. وفي نهاية الثمانينيات، كانت السترات باكتاف طبيعية، إلا أنها أقل شكلية. وكان أمام النساء خيارات واسعة؛ فقد لبسن السراويل والتنورات مختلفة الأطوال والصدريات والسترات والفساتين وغيرها. وكانت ملابس التدريب المحزقة واسعة الانتشار، ولكن كانت هناك أيضًا الملابس الفضفاضة. وفي تسعينيات القرن العشرين لم يعد الناس يهتمون بالأزياء الرسمية، وما عاد رجال الأعمال يطلبون من موظفيهم ارتداء البذلات أو السترات.

اللباس الإسلامي

اللباس من النعم الكبرى التي منَّ الله بها على عباده شرعةً لهم، ليستر ما انكشف من عوراتهم، وليكون لهم زينة وجمالاً. وستر الجسد في الإسلام من الحياء، وهو فطرة فطر الله الإنسان عليها.
ويدعو الإسلام المسلم إلى العناية بزينته ولباسه. قال الله تعالى: ﴿يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد﴾ الأعراف:26. وقال رسول الله ص : (إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ) . رواه الترمذي.
أنواع اللباس الإسلامي. يتكون لباس المسلم من القميص والرداء والإزار والسروال والعباءة والعمامة والنعل (الحذاء). أما لباس المرأة المسلمة فيشمل الخمار الذي تغطي به الرأس والعنق، والدرع الذي تغطي به البدن والرجلين، وفي أثناء الصلاة يُستحَبّ للمرأة أن ترتدي ملحفة (جلبابًا) لتستر ثيابها.
ويفضل للمسلم لبس الثياب البيض، فعن سمرة بن جندب أنّ رسول الله ³ قال: (البسوا ثياب البياض فإنها أطهر وأطيب ) . وتُستحبّ كذلك الثياب الخضراء لأنها لباس أهل الجنة.
شروط الإسلام في لباس الرجل. يلزم أن تكون ثياب الرجل ساترة للعورة، أي: ما بين سُرّته وركبتيه، وأن يراعى فيها حدّ الاعتدال؛ فلا إسراف ولا تضييق، ولا تكون مما نُهيَ الرجال عن لبسه كالحرير والذهب، وألا يقصد بها الفخر والشهرة والكبر، وألا تشبه ملابس النساء.
ويستحب للمسلم تقصير الكمّ بحيث لا يتجاوز الرسغ، وعدم المبالغة في سعته وطوله. أما الإزار فيكون إلى نصف ساقه ويجوز إلى الكعبين. قال رسول الله ³: (الإزار إلى نصف الساق أو إلى الكعبين، لا خير في أسفل من ذلك ) . أخرجه أحمد والطبراني.
شروط الإسلام في لباس المرأة. يُلزم الإسلام المرأة أن تستر كل جسدها ما عدا وجهها وكفيها ـ إذا أمنت الفتنة ـ وأن تكون ثيابها فضفاضة بحيث تستوعب جميع أجزاء البدن، وألا تبرز شيئًا منه وتجسّده وخاصة مواضع الفتنة. وأن تكون سميكة بحيث لا تشفُّ فيظهر ما تحتها من الأعضاء. كما يُلزم المرأة بأن ترخي ذيلها بقدر ذراع حتى لا تنكشف قدماها، وألا تتشبه في ثيابها بملابس الرجال.
وقد أباح الإسلام للمرأة ما يناسب أنوثتها كالحرير والذهب، وترك لها حرية اللباس والزينة داخل البيت للزوج.

صناعة الملابس

تعتبر صناعة الملابس إحدى الصناعات الكبرى في العالم. وتشمل الملابس النسائية، والرجالية، وملابس الأطفال، والفتيات، بالإضافة إلى صناعة الفراء، والتطريز، والقبعات، والحلي، واللآلئ، والأحذية، وحقائب اليد النسائية، و القفازات، والأزرار، والمشابك، والزمامات السحابة، والملابس الداخلية، وملابس النوم، والملابس الرياضية وغيرها.
وتعد لندن ونيويورك وباريس وميلانو من أكبر مراكز الأزياء في العالم. وتأتي الولايات المتحدة الأمريكية في مقدمة دول العالم في إنتاج وصناعة الملابس. ويوجد في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 24,000 مصنع لإنتاج الملابس. وتستخدم هذه المصانع حوالي 1,400,000 عامل. وتتخصص حوالي 10,500 مصنع في صناعة الملابس النسائية، وتعتبر غالبية المصانع صغيرة الحجم. وتستخدم هذه المصانع الصغيرة في المتوسط حوالي مائة عامل، بينما تستخدم بعض المصانع حوالي ألف عامل.
المواد الخام. تتكون الخامات التي تصنع منها الملابس من المواد الطبيعية ومن أخرى مصنعة. واستعمل الإنسان منذ آلاف السنين الخامات الطبيعية كفراء الحيوانات والخامات المصنعة كالبلاستيك والألياف الصناعية. وقد أدخلت هذه المواد في صناعة الملابس في القرن العشرين الميلادي.
الخامات الطبيعية. تتكون الخامات الطبيعية من الفراء والجلود والأقمشة المصنعة من النباتات أو صوف الحيوانات. وتصنع الملابس الدافئة والطويلة من بعض الخامات كالفراء والجلود وتستعمل هذه المواد الخام في صناعة الملابس باهظة الثمن والثياب الفاخرة. وتمد الحيوانات الثديية صناعة الملابس بالفراء، كما يمكن الحصول على الجلود من الحيوانات الثديية أو الحيوانات ذوات الدم البارد.
ويستعمل الفراء في صناعة السترات وفي أجزاء منها مثل البطانة أو الحشوة، وتعرف هذه البطانة باسم الموتون أي الأجزاء الداخلية من السترات. ويستعمل جلد الغنم في حشو البدل. وتتميز هذه السترات التي تدخل في صناعتها جلود الأغنام بالدفء. وأما فراء الشنشيلة القارضة فهي من النوع الناعم غير أنه ليس مدفئًا. ويمر الفراء قبل أن يصنع بعملية الدباغة، وهي النظافة وإزالة الصوف ثم الصبغة أو التلوين. انظر: الفراء.
وتستغل معظم الجلود في صناعة الأحذية وحقائب اليد والقفازات وفي بعض الأحيان تستغل في صناعة السترات المسماة السويترات والسراويل والقمصان والتنورات والتلبسيات. وتعمل مصانع الدباغة على دباغة الجلود لتصير مرنة وناعمة حتى لا تتلف. وتدخل معظم جلود الأبقار في صناعة الملابس. انظر:الجلد المدبوغ .
وتستعمل الخامات الطبيعية كالقطن والكتان والحرير بصورة واسعة في صناعة الملابس، وذلك لأن هذه الخامات مرنة ومتينة ويسهل غزلها خيوطًا. وتتميز الملابس المصنوعة من هذه الخامات بالجودة، مما جعلها شعبية مرغوبة. ويتميز الحرير أيضًا باللمعان والملمس الناعم، بينما يتميز الصوف بالدفء.
وتنسج الأقمشة بمختلف خاماتها من ألياف القطن والكتان والحرير والصوف. انظر:الحباكة؛ النسج . وتنتج وسائل النسيج المختلفة المواد الخام التي تستخدم في صناعة الملابس. وتتم عملية النسيج بالنسبة للصوف بطريقة الفتل والضغط لشعيرات الصوف معًا، وذلك لإنتاج الأقمشة الصوفية الدافئة أو الرطبة. وهنالك أنواع أخرى من الألياف لا يمكن أن تنسج بطريقة الضغط إلا إذا أُضيفت لها مواد لاصقة. وتستخلص الألياف القطنية من نبات القطن وكذلك الكتان الذي يحصل عليه من ساق نبات الكتان. وتعد ألياف الحرير من أقوى أنواع ألياف الخامات الطبيعية. وتوفر الأغنام معظم الصوف الذي يستعمله الناس في ملابسهم، كما أن حيوان الألبكة بأمريكا الجنوبية، وكثير من أنواع الأغنام الأخرى تمد الناس بالصوف. انظر:القطن؛ الكتان؛ الحرير؛ الصوف .
المواد المصنعة. تشمل المواد المصنعة التي تدخل في صناعة الملابس: الأوراق والبلاستيك والمطاط والألياف الصناعية. وتستخدم مصانع الملابس هذه المواد المصنعة لما لها من ميزات على الخامات الطبيعية، فمثلاً تتميز بعض المواد المصنعة بالمتانة ومقاومة الانكماش، أو أنها أقل تكلفة من الخامات الطبيعية.
استطاع الكيميائي والمخترع الفرنسي هيلير شاردونيه عام 1884م تحقيق أول اكتشاف في مجال المواد المصنعة من الألياف وسمى هذا الاكتشاف الجديد الحرير الاصطناعي. وتعد الولايات المتحدة الأمريكية أول من استخدم الألياف التي اكتشفها شاردونيه في صنع الحرير، وذلك عام 1910م. وفي عام 1924م اكتُشف الحرير الصناعي كما طوّر العلماء أليافًا صناعية أخرى عرفت باسم المواد المصنعة، ونجح علماء الكيمياء في تطوير المواد المصنعة من المواد الطبيعية أو بخلط مادتين أو أكثر من المركبات الصناعية الأخرى، كالنيلون والبوليستر. ويلاحظ في عالم اليوم، أن معظم الألياف الصناعية والواسعة الاستخدام ما هي إلا تركيبة من المواد الطبيعية والمواد المصنعة. وتوجد هذه المركبات الصناعية في القطن مع البوليستر أو الصوف مع النيلون. وتوجد في المركب الجديد خصائص المواد المصنعة من الصوف والنيلون، بخاصيتين هما الدفء ومقاومة الانكماش. وتعزى الخاصية الأولى للصوف بينما تعزى الخاصية الثانية للنيلون. انظر: المواد المصنعة ومقالاتها ذات الصلة في الموسوعة.
يقل استعمال بعض المواد المصنعة في صناعة الملابس كالورق والبلاستيك والمطاط بالمقارنة مع المواد المركبة صناعيًا. وتنتج مصانع المواد الكيميائية بعض المواد المصنعة كالورق من الألياف الصناعية وذلك باستعمال مواد لاصقة. أما المواد المصنعة الأخرى فتنتج بخلط مركبات الألياف الصناعية مع الألياف الطبيعية أو ألياف الحرير الصناعي. ويذوب المركب عند تعرضه للحرارة ويكون مادة أو أليافًا صناعية جديدة عندما يجمد. وتستعمل مثل هذه المواد المصنعة من الألياف الصناعية بصورة واسعة مواد مستهلكة، سرعان ما يلقى بها بعد استعمالها مثل مناديل الورق وورق السفرة وغيرها. ويستعمل الورق أيضًا في الملابس المستهلكة مثل حفاظات الأطفال والملابس الداخلية وملابس المطر.
وتستخدم مصانع الملابس مواد مصنعة كالبلاستيك في إنتاج حقائب اليد ومعاطف المطر والأحذية. ويدخل المطاط أساسًا في صناعة هذه المنتجات لكونها تتميز بالمرونة وتعيش طويلاً، وكذلك في إنتاج الملابس التي لا تتأثر بالماء كثيرًا مثل قفازات اليد، والأحذية الثقيلة المسماة البوت.
الملابس الجاهزة. معظم الملابس التي يرتديها الناس، في عالم اليوم، هي من نوع الملابس الجاهزة. ويوفر نمط الإنتاج بالجملة الكثير من الوقت والجهد بالنسبة للمستهلك في صنع الملابس ويوفر المال الذي كان سيدفعه للخياط أو لمصمم الأزياء. تصميم الأزياء. يعد التصميم أول خطوة في صناعة الملابس الجاهزة. ويبتكر مصممو الأزياء في لندن ونيويورك وباريس وميلانو معظم موضات الأزياء في العالم. ويعملون في ظل مؤثرات وضغوط شديدة عليهم، خاصة فيما يتعلق بموضات أزياء النساء، ويعزى ذلك لرغبة الناس في مواكبة الموضة.
تستخدم معظم مصانع الملابس الجاهزة المصممين الذين يعملون في تصميم الأزياء، ويبتكرون تصميماتهم بالإضافة إلى ما يأتيهم من تصميمات من باريس وبقية مراكز تصميم الموضة في العالم. وتبيع مصانع الملابس إنتاجها من الأزياء المصممة إلى المحلات التجارية ومعارض الأزياء. وتلجأ معظم المصانع الصغيرة إلى شراء التصميمات الجاهزة من بعض خبراء التصميم الذين يعملون لحسابهم، ويتضح ذلك جليًا في نوع الملابس التي تنتجها هذه المصانع، وفي الوقت نفسه تختلف عن الموضة السائدة.
يعمل المصممون رجالاً ونساء على تكوين فكرة متكاملة عن مشروع الموضة الذي يصممونه، ثم يشرعون في اختيار الألوان والمواد التي يستخدمونها في الموضة، ثم يعدون نموذجًا للملابس التي يصممونها، ويأتون بأصحاب المحلات التجارية ومعارض الأزياء لمعاينة النماذج المصممة على الموضة. فإذا رأى التجار ـ الباعة ـ أن الموضة يمكن أن تلقى القبول لدى عامة الناس، فإنهم سيعملون على طلب الأزياء المصممة على أساس هذه الموضة. يبلغ تصميم الموضة مرحلته الأخيرة عندما تعرض المحلات التجارية ومعارض الأزياء الموضة للجمهور. فإذا اشترى عدد كبير من الجمهور موضة معينة من الملابس فإن المحلات التجارية ومعارض الأزياء ستعمل على إعادة طلب هذه الموضة من الشركات والمصانع المنتجة لها، وأما إذا حدث العكس، أي أن الجمهور أعرض عن شراء هذه الموضة من الملابس فإنها تختفي من المحلات التجارية ومعارض الأزياء، وبالتالي ستظهر موضة أخرى من الملابس لتحل محل الموضة غير المرغوب فيها.
التصنيع والبيع. تقوم الشركات المنتجة لطلبيات موضة معينة من الأزياء، بالإنتاج على أساس المقاسات والأحجام المختلفة. وتفصل الملابس الجاهزة على أساس المقاسات العالمية، ولكل الأعمار والأحجام.
وتشتري الشركات المنتجة للملابس كميات كبيرة من المواد الخام خاصة الأقمشة في أثواب ملفوفة، ويقوم خبراء الفحص بهذه الشركات أو المصانع بفحص هذه الأقمشة للتأكد من خلوها من العيوب، ثم يطرح العمال هذه الأقمشة على منضدة كبيرة. ويضع عمال التصميم علامات بالطباشير على الأقمشة لتحديد كل أجزاء الملابس المصممة. وفي بعض الشركات يوضع التصميم على الورق ثم يُنقل إلى القماش، وتفصل الملابس على ضوء هذا التصميم.
يقوم عمال التفصيل في المرحلة الثانية بتفصيل الأقمشة وقصها بالمقص الكهربائي أو المقص اليدوي، ويلي ذلك عمال التجميع أو الذين يقومون بترقيم كل أجزاء الملابس المعدة للخياطة. ويجمع هؤلاء العمال كل الأجزاء المكونة للملابس، والتي تم تفصيلها في حزمة واحدة، ثم تضاف إليها المواد المكملة لصنع الملابس كالأزرار والزينة وغيرها. ثم ترسل هذه الحزم إلى ورشة أو غرفة الخياطة.
يتخصص كل خياط في خياطة جزء أو جزءين من الأجزاء المكونة للملابس. فمثلاً يتخصص عامل واحد في خياطة الأكتاف وآخر في خياطة الجيوب والياقات وهكذا. وفي حالات السترات الفاخرة يتخصص عامل واحد في عمل كل أو معظم أجزاء السترة باليد. ويقوم عمال التشطيب ببقية الأعمال المتعلقة بالتشطيب مثل تركيب الأزرار وخلافه. أما عمال الكي فيقومون بكي الملابس التي اكتمل تجهيزها. وتقوم بعض الشركات المنتجة للملابس بعمل كل العمليات بمفردها من إنتاج وتوزيع.
ترسل شركات أخرى كل إنتاجها من الملابس بعد تفصيله إلى مقاولين من الخياطين. ويخيط هؤلاء الخياطون هذه الملابس ويعيدونها مرة أخرى للشركات المنتجة. وفي بعض الحالات يشتري تجار الجملة الملابس مفصلة أي بدون خياطة، ثم يقومون بعمليات الخياطة والتوزيع، وتبيع الشركات المنتجة للملابس في أغلب الأحيان إنتاجها مباشرة لتجار التجزئة من أصحاب المحلات التجارية ومعارض الأزياء، كما أنهم يبيعون أيضًا إنتاجهم لتجار الجملة، الذين يقومون بدورهم ببيعها لتجار التجزئة.
حماية المستهلك. توجد في كثير من دول العالم قوانين لحماية المستهلك في مجال صناعة الملابس. وتنص هذه القوانين صراحة على الشركات المنتجة للملابس وتجار الجملة والتجزئة التعاون مع مصانع النسيج، وذلك بوضع العلامة التجارية أو الديباجة الصحيحة على كل أنواع الملابس المعروضة للبيع.
يجب أن توضع الديباجة على الملابس الصوفية مثلاً لبيان نوع ونسبة الصوف المستعمل في هذه الملابس. بالإضافة إلى ذلك قد يطلب من الشركات المنتجة للملابس أن تبين الديباجة حالة الملابس الجاهزة، كأن تكون صنعت من صوف قديم مستعمل، أو من صوف حديث. ويجب أن تبين الديباجة التي توضع على الملابس الصوفية الجاهزة المواد الأخرى غير الصوف ونوع ونسبة المادة في الملابس الجاهزة، وكذلك يفضل أن توضح الديباجة نوع الفراء إذا استخدم ونوع الحيوان إذا كان الفراء طبيعيًا. وتمنع القوانين إدخال المواد القابلة للاشتعال في صناعة الملابس الجاهزة.
العمل في صناعة الملابس. توفر صناعة الملابس فرص العمل لكثير من العاملين كالمهندسين والفنانين التشكيليين، ومصممي الأزياء، والمصممين الإيضاحيين، والكُتاب، والمدرسين، والبائعين ومندوبي المبيعات، وغيرهم من العاملين في هذا المجال.
مصمم الموضة أو الأزياء. يتولى مصمم الأزياء أو الموضة وظائف مهمة في صناعة الملابس؛ إذ إن بيع الملابس يعتمد كثيرًا على مستوى التصميم ومدى الرواج أو القبول الذي يلقاه لدى عامة الناس. ولذا فإن الوظائف التي يشغلها كثير من الناس والأرباح التي تحققها معظم الشركات المنتجة للملابس، تعتمد كثيرًا على الجهد الذي يبذله مصمم الأزياء.
وعلى الشخص الذي يرغب في أن يصبح مصمم أزياء أن يتلقى دروسًا في التصميم في الكليات المتخصصة أو المعاهد الخاصة في التصميم.
منسق الأزياء. يقوم منسق الأزياء بمهام عديدة. فهو مثلاً يضع خطة متكاملة لقيام معارض الأزياء أو الموضة أو يختار الحذاء الذي ترتديه عارضة الأزياء ـ (الموديل) للظهور به في الإعلانات. وتستخدم معظم المحلات التجارية ومعارض الأزياء الكبيرة المنسقين للاستفادة منهم في تخطيط وترويج الموضة من الملابس على أساس تجاري. ولإنجاز هذه المهام، يجب على المنسق أن يكون ملمًا إلمامًا كافيًا باتجاهات الموضة في الحاضر والمستقبل.
فنانو وكُتاب الموضة. يوجد كتاب وفنانون تشكيليون متخصصون في الموضة والأزياء. ويعرض الكُتاب والفنانون وصفًا تفصيليًا ورسومًا توضيحية للموضة من الملابس، بهدف الإعلان عنها في المجلات المتخصصة في الموضة أو في الإعلانات المباشرة بالبريد. وهم يعملون لحساب وكالات الدعاية والإعلان والمحلات التجارية والشركات المنتجة للملابس ومؤسسات الطباعة والنشر وتجار الجملة. ويقوم خبراء الإعلان المعروفون بناسخي المادة المكتوبة عن الموضة بإعداد تلك المادة، ويجب أن يكون لدى هؤلاء الكُتاب خبرة وموهبة في الكتابة بالإضافة إلى الإلمام بأسس تصميم الأزياء أو الموضة من الملابس.
يحدد رؤساء تحرير مجلات الموضة نوع الموضة الجارية التي يجب أن تُنشر في مجلاتهم. وقد يسافر رؤساء التحرير إلى باريس أو إلى أي مركز آخر من مراكز الموضة لحضور افتتاح عرض أزياء. ويجب على المحررين أن يكونوا على إلمام تام بما يحظى باهتمام القراء، وأن يكونوا قادرين على التنبؤ باتجاهات الموضة.
ويجب على المصممين الإيضاحيين أن يكونوا على معرفة تامة بهيكل أجزاء الملابس بالإضافة إلى خبرة في الرسم. ويجب على مصوري الموضة أن يدركوا كيفية التعامل مع عارضات أزياء الموضة، وأن يلتقطوا لهن الصور الجذابة للترويج بها تجاريًا، كما يجب أن تكون لهم الخبرة والموهبة الفنية في كيفية استخدام آلة التصوير وتوجيهها لالتقاط الصور الجذابة.
صناعة الملابس. يعمل الراغبون من الرجال والنساء في إحدى الوظـائف المتعلقة بصناعـة المــلابس مثل التفصيل أو التصميم أو التشطيب أو الخياطة. ويتطلب العمل في صناعة الملابس أن يكون يدويًا وينجز بسرعة ومهارة فائقتين، ويبدأ معظم الخياطين حياتهم العملية بالتدريب على أيد خبيرة في الخياطة. وقد تتوافر للأشخاص الذين لهم خبرة في إدارة الأعمال أو الهندسة الصناعية فرص العمل في الشركات المنتجة للملابس في وظائف مديري الإنتاج أو مهندسي الشركة.
القسم التجاري. توفر صناعة الملابس فرص عمل واسعة للأشخاص المؤهلين في وظائف خاصة بالمحلات التجارية ومعارض الأزياء، مثل قسم المشتريات ورؤساء الأقسام أو بائعين، ويؤسس معظم الرجال والنساء محلات أو ورشًا صغيرة لصنع الملابس.
تقدم أغلب الكليات ومدارس إدارة الأعمال برامج دراسية متخصصة في الإدارة بهدف تدريب العاملين في القسم التجاري. وتقدم المؤسسات التجارية الكبرى في تسويق الملابس، برامج تدريبية في الإدارة لخريجي الكليات الجامعية. وتعقد الدورات التدريبية للعاملين من حين لآخر بهدف التنمية الإدارية.
التدريس. يستطيع معظم الرجال والنساء الذين نالوا قدرًا من التدريب والتأهيل في الكليات المتخصصة القيام بتدريس مناهج صناعة الملابس في المدارس أو معاهد التفصيل والخياطة. وتحتوي المناهج على المواد الآتية:
أ- تصميم الملابس ب- تاريخ الملابس ج- تسويق الملابس د- أهمية الملابس في المجتمع.

أسئلة

  1. ما الأسباب الرئيسيّة لارتداء الملابس؟
  2. ما التحسينات التي أدخلها الغزل الآلي في صناعة القماش؟
  3. بأي شيء تمتاز الألياف المصنّعة آليًا عن تلك الطبيعية؟
  4. متى بدأ الناس غزل القطن والصوف وصنع الملابس؟
  5. كيف يمكن أن تؤثر العادات في اختلاف أنماط الملابس؟
  6. أي المدن تأتي في مقدمة المراكز الرئيسيّة لصنع الملابس؟
  7. أي الأمم تُعد في مصاف تلك التي ارتدت الملابس الملائمة المحكمة القياس؟
  8. ما شروط الإسلام في لباس المرأة؟