كولمبوس، كريستوفر

 (1451-1506م). واحد من أشهر البحارة والملاحين في التاريخ. ويطلق عليه لقب مكتشف أمريكا حيث فتحت رحلته الطريق إلى العالم الجديد الواسع وراء الأطلسي. كما أدى نزوله في جزر الهند الغربية إلى اتصال دائم بين أوروبا ونصف الكرة الأرضية الغربي.
حياته. ولد كريستوفر كولمبوس في جنوة، التي كانت عاصمة لإحدى الجمهوريات الإيطالية المستقلة. وكان كريستوفر أكبر إخوته الخمسة. ساعد أباه في عمله نسّاجًا، وكانت جنوة ميناء بحريـًا مهمـًا، فكان كريستوفر يراقب المراكب وهي تبحر جيئة وذهاباً بين جنوة والمدن الساحلية الأخرى على البحر المتوسط.
أبحر كولمبوس في أول رحلة بحرية له في حوالي العشرين من عمره. ثم أبحر بعد ذلك في عدة رحلات، إلى أن وصل عام 1477م إلى لشبونة (عاصمة البرتغال) التي كانت أكثر المدن الأوروبية حيوية. في ذلك الوقت كان البرتغاليون يحاولون الوصول إلى الهند وجزر الهند الشرقية والصين بالإبحار حول إفريقيا، ففكر كولمبوس وخطط للوصول إليها بالإبحار غرباً. أي أنه لم يكن يرمي إلى إثبات كروية الأرض كما يقال.
واجه كولمبوس صعوبات كثيرة في سبيل إتمام خطته. وكان يطلب الكثير مقابل القيام بها. لذلك رفض جون الثاني ملك البرتغال طلب كولمبوس للقيام بالرحلة عام 1482 م. ذهب كولمبوس إلى أسبانيا عام 1485م لعرض خدماته على الملك فرديناند والملكة إيزابللا ملك وملكة أسبانيا. وهناك، قابل الراهب أنطونيو دو مارشينا الذي أصبح مؤيدا مخلصا له، وزكّاه لدى الملكة إيزابللا فوافقت على مشروعه ومنحته كل مطالبه من سفن وأموال، وكذلك نسبة مئوية من التجارة.

رحلاته البحرية لاكتشاف أمريكا

الرحلة الأولى. أبحر كولمبوس في رحلته الأولى على ثلاث سفن من ميناء بالوس بأسبانيا في الثالث من أغسطس عام 1492م. ووصل بعد تسعة أيام إلى جزر الكناري، حيث تزود بالمؤن وأجرى بعض الإصلاحات في السفن. في سبتمبر غـادرت السفن سان سباستيان متجهة غربا. وفي يوم 12 أكتوبر نزل كولمبوس على شاطئ خليج فرنانديز في سان سلفادور بجزر البهاما. كان كولمبوس يعتقد ويصر أن هذه الجزيرة هي إحدى جزر الهند الشرقية، وأن سكانها هنود. وبالرغم من أن الناس عرفوا خلال ثلاثين سنة فقط أن ذلك لم يكن صحيحًا، إلا أنهم استمروا في تسمية السكان الأصليين في أمريكا بالهنود، والجزر التي وصلها أولا بجزر الهند الغربية. وفي يوم 28 أكتوبر عام 1492م، دخل الأسطول خليج باري في كوبا، التي اعتقد كولمبوس أنها الصين. ثم أبحر الأسطول على امتداد جزيرة هسبانيولا التي سماها كولمبوس (الجزيرة الأسبانية). وبعد أن وصل جزيرة هاييتي، قرر بناء قلعة فيها وترك 40 رجلا للبحث عن الذهب. بعد ذلك، وفي يوم 16 يناير عام 1493م، بدأ كولمبوس رحلة العودة إلى أسبانيا ومعه بعض الهنود الذين وقعوا في الأسر. كانت رحلة العودة إلى أسبانيا قاسية جدا. ولكن بعد الرسو في ميناء أزور بالبرتغال ثم ميناء لشبونة، وصل الأسطول إلى ميناء بالوس في 15 مارس عام 1493م. وفي برشلونة استقبله الملك فرديناند والملكة إيزابللا استقبالا حافلاً، وأطلقا عليه لقب أمير المحيط، كما منحاه لقب نائب الملك لجزر الهند الغربية، وطلبا منه القيام بتنظيم رحلة ثانية لاحتلال هسبانيولا واستكشاف ما بعدها.
الرحلة الثانية. قاد كولمبوس في هذه الرحلة 17 سفينة تحمل 1000 رجل إلى العالم الجديد. وفي يوم 3 نوفمبر عام 1493م، وبعد 21 يومًا من الإبحار وصلت السفن إلى هاييتي التي وجد عند وصوله إليها أن الهنود قتلوا جميع الرجال الذين تركهم في المرة السابقة. وبعد ذلك اتجه كولمبوس إلى الشرق وأسس مستعمرة إيزابللا على الساحل الشمالي بهسبانيولا، كأول مستعمرة أوروبية في أمريكا. وخلال صيف 1494م اتجه كولمبوس لاكتشاف الساحل الجنوبي لكوبا. وفي نفس الرحلة تم اكتشاف جامايكا. رجع كولمبوس إلى أسبانيا في شهر يونيو، حيث أعطاه الملك والملكة سفينة كبيرة ومركبين للقيام برحلة استكشافية ثالثة للعالم الجديد. الرحلة الثالثة. غادر كولمبوس سانلوكار في أسبانيا في 30 مايو عام 1498م. واختار طريقاً جنوبيـًا ظنًا منه أن هذا الطريق سوف يقوده إلى أراضٍ يمكن أن يوجد بها ذهب أكثر. وبعد رحلة شاقة وصل الأسطول إلى جزيرة ترينيداد ثم إلى ساحل فنزويلا. وكتب كولمبوس في يومياته ¸أعتقد أن هذه الأرض جزء من قارة عظيمة ظلت مجهولة حتى اليوم·. وسمى كولمبوس تلك القارة العالم الآخر.
تفاقمت الخلافات عام 1500م في سانتو دومينجو عاصمة هسبانيولا، فأرسل الملك فرديناند والملكة إيزابللا، فرانسيسكو دو بوباديللا لتسوية النزاعات. قام فرانسيسكو باعتقال كولمبوس ووضعه في الأغلال وأرسله إلى أسبانبا للمحاكمة. وهناك أمر الملك والملكة بإطلاق سراحه، لكنهما أرسلا نيكولاس دو أوفانود حاكما على هسبانيولا.
الرحلة الرابعة. طلب كولمبوس ـ ردًّا لاعتباره ـ سفنا للقيام برحلة استكشافية جديدة. استجاب الملك والملكة لطلبه لمجرد التخلص منه. وفي يوم 9 مايو عام 1502م، أبحر كولمبوس في رحلته الرابعة والأخيرة إلى أمريكا. وكان هدف تلك الرحلة هو اكتشاف ممر بين كوبا وأمريكا الجنوبية، يؤدي إلى المحيط الهندي. وكان كولمبوس يعتقد أن أمريكا الجنوبية تقع على مسافة قصيرة جنوب شرقي الصين.
عبر كولمبوس وأسطوله من جزر الكناري إلى جزر المارتنيك. ثم أبحر إلى سانتو دومينجو. ومنها أبحر الأسطول عن طريق جامايكا إلى كوبا الجنوبية، ثم عبر البحر الكاريبي إلى جزر بي في هندوراس. وخلال ما تبقى من العام أبحر كولمبوس ومن معه شرقًا وجنوبًا على امتداد ساحل أمريكا الوسطى، بحثا عن الممر البحري المؤدي إلى المحيط الهندي. وعند وصوله إلى خليج بالميرانت في بنما، عرف كولمبوس أن هناك محيطـًا آخر، يقع على مسيرة عدة أيام عبر الجبال، ولكنه لم يعثر على ذلك الممر البحري الذي يؤدي إلى المحيط.
وفي يوم 16 أبريل، وبعد تفاقم الخلافات مع الهنود المحليين ومهاجمتهم للقرية التي كان الأسبانيون يقومون ببنائها قرب نهر بلين، أبحر كولمبوس ومعه جميع الرجال في طريقهم إلى الوطن. وبعد البقاء عاماً في جامايكا، والتزود بالطعام والمؤن، أبحر كولمبوس ورجاله من جامايكا في مركب صغير ووصلوا سانلوكار في أسبانيا في السابع من نوفمبر عام 1504م.
وقبل أن يدعى كولمبوس إلى البلاط ليحكي عن رحلته، توفيت الملكة إيزابللا. وكان كولمبوس قد بلغ الثالثة والخمسين من عمره في ذلك الحين. وكان يعاني من المرض وتدهورت صحته. توفي كولمبوس في منزل متواضع في فالادوليد بأسبانيا.
ومما لاشك فيه أن رحلة كولمبوس إلى أمريكا كانت من أهم الأحداث في التاريخ.

أسئلة

  1. ما الذي كان كولمبوس يريد الوصول إليه خلال قيامه برحلاته الأولى ؟
  2. ما الذي كان كولمبوس يأمل اكتشافه في رحلته الأخيرة ؟
  3. ما عدد الرحلات البحرية التي قام بها كولمبوس لأمريكا؟