المكتـبـة

المكتبة تمثل جزءاً حيوياً من النُظم التعليمية، وأجهزة تخزين واسترجاع المعلومات في العالم. تهيء المكتبة سبل الحصول على المعرفة المتراكمة على مر السنين من خلال الكتب والأفلام والتسجيلات ووسائل الإعلام الأخرى. يستفيد من المكتبات الطلاب والمعلمون ومديرو الأعمال ورجال الدولة والباحثون والعلماء. هذا بجانب إشباعها لهوايات الآخرين، بما تقدمه من ضروب المعرفة. وتساهم المكتبات عملياً في حفظ تراث الثقافات والحضارات المختلفة.

المكتبة اليوم

تطورت مكتبات اليوم كثيراً عما كانت عليه في الماضي؛ وذلك بسبب التعدد والتنوع في محتوياتها وتباين هذه المحتويات من حيث مجالات التخصص.

تنوُّع المحتويات. تطورت المكتبات من حيث المحتوى فصارت تحتوي، بجانب الكتب، على المجلات والصحف اليومية والمنشورات والأُسطوانات وأشرطة التسجيل وأفلام الفيديو والصور الفوتوغرافية والميكروفيش وبرامج الحاسوب والرسومات والقطع الموسيقية والخرائط. هذا بالإضافة للكتب المكتوبة بطريقة بريل للمكفوفين.
تنوُّع الأصناف. بجانب تعدد المحتويات، هناك أصناف من المكتبات تقدم الخدمات في مجال المعلومات والتربية والترويح، كما تلبي مكتبات الكليات والجامعات احتياجات البحوث للطلاب والباحثين ووكلاء الإعلان والعاملين في الخدمات المصرفية والمحامين والأطباء والمعلمين والعلماء.

خدمات المكتبات. بجانب توفير المواد، تقدِّم المكتبات خدمات اجتماعية عديدة.
جلب المواد. تخزّن المكتبات التجارب والمعلومات والأفكار وتمررها من جيل لآخر مما يساهم في التقدم الثقافي والفني. كما تفتح للطلاب مجالات واسعة للمعرفة خارج نطاق الفصل والكتاب المدرسي. هذا بجانب ما تقدمه لجميع المجالات المتخصصة المذكورة آنفًا.
مساعدة رواد المكتبات. لا تمد المكتبة روادها بالكتب فحسب، بل تساعدهم في البحث عن متطلباتهم والإجابة عن تساؤلاتهم، واستعارة ما يحتاجونه من خلال نظام برامج الاستعارة بين المكتبات. وتوفر المكتبة الخدمات المرجعية وخدمات المعلومات، كما تساعد المنظمات على وضع برامج مثل مكافحة المخدرات وتلوث البيئة.
الخدمات الاجتماعية النشطة. توفر جميع المكتبات الخدمات الاجتماعية للجمهور كفتح المكتبات الفرعية والمتجولة وتقديم العون بالمستشفيات والمصحّات والسجون. وتؤدي المكتبات المدرسية دورًا مهمًا داخل المدرسة في تنمية المقدرات المكتبية.
معالم أخرى. هناك تطور واضح في المكتبات من حيث الشكل والتصميم والتأثيث والإضاءة وطريقة تنظيم الأرفف مما يُسهل مهمة الدارس والباحث ويحبّب إليهما القراءة.
المشاكل والتحديات. تتلخص مشاكل المكتبات في:
النمو الإعلامي. تخفف من حدته الوسائل التكنولوجية الحديثة والحاسوب الذي يُسهل الرجوع إلى المراجع والكتب.
المشاكل المالية. تعاني منها على وجه الخصوص مكتبات المؤسسات التعليمية والطبية وغيرها. وتعتمد معظمها على المتطوعين.
الأمن. يحتم ارتفاع نسبة السرقات استخدام جهاز أمني متقدم وفعّال.
تصوير المستندات. يجب أن يخضع تصوير المستندات للقوانين التي تمليها حقوق الطبع حتى لا يُستعمل التصوير وسيلة لعدم شراء الكتب والمواد المطبوعة.
الحفظ. وهذه مشكلة تواجهها جميع المكتبات لحساسية بعض الكتب والمواد المكتبية. ويمكن تفاديها بحفظ الوثائق الورقية في أفلام مجهرية أو أشرطة.
مراقبة المطبوعات. وهذه من المشاكل الحساسة لاختلاف وجهات النظر حول ضرورتها أو عدمها، مما حدا ببعض المكتبات أن تقدم وثيقة حقوق وحريات لقراءة التقارير.

المكتبات العامة

وهي أكثر انتشارًا من غيرها، وتقدم خدمات عديدة للجمهور مما يضطرها إلى توظيف عدد من الأعضاء للقيام بالأعباء. وتشمل مكتبات المدينة، والمكتبات الإقليمية، ومكتبات المناطق. ولكل هذه الأنواع عدة فروع. وتنظّم هذه المكتبات حسب المواد المختلفة، مع تقسيمها إلى أقسام: للأطفال والشباب والكبار.

خدمات الأطفال. تراعي مكتبات الأطفال الجاذبية والإثارة والتمشي مع متطلبات الأطفال الحيوية، كما ترتب لهم الدورات والنشاطات الصيفية.
خدمات الشباب. تركز المكتبات في هذا الجزء على المواد المهنية والرياضية والأسفار، ويكون المسؤول عنها مُلماً بأمور الشباب واحتياجاتهم، وله المقدرة على تنظيم الأنشطة التي تناسب ميولهم وهواياتهم.
خدمات الكبار. تمشيًًا مع روح العصر يهتم هذا الجزء بتعليم الكبار وبالمواد التي تشغل وقت فراغهم؛ فتحرص على توسيع أنواع المعرفة التي تقدمها الكتب، وتشمل التقاويم والأطالس الجغرافية والموسوعات والمطبوعات الحكومية، والآداب الحديثة والقديمة... إلخ.

خدمات الفئات الخاصة. وتشمل هذه الخدمات المواد المناسبة لكل أنواع المعوقين؛ كالمكفوفين وغيرهم، وتسهل طرق الوصول إلى المكتبة.
كما تقدم بعض المكتبات المواد للمصانع والمؤسسات الأخرى، بجانب مراعاتها لاحتياج الأفراد من فئات المجتمع المختلفة.
توسّع الخدمات. تجتهد إدارات المكتبات في تكوين أجهزة مشتركة من أجل الوصول إلى كل الفئات والأفراد وتقديم الخدمات لهم.
إدارة المكتبات العامة. تحتاج إدارة المكتبات العامة إلى مهارة وخبرة فائقتين، بالإضافة للمواصفات الشخصية التي تؤهل العامل في هذا المجال للتخاطب والتعامل مع كل الفئات والأعمار والمستويات. وعادة ما تكون هناك لجنة للمكتبة، بالإضافة إلى كبير أمناء المكتبة الذي تقع على عاتقه مهمة تحضير الميزانية، ورسم خطة عمل المكتبة، والحفاظ على العلاقات الضرورية، والبعد عن التيارات التي من شأنها التأثير على سير العمل والتحكم في المواد، ويكون معه عادة عدد من المساعدين حسب حجم المكتبة.
دعم المكتبات العامة. تعتمد ميزانيات المكتبات على مصادر تختلف باختلاف الدول. وأوجه الصرف تشمل مرتبات العاملين (60%)، والمواد الجديدة (25%)، وأعمال الصيانة والأعمال الأخرى (15%). وترد هذه المبالغ من ميزانيات المجالس المحلية والضرائب وبعض الموارد الطوعية الخاصة.

المكتبات المدرسية

تحتاج المدرسة إلى مكتبة تهتم بعملية التعليم والتعلُّم، بل تتحكم المواد التي تقدمها المكتبة في تحديد نوعية عملية التعليم ومناهجها. وتساعد الخدمات المتطورة في صنع بعض المواد كالأفلام والمجلات وغيرها. وتميل بعض المدارس لتسمية مكتباتها مركز المواد التعليمية أو مركز الوسائل الإعلامية.
مكتبات المدارس الابتدائية. يذهب إليها التلاميذ لسماع القصص أو الحصول على معلومات محددة، إذ تساعدهم المواد على الاكتشاف والتأليف والعمل الجماعي.



مكتبات المدارس الثانوية. هي أكبر حجمًا ومحتوى، ويستعملها الطلاب لعمل البحوث والمشاريع المنفصلة أو إجرائها. كما تنمي مقدرتهم على البحث والمتابعة مما يساعدهم في الدراسة الجامعية.
ويختلف مستوى المكتبة من مدرسة لأخرى، كما تختلف أحجامها. بل قد تنعدم المكتبات في بعض المدارس مما يضطر الطلاب للتعامل مع المكتبة العامة أو المتنقلة.
ويحرص أمناء المكتبات والتربويون على الحفاظ على مستوى المكتبات المدرسية.


مكتبات الكليات والجامعات والبحوث

مكتبات الكليات والجامعات. تمثل المكتبة المورد الرئيسي لمؤسسات التعليم العالي الحديثة. فهي تدعم المقررات والكتب الدراسية بطريقة مباشرة وفعّالة. كما توفر التعامل مع البحوث والرسائل العلمية التي لا تتوافر في مكان آخر. وتتوافر فيها الكتب والصحف والمجلات والدوريات والوثائق والأفلام والتسجيلات وكل احتياجات الطلاب وأعضاء هيئة التدريس. وقد تحتوي الجامعة الواحدة مايزيد على خمسين مكتبة في الكليات والأقسام المختلفة؛ مما يساعد على تصنيف التخصصات وسهولة الحصول على مراجعها.
وتواجه المكتبات مشكلة الانفجار المعرفي، والتضخم الطلابي؛ مما يزيد أعباءها ومشكلاتها. وتواجه بعض الجامعات هذه المشكلات بإعداد برامج لبناء مكتبات منفصلة، والتركيز على مجموعات المنتجات المجهرية، واستعمال الحاسوب.
مكتبات البحوث. تؤدي معظم مكتبات الكليات والجامعات هذا الدور، ولكن مكتبات البحوث في العادة تكون جهازاً قائماً بذاته. ومن مشاكل المكتبات البحثية أنها يجب أن تواكب الجديد من المطبوعات في كل التخصصات وفي كل أنحاء العالم. وهذا يجعل مسألة الحصول على كل المواد التي يحتاجها جميع الباحثين أمرًا مستحيلاً. ومما يسهل مهمة تجديد المطبوعات، وجود التعاون بين المكتبات في البلدان المختلفة من أجل تبادل المواد وشرائها واستعارتها.

المكتبات الخاصة

تكوّن بعض المؤسسات وإدارات العمل مكتباتها الخاصة تحت تسميات مثل: الخدمات الإعلامية، مكتبة البحوث، المكتبة الفنية. وتسمى مكتبة الصحف الدوريات. وعادة تخدم المكتبة الخاصة العاملين بالمؤسسة واحتياجاتهم. ومما يزيد من أهمية المكتبات الخاصة التطور السريع في مجالات المعرفة المختلفة. ويتحتم على أمين المكتبة الخاصة أن يكون مُلمًّاً بتفاصيل احتياجات الجهة التي تعمل بها مكتبته ومحتوى المكتبة، ومصادر الحصول على المزيد من المعلومات في المجال الخاص. لذلك تدرّب هذه المكتبات العاملين بها على العمل في المكتبات بالإضافة للتخصص في مادة واحدة على الأقل من المواد ذات الصلة.
ولأمناء المكتبات تنظيم خاص بهم وهو: جمعية المكتبات الخاصة التي تضم ما يفوق أحد عشر ألف عضو.

مكتبات حقوق الطبع أو الإيداع القانونية. تقوم المكتبات القومية عادة بدور خدمة حقوق الطبع أو الإيداع، مما يخوِّلها طلب عدة نسخ من كل ما يصدر في البلد من مطبوعات.ومن المكتبات التي لها هذا الحق على المستوى العالمي مكتبة الملك فهد الوطنية بالمملكة العربية السعودية، ودار الكتب المصرية ومكتبة البودليان بأكسفورد، ومكتبة البيبليوجرافيا القومية بباريس، ومكتبة الكونجرس بواشنطن، والمكتبة القومية بكلكتا بالهند.

علم المعلومات

علم المعلومات مادة تُعنى بتصنيف المعلومات وكيفية استعمالها، كما تدرس كيفية تطويع الوسائل التكنولوجية الحديثة لخدمة الناس. ويربط علم المعلومات الأفكار من المجالات المختلفة بعضها ببعض مما يساعد على سهولة عمليات المكتبات. فمثلاً، يمكن استعمال نظرية المعلومات ـ وهي فرع من العلوم والهندسة ـ لتحليل نوع المعلومات، ومواصفاتها وإرسالها واستعمالها.

المكتبات في العالم


المكتبة العربية. كان لقيام أقدم الحضارات الكبرى في العالم، على ضفاف وادي النيل وفي بلاد ما بين النهرين، أكبر الأثر في الاهتمام بالكتابة والكتب التي تعددت أشكالها من الطينية، إلى البردية والحجرية، إلى الجلدية ثم الورقية. واستتبع ذلك الحاجة إلى حفظ الكتب في خزائن، تطورت إلى مكتبات تنظمها فهارس. وتنامى الاهتمام بالكتب والمكتبات بعد ظهور الإسلام، وتنامت الدعوة الملحّة إلى القراءة والتعلّم، فازدهرت الكتابة والترجمة والتأليف، وتنقلت الكتب والمعارف بين بقاع الوطن العربي والعالم الإسلامي خاصة خلال القرون الوسطى (السابع إلى الخامس عشر الميلادية).
مصر. تُعد مكتبة الإسكندرية التي أقيمت في عهد بطليموس الأول وبطليموس الثاني في القرن الثالث قبل الميلاد، أكبر مكتبة في العالم القديم. وكانت تضم نسخة من كل مخطوطة أو لُفافة كُتِبت في أي مكان. وضمّت المكتبة نحو نصف مليون مخطوط. وكان الباحثون والمثقفون يفدون إليها من كل مكان. هذا بالإضافة إلى المكتبات الخاصة بالفراعنة والكهنة. إلا أن احتراق مكتبة الإسكندرية أدّى إلى تراجع الاهتمام بالكتب. وينتظر العالم والمثقفون خاصة افتتاح مكتبة الإسكندرية في العصر الحديث حيث ستؤدي دورها الحضاري المنوط بها. انظر: مكتبة الإسكندرية. أما في أيام الدولة الفاطمية فقد فاقت المكتبات في مصركافة مكتبات العالم العربي والإسلامي؛ فأنشأ الخليفة المعز لدين الله مكتبته الشهيرة في قصره. وقد ضمّت نحو 400 ألف مخطوط، وأنشئت دار الحكمة ومكتبتها التي زودتها القوافل بالكتب المحمولة من دول مجاورة. وبعد انهيار الدولة الفاطمية قلّت العناية بالمكتبات إلى أن كان العصر الحديث، فتأسست منذ مطلع القرن التاسع عشر دار عامة للكتب.
وما أن حلّ القرن العشرون الميلادي حتى كانت بكل مدينة مكتبة عامة. ومع إنشاء جامعة القاهرة عام 1908م، أنشئت مكتبة جامعية صغيرة، ثم خُصص لها مبنى ضخم عام 1925م. وهي الآن تُعد من أكبر المكتبات الجامعية في الشرق؛ إذ تضم نحو مليون ونصف المليون من الكتب، في حين تجاوز عدد الكتب والمخطوطات (وبعضها نادر) المحفوظة بدار الكتب القومية ثلاثة ملايين كتاب، فضلاً عما تؤديه الهيئة المصرية العامة للكتاب من دور رئيسي في عالم الكتب والشؤون المعرفية الأخرى. وقد زودت بأحدث أساليب الحفظ والتنسيق والطبع والنشر والفهرسة والتجليد والتصميم واستخدام الحواسيب.
أصبح في مصر الآن مكتبة في كل مدرسة سواء كانت ثانوية أو إعدادية (متوسطة) أو ابتدائية، فضلاً عن نحو 250 مكتبة عامة تابعة لقصور الثقافة وبيوتها، بالإضافة إلى مكتبات المؤسسات العلمية والثقافية المختلفة ومكتبات الجامعات التي أنشئت تقريبًا في كل محافظة. على أن الاهتمام بالمكتبات تطلب ضرورة إنشاء أقسام المكتبات في الجامعات لتخريج أمناء المكتبات المتخصصين. وقد تجاوز عمر قسم المكتبات بكلية الآداب بجامعة القاهرة أكثر من خمسين عاماً، تخرج فيه عشرات الألوف من أمناء المكتبات.
العراق. انتشرت الكتابة إبّان الحضارتين السومرية والبابلية بالطريقة المسمارية التي سُجلت على الطين. وكانت من الضخامة بحيث اكتشف حتى الآن نحو 600 ألف قطعة طينية تتضمن مختلف الموضوعات. واقتضى الأمر إنشاء قاعات خاصة بها لحفظها على رفوف حجرية. واكتُشفت هذه المكتبات في مدينتي كيش وسيبار وبقية المراكز البابلية. ولوحظ أنها تتمتع بتنظيم جيد يُسهّل الوصول إلى أي رقم وأي موضوع. وبعد انحسار هذه الحضارات تضاءل الاهتمام بالمكتبات إلى أن تأسست بغداد الجديدة في العصر الإسلامي (القرن الثاني الهجري، الثامن الميلادي)، التي سرعان ما أصبحت مركزاً ثقافياً مشهوراً تعددت فيها المكتبات العامة والخاصة وكثر هواة جمع الكتب. وأسس المأمون بيت الحكمة الذي ضم مرصدًا فلكيًا ومكتبة ضخمة تجاوز ما حوته مليون مخطوط. وقد أنشئت مكتبات أخرى في الموصل والبصرة. وقد تبددت كل هذه الثروات بهجوم المغول عام 656هـ، 1258م.
في العصر الحاضر تأسست بعض المكتبات العامة في بغداد والموصل بالإضافة إلى مكتبة الجامعة المستنصرية.
سوريا. أثبتت بعض الأحافير التي عثر عليها خبراء الآثار وجود مكتبات كبيرة تضم محتويات طينية، منها مكتبة إيبلا في تل مرديخ. وعثر الخبراء على الرفوف الخشبية والحوامل التي كانت ترفع الرفوف في هذه المكتبات، وأمكنهم تعرّف أساليب الحفظ فيها وطريقة ترقيمها لسهولة الوصول إليها، كما وُجدت مكتبات في أوجاريت (رأس شمرا حاليًا) بالقرب من اللاذقية.
ويشير المؤرخون إلى ازدهار الكتب والمكتبات في العهد الأموي والعباسي، وشهد القرن العشرون مدا علميًا وثقافيًا في سوريا، أدى إلى إنشاء المكتبات، وبخاصة مكتبة جامعة دمشق، وكذلك المكتبات العامة في حلب واللاذقية.
تونس. كانت قرطاج أهم مستوطنة أنشأتها الحضارة الفينيقية التي سادت سوريا ولبنان إبّان الألف الثالثة قبل الميلاد، وقد عثر خبراء الآثار على مراكز للوثائق ومكتبات جيدة للغاية، إلا أن القائد الروماني سكيبون الإفريقي استولى على قرطاج ودمّرها عام 146ق.م، وقام بتوزيع الكتب على الحكام الإفريقيين المجاورين الذين لم يعارضوا تقدم جيوشه.
لم تشهد تونس بعد ذلك حرصًا على الكتب والمكتبات إلا في فترات قليلة، خاصة بعد استقلالها عام 1956م، حيث تأسست مكتبة تونس الوطنية التي تضم الآن ما يقرب من 700,000 كتاب.
الأندلس. إلى جانب المكتبات الكبرى في بغداد والقاهرة التي أشاعت النور في أرجاء العالم الإسلامي بدءاً من القرن الثامن الميلادي، كانت هناك مكتبة قرطبة التي أسسها الخليفة الحَكم الثاني (350 - 366هـ، 961-976م) الذي احتل مكانة خاصة بين الحكام المتنورين المسلمين في تلك الآونة. وقد حرص على أن يجمع في أقصر وقت أكبر كمية من الكتب القيمة؛ فأرسل المبعوثين إلى القاهرة ودمشق وبغداد وغيرها من المدن التي اهتمت بالكتب، وأمكنه أن يجمع في مكتبة قرطبة خلال مدة وجيزة 400 ألف مجلد، وكوّن في الوقت نفسه طائفة كبيرة من الخطاطين والمزخرفين والمجلدين لتوفير احتياجات المكتبة، ووضعوا لكتبها الفهارس التي شغلت 440 مجلدًا. ومن هذه المكتبة وغيرها في الأندلس نهل الغرب في أوروبا أصول العلم والمعرفة التي نقلها العرب عن السابقين وأضافوا إليها.
المملكة العربية السعودية. احتفظ الحرمان الشريفان بمكة المكرمة والمدينة المنورة بمكتبتين من أهم المكتبات العامة. كما عرفت المدينتان المقدستان مكتبات خاصة مهمة لفترات طويلة مثل مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة. أما اليوم فإن الازدهار الذي تعيشه المكتبات في العصر الحديث، ومنذ تولِّي الملك عبد العزيز آل سعود حُكم المملكة، يجعلها تأتي في طليعة الدول العربية من حيث التجهيز وتوالي الإنشاء وضخامة الاعتمادات المخصصة للإنفاق عليها.
من هذه المكتبات، مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ومكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومكتبة جامعة الملك سعود بالرياض، التي تعد من أكبر المكتبات الجامعية في المنطقة، ومكتبة جامعة الملك عبد العزيز بجدة، ومكتبة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران، ومكتبة جامعة الملك فيصل بالدمام، ومكتبة جامعة أم القرى بمكة المكرمة.
ومن المكتبات العامة مكتبة الملك عبد العزيز ودار الجوف للعلوم. كما أن هناك مكتبة وطنية هي مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض وهناك مكتبة عامة في كل من مدن المملكة تتبع لوزارة المعارف. ويوجد بهذه المكتبات أحدث الأجهزة العلمية في الفهرسة والتصوير والتجليد والحفظ والاستعانة بنظم الحاسوب لتخزين المعلومات، وأغلبها مزوّد بكتب ودوريات ومواد سمعية وبصرية في كافة فروع المعرفة.
تحرص بعض الجامعات السعودية على تنظيم معرض للكتاب يستقبل إنتاج الناشرين من مختلف دول العالم، ويصبح فرصة لتزويد المكتبات العامة والخاصة والمكتبات المتخصصة لوزارات الإعلام والتخطيط والمعارف وغيرها.
السودان. شهد السودان أول مكتبة له بعد افتتاح كلية غردون التذكارية سنة 1902م. وكانت الكلية تضمّ نُخبة من الأساتذة العرب الأجلاء الذين أحسنوا اختيار الكتب من عربية وإنجليزية، فكانت مكتبتها تشتمل على أهم المراجع في العاصمة. نقلت هذه الكتب إلى جامعة الخرطوم عام 1956م.
ومن بين المكتبات العامة التي عرفها السودان مكتبة السكرتير الإداري بالخرطوم والتي أصبحت فيما بعد دار الوثائق السودانية وهي من أهم المكتبات للباحثين في سياسة وتاريخ السودان.
وفي الأربعينيات من القرن العشرين افتتحت مكتبة أم درمان الوطنية والتي كانت مثالا جيدًا للخدمات الثقافية التي يمكن أن تقدم للجمهور.
كانت دار الثقافة في الأربعينيات محط مناقشات وندوات ومحاضرات أدبية وعلمية وثقافية يشترك فيها كافة القراء من مختلف الجنسيات. وكانت مكتبتها تضم خيرة ما تصدره دور النشر بالعربية والإنجليزية.
لم ينس القائمون بأمر التعليم أولئك الصبية الذين لا يستمر تعليمهم في المدارس، فخصصوا مكتبات لهم في أندية الصبيان في كثير من القرى والمدن ليواصلوا الاطلاع.
انتشرت المكتبات في الأندية الاجتماعية وقل أن يُقام ناد دون أن تخصص فيه حجرة للمكتبة. كما كان المعهد الفني أكبر مركز للكتب العلمية والفنية والهندسية.
عُرفت دار الآثار بمكتبة تاريخية ثرية بالمراجع، وكذلك بقية الجامعات في مختلف المدن مثل جامعة القاهرة فرع الخرطوم (جامعة النيلين حاليًا) وجامعة أم درمان الإسلامية وجامعة الجزيرة وجامعة جوبا.
دول أخرى. بالإضافة إلى الدول السابق ذكرها فهناك مكتبات عامة وطنية كبيرة في البحرين ولبنان والمغرب وليبيا واليمن والكويت وقطر وفلسطين والأردن والجزائر وسلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية. ففي الجزائر، على سبيل المثال، تضم مكتبة الجامعة أكثر من 700,000 كتاب، أما مكتبتها الوطنية الكبرى فقد أعيد بناؤها بعد أن احترقت عام 1962م.
تشهد الدول العربية عامة، خاصة في النصف الثاني من القرن العشرين ومع التقدم العلمي والفني، توجُّهًًا جادًا ودؤوبًًا نحو الاهتمام بالمكتبات، إيماناً بدورها الإيجابي في الارتقاء بمستوى المنطقة التي تقع فيها علميًا وثقافيًا واجتماعيًا.


غرب أوروبا. وبها عدد من المكتبات. تُعد أكبر المكتبات ومن أقدمها في العالم. وتمتلك المكتبة البريطانية 18 مليون مجلّد. وتُعد المكتبات الوطنية في إنجلترا وفرنسا مراكز ثقافية عالمية. ويعتبر نظام المكتبات العامة في الدنمارك مثالاً للمكتبات في العالم.
شرق أوروبا وروسيا. لبلدان شرق أوروبا تقليد طويل في علوم المكتبات، منها مكتبة جامعة تشارلز ببراغ، وجامعة جاغيلونيان نجاركوف في بولندا. وتؤدي هذه المكتبات دوراً كبيراً في النظام التعليمي. ويقدر عدد المكتبات في روسيا والدول التي كانت تكوِّن الاتحاد السوفييتي السابق بنحو 330,000 مكتبة منها نحو 130,000 مكتبة عامة. وتعد مكتبة الدولة بموسكو (مكتبة لينين الحكومية سابقًا) أكبر المكتبات الروسية وواحدة من أكبر مكتبات العالم فهي تحتوي على 30 مليونًا من المطبوعات.
الشرق الأوسط. تشمل أكبر المكتبات بالشرق الأوسط مكتبتي تركيا ولبنان الوطنيتين، ومكتبة جامعة طهران بإيران، ومكتبة جامعة أنقرة بتركيا. وقد تكونت جمعيات للمكتبات في كل من مصر وإيران والعراق ولبنان وتركيا. تتمتع هذه المنطقة دون غيرها بتاريخ طويل نشأت في أحضانه المكتبات وازدهرت في مصر الفرعونية وسوريا الفينيقية وبغداد العباسية والقاهرة الفاطمية لكنها تراجعت في العهود العثمانية إلى أن شرعت في الظهور من جديد خلال العصر الحديث. وانتشرت هذه المكتبات في معظم البلاد العربية خاصة في مصر والسعودية وتونس، ولا تزال هناك دول عربية لم توجه ما يكفي من الاهتمام للمكتبات بحكم ظروفها الاقتصادية والسياسية.
إفريقيا. تقتصر المكتبات الإفريقية على تلك الملحقة بمعاهد التعليم العالي. وهناك بدايات مبشّرة في بعض البلدان الإفريقية.
وتوجد أكبر المكتبات الإفريقية القومية في أقصى شمال القارة حيث توجد المكتبات الكبرى في مصر وكذلك في تونس والجزائر، كما توجد بعض المكتبات المهمة في جنوب إفريقيا مثل مكتبة جوهانسبرج العامة التي تحتوي على مليون ونصف المليون كتاب، ومكتبات مدينة كيب تاون وبها نحو مليون كتاب وغيرها من المكتبات. بإفريقيا بضعة برامج لتعليم أمناء المكتبات كما أن بها عدة منظمات وجمعيات للمكتبات.

جنوب وجنوب شرقي آسيا. توجد مكتبات قومية في كل بلدان هذا الجزء من العالم إلا أنها صغيرة الأحجام والموارد. وأهمها في الهند والفلبين وماليزيا وسنغافورة وتايلاند. أنشئت معظم هذه المكتبات بعد الحرب العالمية الثانية، وأكبرها في دلهي بالهند وقد قامت بمساعدة من منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم والتربية (اليونسكو).
وهناك عدة برامج لتعليم علوم المكتبات كما توجد جمعيات للمكتبات.
أستراليا والشرق الأقصى. توجد بأستراليا عدة مكتبات، إذ إن لكل ولاية مكتبتها الوطنية، وأكبرها مكتبة جامعة سيدني. كما أن هناك عدة مكتبات حكومية وبحثية وتجارية وصناعية. وبأستراليا جمعية مكتبات وعدة مدارس لعلوم المكتبات.
ولليابان نظام متقدم للمكتبات وأكبرها مكتبة الدايت القومية بطوكيو. كما أن هناك مكتبات المدارس العامة والمكتبات المتنقلة التي تقدّم خدماتها للعاملين بالمصانع.
وتقدّم عدّة جامعات برامج للمكتبات، كما أن هناك جمعية للمكتبات ومجلة خاصة.
هناك معلومات قليلة وغير موثّقة عن المكتبات بالصين، إلا أنه من المعروف أن أكبر المكتبات تضم حوالي عشرة ملايين مجلد. كما أنه بجانب المكتبات القومية هناك مكتبة بكل جامعة.
ورغم أن الدول الأخرى قد تخلّفت قليلا عمّا ذكر إلا أن هناك مكتبات وطنية وجامعية في كل من تايوان وكوريا.

أمريكا الشمالية. المكتبة الرئيسية بالولايات المتحدة هي مكتبة الكونجرس بواشنطن (العاصمة) التي تُعدّ أكبر مكتبة في العالم، فهي إحدى ثلاثة آلاف مكتبة حكومية في كل أنحاء الولايات المتحدة. وتحتوي على مكتبات متخصصة ومكتبات بحثية. ويوجد أكبر نظام للمكتبات الجامعية في جامعة هارفارد التي تحتوي على 11 مليونًا من المطبوعات، وقد ارتبط اسم ملفيل ديوي بالمكتبات الأمريكية. فهو الذي أسس نظام التصنيف المكتبي العشري المشهور الذي تستخدمه المكتبات في كثير من البلدان وعرف باسم تصنيف ديوي.
ومن المكتبات الكبيرة بكندا المكتبة الوطنية ومكتبة البرلمان بأوتاوا (العاصمة).
أمريكا اللاتينية. حصلت المكتبات وعلوم المكتبات على الاعتراف بها بعد فترة صعبة من المحاولات، وبدأ التركيز على المكتبات القومية ومكتبات الجامعات. وتشمل أهم مكتبات أمريكا اللاتينية مكتبات الأرجنتين والبرازيل وتشيلي والمكسيك وبيرو. توجد أفضل المكتبات العامة بأمريكا اللاتينية في ساو باولو في البرازيل. ولمعظم بلدان المنطقة مدارس خاصة لتدريس علوم المكتبات وجمعيات للمكتبات الوطنية.
برامج المكتبات العالمية. تُعنى المنظمات الوطنية والعالمية بالعمل على تحسين المكتبات في العالم وفي الدول النامية على وجه الخصوص. ومنظمات الأمم المتحدة مثل اليونسكو واليونيسيف. وتشمل هذه التحسينات الإمداد بالكتب وتوفير الموارد والبرامج والمؤتمرات. كما تساند منظمات المجلس الثقافي البريطاني، والخدمات الإعلامية للولايات المتحدة المكتبات وأُمناءَها في كل أنحاء العالم. وهناك منظمة خاصة بالمكتبات هي الاتحاد العالمي لجمعيات ومعاهد المكتبات (IFLA) كما أن هناك مالاً خاصًا لمساعدة المكتبات.



نبذة تاريخية

يوافق تاريخ نشأة المكتبات تاريخ الكتابة في العالم، حينما حُفظت الكلمة المكتوبة على العظام والطين والمعادن والشمع والخشب والبردي والحرير والجلد والورق الجلدي والورق والأفلام والبلاستيك والأشرطة الممغنطة. وخلال كل فترات هذا التطور حفظ الناس مجموعاتهم في المكتبات.

مكتبات الطين. بدأت في بلاد ما بين النهرين القديمة حين اكتشفت طريقة استعمال الألواح الطينية التي مازالت تُحفظ ويعمل الدارسون على فك طلاسمها. وقد وجدت آلاف الألواح في كل من نيبور وسوريا وتركيا ونينوى عاصمة آشور القديمة.
مكتبات البردي. في الوقت الذي كان البابليون والسومريون يستخدمون الطين، كان المصريون يستعملون ورق البردي، وهو ورق نبات ينمو على ضفاف النيل. وكانت الكتابة تحفظ في لفائف طويلة، ولا تزال في المكتبة البريطانية لفافة منها طولها 41 مترًا تسمى بردية هاريس، إلا أنها سريعة التآكل لكونها مصنوعة من النبات. انظر: البردي؛ المخطوطة. وكانت أكبر تلك المكتبات في مصر واليونان وروما.
مصر. كانت أكبر المكتبات القديمة هي مكتبة الإسكندرية التي أسسها بطليموس الأول والثاني بعد أن حشدا لها الكتب من مكتبات أخرى، فأصبحت تحتوي على نسخة من كل ما كتب في ذلك العهد من لفائف.
اليونان. استعمل اليونان البردي كذلك، وقد أُسست المكتبة العامة في عهد بيزيستراتوس على الرغم من أنه لم يكن يعرف القراءة في ذلك الحين سوى عدد قليل من السكان.
أما مكتبة اليونان القديمة المشهورة، فقد أسسها الفيلسوف أرسطو في مدرسته الليسيوم. وقيل إن هذه المكتبة قد بيعت إلى مكتبة الإسكندرية أو نقلها أحد غزاة أثينا إلى قصره بروما.
روما. استمر قدماء الرومان فيما بدأه المصريون واليونان من تقليد إنشاء المكتبات، فبدأوا بالمكتبات الشخصية التي تحتوي على الأدب اليوناني إلى أن خطط يوليوس قيصر لمكتبة عامة بروما، ربما نمت منها مكتبة الأوكتافيان. ثم تبعتها مكتبات أخرى لكنها جميعًا اختفت كمثيلاتها من قبل، ولم تبق منها سوى واحدة يمتلكها نبيل روماني اكتشفت عام 1750م. ومازال المتحف الوطني بنابولي يحتفظ بحوالي 1,800 من اللفائف التي وُجدت بها.
مكتبات جلود الحيوانات. اكتُشف المئات من مخطوطات جلود الحيوانات في منتصف القرن العشرين بكهف بالقرب من البحر الميت، فسميت صحائف البحر الميت. وهي تحتوي على أقدم كتابة للإنجيل. انظر: البحر الميت، صحائف. ثم طُوّر الجلد إلى ورق جلدي (رق) وقيل إن هذا التطور جاء نتيجة للمنافسة بين مكتبتي الإسكندرية وبرجاموم التركية، إذ إن مصر أوقفت إرسال البردي لبرجاموم حتى لا تتفوق عليها، فاخترع الأتراك الكتابة على الجلد المنظّف بديلاً للبردي.
العصور الوسطى. مع تدهور الإمبراطورية الرومانية، تدهورت المكتبات بل التعليم عمومًا. وبدأت العصور الوسطى، التي تدهورت في النصف الأول منها جميع الآداب والفنون. وازدهر التعليم فقط في القسطنطينية وأوجد ذلك الصلة بين الحضارات الأوروبية القديمة والحديثة. واستعملت في ذلك الحين مجموعة من الطلاب القانونيين مواد المكتبة والموارد الأخرى منتجين دستور العدل الذي يعد من أهم الوثائق القانونية.
ثم بدأت الجامعات الأوروبية في النمو عاكسة خروج أوروبا من العصور الوسطى إلى عصر النهضة. فانتعشت الكتابة والترجمة والأدب، وبالتالي نمو المكتبات خاصة في أوساط الطبقة الأرستقراطية. ووضع كوسيمو دي ميدتشي بفلورنسا اللبنة الأولى لإحدى أعظم المكتبات في العصر الحالي صممها الفنان المشهور مايكل أنجلو. انظر: مكتبة الفاتيكان.
الشرق. أنشئت مكتبات الصين القديمة لاستعمال الطلاب والملوك والأرستقراطيين. وقد ساعدت تلك المكتبات على تقدم وحفظ التعاليم الصينية ذات الأثر الكبير على بلاد الشرق. ولم يمر الشرق بفترة تدهور خلال العصور الوسطى أُسوة بالغرب، ولكن المعرفة واستعمال المكتبات انحصرت في فئة قليلة.
الورق والطباعة. اخترع الصينيون الورق الذي ناسب طباعة الكتب دون سواه حتى وصل إلى بغداد ومصر وأوروبا وصار البديل المثالي للورق الجلدي في حوالي منتصف القرن السادس عشر الميلادي. وأعقبه اختراع الطباعة التي كانت نتيجة حتمية للحاجة الملحة للمزيد والكثير من الكتب لتواكب الرغبة في العلم والمعرفة. فجاء المخترع الألماني جوهانس جوتنبرج بالطباعة المتحركة فانتشر اختراعه سريعاً. وبالتالي تضاعفت أعداد الكتب، مما جعل الحفاظ عليها ضرورة، فأنشئت مكتبة الفاتيكان كواحدة من أولى المكتبات التي استعملت الأرفف.

مكتبات شهيرة. من المكتبات المشهورة مكتبة البودليان بأكسفورد، ومكتبة المتحف البريطاني بلندن، والمكتبة الوطنية بباريس، ومكتبات لورينشيان، والفاتيكان، والأمبروزيان، والقومية بإيطاليا، ومكتبة برلين بألمانيا، ومكتبة إم. إيه.سالتيكوف ـ تشيدرن العامة بسانت بطرسبرج في روسيا التي أسستها الإمبراطورة كاثرين الكبرى في القرن الثامن عشر الميلادي. وتعد مكتبة الدولة بموسكو، أكبر مكتبات روسيا وكان قد أسسها الكونت نيكولاي رميانتسيف عام 1861م. أما أمريكا اللاتينية فأقدم المكتبات فيها هي المكتبات الجامعية مثل: مكتبة سانتو دومينغو ومكتبة جامعة المكسيك الوطنية ومكتبة سان ماركوس في ليما.
وأقدم مكتبات الجامعات في الولايات المتحدة مكتبة جامعة هارفارد. وقد أنشأ جيفرسون مكتبة الكونجرس التي احترقت في الحرب ثم أعيد بناؤها. وفي بداية القرن التاسع عشر الميلادي، انتشرت مكتبات الإعارة الحرة. وقد بدأ أمين مكتبة شيكاغو نظام الفهرست دليل القارئ لدوريات الأدب عام 1882م.
وقد واكبت حركة المكتبات في كندا التطور في الولايات المتحدة، فأنشئت أول مكتبة لكلية الجيزويت بكويبك. وأنشئت الجمعية الكندية للمكتبات في منتصف القرن العشرين، وفي الوقت نفسه قامت المكتبة القومية في أوتاوا.
وفي أستراليا ونيوزيلندا، نشطت المكتبات في نهاية القرن التاسع عشر وقامت أول مكتبة عامة في ملبورن ثم انتشرت المكتبات المحلية ببطء بعد ذلك.
وأول مكتبة جامعية بأستراليا هي ما تُسمّى الآن مكتبة فيشر في جامعة سيدني. وهناك مكتبتا برلمان الكومنولث وملبورن والمكتبة القومية بكانبرا.
بدأت أولى مكتبات نيوزيلندا في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي في أوكلاند. وقامت خدمات مكتبات نيوزيلندا المدرسية في منتصف القرن الحالي، وهي جزء من خدمات مكتبة نيوزيلندا القومية التي تشمل كذلك مكتبة الإسكندر تيرنبول.
أما في الهند، فقد انتشرت خدمات المكتبات منذ بداية القرن التاسع عشر الميلادي، إلى أن تطورت مكتبات الجامعات ومكتبة الهند القومية بكلكتا في بداية القرن العشرين.

أسئلة

  1. بمَ تختلف مكتبات اليوم عن المكتبات القديمة؟
  2. ما المشكلات والتحديات التي تواجهها المكتبات؟
  3. ناقش دور التكنولوجيا في مكتبات اليوم.
  4. ناقش تطور المكتبات في العالم، وقارن فيما بينها.
  5. ما أهم أنواع المكتبات العامة وما أهم وظائفها؟
  6. كيف تخدم المكتبات المدرسية مجتمعاتها؟
  7. لماذا يُعد تطوير المكتبات وأمين المكتبة من الأمور المهمّة؟