|
وعلى الرغم من منافع الرصاص الكثيرة، فإنه قد يكون ضارًا. وتحدث الحالة المعروفة باسم التسمم الرصاصي إذا دخلت إلى الجسم كمياتٌ كبيرة من الرصاص. وتنتشر حالة التسمم هذه، بصورة رئيسية بين أولئك الذين يعملون في المصانع الكيميائية أو المصانع الأخرى، أو في معامل التكرير حيث توجد كمياتٌ كبيرة من أبخرة الرصاص وغباره في الهواء.
والواقع أن مقدار ما يستخدم من الرصاص أكثر بكثير من كمية الرصاص المستخرج من المناجم. فكمية الرصاص المستهلكه سنوياً على النطاق العالمي يقرب من 5,5 ملايين طنٍّ متريّ، في حين أن كمية الرصاص المستخرج من المناجم سنويًا تبلغ نحو ثلاثة ملايين طن متري فقط. ويتم الحصول على الباقي (فارق الاستهلاك) بإعادة استعمال الخردة. وتعتبر أستراليا والولايات المتحدة والصين وبيرو وكندا من أبرز الأقطار المنتجة للرصاص.
| ||||||||||||||||||||
الأقطار الرائدة في تعدين الرصاص | ||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||
الأرقام لعام 1994م. المصدر: مكتب المعادن الأمريكي. |
الخواص. الرصاص النقي لينٌ أو رخو، كما أن متانته أو قوته قليلة. وتبعًا لذلك، فإن من يقوم بإنتاج الرصاص يميل إلى مزجه مع كميات صغيرة من فلزات أخرى لتكوين سبائك الرصاص. ومن الأمثلة على الفلزات التي تضاف لهذا الغرض، الأنتيمون (الأثمد) والقصدير، اللذان من شأنهما زيادة متانة الرصاص وإضفاء صفات أخرى عليه. يتحد الرصاص أيضًا بالكلور والأكسجين وعناصر أخرى ليكون مركبات مختلفة. على سبيل المثال، يتحد الرصاص مع الكبريت لينتج كبريتيد الرصاص الذي يطلق عليه أيضًا اسم الجالينا.
الرصاص قابلٌ للطرق حيث يمكن طرقه أو كبسه في شكل صفائح رقيقة. ويتميز الرصاص أيضًا بلدونته وقابليته للمطل، أي القدرة على تحمل الشد الدائم أو الثابت دون أن يتكسر. ويقاوم الرصاص التآكل بفعل الماء أو حمض الكبريتيك أو المواد الكيميائية القوية الأخرى. ومن خواص الرصاص أنه رديء التوصيل للكهرباء. والوزن الذري للرصاص 207,19، وعدده الذري 82. وينصهر الرصاص عند درجة حرارة 327,5°م، ويغلي عند 1740°م. وكثافة الرصاص عند درجة حرارة 20°م، 11,35 جم/ سم§ انظر: الكثافة.
|
ويُستخدم الرصاص أيضًا في إنتاج رابع إثيل الرصاص، وهي مادة تضاف إلى البنزين لتحسين أداء محركات سيارات معينة. لكن احتراق رابع إثيل الرصاص في المحركات تنتج عنه مواد كيميائية تسهم بدورها في تلويث الهواء. انظر: رابع إثيل الرصاص. وهناك كثيرٌ من الأقطار الصناعية استخدمت البترول الخالي من الرصاص.
تتميز كثيرٌ من مركبات الرصاص بأهمية في صناعة بعض الدهانات والأصباغ. من ذلك مثلاً، دهانات مركبات الرصاص التي يطلق عليها اسم الرصاص الأحمر والرصاص الأبيض. وهي تستخدم في طلاء القناطر والجسور والأبنية الحديدية الأخرى وذلك بهدف منع التآكل. ويَستخدِم أصحاب المصانع أيضًا مركبات الرصاص في المواد المتفجرة والمبيدات الحشرية، وفي صناعة الخزف والزجاج ، وفي المنتجات المطاطية.
ولسبائك الرصاص استعمالاتٌ متعددة. فأغطية الكبلات المصنوعة من الرصاص تحمي كلاً من الهواتف وخطوط القدرة الكهربائية من الرطوية والتآكل. ويستخدم أصحاب مصانع السيارات والأدوات الإلكترونية سبيكة قصدير ـ رصاص ويطلق عليها سبيكة لحام لربط أو وصل السطوح الفلزية. كما يستخدم منتجو الآلات والمعدات الثقيلة سبيكة الرصاص المسماة معدن بابيت أو المعدن الأبيض، وذلك للحصول على محامل. والمقصود بالمحامل الأجزاء الآلية التي تقلل من احتكاك الأجزاء المتحركة للمعدات الثقيلة مع بعضها بعض انظر: معادن بابيت.
والواقع أن خاصية المقاومة القوية للرصاص ضد التآكل تجعله يتمتع بأهمية خاصة في مجال الصناعة الكيميائية . فالأنابيب وصهاريج التخزين، والمعدات الأخرى المصنوعة من سبائك الرصاص تستخدم لشحن مواد كيميائية معينة وتخزينها وحفظها .
ومن ناحية أخرى، فإن الكثافة العالية للرصاص تجعله حجابًا واقيًا جيدًا ضد الإشعاع. لذا فإن صفائح سبائك الرصاص تستخدم في تبطين جدران حجرات الأشعة السينية في المستشفيات، والمفاعلات النووية، وتلك الوسائل الأخرى التي توجد بها المواد ذات الفاعلية الإشعاعية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن النفايات الإشعاعية توضع في حافظات مصنوعة من الرصاص لشحنها وللتخلص منها .
أخطار الرصاص. يستنشق الناس الرصاص خلال عملية الشهيق، أو يبتلعون جسيمات منه أو يمتصون هذه الجسيمات عن طريق الجلد. وتكون خطورة التسمم بالرصاص شديدة حينما يتعرض المرء للرصاص على مدى فترة زمنية طويلة .
يؤثر الرصاص في إنتاج خلايا الدم الحمراء وقد يؤدي إلى تلف في الدماغ، والكلى، أو في الأعضاء الأخرى من الجسم. كما يعاني أغلب ضحايا التسمم الرصاصيّ من التعب والإجهاد والصداع أو من تشنجات عضلية في المعدة، أو من أعراض أخرى. وربما يكون التعرض المفرط للرصاص مهلكًا وقاتلاً، لكن مثل هذه الحالات يندر وجودها.
ومن المصادر الرئيسية للتلوث بمادة الرصاص، الغازات المنطلقة من عوادم السيارات التي يُستَخْدَم فيها البترول المعالج بالرصاص، وكذلك الغبار والأبخرة المنطلقة من المعامل الكيميائية التي يتم فيها استخدام الرصاص. والكثير من الأطفال الذين يتناولون شقفا من الطلاء الجاف المحتوي على رصاص يتعرضون للتسمم الرصاصي. والواقع أن مثل هذا الطلاء يوجد في كثير من المباني القديمة. كما أن أنابيب المياه المصنوعة من الرصاص الموجودة في المباني القديمة قد تسبب التسمم. وفي الوقت الحاضر، فرضت الكثير من حكومات الدول شروطًا للحدّ من كميات الرصاص في الطلاء والبترول، وكذلك الحدّ من كمية الرصاص المنطلق في الهواء .
كيفية الحصول على الرصاص. تنتج جميع خامات الرصاص من المناجم التي في باطن الأرض. وفي الحقيقة، فإن الكثير من هذه الخامات تحتوي على الرصاص، لكن المصدر الرئيسي لعنصر الرصاص، خامٌ فلزي رمادي اسمه الجالينا. وفي الحالة النقية، فإن الجالينا يتألف من الرصاص والكبريت فقط، لكن وجود الجالينا في الطبيعة على هذه الصورة أمرٌ نادر. ومعظم رواسب الجالينا ـ مثلها مثل خامات الرصاص الأخرى ـ تحتوي على بعض العناصر، مثل: النحاس والذهب والفضة والخارصين.
وبعد استخراج الجالينا الخام يتم تركيز الشوائب والصخور والمواد الأخرى من الخام، أي فصلها منه. ولهذا، فإن معظم القائمين على التكرير يفضلون معالجة الخام باستخدام عملية تُسَمَّى الطفو أو عملية التقويم. في هذه العملية يتم تهشيم وطحن الخام، ثم يوضع الخام في خزان كبير يحوي مادةًكيميائية تساعد على الطفو مثل كبريتات النحاس أو الزيت. وهذه المادة الكيميائية من شأنها أن تجعل الخام يرتفع إلى أعلى بينما تغوص الشوائب والصخور إلى أسفل. وعندئذ يقوم العمال باستخلاص الخام المركز من السطح.
وفي الخطوة التالية، يتم تحميص الخام المُركّز داخل مصهر خاص. وخلال عملية التحميص هذه، يتحد الكبريت الموجود في الخام مع الأكسجين ويتكون ثاني أكسيد الكبريت الذي ينطلق على هيئة غاز. وبالإضافة إلى ذلك، يتحد الرصاص الموجود بالخام المعالج مع الأكسجين لينتج أجزاءً دقيقة من أكسيد الرصاص. وإذا ما زيدت درجة الحرارة، فإن أجزاء أكسيد الرصاص تتلبد (تتراكم مع بعضها) متخذة شكل قطع صلبة.
بعد ذلك، يخلط العمال أكسيد الرصاص المُلَبَّد بقطع من فحم الكوك، ويوضع الخليط عندئذ في قمة الفرن العالي. وفي داخل الفرن، يتفاعل الفحم المحترق مع أكسيد الرصاص وينتج الرصاص السائل. ويتم التخلص من المخلفات والشوائب، التي تُسمَّى الخبث، بفصلها عن الفلز قبل أن يصل الفلز إلى أسفل الفرن.
يحتوي الرصاص الخام الموجود بالفرن، على فلزات أخرى مثل النحاس والذهب والفضة. وبعد هذه المرحلة، تُستخدم طرق عديدة لتنقية الرصاص. على سبيل المثال، يتجمع النحاس على سطح الرصاص السائل بعد أن يتم تبريده تدريجيًّا. وعندئذ، يتمكن العمال من استخلاص وإزاحة النحاس المتجمع على سطح الرصاص. أما الذهب والفضة، فيمكن إزاحتهما بإعادة تسخين الرصاص وإضافة الخارصين له حيث تذوب الفلزات الثمينة في الخارصين بسرعة أكبر من ذوبانها في الرصاص.
وعندما يبرد الرصاص، تُزَاح منه البقايا الصلبة من الخارصين ، وهي تحوي مركبات الذهب والفضة.