الجامعة

مؤسسة تعليمية يلتحق بها الطلاب بعد إكمال دراستهم بالمدرسة الثانوية. والجامعة أعلى مؤسسة معروفة في التعليم العالي. وتطلق أسماء أخرى على الجامعة وبعض المؤسسات التابعة لها مثل: الكلية، المعهد، الأكاديمية، مجمع الكليات التقنية، المدرسة العليا. وهذه الأسماء تسبب اختلاطًا في الفهم، لأنها تحمل معاني مختلفة من بلد لآخر. فعلى الرغم من أن كلمة كلية تستخدم لتدل على معهد للتعليم العالي، نجد أن دولاً تتبع التقاليد البريطانية أو الأسبانية، تستخدم كلمة كلية للإشارة إلى مدرسة ثانوية خاصة،.وبالمثل فإن الأكاديمية ربما تدل على معهد عال للتعليم أو مدرسة.

الجامعات ومؤسسات التعليم الأخرى

تناقش هذه المقالة التعليم العالي في الجامعات. وتشرح كيف أن الجامعات تختلف عن بعض مؤسسات التعليم العالي الأخرى. وتشمل دور الجامعة ونظمها، والكيفية التي يتم بها اختيار الطلاب وتعلمهم، والكيفية التي يحصلون بها على المؤهلات التي تسمى الدرجات العلمية. والطريقة العادية لتمييز الجامعات عن أنواع أخرى من مؤسسات التعليم العالي؛ تتمثل في المدى الواسع من المقررات الدراسية التي تقدمها الجامعات. ويوفر النمط السائد في الجامعة فرصًا كثيرة للطلبة للتخصص في حقول العلوم (الفيزياء، الكيمياء، الجيولوجيا، علم الحيوان، علم الفلك) والعلوم الاجتماعية، (علم الإنسان، علم النفس، علم الاجتماع، الاقتصاد، التربية)، والعلوم الإنسانية (التاريخ، الفلسفة، الأدب، اللغات)، الفنون الإبداعية(الرسم، الموسيقى، الدراما)، وغيرها. بالإضافة إلى أن الجامعات تعد الطلبة لكل المهن الخاصة ـ ليصبحوا معماريين، مهندسين، أطباء، معلمين، محامين، خبراء زراعة، محاسبين، مديرى أعمال، وما شابه ذلك.
وعلى النقيض من الجامعات، فإن الأنواع المألوفة من مؤسسات التعليم العالي الأخرى هي الكليات والأكاديميات التي تركز على واحد أو اثنين من حقول المعرفة، فمعهد التقنية يتخصص في العلوم والهندسة، وكلية الزراعة تدرس الطرق العلمية للزراعة وتربية الأسماك والعناية بالحيوانات. وكليات المعلمين تُعِد المعلمين والمديرين والمرشدين المختصين في مساعدة التلاميذ الذين يواجهون صعوبات في التعلم. وتقدم أكاديمية الفنون دراسات في: الرسم واللوحات والنحت والتصوير والطباعة بالحفر والفنون المرئية الأخرى. وتُدَرِّس أكاديمية الموسيقى للطلبة تاريخ الموسيقى والغناء، واستخدام الآلات، والكيفية التي تؤلف بها القطعة الموسيقية. وتعد الأكاديمية الحربية ضباط الجيش والبحرية والقوات الجوية. وغالبًا ما تمول الحكومات أكاديمية لتدريب الخبراء في العمل في نطاق بعض الاختصاصات. وحينئذ يمكن أن تختص أكاديمية بتعداد السكان، وأخرى بقسم الخزينة، وثالثة بالخدمات الخارجية.

التنظيم والمسؤوليات 

التنظيم. يسمى المكان الذي تقوم عليه الجامعة بالحرم الجامعي. وتشمل المباني الرئيسية في الحرم الجامعي: قاعات المحاضرات ومبنى الإدارة والمكتبة والمعامل ومساكن الطلبة ومبنى اتحاد الطلبة الذي تقام فيه المناسبات الاجتماعية. في بعض الدول ربما كان للجامعة أكثر من حرم جامعي (فروع). فجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية لها فروع في كل من أبها والقصيم كما أن جامعة الأزهر بمصر أيضًا تضم كليات كثيرة في جميع محافظات مصر تقريبًا. وكذلك الحال في معظم الجامعات العربية. وينقسم المجتمع الطلابي في الجامعة إلى طلاب دراسات عليا وطلاب دراسات جامعية. فطلاب الدراسات العليا هم الذين حصلوا على الشهادة الجامعية الأولى ويدرسون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه. أما طلاب الدراسات الجامعية فهم الذين يلتحقون بالجامعة للحصول على درجة البكالوريوس.
تنقسم هيئة التدريس في الجامعة إلى عدة أقسام، حيث يختص كل قسم بتدريس برنامج عام، مثل اللغة العربية أو الرياضيات، أو الفيزياء. وكل قسم له رئيس ويحمل في الغالب درجة الأستاذية. ويعمل معه آخرون، من الأساتذة والأساتذة المشاركين والأساتذة المساعدين، أو المحاضرين. وتضم بعض الأقسام باحثين لا يشاركون في عملية التدريس.
التمويل. يختلف تمويل الجامعة من دولة لأخرى. ففي بريطانيا، مثلاً، يقوِّم مجلس تمويل الجامعات الاحتياجات الكلية للجامعات البريطانية. ويتفاوض مع الحكومة المركزية حول تقديم منح لكل جامعة، وبناء على توصيته توزع الأموال بين الجامعات. وفي دول أخرى، تعتمد الكليات الخاصة في الأساس على ريع الأوقاف والتبرعات من مصادر أخرى. وقد يتوافر للجامعات الحكومية مثل هذه المصادر، ولكنها تعتمد أساسًا في تمويلها على ميزانية الدولة.
كما أن الطلبة قد يحصلون على منح دراسية من الحكومة. وبعض الجامعات والمعاهد تقدم للطلاب منحًا دراسية. وفي بعض الدول، ربما يحصل الطلبة على قروض من الجامعة لتغطية التكاليف. وبعض الجامعات تساعد الطلاب في الحصول على أعمال يقضون فيها بعض الوقت أثناء التحاقهم بالجامعة أو خلال الإجازة.
المسؤوليات. حددت معظم الدول ثلاثة واجبات أساسية للجامعات هي: تعليم الطلاب، تنمية المعارف الجديدة، الخدمة العامة. ويهدف التعليم إلى التأكد من نقل المعرفة العالمية المهمة من جيل إلى جيل. كما أنه من شبه المؤكد أن التعليم يُعد الناس للنجاح في المهن التي تتطلب معرفة ومهارات عالية. ولذلك فإن التعليم هو الهدف الأساسي لمعاهد التعليم العالي.
والمهمة الرئيسية الأخرى للجامعات هي البحث، ويعني تحقيق اكتشافات جديدة وتوليد معارف حديثة. ففي مجال العلوم والتقنية نجد أن كثيرًا من الاختراعات ما هي إلا نتيجة للأفكار الابتكارية لأساتذة الجامعات والطلاب المتميزين. اعتمد التقدم في رحلات الفضاء والحواسيب، والجراحة بوساطة الليزر، والطاقة الذرية بدرجة كبيرة على خبرات أعضاء هيئات التدريس في الجامعات. ومعظم علماء الآثار الذين اكتشفوا أنقاض المدن القديمة، والمؤرخين الذين أظهروا أحداث الماضي، وعلماء النفس الذين طوروا طرقًا جديدة لمعالجة الأمراض العقلية؛ كلهم من أعضاء هيئات التدريس في الجامعات. ويشترك أساتذة الموسيقى في الجامعات في تأليف السيمفونيات، ويستقرئ أساتذة العلوم السياسية مجريات السياسة المحلية والعالمية.
وبالرغم من أن مهمة إنتاج معلومات جديدة تقع أساسًا على مؤسسات التعليم العالي، فإن معظم أعضاء هيئة التدريس لايجرون إلا القليل من البحوث. ويرجع ذلك، إلى أن معظم وقت المدرسين تقريبًا مخصص للتدريس، مما لا يتيح لهم مجالاً للعمل الإبداعي. بالإضافة إلى ذلك فإن كثيرًا من البحوث تتطلب أموالاً كثيرة، للإنفاق على الباحثين وتوفير المصادر اللازمة، ومثل هذه الأموال ـ غالبًا ـ غير متوفرة.
وبالرغم من أنه لا توجد إلا نسبة قليلة من أعضاء هيئات التدريس في التعليم العالي؛ ممن يقومون باستحداث معلومات جديدة في كل دولة، فإن نقص البحوث والنشاط الإبداعي أكثر وضوحًا في بلاد مثل آسيا وإفريقيا، وأمريكا الجنوبية، وجزر المحيط الهادئ التي كانت في يوم من الأيام مستعمرات للأوروبيين والأمريكيّين الشماليين. وعندما كانت هذه البلاد مستعمرات، لم تُتَحْ لمواطنيها إلا فرص قليلة للالتحاق بالجامعة. وبعد حصول هذه المستعمرات على استقلالها (في الخمسينيات والستينيات أو السبعينيات من القرن العشرين) كانت بالطبع تفتقر إلى الأساتذة المدربين تدريبًا كافيًا لإدارة الجامعات الجديدة. إضافة لذلك فإن الهيئة التدريسية عادة ما يكون لديها أعداد كبيرة من الطلبة مما لا يتيح الوقت الكافي لإجراء البحوث. ونتيجة لذلك فإن البحوث والعمل الإبداعي في العالم في السنوات الأخيرة قدمته مؤسسات في أوروبا وأمريكا الشمالية وفي الدول الصناعية الأخرى، بما في ذلك أستراليا واليابان ونيوزيلندا.
والمسؤولية الثالثة للجامعات خدمة الجمهور. فمن المتوقع أن تساعد الجامعات في حل المشكلات الحالية التي تواجه المجتمعات. ومن أمثلة ذلك تلوث الهواء والماء، والأمراض، وعدم صلاحية المساكن، والنقص في الغذاء، ومشكلات كثيرة أخرى. وفي دول محددة ـ وخاصة ـ الدول النامية في آسيا وإفريقيا، وأمريكا الجنوبية يكون دور الجامعات في مجال الخدمات العامة أكثر أهمية من البحث العلمي. وتحتاج الدول النامية، على وجه الخصوص، إلى المساعدة الفورية من قبل الجامعات لحل المشكلات المُلحَّة.

اختيار الطلبة

لا توفر أي دولة فرصًا كافية لجميع الطلبة الراغبين في الالتحاق بالجامعات، وإضافة إلى ذلك، فإن المسؤولين في الجامعة يريدون التأكد من أن هؤلاء الطلبة الذين يلتحقون بها مؤهلون ولديهم الاستعداد لتعلم ما سيدرسونه، ولذلك فإن لكل مؤسسة أكاديمية متطلباتها الخاصة بقبول الطلاب المتقدمين إليها، ومن أهم المتطلبات المشتركة إنهاء المرحلة الثانوية بنجاح. ومن الضروري أيضًا التأكد من أنهم درسوا مجموعة مواد معينة. والنمط السائد في متطلبات الجامعة هو أن يكون الطالب قد درس مقررات في الرياضيات وفي الأدب وفي اللغات الأجنبية وفي العلوم وفي التاريخ. ونظرًا إلى اختلاف المقررات في المدرسة الثانوية بين من يدرسون في القسم العلمي ومن يدرسون في القسم الأدبي، فإنه غالبًا ما يتم إرشاد الطلبة في المدرسة الثانوية؛ للنظر في المستقبل إلى نوع الدراسات العليا التخصصية التي يرغبون في متابعتها؛ حتى يستطيعوا الوفاء بالمتطلبات الخاصة للقبول في برنامج لتخصص جامعي معين.
وفي الدول التي تجري امتحانًا عامًا عند إكمال التعليم الثانوي، تعتمد الجامعات في قبول الطلاب على نتائج ذلك الامتحان. وفي دول أخرى، فإن الجامعة نفسها أو أي منظمة على المستوى الوطني تجري امتحانات للقبول في الجامعات لتقويم قدرة المتقدمين على مدى النجاح في التعليم العالي. كما أن الجامعات تطلب خطابات تزكية ممن عرفوا الطالب في المدرسة الثانوية. ومثل هذه الخطابات قد تفيد في بيان حالة الطالب إذا كان مجدًا أو أمينًا أو ودودًا ولديه الاستعداد لاتخاذ قرارات ذكية.

طرق التدريس

أكثر طرق التدريس انتشارًا في جامعات كل الدول طريقة المحاضرة التي لايصاحبها استخدام الوسائل الإيضاحية. حيث يقف المحاضر في مقدمة الفصل المزدحم بالطلبة، ويتكلم بصوت عالٍ باستمرار، أو يقرأ من مذكرات، وأحيانًا يكتب على السبورة. ويتوقع المحاضر من الطلبة كتابة مذكرات واستيعاب المحاضرة. وشيوع استخدام أسلوب المحاضرة لا يعود إلى فعاليتها، وإنما يُعزى إلى سهولة استخدامها وارتباطها بتقاليد التعليم الجامعي الموروثة؛ حيث إن كل جيل من المحاضرين يميل إلى التدريس بالطريقة التي تعلَّم بها وهي المحاضرات. في العصور الحديثة تم تطبيق أساليب جديدة؛ حيث حاول المحاضرون إجراء تحسين في أسلوب المحاضرة التقليدية فاستخدموا طرقًا جعلت الطلبة نشطين بدلاً من كونهم مستمعين سلبيين. ومن بين الأدوات التي توفر إيضاحات مرئية من شأنها أن توضح محتوى المحاضرة ما يلي: الجداول وأجهزة العرض والشرائح والأفلام وأشرطة الفيديو والحواسيب والندوة أو المناقشة. وتعتمد الندوات في الغالب على قراءات مختارة تهيئ الفرص للطلبة لتبادل الآراء مع المحاضرين أو فيما بينهم. وفي بعض الجامعات نظام للإرشاد، يتولى فيه كل واحد من أعضاء هيئة التدريس معاونة الطلاب في اختيار المقررات المناسبة ومتابعة مدى تقدمهم.
يسعى عدد من الجامعات لإتاحة مزيد من الفرص للطلبة لتطبيق ما تعلموه في الحياة العملية، ولذا فإن تجارب الطلبة ليست محدودة بحفظ المعادلات والاستماع إلى المحاضرات في قاعات الدراسة، وإنما تنهض أقسام العلوم بصورة تقليدية بمثل هذه التطبيقات في معامل الكيمياء والفيزياء والرحلات الحقلية للمواقع التي تختص بالجيولوجيا وعلم الحيوان. وقد سعى أساتذة العلوم الاجتماعية والإنسانيات لزيادة الجوانب العملية في دراسات طلابهم.

الجامعات المفتوحة

أصبحت الجامعة المفتوحة في العصر الحديث نوعًا جديدًا من التعليم العالي. وتعني كلمة مفتوحة أنه لا توجد متطلبات رسمية لدخولها. فيستطيع أي فرد الالتحاق بها. كما لا تتطلب تجمع الطلبة في فصول دراسية في الحرم الجامعي. وتقدم التعليم من خلال البريد أو البث الإذاعي أو التلفازي، وربما يلتقي الطلبة في موقع مركزي للمشاركة في أداء الامتحانات. ونتيجة لذلك فإن الطلبة يدرسون في بيوتهم كلٌّ حسب قدراته وكفايته.
بدأت أول جامعة مفتوحة في العصر الحديث في بريطانيا عام 1971م بحوالي 24,000 طالب وبعد سنوات قليلة ارتفع العدد السنوي من المقبولين إلى 70,000 طالب. وقد أقيمت الجامعات المفتوحة في مختلف الدول على نمط النموذج البريطاني. افتتحت أنديرا غاندي الجامعة المفتوحة في الهند عام 1985م والتحق بها خلال أربع سنوات أكثر من 54,000 طالب. ويعتمد الطلبة الهنود في التعليم على المواد المطبوعة، إلى جانب الزيارات التي يقومون بها بمعدل زيارتين في الشهر إلى أحد المراكز الإقليمية التي بلغ عددها 130 مركزًا. وقد بدأت الجامعة المفتوحة في مصر، عملها منذ عام 1988م وبلغ عدد طلبتها نحو 30,000 طالب يتلقون تعليمهم فيها بوساطة أشرطة الكاسيت والمطبوعات وبعض المحاضرات، وافتتح الاتحاد السوفييتي (سابقًا) الجامعة المفتوحة عام 1990م، وبلغ عدد الطلبة ما يقارب 15,000 طالب.
ويوجد عدد آخر من الدول التي طبقت نظام الجامعة المفتوحة، ومن بينها كندا وإندونيسيا وهولندا، وجنوب إفريقيا. وهناك جامعة القدس المفتوحة وكان مركزها في مدينة عمان بالأردن، إلا أنها نقلت إلى مدينة القدس المحتلة في 1994م.

الدرجات

إن الهدف المهم لمعظم الطلبة الذين يلتحقون بالتعليم العالي الحصول على درجة علمية؛ أي تسلُّم وثيقة أو شهادة تدل على تمكنهم من مهارات خاصة. وتتكون معظم أنواع الشهادات من مراتب: البكالوريوس (الليسانس) والماجستير والدكتوراه.
وللحصول على درجة البكالوريوس أو الليسانس يُطلب في بداية المستوى الجامعي من الطلاب التفرغ الدراسي لمدة ثلاث سنوات أو أكثر، طبقًا للتقليد الأكاديمي في الدولة التي توجد فيها الجامعة. في بريطانيا والهند، مدة الدراسة عادة هي ثلاث سنوات، وفي الولايات المتحدة أربع سنوات، وهي المدة التي يقضيها طلبة معظم الجامعات العربية باستثناء كليات الطب التي قد تصل إلى ست سنوات، وتتراوح المدة في أستراليا وماليزيا، بين ثلاث وست سنوات، ويعتمد ذلك على المادة الدراسية والجامعة. وعادة يتم الحصول على درجة الماجستير خلال سنة أو سنتين من الدراسة بعد نيل البكالوريوس. وتتطلب درجة الدكتوراه دراسة سنتين إلى خمس سنوات.
ويحصل على الدرجات العلمية المذكورة الطلاب الذين ألموا بالمعلومات والخبرات والمعارف المطلوبة في مجالات تخصصاتهم. كما تمنح الجامعات أيضًا درجة الدكتوراه الفخرية لأفراد لم ينهوا المتطلبات الأكاديمية للمؤسسة، إلا أن لهم أعمالاً ميزتهم عن الآخرين في بعض جوانب خدمة الجمهور، مثل: الفنون، والآداب، وإدارة الأعمال، والألعاب الرياضية، وأحيانًا في السياسة أو أنشطة أخرى.

نبذة تاريخية

يعتبر تاريخ ومكان نشأة أولى الجامعات مثار جدل؛ ففي حضارة اليونان القديمة، اشتهر معلمون أمثال سقراط وأرسطو ممن قاموا بتعليم الفلسفة والعلوم، ولكن تعليمهم لم يكن ضمن الإطار الجامعي. ففي تلك الأيام، لم يكن الطلبة يحتاجون النجاح في امتحان القبول أو الانتظام في مقررات محددة، ولا يمنحون شهادات أكاديمية. ومثل ذلك حدث في الهند القديمة، حيث قام العلماء بتعليم الهنود المعارف الدينية، لكن طريقتهم في التعليم لم تكن تعليمًا جامعيًا بمفهوم العصر الحديث.
وبالرغم من أن النماذج الأولى من التعليم كان لها تأثير على طبيعة التعليم الحالي، فإن جذور الجامعات الحديثة تبدأ من إنشاء جامعة القرويين (245هـ، 859م) وجامعة الزيتونة في شمال إفريقيا وجامعة الأزهر في مصر (360هـ، 970م) وثلاثتها من أقدم جامعات العالم. وكان طبيعيًا أن تبدأ بتدريس العلوم الإسلامية، ولكن الأمر تغيّر فيما بعد فأصبحت معظم العلوم المعاصرة تدرَّس فيها. انظر: الزيتونة، جامع؛ جامعة القرويين؛ الأزهر، جامعة.
الجامعات في الوطن العربي. أنشئت أولى الجامعات الحديثة في الوطن العربي عام 1908م وهي الجامعة المصرية، وكانت أهلية، ثم أنشئت الجامعة الجزائرية عام 1909، وإن كان قد صدر مرسوم بتأسيسها عام 1879م، وأنشئت جامعة الإسكندرية عام 1942م، وجامعة عين شمس 1950م، أما جامعة الخرطوم فقد كانت نواتها كلية غوردون التي أنشئت عام 1902م وسميت بجامعة الخرطوم عقب الاستقلال عام 1956، وفي ذات العام افتتحت الجامعة الليبية، أما المملكة العربية السعودية فأقدم جامعاتها جامعة الملك سعود التي أنشئت عام 1957م. وفي لبنان تأسست جامعتها عام 1951م وكانت من قبل تعتمد على الجامعة الأمريكية التي أُنشئت عام 1920م، وأنشئت جامعة بغداد عام 1958م. وتتابع منذ أوائل ستينيات القرن العشرين تأسيس الجامعات في الوطن العربي، فظهرت جامعة الكويت، والجامعة الأردنية في عمَّان وصنعاء باليمن وجامعات أخرى في تونس والمغرب والبحرين والإمارات وغيرها، حتى بلغت الجامعات العربية أكثر من خمسين جامعة. ففي مصر وحدها ثلاث عشرة جامعة، وفي المملكة العربية السعودية سبع جامعات، وفي الأردن (عدد سكانه حوالي أربعة ملايين نسمة) خمس جامعات حكومية وتسع جامعات أهلية. وبلغ عدد الجامعات في السودان أكثر من خمس وعشرين جامعة. ويتخرج في هذه الجامعات في جميع التخصصات نحو نصف مليون خريج كل عام.
ويقوم بالتدريس في هذه الجامعات أساتذة عرب مؤهلون تأهيلاً علميًا عاليًا، وتحرص وزارات التعليم على تمويل الجامعات بكل مايلزمها من الاعتمادات المالية؛ حتى تتمكن من تزويد مكتباتها ومعاملها وإجراء التجارب والبحوث وعقد المؤتمرات وإصدار الكتب والمجلات، والإنفاق على مختلف الأنشطة الطلابية وبناء المدن الجامعية لسكنى الطلبة والطالبات وكذلك لسكنى الأساتذة.
الجامعات في الغرب. أما الجامعات في أوروبا فقد ظهرت في العصور الوسطى، ولم تكن مؤسسات متكاملة. وإنما نمت تدريجيًا بوصفها تجميعًا لمدارس فردية. وقد كانت أبرز الجامعات الأولى هي جامعة بولونيا في إيطاليا والتي أُنشئت في القرن الثاني عشر الميلادي، وكذلك جامعة باريس التي أقيمت في أواخرالقرن الثاني عشر الميلادي، وتكونت كل جامعة، من هاتين الجامعتين من اتحاد كليات مستقلة تقوم بتدريس سبعة موضوعات في مجال الآداب وهي: القواعد اللاتينية والبلاغة (التحدث والكتابة باللغة اللاتينية)، والجدل ( التفكير، مهارات الجدل)، والحساب (استخدام الأعداد الرومانية)، وعلم الفلك، وعلم الهندسة، وعلم الموسيقى. وقد توسعت مثل هذه البرامج عندما نقل المسلمون في الشرق الأوسط، وشمالي إفريقيا وأسبانيا علوم اليونان والرومان إلى الأكاديميين الأوروبيين. وحَلَّت الأعداد العربية محل نظام الأعداد الرومانية، الذي اعتبر نظامًا تنقصه الدقة، وتتسم الحسابات فيه بالبطء والصعوبة.
كانت جامعة باريس نموذجًا من جامعتي أكسفورد وكمبردج في إنجلترا. وفي جامعتي أكسفورد وكمبردج كان الطلاب يمكثون في أي مكان يحلو لهم، وبالتدريج أخذوا يتجمعون في مساكن مستقرة، تطورت بعد ذلك إلى كليات، ومازالت حتى الآن تستخدم مراكز للسكن والدراسة.
وأولى الكليات التي أنشئت في أكسفورد الكلية الجامعية (تأسست 1249م)، باليول (1263م)، ميرتون (1264م)، إكستر (1314م) أوريل(1326م)، كوينز (1340م). وظلت أكسفورد لعدة قرون لا تقبل إلا الطلبة الذكور. وبعد عام 1878م تأسست خمس جمعيات نسائية حصل معظمها على مستوى الكليات في عام 1926م. وبعض هذه الكليات مختلط، ينتظم فيها الرجال والنساء في قاعات الدرس.
وظهور الكليات في كمبردج مشابه لنموذج أكسفورد. وأولى كليات كمبردج هي بيتر (1284م)، كلير (1326م)، بيمبروك (1347م)، كونفيل، وكاوس (1348م)، ترينتي (1350م)، كوربس، كريستي (1352م).
وتأسست خلال العصور اللاحقة، جامعات أوروبية مشهورة مثل: جامعة فيينا (1365م) في النمسا، وهايدلبرج (1386م)، وكولون (1388م)، وليبزج (1409م) في ألمانيا، وسانت أندروز (1410م) في أسكتلندا، وكوبنهاجن (1479م) في الدنمارك.
وحينما كانت الولايات المتحدة الأمريكية مستعمرة بريطانية، قامت مؤسسات التعليم العالي فيها على غرار جامعتي أكسفورد وكمبردج. وتأسست هارفارد أول جامعة في عام 1636م في مستعمرة ماساشوسيتس، حيث استقر فيها مائة من خريجي أكسفورد وكمبردج. والجامعة الثانية كانت وليم وميري التي تأسست في عام 1693م في مستعمرة فرجينيا بأمر من ملك بريطانيا وليم الثالث والملكة ميري الثانية. والثالثة هي جامعة ييل التي أسست كلية في عام 1701م في مستعمرة كنتاكي، وقد أعيد تحويل ييل إلى جامعة بعد قرن من الزمن عندما أضيفت إليها مدارس الطب واللاهوت، والقانون، والفنون الجميلة.
الجامعات في آسيا وإفريقيا. قد درجت الجامعات في المستعمرات على الطريقة الأوروبية نفسها وتشمل كلكتا، وبومباي، ومدراس (كلها في عام 1857م) في الهند، أوتاقو في (1869م) في نيوزيلندا، وكيب تاون (1873م) في جنوب إفريقيا. وفي الفلبين جامعتان لهما تاريخ طويل وهما سانت توماس (1611م)، وسان كارلوس (تأسست في عام 1595م، وتحقق لها المستوى الجامعي في عام 1948م). وتأسست الجامعة التقنية في ماليزيا عام 1925م (وظفرت بالمستوى الجامعي عام 1972م). وتأسست الجامعة الوطنية في سنغافورة عام 1980م، ويرجع أصلها إلى كلية طب الملك إدوارد السابع (1905م).
وفي الوقت الحاضر أنشئت مئات الجامعات في جميع أنحاء العالم. وقد أنشئ معظمها من خلال التوسع في الأكاديميات التي كانت قائمة؛ لتلبي حاجة الأعداد المتزايدة من المواطنين للتعليم العالي. وفي المناطق المستعمرة سابقًا في آسيا وإفريقيا، قامت بعض الدول التي حصلت على استقلالها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945م بإنشاء المدارس لتخدم المجتمع الذي لم تتح له الفرص فيما مضى للتعليم المتقدم.