الأمم المتحدة

منظمة دولية تعمل للمحافظة على السلام والأمن العالميين، ومن أجل الارتقاء بالإنسانية. وتنتمي إلى المنظمة الدول المستقلة في جميع أنحاء العالم، وترسل كل دولة أعضاء ممثلين لها إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك، حيث يناقشون المشاكل ويحاولون حَلّها. تؤكد وثائق الأمم المتحدة أن لها هدفين رئيسيين هما السَّلامُ والكرامةُ الإنسانية. فإذا اندلع قتالٌ بين قطرين أو أكثر، في أي مكان، يجوز أن يُطلَب من الأمم المتحدة التدخل لمحاولة وقفه. وبعد توقف القتال يجوز للأمم المتحدة القيام بوضع التدابير اللازمة لمنع تكراره مرة أخرى. ولكن الأمم المتحدة تحاول قبل كلِّ شيء معالجة المشاكل والنزاعات قبل أن تتفاقم وتؤدي للقتال. ومن أهداف الأمم المتحدة الأساسية تحديد أسباب الحرب لإيجاد الوسائل الكفيلة بإزالتها.
لقيت الأمم المتحدة النجاح والفشل في أداء مهمتها. فقد تمكنت من السيطرة على بعض النزاعات وحالت دون تطورها إلى حروب كبرى، كما قامت بمعاونة الشعوب في كثير من أنحاء العالم لنيل استقلالها، وتحسين ظروف حياتها. إلاّ أن الخلاف بين الدول الأعضاء منع المنظمة من اتخاذ الإجراءات الكاملة والفعَّالة للمحافظة على السلم، كما أدّت الأزمات المالية الحادة إلى إضعافها.
أُنشئت هيئة الأمم المتحدة في 24 أكتوبر 1945م، بعد الحرب العالمية الثانية بفترة وجيزة. فبينما كانت الحرب تقترب من نهايتها، قررت الدول التي وقفت ضد ألمانيا، وإيطاليا، واليابان ألاّ يتكررَ حدوث مثل تلك الحرب مرة أخرى. فاجتمع ممثلو تلك الدول في سان فرانسيسكو ـ كاليفورنيا ـ الولايات المتحدة في إبريل 1945م، وتوصلوا إلى خطّة لإنشاء منظمة تساعد على حفظ السلام في العالم. ثم أُدرِجت تلك الخُطّة في وثيقة سُمِّيت ميثاق الأمم المتحدة قامت بالتوقيع عليه 50 دولة في يونيو 1945م، فصارت من أوائل الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة. ومنذ ذلك التاريخ انضمت أكثر من 100 دولة أخرى كان معظمها لا يزال مستعمرًا عند إنشاء هيئة الأمم المتحدة. وباستثناء دول صغيرة جدًا فإن الدولة المستقلة الوحيدة التي لم تنضمَّ للأمم المتحدة هي سويسرا. وهناك تشابه، في بعض السِّمات، بين الأمم المتحدة وعصبة الأمم التي أُنشِئت بعد الحرب العالمية الأولى. انظر: عصبة الأمم. فقد شاركت كثير من الدول التي أسست هيئة الأمم المتحدة في تأسيس عصبة الأمم المتحدة أيضًا. كما أن منظمة الأمم المتحدة قد أنشئت مثل عصبة الأمم بهدف المحافظة على السلام بين الدول. وتتشابه الهيئات الرئيسية التي تَتَكوّن منها الأمم المتحدة مع تلك التي كوَّنت عصبة الأمم، إلاّ أن هناك اختلافين أساسيين بين الأمم المتحدة والعصبة. أولاً، جميع الدول العظمى باستثناء الصين الشيوعية كانت أعضاء في الأمم المتحدة منذ البداية، ونالت الصين الشيوعية عُضويتها عام 1971م. وبالمقابل فإنَّ كثيرًا من الدول العظمى بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية لم تشارك في العصبة أو انسحبت منها. ثانيًا، تضطلع الأمم المتحدة بمسؤوليات أوسع من مسؤوليات العصبة وذلك لانشغالها بمشاكل اقتصادية واجتماعية.
وتضطلع فروع الأمم المتحدة الرئيسية الستة بأعباء المنظمة وهذه الفروع هي: 1- الجمعية العامة. 2- مجلس الأمن. 3- الأمانة العامة. 4- المجلس الاقتصادي والاجتماعي. 5- محكمة العدل الدولية 6- مجلس الوصاية. وهناك عدة وكالات مختلفة مُتخصصة تابعة للأمم المتحدة، تتولى مسائل مُعَينة، كالمواصلات والتربية، والأغذية والزراعة والصحة، والعمل. يتكوَّن المركز الرئيسي للأمم المتحدة من عدة مبانٍ تقع محاذية لإيست ريفر، في مدينة نيويورك. والمباني الرئيسية الثلاثة هي مبنى الجمعية العامة، مبنى الأمانة العامة، مبنى المؤتمرات. وفي مبنى أصغر، بجوار مبنى الأمانة العامة توجد المكتبة، وقد تبرعت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالعديد من التجهيزات والأعمال الفنية لمباني الأمم المتحدة. وترفرف أعلام جميع الدول الأعضاء أمام المركز الرئيسي.

الميثاق

الميثاق هو دستور الأمم المتحدة، ويشتمل على الخُطة التي تُنظمها، والقواعد التي تحكمها. ويوافق جميع الأعضاء على تنفيذ متطلبات الميثاق الذي يحتوي على 19 فصلاً مُقسمة على 111 مادة تُوضِّح الغايات والمبادئ والمعتقدات الأساسية والطرق التي تعمل الأمم المتحدة بموجبها.

ديباجة ميثاق الأمم المتحدة

تسبق فصول الميثاق ديباجة كلمة تُّعَبِّرُ عن الروح التي توجّهُ الهيئة. وكان لجان كريستيان سمطس، وهو من جنوب إفريقيا، شرف صياغة الديباجة. انظر: سمطس، جان كريستيان . وتنص الديباجة الكاملة على ما يلي:
نحن شعوب الأمم المتحدة، قد آلينا على أنفسنا
أن نُنقذ الأجيال القادمة من ويلات الحرب التي جلبت على الإنسانية مرتين، في خلال جيل واحد، أحزانًا يعجز عنها الوصف. وأن نُؤكد من جديد إيماننا بحقوق الإنسان الأساسية، وبكرامة الفرد وقيمته، وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية. وأن نُوفر المناخ الملائم الذي يمكن في ظله تحقيق العدالة والاحترام للالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي. وأن ندفع بالرُّقي الاجتماعي قدمًا ونرفع مستوى المعيشة تحت ظل حرية أرحب.
وفي سبيل هذه الغايات اعتزمنا
أن نأخذ بالتسامح ونعيش معًا في سلام وحسن جوار. وأن نوحِّد قوتنا للمحافظة على السلام والأمن الدوليين. وأن نضمن، بقبولنا لمبادئ ووضعِنا لوسائل، عدم استعمال القوة المسلحة إلا في سبيل المصلحة المشتركة. وأن نُوظف طرقًا دولية لدفع عجلة التقدم الاقتصادي والاجتماعي لجميع الشعوب.
قد قررنا توحيد جهودنا لتحقيق هذه الأهداف
ولهذا فقد ارتضت مختلف حكوماتنا، عبر مندوبين اجتمعوا في سان فرانسيسكو، وأبرزوا وثائق تفويض كامل مستوفية للشروط، ميثاق الأمم المتحدة هذا، وأنشأت بموجبه هيئة دولية تسمى الأمم المتحدة.
الأهداف والمبادئ. حدَّد الميثاق أربعة أهداف وسبعة مبادئ للأمم المتحدة. الهدف الأول هو حفظ السلم والأمن الدوليين. والثاني هو تشجيع الدول على توخي العدالة في تصرفاتها تجاه بعضها بعضًا. والثالث مساعدة الدول على التعاون في محاولة حلِّ المشكلات الدولية. والهدف الرابع أن تكون مرجعًا لتنسيق أعمال الأمم وتوجيهها نحو إدراك هذه الغايات.
وأول مبادئ الأمم المتحدة هو المساواة في الحقوق بين جميع أعضائها. ثانيًا، قيام جميع الأعضاء بواجباتهم وفقًا للميثاق. ثالثًا، يوافق جميع الأعضاء على مبدأ فضِّ منازعاتهم بالوسائل السلمية. رابعًا، يوافق جميع الأعضاء على عدم استعمال القوة ضد الدول الأخرى إلا دفاعًا عن النفس. خامسًا، يوافق جميع الأعضاء على تقديم العون إلى الأمم المتحدة، في كل عمل تتخذه تنفيذًا لأهداف الميثاق. سادسًا، توافق الأمم المتحدة على العمل وفقًا لمبدأ تحمل الدول غير الأعضاء نفس واجبات الدول الأعضاء في المحافظة على السلم والأمن الدوليين. سابعًا، تقبل الأمم المتحدة بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة عضو على ألا يضرَّ ذلك بالدول الأخرى.
متطلبات العضوية. أول أعضاء الأمم المتحدة هي تلك الأمم التي قامت بالتوقيع على الميثاق عام 1945م. ومنذ ذلك التاريخ طلبت كثير من الأمم الانضمام إلى المنظمة.
وينص الميثاق على أن العضوية مُتاحةٌ لجميع الدول المحبة للسلام التي تكون قادرة وراغبة في تنفيذ الالتزامات الواردة في الميثاق. ويجب أن يُوافِق على طلب العضوية كلٌّ من مجلس الأمن والجمعية العامة. وأي عضو ينتهك الميثاق يجوز أن تُعَلق عُضويته أو يُفصل من الهيئة.
فروع الأمم المتحدة الرئيسية الستة. تقرر في الميثاق إنشاء ستة فروع رئيسية لهيئة الأمم المتحدة، وتم تحديد واجبات وسلطات وطرق مباشرة كلٍّ منها لأعمالها. فالجمعية العامة هي الفرع الرئيسي الوحيد الذي يتألف من جميع أعضاء الأمم المتحدة ويجوز لها بموجب الميثاق أن تناقش مسألة أو أمرًا يدخل في نطاق أعمال الهيئة، وأن تقدم توصياتها بالإجراء الذي ترى اتخاذه بوساطة الأعضاء أو بوساطة الفروع الأخرى.ويضطلع مجلس الأمن بأهمِّ مسؤوليات الأمم المتحدة للمحافظة على السلام. وقد خَّول له الميثاق سلطات خاصة لمباشرة هذه المسؤولية. وتقوم الأمانة العامة بمسؤولية معاونة الفروع الأخرى في أداء واجباتها بأعلى كفاءة ممكنة. وقد ألقى الميثاق على عاتق المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدة أعباء كالنُّهوض بحقوق الإنسان ومعاونة الشعوب لتحقيق مستوى أعلى للمعيشة. وتباشر محكمة العدل الدولية مسؤولية النظر في المنازعات القانونية الدولية. ولقد تم إنشاءُ مجلس الوصاية بموجب الميثاق للإشراف على عدة أقاليم لم تكن تتمتع بالحكم الذاتي عند إنشاء الأمم المتحدة.
وقد أنشأت الأمم المتحدة العديد من الوكالات واللجان والهيئات الأخرى منذ صدور الميثاق، إلا أن الفروع الرئيسية الستة هي أجهزة الأمم المتحدة الوحيدة التي تعمل وفقًا لأحكام ورد النصُّ عليها في الميثاق.
تعديل الميثاق. اشتمل الميثاق على أحكام لتعديله، ويمكن اقتراح التعديل بطريقين؛ يجوز للجمعية العامة اقتراحه، إذا وافق عليه ثلثا أعضائها، كما يجوز لثلثي أعضاء الجمعية العامة بالإضافة إلى تسعة أعضاء من مجلس الأمن، الدعوة إلى مؤتمر عام لمناقشة إجراء تعديلات في الميثاق.
ويحتاج اقتراح التعديل كما في الجمعية العامة، إلى ثلثي أصوات المؤتمر العام، إلا أن التعديل المقترح لا يكون ساريًا إلا بعد موافقة ثلثي أعضاء الأمم المتحدة، بما في ذلك الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن. وقد تم تعديل الميثاق عام 1965م لزيادة عدد أعضاء مجلس الأمن من 11 إلى 15 عضوًا، وتم ذلك دون الدعوة إلى مؤتمر عام.
وقد دعا الميثاق الدورة السنوية العاشرة للجمعية العامة إلى وضع الترتيبات اللازمة لعقد مؤتمر عام إذا لم يكن قد عقد من قبل. وفي عام 1955م، نظرت الجمعية في هذه المسألة وكوّنت لجنة للتخطيط. وكانت اللجنة تجتمع، من وقت لآخر، وترفع تقاريرها للجمعية العامة، إلا أن الجمعية لم تتخذ إجراءات أخرى.

الجمعية العامة

هي الجهـاز الرئيسي الوحيـد الــذي تُمثـّـل فيه جميع الـدول الأعضاء. ولكل عضو الحق في إيفاد خمسة مندوبـين، وخمسة منـدوبين احتياطيــين وأي عدد يراه من الاستشاريين، إلا أن كل دولة تملك صوتًا واحدًا فقط. تقــوم الجمعـية العامة بانتخاب رئيس جديد وعدد من نواب الرئيس في بداية كل دورة سنوية. وواجب الرئيس الأساسي هو رئاسة جلسات الجمعية وتوجيه أعمالها.
السلطات. تعتبر الجمعية العامة مسؤولةً بطريقة ما عن جميع فروع الأمم المتحدة الأخرى، فهي التي تنتخب أو تلعب دورًا في انتخاب أعضاء الفروع الرئيسية الأخرى، وتُوجه نشاطات بعض أجهزة الأمم المتحدة. كما تتولى إدارة ميزانية الهيئة، وتحدد نصيب كلِّ عضو في النفقات، كما تقوم بتحديد مقدار المبلغ المخصص لكل جهاز من أجهزة الأمم المتحدة.
وللجمعية العامة الحق في مناقشة أي مسألة تهمُّ الأمم المتحدة، وتتخد قراراتها بالتصويت، ولها الحق في تقديم التوصيات للدول الأعضاء والأجهزة الأخرى للهيئة. وقرارات الجمعية العامة المتعلقة بالميزانية هي القرارات الوحيدة ـ وفقًا للميثاق ـ المُلزمة لجميع الأعضاء، وتعدُّ جميع قرارات الجمعية العامة الأخرى مجرد توصيات.
وتأتي مسؤولية الجمعية العامة في حفظ السلام في المرتبة الثانية بعد مسؤولية مجلس الأمن مباشرة. وقد ازدادت قوة إجراءات حفظ السلام التي يجوز للجمعية العامة اتخاذها منذ صدور الميثاق. وفي سنوات الأمم المتحدة الأولى، أدى الخلاف الحاد في مجلس الأمن إلى شل قدرة المجلس على التصرف في كثير من الحالات. وفي عـام 1950م وافقت الجمعيـة العامة على قرار (إعـلان رسمي) يسمى الاتحــاد من أجــل السلام. وأعطى هـذا القـرار الجمعيــة سلطـة التدخــل متى ما كان هنـاك تهديدٌ للسلام، إذا فشل مجلس الأمن في التصرف. وفي مثـل هـذه الحالــة الطارئــة يجـوز للجمعية التوصية بالإجراءات التي يجب على الأمم المتحدة اتخاذها بما في ذلك استعمال القوة إذا دعت الضرورة.
الاجتماعات والتصويت. تعقد الجمعية العامة دورة واحدة عادية كل عام تبدأ في ثالث ثلاثاء من شهر سبتمبر، وتستمر لحوالي ثلاثة أشهر.
ويجوز عقد دورة غير عادية إذا طلبها مجلس الأمن أو أغلبية الـدول الأعضـاء. وقـد تم عقد عدة دورات غير عـادية لمناقشـة بعض الأمـور كحفظ السـلام والشؤون المالية. كما وضع قرار الاتحاد من أجل السلام الذي صدر عام 1950م، نظامًا للدعوة لدورة استثنائية طارئة للجمعية. وتجوز الدعوة لهذه الدورة في ظرف 24 ساعة إذا كان هناك تهديد للسلام وعجز مجلس الأمن عن التصرف. ويجوز لأي تسعة أعضاء من مجلس الأمن أو أغلبية أعضاء الأمم المتحدة الدعوة لدورة استثنائية طارئة. وقد انعقدت مثل تلك الدورات في حالات الخطورة في الشرق الأوسط والمجر وأنحاء أخرى من العالم.
وتتخذ الجمعية العامة معظم قراراتها بالأغلبية العادية، وبعض المواضيع التي أسماها الميثاق المسائل المهمة تحتاج إلى أصوات ثُلَثي الأعضاء. وتشمل تلك المواضيع السلام والأمن وانتخاب أعضاء جُدد في الأمم المتحدة. وبالأغلبية العادية يجوز للمجلس كذلك أن يجعل من أي مسألة أخرى مسألةً مُهمة.
اللجان. يسمح الميثاق للجمعية العامة بتكوين أي عدد من اللجان تحتاجه لمساعدتها في مباشرة أعمالها. وقامت الجمعية بتكوين سبع لجان رئيسية هي: اللجنة الأولى، والثانية، والثالثة، والرابعة، والخامسة، والسادسة، واللجنة السياسية الخاصة. ويجوز لكلِّ عضو في الجمعية العامة ـ وبالتالي كل عضو في الأمم المتحدة ـ أن يكون له مندوب في جميع هذه اللجان.
وتقوم اللجنة الأولى بمناقشة المسائل السياسية والأمنية ووسائل السيطرة على الأسلحة. وتساعد اللجنة السياسية الخاصة اللجنة الأولى في أعبائها الكبيرة. وتتولى اللجنة الثانية النظر في المسائل الاقتصادية والمالية، واللجنتان الثالثة والرابعة في مشاكل البلدان التي لا تتمتع بالحكم الذاتي. وتعالج اللجنة الخامسة المواضيع الإدارية وشؤون الميزانية بينما تتولى السادسة الشؤون القانونية. وتقوم كلُّ لجنة بدراسة المسألة الموُكلَةِ إليها وتقدم توصياتها إلى الجمعية العامة.
وقد قامت الجمعية كذلك بتكوين لجان أخرى تساعد في تنظيم وإدارة دورات المجلس وتقديم المشورة للجنتين الثانية والخامسة فيما يتعلق بالشؤون المالية والميزانية، أو لمعالجة المشاكل المتعلقة بالطاقة الذرية، والاستعمار وحفظ السلام.

مجلس الأمن

يضّطلـع مجلس الأمن بمسؤوليــة حـفظ السلام وفقًا للميثـاق. ويتكـون المجلس من 15 عضـوًا، منهم خمسـة دائمون هم الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية. وكان مقعد روسيا في المجلس يشغله الاتحاد السوفييتي السابق حتى سنة 1991م. أما الأعضاء العشرة غير الدائمين فتنتخبهم الجمعية العامة لمدة سنتين. ولكلِّ من الخمسة عشر عضوًا مندوب واحد في المجلس.
السلطات. لمجلس الأمن سلطة تحديد الإجراءات التي يجب على الأمم المتحدة اتخاذها لتسوية النزاعات الدولية، وينصُّ الميثاقُ على صدور جميع قرارات المجلس باسم جميع أعضاء الأمم المتحدة الذين يجب عليهم قبولها وتنفيذها. ويُشجّع المجلس التسوية السلمية للنزاعات بدعوة الأطراف المتنازعين للتوصل إلى حلٍّ، أو قد يطلب من الطرفين أو الأطراف قبول تسوية توصَّلت إليها دولٌ أو أفرادٌ أو مجموعات أخرى.
ويجـوز للمجلس أن يتحرّى بنفسه عن أسباب النِّزاع، ويقتـرح طـرق تسويتـه،كأن يطلب من أعضاء الأمم المتحدة وقف التجارة مع الدولة التي تهدد الأمن والسلام. وقد يطلب من الأعضاء قطع وسائل الاتصال مع هذه الدولة، أو إنهاء العلاقات مع حكومتها. وإذا لم تكن هذه الإجراءات فعَّالةً يجوز لمجلس الأمن أن يطلب من أعضاء الأمم المتحدة تجهيز قوات عسكرية لتسوية النزاع.
وفي الفقرة الخاصة بأعمال المجلس من أجل السلام في هذه المقالة إشارة إلى بعض الإجراءات التي اتخذها المجلس في هذا الصدد. وتختص الفقرة الأخيرة بمناقشة الصعوبات التي واجهت الأمم المتحدة وهي تؤدي مهمتها في المحافظة على السلام.
ولمجلس الأمن كذلك سلطات عديدة أخرى مهمة، إذ تُعَدُّ موافقته ضرورية على طلبات عضوية الأمم المتحدة، كما يختار المرشح لمنصب السكرتير العام، ويحقُّ له تقديم توصيات بخطط الرقابة على السلاح.
الاجتماعات واللجان. يجب أن يكون في مقدور مجلس الأمن الاجتماع في أيِّ وقت. وتجوز الدعوة للاجتماع في أي موقف على درجة من الخطورة التي قد تؤدي إلى الحرب. وتجوز إحاطة المجلس بمثل هذا الموقف بوساطة أي عضو من أعضاء الأمم المتحدة، وفي بعض الأحيان بوساطة غير الأعضاء ـ بوساطة السكرتير العام أو أي فرع من فروع الأمم المتحدة الرئيسية. ويجب أن يكون المندوبون قادرين على حضور الاجتماع بمجرد صدور الدعوة إليهم. يضع المجلس إجراءاته الخاصة لإدارة جلساته. وفي سنوات الأمم المتحدة الأولى كان من المعتاد أن يتولى الرئاسة مندوب من دولة مختلفة كل شهر، ويأخذ الأعضاء أدوارهم حسب الترتيب الألفبائي لأسماء دولهم.
ويجوز دعوة أعضاء الأمم المتحدة من غير أعضاء مجلس الأمن، كما يجوز دعوة الدول غير الأعضاء في الأمم المتحدة للاشتراك في مناقشات مجلس الأمن في المسائل التي تُؤثر عليهم دون أن يكون لهم الحق في التصويت.
يجوز للمجلس تشكيل أي عدد من اللجان يحتاجه بالرغم من أن الميثاق لم ينص إلاّ على لجنة أركان الحرب التي تتكون من خمسة أعضاء عسكريين يمثلون الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن. وقد تم تشكيلُ لجان أخرى من وقت لآخر خاصة لمساعدة المجلس في تنظيم أعماله وللنظر في طلبات عضوية الأمم المتحدة.
التصويت. يختلف التصويت في مجلس الأمن عن التصويت في أي فرع من فروع الأمم المتحدة. ويصدر المجلس قراراته في بعض المسائل بموافقة تسعة أعضاء، يكون من بينهم جميعُ الأعضاء الدائمين الخمسة، وفي حالة اعتراض أيِّ عضو من الأعضاء الدائمين على أيِّ مسألة، لا يجوز إصدار قرار بشأنها مهما كان عدد الأعضاء الموافقين عليها. وهذا الحق في التصويت الخاص بالأعضاء الدائمين يُعْرَفُ بالفيتو أو حق الاعتراض.
ويجوز استعمال حق الاعتراض أو الفيتو ضد معظم القـرارات، إن لم تكن كلها، فالمجلس لم يحدد إطلاقًا نـوع القرارات التي لا تقبل الاعتراض أو الفيتو. ولكن هناك بعض التقاليد المتعلقـة بالفيتو، نشأت بمرور الزمن. فمثلاً لا يعترض عضوٌ دائمٌ عادةً على قرار يتعلق بالمواضيع التي يجب طرحها للنقاش أمام المجلس، أو يتعلق بمتى يجب على المجلس رفع جلساته، ولكن حدث أحيانًــا أن اعتـرض عضـو دائـم على قــرار التـرتيب الذي تناقش بموجبه المواضيع. وإذا امتنع عضو دائم عن التصويت أو كان غائبًا عند إجراء التصويت لا يعتبر امتناعه أو غيابه اعتراضًا.
وقد أدى استعمال حق الفيتو في مجلس الأمن إلى فشل الأمم المتحدة في معالجة العديد من المشاكل الكبرى. ويكاد عدد المرات التي قام الاتحاد السوفييتي السابق باستعمال حق الفيتو إلى حين تفككه سنة 1991م (أكثر من مائة مرة)، يُعادِل عدد المرات التي استعمله فيها الأعضاء الأربعة الآخرون مجتمعين.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد استخدمت حق الفيتو لأول مرة في مارس 1970م ضد قرار من مجلس الأمن يطلب من أعضاء هيئة الأمم المتحدة وقف الاتصالات مع دولة روديسيا (زمبابوي الآن).

الأمانة العامة

تقوم الأمانة العامة بإدارة أعمال الأمم المتحدة اليومية، ومهمتُها الأساسية هي الإشراف على شؤون فروع الأمم المتحدة الأخرى. وتتكون الأمانة من الأمين العام وإداريين آخرين يساعدهم كتبة وسكرتيرون ومختصون.
الأمين العام. له سلطات أوسع من أيِّ مسؤول آخر في الأمم المتحدة، وهو الإداري الرئيسي الذي يقوم بتقديم تقرير سنوي عن مشاكل الهيئة وإنجازاتها للجمعية العامة، كما يُسْدِي النُّصحَ للحكومات، ويستعمل نفوذ منصبه للمساعدة في حلِّ الكثير من المشاكل. والأهمُّ من ذلك سلطته، بموجب الميثاق، في أن يعرض على مجلس الأمن أي موقف يهدد السلام العالمي. تقوم الجمعية العامة بتعيين الأمين العام بناءً على توصية مجلس الأمن لمدة خمس سنوات، ويجب أن يوافق جميع الأعضاء الخمسة الدائمين على المرشح قبل أن يتمَّ اختياره. وبعد أن يتم الاختيار يقوم المجلس بتقديم التوصية للجمعية العامة التي تقوم بتعيينه أمينًا عامًا بأغلبية الأصوات.
شغل تريجفي لي النرويجي المنصب، كأول أمين عام، وتولى مهامه عام 1946م، وأُعيِد انتخابُه مرةً أخرى، إلا أنه استقال في آخر عام 1952م. وترك المنصب في عام 1953م، وتكلم علنًا في مسائل مهمة منتقدًا سياسات بعض أعضاء الأمم المتحدة. وبعد استقالة لي خلفه داج هَامْرشُوْلد السويدي الذي دعم حق الأمين العام في التصرف نيابة عن الأمم المتحدة حسب تقديره في المواقف التي تهدد السلام. وأُعيد انتخابه لدورة ثانية عام 1958م، إلا أنه توفي في حادث سقوط طائرة عام 1961م، فانتخب يو ثانت من بورما، لاستكمال فترة هامرشولد. وفي عام 1962م تم تعيينه لفترة خمس سنوات كاملة اعتبارًا من عام 1961م. وأُعيد انتخابه للمنصب
عام 1966م. وخلفه عام 1972م كورت فالدهايم من النمسا لفترتين، وفي عام 1982م خلفه خافير بيريز دي كويار، من بيرو، الذي أُعيد انتخابه لدورة ثانية عام 1987م. وفي عام 1992م تم انتخاب بطرس بطرس غالي من مصر ليصبح أمينًا عامًا. وخلفه كوفي عنان من غانا
عام 1996م.

في عام 1960م طلب الاتحاد السوفييتي السابق أن تقوم الأمم المتحدة بتعيين ثلاثة أشخاص للعمل في منصب الأمين العام، أحدهم لتمثيل الدول الشيوعية وآخر لتمثيل الدول الغربية والثالث لتمثيل دول عدم الانحياز، وأطلق السوفييت اسم ترويكا على رئاستهم الثلاثية المُقْتَرحة. وترويكا كلمة روسية تعني مجموعة الثلاثة. إلا أن محاولاتهم فشلت، لكن بعد أن تولى يو ثانت المنصب قام بتعيين عدة نواب للأمين العام، وتم تمثيل الدول الشيوعية والغربية ودول عدم الانحياز.
الموظفون الآخرون. تَضُمّ الأمانة آلاف الموظفين الذين يعملون في مقر الأمم المتحدة، ويعمل آلاف غيرهم في المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف بسويسرا، أو في بعثات الأمم المتحدة الخاصة ووكالاتها في جميع أنحاء العالم.
يضطلع الأمين العام بمسؤولية تعيين وتنظيم موظفي الأمانة حسب توجيه الميثاق، ويختار أكبر عدد ممكن من الموظفين من الدول الأعضاء: من محاسبين، واقتصاديين، وقانونيين، وعلماء رياضيات، ومترجمين وكتبة (طابعين) وكتّاب. ولكل دولة عضو في الأمم المتحدة الحقُّ في شَغْل ست وظائف بالأمانة إذا قدمت الأشخاص المؤهلين. ويعمل موظف الأمم المتحدة تحت إشراف الأمين العام ولا يجوز له تلقي التعليمات من أي دولة عضو.

الفروع الرئيسية الأخرى

المجلس الاقتصادي والاجتماعي. تُعَدُّ الأمم المتحدة أول هيئة عالمية لها فرع مُخْتص بتحسين ورفع مستوى معيشة الشعوب. ويعمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي على حث الدول على التعاون لتحقيق مستوى أرفع من الأحوال المعيشية والصحية والثقافية والتربوية، ومراعاة حقوق الإنسان. ويُقدم توصياته فيما يتعلق بتلك الأمور إلى الجمعية العامة، والدول، ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة. فمثلاً يُقدم المجلس توصياته إلى الجمعية العامة فيما يتعلق بالمشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي يرى أنها تستحق دعم الأمم المتحدة. وحينئذ يجوز للجمعية العامة اعتماد التمويل اللازم لتلك المشاريع. ويضطلع المجلس الاقتصادي والاجتماعي بمسؤولية العمل مع الوكالات المتخصصة. فبالإضافة إلى تقديم توصياته لها فهو الذي ينقل توصيات تلك الوكالات إلى الجمعية العامة، كما يتعاون المجلس أيضًا مع أكثر من 100 منظمة أخرى حول العالم بما في ذلك المنظمات الإقليمية واتحادات العمال.
يتكون المجلس من 54 دولة عضوًا. وتنتخب الجمعية العامة 18 عضوًا سنويًا لمدة ثلاث سنوات. يجتمع المجلس مرتين في السنة، ويجوز له عقد دورات استثنائية. ولكلِّ عضو صوتٌ واحد، وتُتخذ القرارات بالأغلبية العادية. ويجوز للمجلس السماح لأيِّ عضو في الأمم المتحدة أو وكالة متخصصة بالمشاركة في نقاش المواضيع التي تهمهم، إلا أن حق التصويت قاصر على أعضاء المجلس فقط.
وللمجلس مجموعة من اللجان التي تساعده في أداء وظائفه. فهناك أربع لجان تعالج الشؤون الاقتصادية لمناطق معينة هي إفريقيا وآسيا والشرق الأقصى وأوروبا وأمريكا اللاتينية، وست لجان أخرى تتعامل مع مشاكل حقوق الإنسان، والمخدرات والإسكان والتنمية الاجتماعية، والإحصاء وحقوق المرأة. وهناك مجموعة من الجهات الأخرى تساعد المجلس أيضًا، وتشمل هذه الجهات مجلس إدارة صندوق الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية.
محكمة العدل الدولية. تتولى النظر في مشاكل الأمم المتحدة القانونية، وتتكون من 15 قاضيًا يتم تعيينهم لمدة تسع سنوات، ويتم انتخابهم بوساطة مجلس الأمن والجمعية العامة بتصويت مستقل لكل منهما. ولا يجوز أن يكون بينهم أكثر من عضو واحد من دولة واحدة، ويراعى أن يُمثُِّل القضاة المنتخبون في مجموعهم الحضارات الكبرى والنظم القانونية الرئيسية في العالم.
وقد جرت العادة أن يكون لكل من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن قاض واحد في المحكمة. وينتخب القضاة من بينهم رئيسًا ونائبًا للرئيس، لمدة ثلاث سنوات. ومقر المحكمة مدينة لاهاي بهولندا.
ويجوز لأي عضو في الأمم المتحدة أن يرفع دعوى أمام المحكمة، التي ساعدت في تسوية النزاعات بين مختلف الدول بما في ذلك المملكة المتحدة والنرويج وبلجيكا وهولندا وهندوراس ونيكاراجوا. وكانت تلك النزاعات تتعلق بحقوق صيد الأسماك وملكية مناطق حدودية. وقد سمحت الجمعية العمومية ومجلس الأمن كذلك لبعض الدول غير الأعضاء كسويسرا، وليختنشتاين، برفع الدعاوى أمام المحكمة. ولا يحق للأفراد رفع الدعاوى أمامها إلا تحت رعاية حكوماتهم. والدول ليست ملزمة بإحالة نزاعاتها إلى محكمة العدل الدولية، فقد أْعلن الكثير من الحكومات عزمه على إحالة نزاعات معينة فقط للمحكمة. وبعض الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، أعلنت عن حقها في اتخاذ قرارها الخاص فيما يتعلق بنوعية النزاع الذي ترفعه للمحكمة الدولية. ويجب على كل دولة تتقدم أمام المحكمة أن توافق على قبول قرارها. وتصدر الأحكام بأغلبية الأصوات.
ولمحكمة العدل الدولية أن تُفْتي في أيّة مسألة قانونية بناءً على طلب الجمعية العامة. وتسمح الجمعية العامة أيضًا لمجلس الأمن، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومجلس الوصاية، والوكالات المتخصصة بطلب مثل هذه الفتاوى.
مجلس الوصاية. أُنشِئ لمساعدة عدة مناطق، لم تكن تتمتع بالحكم الذاتي في نهاية الحرب العالمية الثانية. وكان بعضها مُسْتَعمرًا لإيطاليا واليابان، والبعض الآخر كانت تستعمره ألمانيا وصار تحت انتداب عُصْبَة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى. انظر: إقليم تحت الانتداب. ونَصَّ الميثاق على مسؤولية مجلس الوصاية عن جميع تلك المناطق وأيِّ مناطق أخرى تحددها له الأمم المتحدة. ويُطْلَقُ على تلك المناطق اسم الأقاليم المشمولة بالوصاية. ويعمل المجلس لمساعدة الأقاليم المشمولة بالوصاية لتتمتع بالحكم الذاتي أو تنال استقلالها.
وفي الأصل كان هناك أحد عشر إقليمًا مشمولاً بالوصاية. وقبلت الأمم المتحدة أن تتولى دولة عضو أو أكثر إدارة الإقليم المشمول بالوصاية وتحكمه تحت إشراف الأمم المتحدة. ويتكون مجلس الوصاية من ممثلي الدول التي تتولى الوصاية، وجميع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، الذين لا يضطلعون بمسؤوليات حكم أقاليم مشمولة بالوصاية. ويجتمع مجلس الوصاية مرة كل سنة على الأقل.
وبنهاية عام 1994م نالت جميع الأقاليم المشمولة بالوصاية استقلالها أو اندمجت بمحض اختيارها في دول أخرى. انظر: جزر المحيط الهادئ.

الأقاليم المشمولة بالوصاية سابقًا

الاسم الدولة التي تتولى الوصاية الوضع الحالي
تنجانيقا بريطانيا نالت استقلالها عام 1961م
توجولاند فرنسا نالت استقلالها 1960م وتعرف الآن بتوجو
توجولاند بريطانيا نالت استقلالها بوصفها جزءًا من غانا عام 1957م
جزر المحيط الهادئ
(جزر باولا)
الولايات المتحدة نالت استقلالها وأصبحت بالاو مستقلة عام 1994م.
رواندا- أورندي بلجيكا نالت استقلالها عام 1962م وتعرف الآن برواندا وبوروندي
ساموا الغربية نيوزلند نالت استقلالها عام 1962م.
الصومال إيطاليا نالت استقلاله عام 1960م
غينيا الجديدة أستراليا نالت استقلالها بوصفها جزءًا من بابوا غينيا الجديدة 1975م.
الكاميرون بريطانيا نال استقلاله كجزء من الكاميرون ونيجيريا، 1961م
الكاميرون فرنسا نال استقلاله وأصبح الكاميرون عام 1960م
ناورو أستراليا نالت استقلالها عام 1968م
هذ ا الجدول يوضح الأقاليم الأحد عشر الأصلية التي كانت تحت الوصاية والدول التي تتولى الوصاية وتواريخ استقلال بعضها

الوكالات المتخصصة

الوكالات المتخصصة منظمات عالمية، تحكمها أنظمتها الخاصة، ولها صلة بالأمم المتحدة، وتهتم بمشاكل عالمية، كالزراعة والمواصلات وظروف المعيشة والعمل والصحة. وبعض تلك الوكالات أقدم من الأمم المتحدة نفسها، ولها تنظيمها وعضويتها وأحكامها الخاصة. ترتبط كلٌّ منها مع الأمم المتحدة وفقًا لاتفاقية موقّعة بينهما. وتأخذ كل وكالة في اعتبارها توصيات الأمم المتحدة وتفيدها بالخطوات التي اتخذتها في سبيل تنفيذها. ويقوم المجلس الاقتصادي والاجتماعي بمساعدة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة لتعمل معًا بفاعلية. وقد تم إنشاء كل وكالة ذات تخصص لمواجهة المسائل التي تقتضي التعاون بين عدة دول كالمواصلات والاتصالات بين مختلف الدول. والبعض الآخر لمساعدة الدول التي عانت كثيرًا من ويلات الحرب أو التي نالت استقلالها حديثًا. وتقوم تلك الوكالات بتقديم القروض أو تتعاون في مجال التربية أو أي مجالٍ آخر.



وكالات الأمم المتحدة المتخصصة

الاتحاد الدولي للاتصالات يقوم بتنسيق وتعزيز التعاون بين الدول لمواجهة المشاكل المتعلقة بالاتصالات الإذاعية والهاتفية والبرقية وتلك التي تتم عبر الأقمار الصناعية.
اتحاد البريد العالمي يعمل على تحقيق التعاون العالمي لتيسير عملية تبادل الرسائل.
البنك الدولي يعرف رسميًا بالبنك الدولي للإنشاء والتعمير (آي.بي آر. دي) ويمنح قروضه لمساعدة مختلف الأقطار في تنفيذ مشاريعها كالسدود ومحطات الطاقة الكهربائية والسكك الحديدية.
رابطة التنمية الدولية (إيدا) تعمل مع البنك الدولي وتقوم بمنح القروض بشروط أيسر وأكثر مرونة من شروط البنك الدولي أو مؤسسة التمويل الدولية.
الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) يقوم بتمويل مشاريع لزيادة الإنتاج الغذائي في الدول النامية.
صندوق النقد الدولي
(آي. إم. إف)
يساعد في تقريب الخلاف بين النظم النقدية التي تستعملها مختلف الدول وبذلك يسهل عملية التجارة بين الدول.
مؤسسة التمويل الدولية (آي. إف. سي) تعمل مع البنك الدولي وتستهدف دعم التنمية في المشروعات الصغيرة والخاصة. وتمنح القروض في أكثر الأحيان إلى المشروعات الحكومية الكبيرة.
منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) تساعد على تحسين إنتاج المزارع والغابات ومناطق صيد الأسماك.
منظمة الأمم المتحدة للتنميةالصناعية (يونيدو) تقوم بتنظيم وتمويل المشاريع الصناعية في الدول النامية.
المنظمة الدولية للطيران المدني (إيكاو) تعمل من أجل تحقيق قدر أكبر من السلامة في الخدمات الجوية ومن أجل نظم عالمية نموذجية موحدة للطيران العالمي.
المنظمة الدولية للملاحة البحرية (إمو) تشجع التعاون في شؤون ونظم النقل البحري.
منظمة الصحة العالمية (دبليو. إتش. أو) هي الوكالة الرئيسية في العالم لمواجهة المشاكل الصحية.
المنظمة العالمية للأرصاد الجوية
(دبليو. إم. أو)
تعمل على دعم التعاون بين الدول فيما يتعلق برصد حالة الطقس.
المنظمة العالمية للملكية الفكرية (وايبو) تعمل لدعم التعاون بين الدول لحماية الأعمال الفنية، والأدبية، والاختراعات والعلامات التجارية ضد التقليد.
منظمة العمل الدولية (آي. إل. أو) تساعد في تحسين ظروف العمل والمعيشة في أنحاء العالم.
اليونسكو
(منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة)
تقوم بتعزيز التعاون الدولي في مجالات التربية والعلوم والثقافة لتطويرها وتحقيق قدر أكبر من التفاهم بين الأمم.

نشاط الأعضاء

الوفود. لكل دولة نظمها الخاصة لتعيين مندوبيها في الأمم المتحدة. وعادة ما يقوم رئيس الدولة أو رئيس مجلس الوزراء، لأي دولة عضو بترشيح المندوبين، وربما يحتاج ترشيحهم إلى موافقة السلطة التشريعية الوطنية. ولكل بعثة من أي دولة رئيس يعتبر هو الممثل الرسمي لتلك الدولة في الأمم المتحدة.
يحتفظ أغلب أعضاء الأمم المتحدة ببعثة دائمة في مركزها الرئيسي تتكون من عضو واحد أو أكثر. والبعثة الدائمة تساعد على المشاركة في المشاريع طويلة المدى ومتابعة التطورات الجارية.
إزالة حاجز اللغة. يتكلم مندوبو الأمم المتحدة عشرات اللغات، لكن عند مباشرة الأعمال الرسمية تستعمل الأمم المتحدة ستَّ لغات فقط، وهي العربية والصينية والإنجليزية والفرنسية والروسية والأسبانية. ويجوز للمندوبين مخاطبة الجمعية العامة بأيِّ لغة إذا قدموا ترجمة بواحدة من اللغات الرسمية. وهناك مترجمون مهرة يقومون بالترجمة الفورية إلى كل من اللغات الرسمية الأخرى. ويضع المندوبون سماعات على آذانهم للاستماع للترجمة التي يختارونها.
المجموعات ذات المصالح المشتركة. بازدياد عضوية الأمم المتحدة التقت الدول في مجموعات متشابهة. فهناك مجموعة الدول الإفريقية، ومجموعة الدول العربية، ومجموعة الدول الآسيوية، وتشكل دول أمريكا اللاتينية، باستثناء كوبا الشيوعية، مجموعة أخرى. وتجتمع جميع تلك المجموعات بانتظام لأسباب مختلفة؛ مثلاً للاتفاق على خطة عمل أو الاتفاق على مرشحين في أيِّ انتخابات تُجريها الأمم المتحدة. ويجتمع أعضاء دول الكومنْولث بانتظام للمناقشة، ولكن نادرًا ما يُصوتون كمجموعة. وهناك أقلية من الدول من بينها (إسرائيل) والولايات المتحدة لا يجتمع ممثلوها ولا يُصوّتُون بانتظام مع أيِّ مجموعة.
خدمات النشر والإعلام. تُوفِّر الأممُ المتحدة معلومات عن أعمالها للدول الأعضاء وللجمهور. ويقوم كل فرع رئيسي، كما تقوم الكثير من وكالات الأمم المتحدة، بنشر وثائق تحتوي على ملخص كامل لنشاطها. وتوفر تلك الوثائق المعلومات التي تساعد الأعضاء على أداء واجباتهم.
وتقوم الأمم المتحدة كذلك بإصدار مطبوعات تهم الجمهور. فنشرة الأمم المتحدة الشهرية مثلاً تعرض الأعمال التي قامت بها الأمم المتحدة في كل شهر. وهناك كُتيبات حول بعض المواضيع كالإحصاء وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية، وتصدر منشورات الأمم المتحدة بعدة لغات أو بجميع لغاتها الرسمية الست.
ولدى الأمم المتحدة مكتب إعلامي يعد جزءًا من الأمانة العامة. ومن مسؤولياته توجيه المكاتب الإعلامية التابعة للأمم المتحدة في حوالي خمسين مدينة في أنحاء العالم، وكل مكتب يوفر معلومات عن الأمم المتحدة في المناطق المجاورة له.

العمل من أجل التقدم

إن هدف الأمم المتحدة الذي تزداد أهميته باطراد، هو جعل العالم الذي نعيش فيه أفضل وأكثر أمانًا. ومن الطرق التي تسلكها الأمم المتحدة في سبيل تحقيق هذا الهدف هو تقديمها أنواعًا مختلفة من المساعدات للدول، وكذلك لمجموعات بشرية مختلفة. وتعمل الأمم المتحدة من أجل التقدم ومجالات كثيرة أخرى بما في ذلك حقوق الإنسان، واستعمال الطاقة الذرية للأغراض السلمية وحماية البيئة.
العون الاقتصادي والفني. يتكون من المنح والقروض والبرامج التدريبية، والوسائل الأخرى التي تساعد الدول على تنمية مواردها وإنتاجها وتجارتها. فبعد الحرب العالمية الثانية قام البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بتقديم العون المالي للدول المتأثرة بالحرب، إلا أن العون الذي استطاع تقديمه كان قليلاً بالمقارنة مع احتياجات تلك الدول. وقد اعتمدت غالبية دول أوروبا الغربية على الولايات المتحدة لمساعدتها في التغلب على آثار الحرب. وبازدياد عدد الدول الفقيرة التي انضمت للأمم المتحدة بدأت الهيئة في تقديم المساعدة لها. وكانت موارد تلك الدول متخلفة أو تنمو ببطء، والكثير منها نال استقلاله بعد الحرب العالمية الثانية.
خصّصت الأمم المتحدة الفترة بين عامي 1961م و1970م أول عقود الأمم المتحدة العشرية للتنمية. وكان هدف الأمم المتحدة خلال العقد العشري للتنمية هو مساعدة الدول النامية على زيادة دخلها القومي بنسبة 5% كل عام. وطلب من الدول الصناعية التبرع للبرنامج بنسبة 1% من دخلها القومي السنوي.
لم يُحقق عقد التنمية العشري الأول جميع أهدافه، إلا أنه حقق بعض التطور. فقد زاد البنك الدولي من عدد قروضه وحجمها لتشييد الطرق والمصانع والمشاريع المشابهة. وفي عام 1964م عقدت الأمم المتحدة مؤتمر التجارة والتنمية (أنكتاد). وكان القصد الأساسي من هذا المؤتمر هو تشجيع التجارة الدولية خاصة بين الدول الغنية المتقدمة والدول الفقيرة النامية. وقام المؤتمر بتكوين مجلس للتجارة والتنمية، وصار المؤتمر نفسه جهازًا دائمًا من أجهزة الجمعية العامة، يقرر إجراءات البرامج التي تتخذها الأمم المتحدة فيما يتعلق بالتجارة والتنمية. ويقوم مجلس التجارة والتنمية بتنفيذ قرارات المؤتمر. ويجتمع المجلس مرتين في السنة على الأقل لبحث بعض الموضوعات كتحسين النقل البحري الدولي ومساعدة الدول النامية لتسويق منتجاتها.
وفي عام 1965م قامت الأمم المتحدة بتوحيد برامجها للعون الفني لتكوين برنامج الأمم المتحدة للتنمية (يو. إن. دي. بي). ويقوم البرنامج بمساعدة الدول لإجراء دراسات عن مواردها الطبيعية غير المُستَغلة، بهدف إيجاد طرق لاستغلالها. فهو يقترح للدول ـ مثلاً ـ طرقًا لإنشاء مزارعها ومناجمها، ولتحسين إنتاجية موارد المياه فيها، كما يساعد الشعوب على تعلم المهارات اللازمة لتنمية الموارد في بلادها. وقد ساعدت الأمم المتحدة حوالي نصف مليون رجل وامرأة لتعلم طرق الإدارة والعمل في صناعات تعود بالفائدة على بلدانهم.
وفي عام 1966م أنشأت الجمعية العامة منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو) لتشجيع الصناعة في الدول النامية.
خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين ضاعفت الأمم المتحدة من مجهوداتها لتوسيع التجارة الدولية وتوفير العون الاقتصادي والفني، كما عملت كذلك على مساعدة الدول النامية لتنظيم الزيادة في عدد السكان، ودعمت الخطط التي ترمي إلى نزع السلاح في العالم.
إغاثة اللاجئين. تعين الأمم المتحدة اللاجئين بحماية حقوقهم القانونية، وتزويدهم بالغذاء والمأوى، وتوطينهم. وقد أعلنت الأمم المتحدة أن الحقوق القانونية للاجئين تشمل حق العمل والتعليم وحرية الاعتقاد. وأثناء الحرب العالمية الثانية تعاونت 44 دولة على تشكيل إدارة الأمم المتحدة لإغاثة وإعادة تأهيل اللاجئين (أونرا) بهدف الإغاثة أثناء الحرب. وبعد إنشاء الأمم المتحدة تم استبدال أونرا بالمنظمة الدولية لشؤون اللاجئين (إرو) وهي وكالة متخصصة. وبحلول عام 1951م انتهت معظم المشاكل التي سببتها الحرب وانتهت معها المنظمة الدولية لشؤون اللاجئين.
وفي عام 1951م قامت الجمعية العامة بإنشاء مكتب مندوب الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، وساعدت هذه الوكالة اللاجئين في الكثير من الأقطار. والواجب الأساسي للمندوب السامي هو حماية حقوق اللاجئين في الأقطار الأجنبية. ولمكتب المندوب السامي صندوق صغير يتم تمويله بوساطة التبرعات، ولكنه، بصورة عامة، يجب أن يعمل من خلال الحكومة أو بوساطة الوكالات الخاصة.
وتملك الأمم المتحدة وكالة خاصة لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين هي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط (أونروا). وقد أنشأتها الجمعية العامة لمساعدة الفلسطينيين العرب الذين طردتهم إسرائيل من بلادهم فلسطين عام 1948م وفي حروب أخرى مع العرب.
واستمرت الحرب في تلك المنطقة حتى صار عدة ملايين من العرب بلا مأوى. ولكن الأنروا لا تستطيع إيجاد مأوى لأولئك اللاجئين، في حالة استمرار الحرب بين الدول العربية وإسرائيل، ولا تستطيع أن تفعل أكثر من تزويدهم بالطعام والمأوى والعناية الطبية وخدمات أخرى، كما أن مقدرة الأنروا المادية محدودة. وفي منتصف الثمانينيات من القرن العشرين استطاعت أن تنفق مبلغًا ضئيلاً فقط على كل لاجئ. واقتصرت مساعدات الأنروا الآن على مجالات التعليم والصحة فقط.
رعاية الطفولة. أنشأت الجمعية العامة الصندوق الدولي لرعاية الطفولة (اليونيسيف) عام 1946م، وكانت مهمة اليونيسيف توفير الغذاء والملابس والمواد الطبية لضحايا الحرب العالمية الثانية من الأطفال. وبالرغم من انتهاء حالة الطوارئ التي سببتها الحرب في أوائل الخمسينيات، إلا أن اليونيسيف صارت من الشهرة بمكان جعل الجمعية العامة تقرر استمرارها كجهاز دائم عام 1953م. وصارت اليونيسيف حاليًا توفر الرعاية لنمو الأطفال والعناية بهم وتدريبهم وتنظيم الأسرة. وتنشط اليونيسيف بصفة خاصة في الدول النامية وفي مختلف حالات الطوارئ في أنحاء العالم.
ويتم تمويل اليونيسيف من التبرعات، ويأتي ثلاثة أرباع التمويل من الحكومات، والباقي بالطرق الخاصة. انظر: اليونيسيف.
حقوق الإنسان. في عام 1946م، قامت الأمم المتحدة بتشكيل لجنة حقوق الإنسان كجزء من المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وقامت اللجنة بصياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أجازه جميع أعضاء الجمعية العامة عام 1948م. وقد عبر الإعلان عن الأمل في أن تعمل الشعوب على احترام حقوق الإنسان وكرامة الآخرين. وقد أدرجت أجزاء من الإعلان في دساتير كل من إلسلفادور وهاييتي، وإندونيسيا، والأردن، وليبيا، وبورتوريكو، وسوريا.
حظيت قضايا التفرقة العنصرية باهتمام الأمم المتحدة أكثر من أيِّ موضوع آخر طرِح أمامها. كانت تلك المسائل، بالإضافة إلى الاستعمار والتنمية الاقتصادية، هي الشاغل الأساسي للمندوبين الإفريقيين والآسيويين الذين يُمثلون أغلبيةً في الأمم المتحدة. وفي عام 1965م، أجازت الجمعية العامة اتفاقية تُعرف بالاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وأصبحت هذه الاتفاقية سارية عام 1969م، بعد أن وافقت عليها حكومات 27 دولة. وهناك اتفاقيات مشابهة ُتعالج الرق وحقوق اللاجئين وجرائم الإبادة الجماعية لشعب أو طائفة دينية أو عرقية.
وفي عام 1998م، وافقت 139 دولة على إنشاء المحكمة الجنائية الدولية. وتنظر المحكمة في القضايا المتعلقة بالابادة الجماعية و جرائم الحرب والجرائم في حق الإنسانية. وبدأت المحكمة أعمالها في يوليو 2002م في لاهاي بهولندا.
الاستعمالات السلمية للطاقة النووية. في عام 1953م، اقترح دوايت أيزنهاور، رئيس الولايات المتحدة على الجمعية العامة أن توفر الحكومات المواد النووية لوكالة دولية لتستخدمها في تطوير الاستعمالات السلمية للطاقة النووية.
وفي عام 1957م أنشأت الأمم المتحدة الوكالة التي اقترحها أيزنهاور، وأطلقت عليها اسم وكالة الطاقة الذرية الدولية (آي. ايه. إي. ايه) وهي مستقلة عن الأمم المتحدة، ولكنها تعمل بالتنسيق معها، ومسؤوليتها الأساسية هي تشجيع الاستعمال السلمي للطاقة النووية. وتحاول الوكالة أن تتأكد كذلك من أن المواد النووية التي توفرها الدول الأعضاء أو تكون في حوزتها لا تُستعمل في ُصنع الأسلحة. وقد طوَّرت رقابتها على المواد النووية التي في حوزة أعضائها وتقوم بإجراء تفتيش سنوي على المواد والأجهزة النووية في كثير من الدول. وجميع المشاريع النووية التابعة لوكالة الطاقة الذرية في أمريكا اللاتينية وآسيا ومنطقة المحيط الهادئ تعمل وفقًا لإجراءات السلامة التي اعتمدتها الوكالة. وهناك اتفاقية تمنع نشر الأسلحة النووية أصبحت ساريةً اعتبارًا من مارس 1970م، إلا أن إسرائيل لم توقع على هذه الاتفاقية حتى الآن. والوكالة مسؤولة عن التفتيش إلى الحد الذي يؤكد عدم الإخلال بالاتفاقية.
تتعاون وكالة الطاقة الذرية الدولية مع كثير من الوكالات الأخرى للحث على تبادل المعلومات النووية. وتُشجع كذلك البحث والاختبارات المتعلقة بالوقود الذري والطب الذري وتحلية مياه البحر واستعمالات أخرى للطاقة النووية.
حماية البيئة. تقرر خلال أحد المؤتمرات التي عقدت سنة 1972م تنظيم برنامج يدعو إلى تشجيع التعاون العالمي لمحاربة التلوث. وفي شهر يونيو 1992م عقد مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بالبيئة والتنمية في ريودي جانيرو بالبرازيل وأشير إليه باسم قمة الأرض. وقد وقع معظم الدول خلال المؤتمر على معاهدتين وافقت الدول بموجبهما على خفض مقادير إطلاق الغازات، مثل ثاني أكسيد الكربون، التي يعتقد أنها تسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض. كما وافقت على حماية بعض أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض، والتعاون في مجالات التقنية الوراثية والبيولوجية، وأصدرت بيانات مشتركة حول مبادئ حماية الغابات والوسائل المؤدية إلى التنمية الاقتصادية والتقليل من الأضرار بالنظام البيئي والموارد التي لا يمكن الاستعاضة عنها. وقد وافقت الدول الصناعية على تقديم المعونة للدول النامية، إلا أنه لم يمكن التوصل إلى الاتفاق حول كبح جماح النمو السكاني الذي يعتقد بعض من العلماء بأنه من أكبر العوامل التي تهدد البيئة في زعمهم.
مكافحة الجوع. كانت محاربة الجوع دائمًا من الأهداف الرئيسية للأمم المتحدة. لذلك أنشأت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) في عام 1945م، وهي وكالة متخصصة وتعمل من أجل تحسين الإنتاج وتوزيع الأغذية والمنتجات الزراعية الأخرى. وبدأ برنامج الغذاء العالمي عام 1962م كمشروع مشترك بين الأمم المتحدة والفاو، ويهدف لتوفير الإغاثة الغذائية في حالات الطوارئ ومساعدة الدول النامية. وفي السبعينيات من القرن العشرين انخفض الإنتاج الغذائي في كثير من الدول، بينما كان عدد السكان في ازدياد. وفي عام 1974م اجتمع مؤتمر الغذاء العالمي في روما لمناقشة النقص في الغذاء. وأنشأ هذا المؤتمر وكالة جديدة تابعة للأمم المتحدة هي مجلس الغذاء العالمي. ويقوم المجلس بتنسيق تسليم حوالي عشرة ملايين طن من الغذاء تُرسل للدول النامية سنويًا. ويقوم كذلك بتجميع احتياطي الغذاء العالمي للاستفادة منه في أوقات المجاعة. ويعمل المجلس من خلال وكالات أخرى تقوم بتوفير الغذاء بما في ذلك الفاو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية (يو. ان. دي. بي) واليونيسيف، وقد أنشأ مؤتمر روما نظامًا عالميًا للإنذار المبكر لاكتشاف أي نقص في الغذاء قبل وقوعه.


إنشاء الأمم المتحدة

في بداية الحرب العالمية الثانية هرب ممثلو تسع دول أوروبية إلى لندن، بعد أن طردوا من بلادهم، نتيجة لسقوط أجزاء كبيرة من أوروبا، واستيلاء ألمانيا النازية عليها. واجتمع ممثلو بريطانيا ودول الكومنولث مع رؤساء بلجيكا وتشيكوسلوفاكيا السابقة وفرنسا واليونان ولوكسمبرج وهولندا والنرويج وبولندا ويوغوسلافيا (سابقًا). وفي 12يونيو 1941م قامت جميع تلك الدول بتوقيع إعلان تعاهدت فيه على العمل من أجل عالم حر يعيش فيه الناس في أمن وسلام. ويعرف هذا التعهد عادة باسم إعلان الحلفاء وكان هذا الإعلان هو الخطوة الأولى نحو إنشاء الأمم المتحدة.
ميثاق الأطلسي. صدر ميثاق الأطلسي بعد شهرين من إعلان الحلفاء، وقام بتوقيعه فرانكلين روزفلت رئيس الولايات المتحدة وونستون تشرتشل رئيس وزراء بريطانيا. وعبر الميثاق عن أملهما في عالم يتحرر فيه البشر من الخوف والحاجة.كما عبر عن رغبتهما في العمل على نزع السلاح والتعاون الاقتصادي. انظر: ميثاق الأطلسي.
وفي أول يناير 1942م، قام ممثلو 26 دولة بتوقيع إعلان الأمم المتحدة وكان هذا أول استعمال رسمي لتعبير الأمم المتحدة. ودعم هذا الإعلان من أهداف ميثاق الأطلسي وقامت 21 دولة أخرى بتوقيعه لاحقًا.
وفي 30 أكتوبر 1943م قام ممثلو الصين وبريطانيا والاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة الأمريكية بتوقيع إعلان موسكو للأمن العام. ووافق هذا الإعلان على فكرة إنشاء هيئة عالمية للمحافظة على السلم العالمي. وبعد شهر من ذلك اجتمع روزفلت وتشرتشل وجوزيف ستالين، رئيس الاتحاد السوفييتي السابق، في طهران ـ بإيران. وأعلن ثلاثتهم عن اعترافهم بمسؤولية جميع الأمم المتحدة عن تحقيق السلام الدائم. انظر: طهران، مؤتمر.
مؤتمر دمبارتون أوكس. في الفترة بين أغسطس وأكتوبر 1944م عقد ممثلو الصين وبريطانيا والاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة عدة اجتماعات في دمبارتون أوكس ـ بواشنطن ـ بالولايات المتحدة. وكان هدف تلك الاجتماعات وضع خطة لتشكيل منظمة لحفظ السلام. وقد نجحت الدول الأربع في وضع خطة أساسية رغم اختلافها في بعض المسائل المهمة. ومن السمات الرئيسية لتلك الخطة وضعها لمجلس أمن تُمثل فيه بصفة دائمة كلٌ من الصين وفرنسا وبريطانيا والاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة. ولكن لم تحسم مسألة حقوق التصويت وإجراءات المجلس. انظر: دمبارتون أوكس.
في فبراير 1945م اجتمع روزفلت وتشرتشل وستالين في يالتا في القَرْم. وفي هذا الاجتماع تم الاتفاق بينهم على بعض الإجراءات ذات الأهمية الضئيلة التي لا يجوز للأعضاء الدائمين استعمال حق الاعتراض الفيتو بشأنها. وأعلن الرؤساء الثلاثة عن افتتاح مؤتمر للأمم المتحدة في سان فرانسيسكو في 25 أبريل 1945م. وقد استفاد هذا المؤتمر من الخطة التي وضعت في مؤتمر دمبارتون أوكس لإعداد ميثاق للأمم المتحدة.
مؤتمر سان فرانسيسكو. اجتمع مندوبون من 50 دولة في سان فرانسيسكو لافتتاح مؤتمر الأمم المتحدة لإنشاء منظمة عالمية. تم افتتاح المؤتمر في 25 أبريل 1945م بعد ثلاثة عشر يومًَا من وفاة روزفلت، وقبل اثني عشر يومًا من هزيمة ألمانيا وقبل أربعة أشهر من الانتصار على اليابان.
وفي المؤتمر نشأت بعض الخلافات العميقة بين الثلاثة الكبار، بريطانيا والاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة، والدول الأصغر الأقل قوة.كان الثلاثة الكبار يعتقدون أن في وسعهم ضمان السلم إذا استمروا في التعاون كما كانوا أثناء الحرب، وأصروا على أن يخولهم ميثاق الأمم المتحدة سلطة الاعتراض على قرارات مجلس الأمن، أي حق الفيتو. وقاومت الدول الصغيرة حق الفيتو إلا أنها لم تنجح في محاولاتها، إنما نجحت في تدعيم أهمية فروع الأمم المتحدة الأخرى كالجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي. وفي تلك الأجهزة أمكن تقسيم المسؤولية بتساو أكثر مما هو عليه الحال في مجلس الأمن. وقد ساعدت المجهودات التي بذلتها الدول الصغيرة في خلق منظمة لها سلطات ومسؤوليات واسعة.
وفي 1945م صوتت جميع الدول التي اشتركت في المؤتمر على قبول الميثاق. ولم تتمكن بولندا من حضور المؤتمر إلا أنها قامت لاحقًا بتوقيع الميثاق كعضو أصيل. وكان من الضروري بعد ذلك أن توافق على الميثاق حكومات أعضاء مجلس الأمن الدائمين وحكومات أغلبية الدول الأخرى التي قامت بتوقيعه، وأصبح الميثاق ساريًا اعتبارًا من 24 أكتوبر 1945م، وهو التاريخ الذي يتم الاحتفال به سنويًا بصفته يوم الأمم المتحدة.
إنشاء مقر الأمم المتحدة الرئيسي. افتُتحت الدورة الأولى للجمعية العامة في لندن ـ في بداية عام 1946م حيث تناول الأعضاء مسألة مقر المركز الرئيسي. وبعد أخذ الدعوات المقدمة من مختلف الدول في الاعتبار، استقر الرأي على أن يكون مقر المركز الرئيسي في الولايات المتحدة. وفي 14 ديسمبر 1946م قبلت الجمعية العامة مبلغ 5,8 مليون دولار أمريكي هديةً من الأمريكي جون روكفلر، لشراء 7 هكتارات من الأرض على شاطئ إيست ريفر في مدينة نيويورك التي تبرعت هي أيضًا بقطعة أرض إضافية في تلك المنطقة. وفي عام 1947م وافقت الجمعية العامة على تصميم بناء المقر الرئيسي. وفي العام الذي تلاه وافق الكونجرس الأمريكي على منح 65 مليون دولار أمريكي كقرض بدون فوائد لإنشائها. وتم إنجاز المباني في خريف 1952م.

العمل من أجل السلام


تواريخ مهمة في عمر الأمم المتحدة

1945م 25 أبريل افتتاح مؤتمر سان فرانسيسكو.
1945 م26يونيو قام المندوبون في مؤتمر سان فرانسيسكو بتوقيع ميثاق الأمم المتحدة.
1945 م24أكتوبر ميلاد الأمم المتحدة بعد موافقة العدد المطلوب من الدول على الميثاق.
1946 م10يناير افتتاح الدورة الأولى للجمعية العامة في لندن.
1946م 14 فبراير صوّتت الأمم المتحدة ليكون مقرها الرئيسي في الولايات المتحدة.
1948م 10ديسمبر وافقت الأمم المتحدة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
1949م تم توقيع اتفاقيات أعدها موظفو الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار بين العرب وإسرائيل.
1949م وافقت هولندا على استقلال إندونيسيا نتيجة لمجهودات الأمم المتحدة.
1950م27 يونيو وافق مجلس الأمن على إرسال قوات تابعة للأمم المتحدة لحماية استقلال كوريا الجنوبية.
1953م 27يوليو تم توقيع هدنة بين الأمم المتحدة وكوريا الشمالية.
1954م منُحِ َمكتب مندوب الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين جائزة نوبل للسلام.
1956م أعدت الأمم المتحدة اتفاقية وقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل في النزاع حول قناة السويس.
1960م وافق مجلس الأمن على إرسال قوات دولية إلى الكونغو (ليوبولدفيل) ـ زائير الآن ـ لحفظ السلام.
1964م وافق مجلس الأمن على قوة لحفظ السلام في قبرص.
1965م مُنِحَت اليونيسيف جائزة نوبل للسلام.
1966م صوت مجلس الأمن على عقوبات اقتصادية على روديسيا (زمبابوي الآن).
1967م قام مجلس الأمن بإعداد اتفاقية لوقف إطلاق النار أنهت حرب الأيام الستة بين العرب وإسرائيل.
1968م قامت الجمعية العامة بتوقيع معاهدة تهدف لوقف انتشار الأسلحة الذرية.
1971م صوتت الجمعية العامة لطرد الصين الوطنية وضم الصين الشيوعية للأمم المتحدة.
1973م اندلع القتال في الشرق الأوسط وساعدت الأمم المتحدة في ترتيب وقف جزئي لإطلاق النار.
1978م وافق مجلس الأمن علي إرسال قوة دولية لمحاولة إعادة السلام إلى جنوب لبنان.
1981م مُنِحَ مكتب مندوب الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين جائزة نوبل للسلام.
1988م منحـت جائــزة نــوبـل للسلام لقوات حفظ السلام الدولية.
1988م ساعدت الأمم المتحدة في ترتيب انسحاب القوات السوفييتية من أفغانستان.
1988م قامت الأمم المتحدة بترتيب وقف إطلاق النار في الحرب العراقية الإيرانية.
1990م نالت ناميبيا استقلالها بعد إجراء انتخابات أشرفت عليها الأمم المتحدة.
1991م بعد أن فوض مجلس الأمن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة باستعمال القوة لإخراج النظام العراقي من الكويت، قامت قوات من الدول الأعضاء بالاشتراك في الحرب التي انتهت بهزيمة النظام العراقي.
1991م وقعت الأطراف المتنازعة في الحرب الأهلية الكمبودية على معاهدة صلح تحت رعاية الأمم المتحدة.
1992م قدمت الأمم المتحدة المساعدة في إنهاء الحرب الأهلية في إلسلفادور.
1992م قامت الأمم المتحدة بالتفاوض بشأن الاتفاق على وقف إطلاق النار بين القوات الكرواتية والصربية في يوغوسلافيا السابقة.
1992-1995م خولت الأمم المتحدة الولايات المتحدة الأمريكية دخول الأراضي الصومالية لحماية موظفي الإغاثة وضمان انسياب مواد الإغاثة تحت شعار (إعادة الأمل). ترأست الأمم المتحدة قيادة القوات العاملة بالصومال عام 1993م إلا أنها انسحبت عام 1995م من الأراضي الصومالية.
1995م بدأت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة الإشراف على وقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة في الحرب الأهلية الأنجولية التي بدأت عام 1975م.
2000م انعقدت الدورة الخامسة والخمسون للأمم المتحدة التي عرفت باسم الدورة الألفية، وشهدت أكبر تجمع لزعماء العالم إذ حضر الدورة أكثر من 160 زعيم دولة ورئيس حكومة.
2001م فازت الأمم المتحدة وأمينها العام كوفي عنان بجائزة نوبل للسلام لجهودهما في نشر الأمن والسلام في كل أنحاء العالم.
النزاع الإندونيسي. في يوليو 1947م، اندلع قتال في إندونيسيا بين جمهورية إندونيسيا وهولندا. وقد كانت إندونيسيا مستعمرة هولندية قبل احتلال اليابان لها خلال الحرب العالمية الثانية. كان هدف الهولنديين إعادة سيطرتهم بعد الحرب، إلا أن الإندونيسيين طالبوا بالاستقلال.
تولى مجلس الأمن المسألة وطالب بوقف إطلاق النار في أغسطس 1947م. وفي يناير 1948م نجحت اللجنة التي كونها المجلس في إقناع كلٍّ من إندونيسيا وهولندا بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، إلا أن هولندا أعلنت عدم استمرار قبولها للاتفاق في ديسمبر 1948م فبدأ القتال مرة أخرى.
وفي 28 يناير 1949م وافق مجلس الأمن على خطة لاستقلال إندونيسيا. وقامت اللجنة بإعداد اتفاقية أخرى لوقف إطلاق النار في أغسطس 1949م، ودعت الطرفين لمؤتمر في لاهاي بهولندا. وبعد ذلك المؤتمر منح الهولنديون الاستقلال لإندونيسيا في ديسمبر 1949م. وشملت الدولة الجديدة جميع جزر الهند الهولندية باستثناء غينيا الجديدة الغربية (إيريان جايا الآن).
أرادت هولندا أن تستمر في حكم غينيا الجديدة الغربية حتى يتمكن أهلها من تقرير مصيرهم، إلا أن إندونيسيا أصرَّت على أنها ورثت غينيا الجديدة الغربية بوصفها جزءًا من جزر الهند الهولندية، مما أدى إلى اندلاع القتال بين الطرفين في ديسمبر 1961م. قام يو ثانت الأمين العام القائم بالعمل وقتئذٍ، بدعوة الطرفين للمحادثات خوفًا من الحرب. وفي أغسطس 1962م توصلت هولندا وإندونيسيا إلى اتفاق يقضي بالسماح للأمم المتحدة بحكم المنطقة حتى مايو 1963م، ثم يؤول الحكم إلى إندونيسيا. وقد وافق الطرفان أيضًا بأن تسمح إندونيسيا لمواطني غينيا الجديدة الغربية بتقرير مصيرهم في عام 1969م. ونتيجة للتصويت الذي تم إجراؤه عام 1969م صارت غينيا الجديدة الغربية جزءًا من إندونيسيا.
الحرب الهندية الباكستانية. في يناير 1948م بعث مجلس الأمن لجنةً لمحاولة تسوية الحرب التي نشبت عام 1947م بين الهند وباكستان بسبب منطقة كشمير التي تدعي كل منهما تبعيتها لها. وبعد مجهودات اللجنة الدولية التي استمرت لمدة سنة وافقت كلٌّ من الهند وباكستان على السماح لسكان كشمير بحسم المسألة بالتصويت، كما وافقا على خط وقف إطلاق النار في يوليو 1949م. ولكن الأمم المتحدة فشلت في إقناع أي من الطرفين لسحب القوات الكافية من المنطقة لضمان إجراء تصويت سلمي فيها.
اندلع القتال مرة أخرى بين الهند وباكستان في أغسطس 1965م وكان من ضمن أسباب هذه الحرب أيضًا مسألة كشمير. وفي سبتمبر طالبهما مجلس الأمن بوقف القتال، وسحب قواتهما إلى ماوراء خط الهدنة المحدد عام 1949م. وقابل الأمين العام كلا من الطرفين، وفي النهاية تم اتفاق على وقف اطلاق النار في 20 سبتمبر 1965م، وأُرسِلَت مجموعتان من قوات مراقبة دولية لضمان تنفيذ وقف إطلاق النار. وفي عام 1966م استطاع الاتحاد السوفييتي السابق إقناع الهند وباكستان بتوقيع اتفاقية تعهدا فيها بعدم استعمال القوة لحسم النزاع، لكنه لم يُحسم واستمرت قوات المراقبة الدولية في مراقبة وقف إطلاق النار.
الحروب العربية الإسرائيلية. في عام 1947م وافقت الجمعية العامة على خطة لتقسيم فلسطين إلى دولة يهودية ودولة عربية على أن تقوم الأمم المتحدة بإدارة القدس. رفض العرب الخطة الظالمة فاندلع القتال بين العرب واليهود. وقد مكّنت بريطانيا المنتدبة على فلسطين وصاحبة وعد بلفور من قبل، إسرائيل من إعلان دولتها في 14 مايو 1948م. وفي اليوم التالي قامت الجيوش العربية من مصر والعراق ولبنان وسوريا والأردن بمحاولة استرداد أرض فلسطين.
سعت كلٌّ من الجمعية العامة ومجلس الأمن إلى إيقاف القتال. ففي 20 مايو 1948م أرسلت الجمعية الكونت فولك برنادوت السويدي في محاولة لتحقيق السّلام، إلا أن العصابات الصهيونية قتلته بطلق ناري في القدس بعد أشهر قليلة، وخلفه رالف بنش في الأمانة العامة الذي استطاع في يوليو 1949م ترتيب وقف إطلاق النار بين إسرائيل والعرب. ونال على ذلك جائزة نوبل للسلام عام 1950م.
لم تضع اتفاقيات وقف إطلاق النار حدودًا بين إسرائيل والدول العربية إذ نصّت فقط على ألا يتجاوز أيٌّ من الطرفين حدود الأراضي التي احتلها عند توقف القتال. ولكن إسرائيل استغلت وقف إطلاق النار واحتلت مناطق أكبر مما وافقت عليه الأمم المتحدة عام 1947م.
وتم تقسيم القدس، واضطر حوالي 700,000 من العرب إلى اللجوء إلى الدول العربية المجاورة حيث أصبحوا لاجئين. وفي السنوات التالية انتقل عددٌ كبير من اليهود من الدول العربية ودخلوا فلسطين المحتلة. وتقتضي اتفاقيات وقف إطلاق النار أن تقوم مجموعات المراقبة التابعة للأمم المتحدة التي تُمثل كلاً من العرب وإسرائيل بالتبليغ عن نشوب قتال جديد، وشكلت الأمم المتحدة هيئة للهدنة لدراسة تلك التقارير.
عملت هيئة الهدنة بفاعلية لعدة سنوات، إلا أنها لم تُحرِز تقدمًا لإحلال سلام دائم بسبب تعنت إسرائيل وإصرارها على احتلال فلسطين واستمرار اعتداءاتها على الدول العربية، لذا فقد اعترض العرب السفن الإسرائيلية في قناة السويس وخليج العقبة وبدأوا عام 1955م هجمات فدائية من مصر، ضد إسرائيل، ورد الإسرائيليون على هذه الهجمات. وفي يوليو 1956م استعادت مصر قناة السويس من الإنجليز والفرنسيين.
طلبت بريطانيا وفرنسا من مجلس الأمن التدخل، إلا أن المجلس لم يبرهن على مقدرته في إثناءِ مصر عن عزمها. فقامت إسرائيل وبريطانيا وفرنسا بمحاولة غزو مصر في 29 أكتوبر 1956م، كما استعملت كلٌّ من الأخيرتين حق الاعتراض الفيتو لمنع مجلس الأمن من التدخل، وقامتا بإرسال قوات لحماية قناة السويس. دعت الجمعية العامة إلى وقف إطلاق النار، ولم يتحقق إلا في 6 نوفمبر 1956م. ثم وافقت الجمعية العامة على إرسال قوات دولية لحراسة الحدود بين إسرائيل ومصر. وتم تشكيلُ قوة طوارئ دولية شاركت فيها عشرٌ من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وقامت إسرائيل بسحب قواتها في مارس 1957م إلى ما وراء خطوط الهدنة التي تحددت عام 1949م.
لم يتمخّص وقف إطلاق النار عام 1956م عن سلام، واستمرت الدول العربية في مطالبتها باستعادة حقوقها المشروعة.
كان الاتحاد السوفييتي السابق يمد الأقطار العربية بالسلاح بينما تقوم الدول الغربية بتزويد إسرائيل. وكانت قوات الطوارئ الدولية تحرس الحدود بين مصر وإسرائيل، إلا أن العرب وجّهوا هجماتهم نحو إسرائيل من الأردن وسوريا فردّت إسرائيل بالمثل. وفي مايو 1967م طالبت مصر الأمم المتحدة بسحب قواتها من الأراضي المصرية فوافق الأمين العام على ذلك وقامت مصر باعتراض السفن الإسرائيلية مرة أخرى في خليج العقبة.
وفي 30 مايو تم توقيع اتفاقية عسكرية بين الأردن ومصر. وفي صباح الخامس من يونيو عام 1967م هاجمت إسرائيل كلاًّ من مصر وسوريا والأردن وساندتها أمريكا بأسطولها السادس القابع في البحر الأبيض المتوسط ثم طالبت الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار. ولم يتفق الطرفان عليه إلا في 10 يونيو بعد أن احتلّت إسرائيل الضفة الغربية من الأردن والقدس بكاملها، وصحراء سيناء المصرية وقطاع غزة، ومرتفعات الجولان من سوريا. كما استطاعت إسرائيل السيطرة على منفذ خليج العقبة.
وفي نوفمبر 1967م طالب مجلس الأمن إسرائيل بالانسحاب من جميع الأراضي العربية التي احتلتها في يونيو في مقابل وعد بحدود آمنة. ولكن إسرائيل استمرت في احتلال الأراضي العربية، وضربت بقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن عرض الحائط، وما تزال تحتل الأراضي العربية في فلسطين ولبنان وسوريا. قام الأمين العام، يو ثانت، بتعيين جونار يارنج السويدي لإجراء محادثات سلام بين العرب والإسرائيليين. إلا أنه لم ينجز سوى القليل، واستمر كلٌّ من العرب والإسرائيليين في الغارات وتلقي السلاح.
وفي أكتوبر 1973م قامت القوات المصرية بهجوم مفاجئ على إسرائيل لتحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي، فحاربت إسرائيل للمرة الثانية مصر وسوريا. ودارت معارك كبرى في صحراء سيناء ومرتفعات الجولان وتم تحرير قناة السويس وجزء من سيناء وانتهى معظم القتال باتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر.
وفي يناير 1974م اتفقت كلٌّ من مصر وإسرائيل على فصل قواتهما في صحراء سيناء، كما توصلت كلٌّ من سوريا وإسرائيل إلى اتفاق مشابه في مرتفعات الجولان في مايو.
أنشأت الأمم المتحدة قوتين دوليتين جديدتين لحفظ السلام والإشراف على الجبهتين، وهما قوة مراقبي الأمم لفصل القوات في مرتفعات الجولان وقوة الطوارئ الدولية الثانية في صحراء سيناء. وبالرغم من وجود قوات الأمم المتحدة ادّعت إسرائيل سلطةً قانونيةً وسياسيةً في مرتفعات الجولان عام 1981م، إلا أن سوريا رفضت ادعاءات إسرائيل.
وفي عام 1974م نظمت الأممُ المتحدة ندوة لمدة أسبوعين تدورحول أحوال الشعب الفلسطيني، ودعت لافتتاحها الرئيس ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية. وبعد الندوة اتخذت الجمعية العامة قرارًا بالاعتراف بحقِّ الفلسطينيين في أن يكونوا أمة. وبموجب قرار ثان نالت منظمة التحرير الفلسطينية صفة المراقب، أو الحقّ في المشاركة. وفي العام التالي أصدرت الجمعية قرارًا باعتبار الصهيونية حركة عنصرية. والصهيونية هي الحركة العالمية اليهودية التي ساعدت على إنشاء دولة إسرائيل. وقد أغضبت هذه الخطوة كثيرًا من الدول الغربية في الأمم المتحدة. في أواخر الستينيات وخلال السبعينيات من القرن العشرين أنشأت منظمة التحرير الفلسطينية عدة قواعد في الجزء الجنوبي من لبنان. وقد مكّنت الحرب الأهلية التي اندلعت في لبنان في منتصف السبعينيات منظمة التحرير الفلسطينية من القيام بغارات ضد إسرائيل.
وفي 11 مارس 1978م قام الفدائيون الفلسطينيون بنسف حافلة عسكرية في أطراف تل أبيب، أكبر مدن إسرائيل (فلسطين المحتلة)، مما أدى إلى قتل كثير من الجنود الإسرائيليين. وبعد ثلاثة أيام من ذلك عبرت القوات الإسرائيلية الحدود اللبنانية وأنشأت حزامًا أمنيا يتكون من معظم ثلث لبنان الجنوبي.
طلبت كلٌّ من الولايات المتحدة ولبنان من مجلس الأمن التّدخل فطلب المجلس من إسرائيل الانسحاب من الأراضي اللبنانية لتستبدل بها قوة جديدة لحفظ السلام وهي قوة الأمم المتحدة لفصل القوات في لبنان (يونيفيل). وانسحبت آخر قوة إسرائيلية من لبنان في يونيو 1978م، إلا أنَّ غارات منظمة التحرير الفلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية لم تتوقف بسبب البطش الإسرائيلي الذي لا يكتفي باحتلال الأرض ولكنه يمضي إلى قتل الأطفال والنساء وإحراق المزروعات وهدم المنازل وضرب الشيوخ واعتقال الآلاف من الشباب.
وفي عام 1982م قامت إسرائيل بغزو كامل للبنان وأجلت قوات منظمة التحرير الفلسطينية من قواعدها القوية في الجنوب وبيروت. وفي عام 1985م انسحبت القوات الإسرائيلية من بعض أراضي لبنان باستثناء حزام أمني على طول الحدود الإسرائيلية، إلا أن الصِّدام مع المجموعات الفلسطينية استمر، وقامت القوات أو الطائرات الإسرائيلية بإصابة أهداف داخل لبنان أحيانًا. وفي عام 1978م وافقت إسرائيل على إعادة منطقة سيناء إلى مصر وعلى الحكم الذاتي لقطاع غزة والضفة الغربية المحتلة. وقد عارضت معظم الدول العربية اتفاقية السّلام الموقّعة في عام 1979م بين مصر وإسرائيل.
وفي هذه السنة نفسها سحب الأمين العام قوات الطوارئ الدولية من سيناء واستبدل بها بعض العاملين من هيئة الأمم المتحدة للرقابة على الهدنة (يونتسو). واستعادت مصر سيطرتها الكاملة على صحراء سيناء عام 1982م، إلا أنه لم تُوضَع أي ترتيبات لاستقلال قطاع غزة والضفة الغربية. وبعد ترتيبات دولية، وقع الرئيسان ياسر عرفات وإسحاق رابين على اتفاقية الحكم الذاتي على قطاع غزة وأريحا في حديقة البيت الأبيض بواشنطن في 13 سبتمبر 1993م.
وبعد أن نجحت المقاومة اللبنانية في طرد قوات الاحتلال وأجبرتها على الانسحاب من جنوب لبنان سوى مزارع شبعا قامت الأمم المتحدة في عام 2000م بالتحقق من انسحاب القوات الإسرائيلية من المنطقة.
وبعد انلاع أحداث سبتمبر 2000م في القدس وانتفاضة الأقصى كثف الأمين العام جهوده لإنهاء العنف وإعادة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى مائدة المفاوضات. ويشارك الأمين العام وممثلوه في تنفيذ توصيات تقرير لجنة ميتشل الذي تم تقديمه في أبريل 2001م بناء على قرارات قمة شرم الشيخ التي انعقدت في أكتوبر 2000م. ويجد التقرير قبولاً واسعاً من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي وبعض بلدان المنطقة.
الحرب الكورية. في نهاية الحرب العالمية الثانية قام الاتحاد السوفييتي السابق باحتلال كوريا شمال خط عرض 38 كما قامت القوات الأمريكية باحتلال جنوبها. وفي عام 1947م شكلت الأمم المتحدة لجنةً لإيجاد وسائل لتوحيدها وتكوين حكومة وطنية، إلا أن الجزء الشمالي رفض هذه الخطة. وبالرغم من ذلك، جرت انتخابات في الجزء الجنوبي وأُنشِئَت جمهورية كوريا. وفي عام 1948م أعلنت الجمعية العامة أن حكومة جمهورية كوريا (كوريا الجنوبية) هي الحكومة الشرعية الوحيدة في كوريا.
وفي 25 يونيو 1950م قامت الجيوش الشيوعية من كوريا الشمالية بغزو جمهورية كوريا. وبعد يومين صوّت مجلس الأمن مطالبًا أعضاء الأمم المتحدة بإرسال قوات لمساعدة كوريا الجنوبية. ولم يستطع الاتحاد السوفييتي السابق استعمال حق الفيتو أو الاعتراض على قرار المجلس لأن مندوبه في المجلس انسحب مؤقتًا لاعتراضه على عضوية الصين الوطنية في المجلس.
وفي 7 يوليو 1950م كوّن المجلس قوةً عسكرية تحت قيادة الولايات المتحـدة. ومن بين أعضــاء الأمم المتحــدة الـ 60 اشترك 16 عضوًا في إرسال قوات و41 عضوًا بإرسال إمدادات إلا أن الولايات المتحدة شاركت بأكثر من 95% من القوات والإمدادات.
وفي أكتوبر 1950م دخلت القوات الشيوعية الصينية الحرب، فاجتمع مجلس الأمن لمناقشة الموقف، إلا أن مندوب الاتحاد السوفييتي السابق كان قد عاد واستعمل حق الفيتو لإجهاض محاولات مجلس الأمن لاتخاذ أي قرار. ولم تتوقف الحرب إلا في 27 يوليو 1953م عندما تمّ توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بين كوريا الشمالية والأمم المتحدة. انظر: الحرب الكورية.
النزاع في قبرص. في الخمسينيات من القرن العشرين، طالب القبارصة اليونان بضمِّ جزيرة قبرص لتكون جزءًا من اليونان. وكانت الجزيرة في ذلك الوقت خاضعة للحكم البريطاني ويشكّل اليونانيون حوالي 80% من عدد سكانها، بينما كانت غالبية باقي السكان من الأتراك، وكان الخلاف عميقًا بين الفئتين وبلغ حد الخطورة في فبراير 1957م. ونتيجة لضغوط الجمعية العامة استطاعت بريطانيا واليونان وتركيا التوصل إلى حلٍّ مُرْضٍ. وفي 16 أغسطس 1960م صارت قبرص جمهورية مستقلة وضمن لها هذا الاستقلال كلٌّ من بريطانيا واليونان وتركيا.
وفي ديسمبر 1963م قام الرئيس مكاريوس بهضم حقوق السّكان الأتراك. وعندما ظهر الأسطول التركي بالقرب من الجزيرة اندلع القتال بين القبارصة الأتراك واليونانيين، فأرسلت الأمم المتحدة قوةً لحفظ السلام في الجزيرة عام 1964م وساعدت هذه القوة، التي تبرع بتمويلها أعضاء من الأمم المتحدة، في منع الصِّدام داخل الجزيرة خلال الستينيات وبداية السبعينيات. انظر: قبرص.
الحالة الطارئة في الكونغو. نالت الكُونغو (ليوبولدفيل) ـ الكونغو الديمقراطية الآن ـ استقلالها في 30 يونيو 1960م، بعد 55 سنة من الحكم البلجيكي. وبمجرد انسحاب الإدارة البلجيكية والجيش اندلعت المظاهرات بصورة خطيرة شكلت تهديدًا للبلاد؛ مما جعل القوات البلجيكية تعود لحفظ النظام. انظر: الكونغو الديمقراطية.
تقدمت الحكومة الكونغوليّة إلى الأمم المتحدة بطلب مساعدة عسكرية فوافق مجلس الأمن على مساعدات مدنية وتشكيل قوة دولية خاصة لإعادة النظام للبلاد. وخلال الشهور التالية قام الاتحاد السوفييتي السابق باستعمال حقِّ الاعتراض (الفيتو) لمنع مجلس الأمن من اتخاذ إجراءات أخرى، مما جعل الجمعية العامة تتولى العملية. وقامت قوات الأمم المتحدة بمساعدة الحكومة الكونغولية لإعادة سيطرتها على البلاد وضبط النظام، ثمّ سحبت قواتها في 30 يونيو 1964م.
وبلغ الحد الأقصى لقوة الأمم المتحدة 20,000 جندي، وبلغت تكاليفها حوالي 400 مليون دولار أمريكي، بالإضافة إلى 50 مليون دولار أمريكي أخرى قُدِّمَت كمساعدات اقتصادية للكونغوليين. ولكن كلاً من فرنسا والاتحاد السوفييتي السابق وعدة دول أخرى من أعضاء الأمم المتحدة، رفضت المشاركة في تحمّل تلك المصاريف بحجة أن سلطة تقدير تكاليف حفظ السلام يتمتعُ بها مجلسُ الأمن فقط. وكانت الجمعية العامة هي التي قامت بتقدير تكاليف عملية الكونغو. وبعد فترة وجيزة أضحت الأمم المتحدة مُثْقَلةً بالديون مما أضعف من مقدرتها على مواجهه أي مسائل طارئة في المستقبل.
أزمة صواريخ كوبا. في 22 أكتوبر 1962م أعلن الرئيس الأمريكي جون كنيدي إلى العالم أن الاتحاد السوفييتي السابق كان ينشئ قواعد سرية في كوبا لإطلاق الصواريخ. وكانت السفن السوفييتية في طريقها لإحضار الصواريخ والأجهزة اللازمة لتلك القواعد. وكان من الممكن إطلاق قذائف نووّية من تلك القواعد على الولايات المتحدة والدول الأخرى، خاصةً وأن كوبا تبعد مسافة 145كم فقط من فلوريدا. طالب كنيدي أن يقوم الاتحاد السوفييتي السابق بسحب جميع القواعد والصواريخ من كوبا، وأعلن حصارًا بحريًا على كوبا وطلب من كــلٍّ من منظمة الدول الأمريكية أو إيه إس ومجلس الأمن اتخاذ إجراء. وبدأ الأمين العام القائم بالعمل وقتئذٍ، يو ثانت، فورًا في بحث الوسائل الكفيلة بمنع الصدام بين القوتين. وأُعلن في 24 أكتوبر أنه قدم اقتراحات لكلٍّ من الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة لتسوية النزاع، وبعد عدة أيام أصدر الاتحاد السوفييتي السابق أمرًا لسفنه بعدم الإبحار إلى كوبا، وبالمقابل التزمت الولايات المتحدة بفعل كلِّ ما في وسعها لتجنب الحرب. وفي 28 أكتوبر وافق الرئيس السوفييتي نيكيتا خُروتْشوف على مطالب كنيدي، وتم الاتفاق بين كل من الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة على أن تقوم الأمم المتحدة بالإشراف على سحب الصواريخ والقواعد، إلا أن يو ثانت فشل في إقناع كوبا بقبول المفتشين الدوليين. انظر: كوبا.
مشكلة جنوب إفريقيا. واجهت الأمم المتحدة صعوبةً خاصة تجاه هذه المشكلة. ففي جنوب إفريقيا ـ وهي من أكبر أقطار إفريقيا الجنوبية ـ أقلية من البيض كانت تحكم غالبية كبيرة من السّود. وفي عام 1920م بدأت حكومة جنوب إفريقيا البيضاء حكم ناميبيا وهي منطقة كبيرة مجاورة، والغالبية العظمى من سكانها من السود. كان البيض أيضًا يحكمون غالبية من السود في رودِيسيا (زمبَابوي الآن)، وهو قطر آخر من أقطار جنوب إفريقيا وذلك بعد فترة طويلة من انتهاء الحكم الأبيض لمعظم مناطق إفريقيا. وفي عام 1948م، انتهجت حكومة جنوب إفريقيا سياسةً متشددة للتفرقة القانونية والعنصرية عرفت بسياســة التفرقة العنصرية وهدفت إلى التفرقة الاجتماعية بين السّود والبيض. وزادت هذه التفرقة حدّةً بصدور عدة قوانين عنصرية تهدف إلى عزل السود في العمل والتعليم وجميع مظاهر الحياة اليومية.
اتّخذت الأممُ المتحدة بعض الإجراءات ضد جنوب إفريقيا. ففي عام 1974م منعت الجمعية العامة مندوب جنوب إفريقيا من حضور دورة ذلك العام بسبب السياسة العنصرية التي تنتهجها بلاده.
وفي عام 1976م اتخذت الجمعية العامة مجموعة من القرارات تُطَالب أعضاء الأمم المتحدة بإيقاف التجارة مع جنوب إفريقيا وشحنات الأسلحة إليها، وترفض إشراكها في المنافسات الرياضية. كما أصدر مجلس الأمن عام 1977م أمره للدول الأعضاء بعدم بيع السّلاح لجنوب إفريقيا وكان هذا أول قرار من نوعه يتخذه المجلس ضد عضو في الأمم المتحدة. وقامت حكومة جنوب إفريقيا في 1991م بإلغاء القوانين التي كانت تُشكل أسس التفرقة العنصرية. وحثت الجمعية العامة جميع الدول على قبول اشتراك جنوب إفريقيا في المنافسات الرياضية. وفي 1994م رفعت الأمم المتحدة الحظر التجاري عن جنوب إفريقيا وسمحت لمندوبها حضور جلسات الجمعية العامة.
اتّخذت الأمم المتحدة إجراءات ضد روديسيا أيضًا، رغم عدم انتمائها للأمم المتحدة وذلك في عام 1966م، حين طلبت من الأعضاء عدم التجارة معها. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تُصْدِرُ فيها الأممُ المتحدة مثل تلك العقوبات الاقتصادية. وخاضت روديسيا السّوداء حرب عصابات طويلة لوضع حد للسّيطرة البيضاء على البلاد. وفي عام 1980م تم إجراء انتخابات عامة تحت الإشراف البريطاني وصارت روديسيا هي زمبابوي المستقلة بحكومة يشغل السّود غالبية المناصب فيها.
وفي عام 1966م صوتت الجمعية العامة على تشكيل مجلس دولي ليحكم ناميبيا حتى تنال استقلالها. وكانت عصبة الأمم قد سمحت لجنوب إفريقيا بالسيطرة على ناميبيا لذلك رفضت جنوب إفريقيا اعتبارها من المناطق المشمولة بوصاية الأمم المتحدة، كما رفضت السّماح للمجلس الدولي بدخول ناميبيا، وبدلاً من ذلك أخضعتها لنظام عنصري.
وفي عام 1966م بدأت مجموعة حرب عصابات ناميبية تُعرف بالمنظمة الشّعبيّة لجنوب غربي إفريقيا، سوابو القتال لطرد قوات جنوب إفريقيا من البلاد. اتخذت سوابو قاعدتها في أنجولا التي كانت في ذلك الحين تعاني من حرب أهلية. وفي عام 1975م دخلت قوات كُوبية أنجولا لمساعدة مجموعة مشاركة في الحرب الأهلية. واستطاعت هذه المجموعة السّيطرة على حكومة أنجولا، واستمرَّ الكُوبيون في مساعدة الحكومة الجديدة ضد مجموعة أخرى منافسة لها، كما قدموا مساعدتهم لمنظمة سوابو. وفي عام 1982م وافقت جنوب إفريقيا على سحب قواتها من ناميبيا إذا انسحبت القوات الكُوبية من أنجولا.
بدأت الولايات المتحدة المفاوضات بين أنجولا وكُوبا وجنوب إفريقيا. وفي عام 1988م تم توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بين أنجولا وجنوب إفريقيا. وفي فبراير 1989م وافقت الأمم المتحدة على خطة لاستقلال ناميبيا. وسحبت جنوب إفريقيا قواتها من ناميبيا في نوفمبر 1989م. وقامت الأمم المتحدة بإرسال قوات لحفظ السلام إلى ناميبيا، وعرفت هذه القوات بالمجموعة الدولية للمساعدة الانتقالية، يونتاج. ونالت ناميبيا استقلالها في إبريل 1990م، وسحبت الأمم المتحدة قوات حفظ السلام في 1991م. وسحبت كُوبا قواتها من أنجولا في مايو من نفس العام، إلا أن قوة حفظ السلام الدولية لم تغادر أنجولا بهدف مراقبة تسوية الحرب الأهلية.
الأزمة الإيرانية. في فبراير 1979م استطاعت حركة بقيادة الزّعيم الديني الإيراني الخميني إسقاط حكومة شاه إيران. وكان الشّاه المخلوع، مُحمّد رضا بهلوي قد غادر إيران في يناير. وفي أكتوبر وصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية للعلاج.
وفي نوفمبر احتل الثوار الإيرانيون السفارة الأمريكية في طهران عاصمة إيران، واعتقلوا أعضاء السِّفارة ومواطنين أمريكيين آخرين، واحتفظوا بهم رهائن في السِّفارة، وطالبوا الولايات المتحدة بإرجاع الشاه لمحاكمته مقابل الإفراج عن الرهائن، إلا أن حكومة الولايات المتحدة رفضت هذا العرض.
وفي ديسمبر عقد مجلسُ الأمن جلسة طارئة لإنهاء الأزمة، وأصدر قرارًا بالإجماع يدعو إيران للإفراج عن الرّهائن فورًا، إلا أن الثوار استمروا في حبس الرهائن حتى بعد أن خرج الشاه من الولايات المتحدة. وفي يوليو 1980م توفي الشاه في مصر.
وفي شهر مايو 1980م دعت محكمة العدل الدولية ـ وهي الفرع القضائي للأمم المتحدة ـ إلى الإفراج الفوري عن جميع الرهائن الأمريكيين في إيران إلا أن ذلك لم يتم إلا في يناير 1981م.
الحرب الإيرانية العراقية. في عام 1980م نشبت حرب بين إيران والعراق نتيجة لنزاع على الحدود وخلافات أخرى. دعا مجلس الأمن للتّسوية السلمية إلا أن إيران رفضت ذلك. وفشل مبعوث الأمم المتحدة الخاص أولف بالم، السويدي، في إقناع الطرفين بالاتفاق رغم مقابلته للمسؤولين في كل من إيران والعراق عدة مرات في الفترة بين عامي 1980م و1982م. وفي الفترة بين عامي 1982- 1987م أصدرت الجمعية العامة ومجلس الأمن عدة قرارات تنادي بوقف إطلاق النار، إلا أن مصيرها كان الإهمال من كل من إيران والعراق. كما شاركت الأمم المتحدة في محاولات أخرى عديدة لإقناع الطرفين للدخول في مفاوضات. وفي عام 1988م قبلت إيران بخطة سلام اقترحها مجلس الأمن، وتمّ إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار. وفي أغسطس 1990م تم الاتفاق بين الطرفين على شروط سلام.
الاحتلال السوفييتي لأفغانستان. في عام 1978م قـام القادة الأفغانيون اليساريون بقتل محمد داود خان رئيس دولة أفغانستان ورئيس مجلس الوزراء. استولت المجموعة اليسارية مدعومةً بالاتحاد السوفييتي السابق على السُّلطة ووضعت سياسات شيوعية عارضها الكثير من الأفغان، ورفضوا كذلك الهيمنة السوفييتية. ثارت عدة مجموعات من المجاهدين ضد الحكومة.
وفي عامي 1979م و1980م دخلت القوات السوفييتية أفغانستان لمساعدة الحكومة الأفغانية في قتال المجاهدين، إلا أن الجمعية العامة اتخذت قرارًا عاجلاً تطالب فيه القوات الأجنبية بالانسحاب فورًا من أفغانستان. لكن السوفييت مضوا في القتل والهدم والتشريد حتى ترك أكثر من ثلاثة ملايين أفغاني قُرَاهم التي مزّقَتها الحرب إلى دولتي باكستان وإيران المجاورتين.
ومع استمرار الهزائم المتلاحقة، ابتداء من عام 1982م عقدت الأمم المتحدة عدة محادثات للسّلام اشتركت فيها كل من أفغانستان وإيران وباكستان والمجاهدين. وفي عام 1987م وضعت الأمم المتحدة خطة للسلام تدعو إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة. وفي عام 1988م توصّل جميع الأطراف إلى اتفاق حول انسحاب القوات السوفييتية من أفغانستان. وقد تم الانسحاب سنة 1989م، كما انتهت المعارك في 1992م بعد أن سيطر المجاهدون على الحكومة بالقوة، غير أن الوضع لم يستقر حتى بعد استيلاء طالبان على السلطة في سبتمبر 1996م. وفي نهاية عام 2001م، استطاعت القوات الأمريكية بمساعدة قوات المعارضة الأفغانية من هزيمة قوات طالبان وطردها من السلطة. وكانت الأمم المتحدة تحاول خلال عقد كامل تيسير عمليتي المصالحة الوطنية والإعمار في أفغانستان بعد الحرب الأهلية الطويلة. وفي أعقاب أحداث 11سبتمبر 2001م، عين الأمين العام للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي ممثلاً خاصاً له في أفغانستان. وعملت الأمم المتحدة في مرحلة مابعد طالبان على تشجيع الحوار بين الأطراف الأفغانية بغية تشكيل حكومة موسعة شاملة. انظر: أفغانستان.
نزاع الصحراء الغربية. في بداية السبعينيات من القرن العشرين قام الملك الحسن الثاني ملك المغرب بالتركيز على مطالبة بلاده بالصحراء الغربية وهي منطقة تسيطر عليها أسبانيا وتقع على حدود المغرب الجنوبية. طالبت موريتانيا أيضًا بأجزاء من هذه المنطقة، بينما طالبت جبهة البوليساريو، وهي مجموعة حرب عصابات تحارب الأسبان في تلك الصحراء، باستقلال المنطقة.
في عام 1976م تنازلت أسبانيا عن مطالبتها بالمنطقة، بينما طالبت المغرب بالجزء الشماليّ منها، وطالبت موريتانيا بالجزء الجنوبي. وصارت المنطقة تعرف بالصحراء الغربية.
ومازالت جبهة البوليساريو تطالب بالاستقلال، وحاربت في سبيله القوات المغربية والموريتانية. وفي عام 1979م تنازلت موريتانيا عن مطالبتها إلا أن المغرب طالبت بكامل المنطقة.
أصرت الأمم المتحدة على المفاوضات حول مصير المنطقة، وفي عام 1986م بدأت محادثات منفصلة مع كلّ من المغرب وجبهة البوليساريو. وفي سبتمبر 1991م أُعْلِن اتفاقٌ بوقف إطلاق النار يقضي بإجراء استفتاء (تصويت مباشر) لتقرير ما إذا كانت الصحراء الغربية ستكون مستقلة أم جزءًا من المغرب. وتقرر إجراء هذا الاستفتاء في بداية عام 1992م. غير أن ذلك قد تأجل لعدم الاتفاق على من يحق له التصويت.
النزاع في نيكاراجوا. في عام 1979م قامت مجموعة ثورية تُسمى جبهة ساندينيستا الوطنية للتحرير بإسقاط الحكومة النيكاراجوية التي يرأسها أنستازيو سوموزا ديبايل. وشكّلت الساندينيستا حكومة جديدة وسيطرت على القطاعات الاقتصادية الرئيسية. وفي بداية الثمانينيات من القرن العشرين نشطت حركة المقاومة للحكومة الجديدة في نيكاراجوا حول السياسة الاقتصادية وطريقة الحكم، وقامت القوات المناوئة للساندينيستا التي تُعْرَف بالكونترا بهجمات عسكرية على قوات الحكومة من قواعد اتخذتها في هندوراس المجاورة.
وفي مارس 1989م، طلب خمسة من رؤساء أمريكا الوسطى من الأمم المتحدة تشكيل قوة دولية لحفظ السلام للمساعدة في إنهاء النزاع في نيكاراجوا ونزاعات أخرى في أمريكا الوسطى. ونتيجة لذلك قام مجلس الأمن في نوفمبر 1989م بتشكيل القوة الدولية للمراقبة في أمريكا الوسطى أونيوسا. وبعد انتخابات أُجْرِيت في بداية عام 1990م فقدت الساندينيستا سيطرتها على الحكومة. وبعد فترة وجيزة من ذلك وافقت الكونترا على إلقاء السلاح، وترك قواعدها في هندوراس، ومن ثمَّ قامت الأمم المتحدة بتكليف أونيوسا بالإشراف على وقف إطلاق النار بين الساندينيستا والكونترا والتأكد من فصل القوتين بعضهما عن بعض.
حرب الخليج. في أغسطس 1990م قام النظام العراقي بغزو واحتلال الكويت. طالب مجلس الأمن النظام العراقي بسحب قواته كما طالب الدول بوقف التبادل التجاري مع النظام العراقي إلى أن ينسحب من الكويت، مما أدى إلى انخفاض حاد في التجارة مع العراق.
وفي نوفمبر 1990م فوّض مجلس الأمن أعضاء الأمم المتحدة باستعمال القوة لإخراج النظام العراقي من الكويت إذا رفض الانسحاب حتى 15 يناير 1991م. ونتيجة لعدم انسحاب النظام العراقي حتى التاريخ المحدد، قامت قوات من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بقصف أهداف عسكرية في العراق والكويت في 17 يناير. وكان من بين أعضاء الأمم المتحدة الذين اشتركوا في محاربة النظام العراقي الولايات المتحدة، بريطانيا، وعدة دول أخرى من أوروبا الغربية بالإضافة إلى عدد من الدول العربية. قامت قوات من المشاة بغزو الكويت وأجزاء من العراق في 24 فبراير، وفي 28 فبراير انتهت جميع العمليات العسكرية. وفي 6 أبريل وافق النظام العراقي على شروط قرار صادر من الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار، إلا أن الحظر التجاري على العراق ظل مستمرًا. ولكن سمحت الأمم المتحدة للعراق في 20 مايو 1996م ببيع ما قيمته مليار دولار أمريكي من نفطه كل 3 شهور لشراء بعض الأغذية والأدوية (النفط مقابل الغذاء). وقد اتخذت الأمم المتحدة هذا القرار (رقم 986) بناء على تقرير منظمة الصحة العالمية الذي صدر في شهر مارس وصفت فيه الحالة الصحية المتردية لكثير من العراقيين خاصة الأطفال. لاتزال فرق التفتيش التابعة للأمم المتحدة تبحث عن أسلحة الدمار الشامل بالعراق لإزالتها.
النزاع في يوغوسلافيا. في يونيو من عام 1991م أعلنت كل من كرواتيا وسلوفينيا استقلالهما عن يوغوسلافيا، غير أن حكومة يوغوسلافيا التي كانت تهيمن عليها صربيا، وهي أيضًا إحدى جمهوريات تلك الدولة، عارضت بشدة توجه الجمهوريتين نحو الاستقلال. وأرسلت قوات اتحادية لمحاربة كل من كرواتيا وسلوفينيا اللتين تكبدتا خسائر فادحة في الجيش وبين المدنيين. وفي كرواتيا التحق مواطنوها من الصرب المسلحين بالجيش الاتحادي، وكان هؤلاء يرغبون في اتحاد هذه البلاد مع صربيا ولتكون جزءًا منها. وقد أعلن عن وقف إطلاق النار في شهر يوليو في كل من كرواتيا وسلوفينيا، غير أن المعارك اندلعت في كرواتيا مرة أخرى في شهر أغسطس. وفي يناير 1992م قامت الأمم المتحدة بالتفاوض مع زعماء الصرب والكروات حول إعلان وقف إطلاق النار. وفي شهر مارس قرر مجلس الأمن إرسال قوة خاصة بحفظ السلام إلى كرواتيا تحت اسم قوة الحماية التابعة للأمم المتحدة في يوغوسلافيا.
وفي نفس الشهر، أعلنت جمهورية البوسنة والهرسك (معظم سكانها من المسلمين) استقلالها عن يوغوسلافيا. واعترض الصرب الموجودون في تلك الجمهورية على هذا الإعلان، وبدأت المعارك بينهم وبين جيش البوسنة والهرسك، كما أرسلت صربيا الجيش اليوغوسلافي للقتال في صف صرب البوسنة في محاولة وحشية للتصفية الجسدية لمسلمي جمهورية البوسنة والهرسك. وقد قرر مجلس الأمن في شهر مايو فرض الحصار على صربيا، وقد أثر ذلك كثيرًا على تجارة صربيا الخارجية. وفي شهر يونيو بدأت طائرات الأمم المتحدة نقل إمدادات الأطعمة والأدوية إلى سراييفو عاصمة البوسنة والهرسك لتوزيعها على المدنيين الذين كانوا يعانون من نقص المواد الغذائية بسبب القتال. رفض الصرب قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وواصلوا القتل والإبادة ضد المسلمين. وبقيت الأمم المتحدة عاجزة عن تنفيذ قراراتها لحماية مسلمي البوسنة والهرسك. وأجبر تدخل حلف شمال الأطلسي المعتدين الصرب على قبول اتفاقية دايتون في نوفمبر 1995م، وأعيد تقسيم البلاد بين المسلمين والكروات من جهة والصرب البوسنيين من جهة أخرى. انظر: البوسنة والهرسك.
وقد أثبتت الأمم المتحدة وجودها في منازعات أخرى حدثت في أنحاء العالم المختلفة. ففي كمبوديا قامت الأمم المتحدة بصفتها سلطة انتقالية بإدارة تلك البلاد في عام 1992م، كما تم توقيع معاهدة السلام في إلسلفادور برعاية الأمم المتحدة في تلك السنة.
نزع السلاح. أشار ميثاق الأمم المتحدة باختصار إلى ضرورة السيطرة على الأسلحة، إلا أنه صدر قبل بداية العصر النووي. فبحلول عام 1949م استطاع كلٌّ من الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة امتلاك القُنبلة الذّرّية واتفقا على ضرورة وضع ضوابط لاستعمال تلك الأسلحة، إلا أنهما لم يتفقا على طبيعة تلك الضّوابط.
وفي عام 1961م اتفق الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة على خطة لتشكيل لجنة لنزع السلاح، وأيدت الأمم المتحدة هذه الخطة فشكّلت لجنةً من 18 دولة. وارتفع عدد الدول المشاركة في عام 1969م إلى 40 دولة، وصارت لجنة نزع السلاح من لجان الأمم المتحدة الرسمية.
أقنعت أزمة الصواريخ الكُوبية عام 1962م كلاً من الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة بالعمل الجاد للحدِّ من الأسلحة النوّويّة. وفي عام 1963م قامت ثلاثٌ من الدول التي تملك أسلحةً نووية، وهي الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة وبريطانيا، بتوقيع اتفاقية بالاشتراك مع معظم أعضاء الأمم المتحدة لتحريم التجارب النّوويّة في الجوِّ والفضاء الخارجي وتحت الماء، باستثناء التجارب التي تُجرَى تحت الأرض. كما اتفقت الدول الثلاث على عدم وضع أسلحة الدمار الشامل في مدار حول الأرض.
في عام 1968م وافقت الأمم المتحدة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التي تمنع الدول النووية التي وقعتها أو وافقت عليها ـ الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة وبريطانيا ـ من إعطاء الأسلحة النووية للدول التي لم تكن تملكها من قبل. وبالرغم من أن كلاً من الصين وفرنسا وإسرائيل والهند تملك أسلحة نوويّة إلا أنها لم توقع على المعاهدة التي أصبحت ساريةً اعتبارًا من عام 1970م. وفي عام 1971م وافقت الجمعية العامة على معاهدة تُحَرِّم إنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية، وبدأ سريان المعاهدة في عام 1975م.
الحرب على الإرهاب. في سبتمبر 2001م، اتخذ مجلس الأمن، إثر الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001م قراراً يلزم الدول الأعضاء بمكافحة الإرهاب بموجب أحكام الإنفاذ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة. وشمل القرار بنوداً تمنع تمويل الإرهاب، وتحريم جمع الأموال لمثل هذه الأغراض، والقيام بدون تأخير بتجميد الأصول المالية لمن يرتكب أعمالاً إرهابية. ودعا قرار المجلس إلى تبادل المعلومات المتعلقة بتحركات الإرهابيين وعدم التستر عليهم أو تدريبهم.
الاستعمالات السلمية للفضاء الخارجي. في عام 1958م دعا الأمين العام للأمم المتحدة جميع الدول للموافقة على عدم المطالبة بملكية أية منطقة في الفضاء الخارجي. وأعلنت الجمعية العامة عام 1963م وجوب استعمال الفضاء الخارجي لمصلحة جميع الشُّعوب، ولا يجوز لأي دولة إدّعاء ملكية أي جزءٍ منه. وفي عام 1967م وقّعت أكثر من 90 دولة على معاهدة تنصّ على تلك الأهداف.
الاستعمالات السّلميّة لقاع البحار. طُرحت مسألة قاع البحار أمام الجمعية العامة للمرة الأولى عام 1967م. ولاحظت الجمعية أن الاختراعات الحديثة مكّنت الدول من استعمال قاع البحار كمصدر للمعادن القيمة واستعمالات حديثة أخرى. فشكَّلت الجمعية لجنة دائمة من 42 دولة لدراسة هذا الموضوع، وأقرت اللجنة استعمال معظم مناطق قاع البحار لمصلحة جميع الشعوب. وفي عام 1971م أعدت الجمعية مشروع معاهدة تمنع تجارب أو استعمال الأسلحة النّوويّة بعد شريط ساحلي بعرض 12ميلاً بحريًا، وأصبحت هذه المعاهدة ساريةً اعتبارًا من عام 1972م. وفي عام 1982م وافق مؤتمر دولي على مسودة معاهدة قانون البحار التي تعالج كثيرًا من أوجه الاستفادة من المحيطات. وأصبحت المعاهدة سارية بعد موافقة 60 دولة عليها عام 1994م.

المشاكل المُستمرة

صعوبات حفظ السّلام. تعاني الأمم المتحدة من صعوبات في حفظ السلام، إذ لم يتفق أعضاؤها في أيِّ وقت على قوة أمنية دائمة لمعالجة النزاعات الدولية. وكلُ ما تستطيعه في هذا الصّدد هو إرسال قوة لحفظ السلام إلى مناطق النّزاع إذا وافق طرفا النزاع على ذلك. ولكن بازدياد التعاون بين الأعضاء، في السنوات الأخيرة، أصبح بإمكان الأمم المتحدة أن تلعب دورًا أكثر فعالية في حماية الأمن والسلام في العالم.
الشؤون المالية. يجب على كل عضو المشاركة في تحمل المصاريف اليومية للهيئة. ويعتمد المبلغ الذي يشارك به العضو على مقدرته على الدفع. وتنص لوائح الأمم المتحدة على أنه لا يجوز لأي عضو أن يدفع أكثر من 25% أو أقل من 0,01% من المصروفات العادية للهيئة.
لقد عانت الأمم المتحدة من حالة ضعف شديدة بسبب ديونها التي بلغت 690 مليون دولار أمريكي عام 1988م.
وكانت محكمة العدل الدولية قد قضت عام 1962م أن يتحمّل جميع أعضاء الأمم المتحدة تكاليف عمليات حفظ السلام في الشرق الأوسط والكونغو. ويلاحظ أن الجمعية العامة هي التي حددت التمويل اللازم لتلك العمليات إلا أن الاتحاد السوفييتي السابق والدول الشيوعية ومعها فرنسا رفضت المشاركة بحجة أنّ تحديد التمويل اللازم من مسؤوليات مجلس الأمن فقط.
وفي أوائل تسعينيات القرن العشرين كان كثير من أعضاء الأمم المتحدة قد تأخروا في دفع المبالغ المطلوبة منهم، أو سددوا جزءًا من تلك المبالغ فقط. وكانت الولايات المتحدة مدينة بمبلغ 555 مليون دولار عن الدفعات المنتظمة المطلوبة، و110 ملايين دولار عن تكاليف عمليات حفظ السلام. وبلغت مديونية روسيا 160 مليون دولار عن تكاليف تلك العمليات.
مسائل العضوية. معظم الدول أعضاء في الأمم المتحدة. وكان موضوع عضوية الصين الشيوعية معروضًا في كلِّ دورات الجمعية العامة منذ عام 1950م وحتى عام 1971م عندما صوّتت الجمعية باستبعاد الصين الوطنية ومنح عضوية الهيئة للصين الشيوعية.
تنشد الدول الانضمام لهيئة الأمم المتحدة لأسباب مختلفة. فالعضوية تتيح لبعض الدول التمتع بمكانة وسط المجموعة الدولية قد لا تتوفر لها بدونها، إذ إن بعضها صغير لدرجة لا يملك معه سفارات خاصة به. ومن خلال بعثة واحدة في الأمم المتحدة يمكنها الاتصال مع معظم دول العالم. كما تتيح العضوية للدول الصغيرة طرح مشاكلها أمام الرأي العام والاستفادة من برامج الأمم المتحدة الاقتصادية، ومساعدتها الفنية.
كما أدى وجود عدد كبير من الدول الصغيرة في المنظمة إلى بعض المشاكل. ففي الجمعية العامة يتساوى صوت أصغر دولة مع صوت أكبر دولة، لذلك اقترحت بعض الدول ألاّ يكون للدول الصغيرة صوت كامل.
لم تنسحب من الأمم المتحدة سوى دولة واحدة هي إندونيسيا، إلا أنها استأنفت عضويتها بعد أقل من سنتين. وتبدو معظم الدول غير راغبة في الاستمرار بدون هيئة الأمم المتحدة، كما تفهّمت قيمة المجهود الدولي في معالجة بعض المشاكل الاقتصادية والاجتماعية. وفوق كل شيء، تفهّم الأعضاء أن مجهودات الأمم المتحدة في حفظ وإعادة السلام يمكن أن تساعد في منع حرب عالمية ثالثة.
متابعة القضايا الدولية. عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 31 يناير 1992م أول اجتماع قمة لزعماء دوله الأعضاء الخمسة عشرة. وتناول اجتماع القمة دور الأمم المتحدة في فترة ما بعد الحرب الباردة، كما أبدى المجلس ملاحظته من أن الاجتماع قد عُقد في وقت متغيرات بارزة وكانت نهاية الحرب الباردة قد ¸عقدت الآمال على أنه سيكون هناك عالم أكثر أمنًا وأكثر إنصافًا وإنسانية· حسب ما جاء في أقوال مؤتمر القمة.
وفي اجتماع القمة ذاك طلب المؤتمر من بطرس غالي الذي أصبح سكرتيرًا عامًا للأمم المتحدة في 1 يناير أن يعد مقترحات تمهيدية لنشاطات الأمم المتحدة في المستقبل لتعزيز السلام والتنمية الاجتماعية في أنحاء العالم المختلفة. وفي يونيو قدم بطرس غالي السكرتير العام ورقة عمل لتحقيق السلام، وكان قد أكد فيها الحاجة إلى الدبلوماسية الواقية وغيرها من الإجراءات التي صممت لإيقاف تصعيد النزاعات.
طلب بطرس غالي من الدول الأعضاء تقديم عدد من الجنود لإنشاء قوة عسكرية يمكن نشرها بسرعة للإشراف على اتفاقيات وقف إطلاق النار، أو للتدخل في النزاعات التي تهدد بانفجار حرب. ويسمح دستور هيئة الأمم المتحدة بإنشاء مثل هذه القوة العسكرية. وبموجب مقترحات بطرس غالي، بإمكان السكرتير العام أن ينشر القوة فقط بموافقة مجلس الأمن. وكان قد وُضع برنامج لكي يقوم المجلس بمناقشة هذه الخطة بالتفصيل في أوائل عام 1993م. وبالرغم من الشعور بالتفاؤل حول قدرة الأمم المتحدة على المساعدة على إقامة النظام العالمي الجديد؛ إلا أن المنظمة كانت تُدعى دائمًا في سنة 1992م لحل مشكلات تفوق طاقتها العملية، ومواردها الاقتصادية.
يوغوسلافيا. قرر مجلس الأمن في 21 فبراير 1991م أن ينشئ قوة الحماية التابعة للأمم المتحدة في الجمهوريات التي انفصلت عن يوغوسلافيا السابقة. وكان ذلك أول نشر لقوة تابعة للأمم المتحدة لحفظ السلام في قارة أوروبا. وكان على نحو 14,000جندي لحفظ السلام أن يراقبوا وقف إطلاق النار، وأن يحموا المناطق التي احتلتها الأقليات الصربية في كرواتيا إحدى جمهوريات يوغوسلافيا السابقة وقد أعلنت استقلالها في يونيو 1991م. وكان إعلان الاستقلال هذا قد أغضب الجماعات الصربية الكبيرة التي تعيش في كرواتيا، وقد ظلت هذه الأقليات موالية لجمهورية يوغوسلافيا.
وبالرغم من عقد هدنة تم التفاوض عليها مع الأمم المتحدة في يناير؛ إلا أن القتال استمر وانتشر في البوسنة والهرسك ¸في أغلب الأحيان يطلق عليهما البوسنة·، وهي جمهورية أخرى كانت قد أعلنت الاستقلال عن يوغوسلافيا في مارس 1992م. وتقدمت قوات صربية قوية العتاد الحربي، وفرضت الحصار على سراييفو عاصمة البوسنة. واستولت القوات الصربية على مطار سراييفو ومنعت بذلك إمدادات الطعام والإغاثة الإنسانية التي كانت تحملها الأمم المتحدة جوًا من الوصول إلى سكان العاصمة الذين كانوا يتضررون من المجاعة. وفي 15 مايو أعلن بطرس غالي السكرتير العام للأمم المتحدة بأن الموقف في البوسنة مأساوي، وخطر وعنيف، ويصعب التكهن بما سيصل إليه. وأمر معظم القوة المؤلفة من 300 جندي من جنود حفظ السلام في سراييفو وهي المقر الرئيسي لقوة الحماية الدولية بالانسحاب مؤقتًا.
وفي 30 مايو 1992م صوّت مجلس الأمن على فرض حصار تجاري عالمي على صربيا والجبل الأسود (مونتنيجرو) وهما الجمهوريتان المتبقيتان من يوغوسلافيا واللتان شكلتا جمهورية يوغوسلافيا الجديدة. وفي 29 يونيو سلم بعض الجنود الصرب المطار لقوة صغيرة من قوة حفظ السلام الدولية. وفي نفس اليوم قرر مجلس الأمن أن يرسل 850 جنديًا للمحافظة على المطار وفتحه للمساعدات الإنسانية المحمولة جوًا.
وفي 13 أغسطس وافق مجلس الأمن على استعمال القوة لضمان وصول الغذاء والإمدادات الضرورية والأدوية للبوسنة. وعلاوة على ذلك فقد أدان ممارسات الصرب الساعية إلى التطهير العرقي، إذ كانت القوات الصربية تطرد المسلمين والفلاحين الكروات من المناطق التي كانت تحت سيطرة الصرب. ودعا مجلس الأمن أعضاء هيئة الأمم المتحدة لجمع المعلومات عن الأعمال الوحشية التي ارتكبتها القوات الصربية.
أدت الهجمات المستمرة التي كان يقوم بها الصرب بعد ذلك على قوافل الأمم المتحدة المحملة بالأطعمة إلى دفع مجلس الأمن في 14 سبتمبر لتكليف بطرس غالي طلب حوالي 6,000 جندي إضافي لحماية القوافل. ثم حدث أن صوّتت الجمعية العامة على طرد يوغوسلافيا من عضوية الأمم المتحدة. وبالإضافة إلى ذلك فقد طلب مجلس الأمن بأن تسمح صربيا للمنظمات الدولية بحق التفتيش الفوري على سجونها ومعسكرات الاحتجاز للتحقيق في التقارير الخاصة بالجرائم الوحشية التي ارتكبها الصرب.
وفي 6 أكتوبر أمر مجلس الأمن بتعيين لجنة من الخبراء للنظر في كل تقارير مخالفات حقوق الإنسان التي ارتكبتها كل الأطراف في النزاع اليوغوسلافي وتحليلها. وذكر أعضاء مجلس الأمن بأن الخطوة التالية هي محاكمة كل أولئك الذين اتهموا بجرائم الحرب ولكن شيئًا من هذا لم يحدث حتى الآن.
وقد أفاد مسؤولو الأمم المتحدة في 10 ديسمبر بأن ما مجموعه 316 من جنود حفظ السلام قد جرحوا، وأن 20 آخرين قد قتلوا أثناء الصراع في كرواتيا والبوسنة في عام 1992م. وبينما القتال مستمر، ومخالفات الأقطار المختلفة للعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الأمم المتحدة تسير على قدم وساق، وافق مجلس الأمن في 16 نوفمبر على فرض حصار بحري على يوغوسلافيا، ومنذ 10 ديسمبر كان هناك نحو 23,023 جنديّا من جنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة قد وضعوا في كرواتيا والبوسنة.
كمبوديا. في ديسمبر 1990م، عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مؤتمرًا عالميًا عن كمبوديا في باريس. وفي 1991م رعت الأمم المتحدة مباحثات السلام بين الأطراف المتنارعة انتهت بتوقيع اتفاقية للسلام في أكتوبر من نفس العام. في عام 1992م تولت الأمم المتحدة مسؤولية إرسال بعثة لحفظ السلام الشامل في كمبوديا. وهذه ثانية كبرى بعثات السلام التي تولتها الأمم المتحدة، وتجيء في الترتيب الثاني أيضًا من حيث كثرة التكلفة، وكلفت هذه البعثة بليوني دولار أمريكي في فترة 15 شهرًا. وكان قوام البعثة 15,600 رجل عسكري مع فريق من المدنيين تعدادهم 500 شخص، تولى هؤلاء بصفة مؤقتة إدارة الأعمال الحكومية الحيوية. وتولى موظفو الأمم المتحدة كذلك ترحيل وإعادة توطين ما يقرب من 370,000 لاجئ كمبودي.
تولت الأمم المتحدة بموجب الاتفاقية إدارة الحكومة الكمبودية لفترة مؤقتة تقود البلاد إلى الديمقراطية. وتشكلت الحكومة الجديدة من ممثلي الأمم المتحدة والمجلس الوطني الأعلى الذي ضم أعضاء من الحكومة السابقة وممثلي ثلاث مجموعات معارضة. وفي 1993م، تم إجراء الانتخابات العامة، وانتخب 120 عضوًا للبرلمان الكمبودي. شكلت الأحزاب الفائزة في الانتخابات حكومة انتقالية خلفت حكومة الأمم المتحدة وظلت في السلطة حتى استكمل إعداد الدستور وشكلت حكومة دائمة. رأس سيهانوك الحكومة المؤقتة واستعاد لقبه بوصفه ملكًا لكمبوديا.
الصومال. في 23 يوليو انتقد بطرس غالي مجلس الأمن لتجاهله الأزمة الصومالية حيث يتضور مئات الآلاف من الناس جوعًا حتى أشرفوا على الموت. وبالرغم من أن شحنات المواد الغذائية قد أرسلت إلى الصومال إلا أن الأطراف المتحاربة وقطاع الطرق هناك كانوا يقطعون الطرق على هذه المساعدات. وفي سبتمبر وصل 655 جنديّا من باكستان تابعين للأمم المتحدة إلى الصومال لحماية شحنات الأطعمة. وفي 3 ديسمبر أمر المجلس بعمليات عسكرية دولية تقودها الولايات المتحدة. وبدأ الجنود في الوصول إلى مقديشيو، التي هي العاصمة والميناء معًا، وذلك في 9 ديسمبر. وكان الغرض من ذلك تأمين الميناء والمطار وضمان وصول الأطعمة. وفي 1993م، خضعت كل القوات العاملة في الصومال لقيادة قوات الأمم المتحدة. هاجمت قوات الأمم المتحدة العناصر الصومالية التي قتلت بعض جنودها، ولكنها فشلت في العمل على استتباب الأمن والنظام بالبلاد فانسحبت في 1995م.
العراق. ظل مفتشو الأمم المتحدة يعملون منذ 6 أبريل 1991م، على نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية تنفيذًا لقرارات مجلس الأمن حتى قبيل أيام قليلة من اجتياح القوات الأمريكية والبريطانية للأراضي العراقية في 20 مارس 2003م. وكان المسؤولون العراقيون قد حاولوا منع دخول فرق التفتيش إلى بعض الأماكن بحسبها مناطق سيادية (1997 -1998م)، أو منع جنسيات محددة من المفتشين من دخول العراق، إلا أن العراق قبل دخول المفتشين أراضيه لاستكمال عملهم بعد نجاح المفاوضات التي أجراها المسؤولون العراقيون مع كوفي عنان ببغداد في فبراير 1998م.
موزمبيق. انتهت الحرب الأهلية في موزمبيق بين الحكومة وحركة الرينامو بعد أن استمرت 14 سنة، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق بين الجانبين وافق مجلس الأمن على إرسال بعثة لحفظ السلام في موزمبيق تتكون من 7,500 جندي وغيرهم من المسؤولين عام 1992م، وأشرفت الأمم المتحدة على أول انتخابات تعددية في موزمبيق في 1994م.
تيمور الشرقية. أسفرت المحادثات التي رعتها الأمم المتحدة في مايو 1999م عن اتفاق مهد السبيل لإقامة استفتاء شعبي بشأن وضع الإقليم. وبموجب هذا الاتفاق، نظمت بعثة الأمم المتحدة عملية تسجيل المقترعين وإجراء الاقتراع في أغسطس 1999م. وصوت 78% من سكان تيمور الشرقية لصالح الاستقلال عن إندونيسيا بدلاً من الحكم الذاتي في إطار هذا البلد. وفي 15 مايو 2002م نالت تيمور الشرقية استقلالها.
اللاجئون. كانت من بين أكبر التحديات التي واجهت الأمم المتحدة عام 1992م الحاجة إلى خدمة عدد من اللاجئين لم يعرف له مثيل من قبل. فقد قال ساداكو أوجاتا الياباني كبير معتمدي اللاجئين في الأمم المتحدة في أكتوبر إن هناك 1,5 مليون لاجئ قد عادوا إلى أوطانهم بمحض اختيارهم في سنة 1992م. ولكن هناك عددًا ضخمًا يبلغ 18 مليون لاجئ ما زالوا على حالهم في العالم. ومن هؤلاء أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ فلسطيني طردوا من ديارهم وأوطانهم إثر الحروب العربية الإسرائيلية ما زالوا لاجئين في الأردن ولبنان وسوريا ومناطق أخرى من العالم. ولا تزال إسرائيل ترفض كل قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن القاضية بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
البيئة. نظمت الأمم المتحدة أول مؤتمر دولي لها للبيئة في ريو دي جانيرو بالبرازيل ابتداء من 3 يونيو 1993م إلى 14 منه. وقد حضر مؤتمر قمة الأرض مندوبون من 178 قطرًا، ووضعوا خططًا لوقاية الأرض ولتعزيز تطورات سلامة البيئة. انظر: التلوث البيئي.
الجمعية العمومية. في 2 مارس انضمت إلى الجمعية العمومية 8 جمهوريات سوفييتية سابقة وهي أرمينيا وأذربيجان وكازاخستان وكيرجستان ومولدوفا وطاجكستان وتركمانستان وأوزبكستان. وإضافة إلى ذلك فقد انضمّت إلى الأمم المتحدة أيضًا سان مارينو، وهي قطر أوروبي صغير جدًا. وفي 22 مايو أدخلت الجمعية العمومية في الأمم المتحدة كرواتيا والبوسنة وسلوفينيا أيضًا. وهذه جمهوريات انفصلت عن جمهورية يوغوسلافيا. وفي 31 يوليو قبلت جورجيا الانضمام إلى الأمم المتحدة، وهي آخر الجمهوريات الخمس عشرة السوفييتية السابقة التي تنضم إلى الأمم المتحدة.
وبدأت الجمعية العمومية جلستها السابعة والأربعين في 21 سبتمبر. وفي 27 أكتوبر انتخبت باكستان والبرازيل وجيبوتي وأسبانيا ونيوزيلندا كأعضاء غير دائمين في مجلس الأمن عن الفترة 1993-1994م. وحلت هذه الدول محل الهند وإكوادور وزمبابوي والنمسا وبلجيكا. انظر أيضًا: البوسنة والهرسك؛ كمبوديا؛ كرواتيا؛ الصومال.
عهد جديد للأمم المتحدة. بانتهاء الحرب الباردة فإن إجماعًا عامًا في الأمم المتحدة قد يساعد المنظمة العالمية لتؤدي دورًا أكثر نشاطًا ونفوذًا في الشؤون الدولية.
¸لم يحدث مطلقًا أن كانت الأمم المتحدة من قبل أقرب إلى قلوب أعضائها مما هي عليه الآن. ولم يحدث مطلقاً من قبل أن طلبت خدماتها بشيء من الإلحاح، ليس فقط بسبب دورها التقليدي في الحفاظ على السلم، وصنع السلام، ولكن أيضًا للقيام بأدوار جديدة·. هكذا قال بطرس بطرس غالي في مايو 1992 بعد أن أصبح السكرتير العام للأمم المتحدة.
لقد جاءت التسعينيات من القرن العشرين وغيّرت من أفكار بعض الدول لدور الأمم المتحدة بطريقة غير منتظرة. ففي معظم فترة وجودها، كانت هذه المنظمة الدولية معطلة بسبب اختلاف النظريات، والمنافسة الشرسة على الزعامة نتيجة للنزاع بين الاتحاد السوفييتي السابق وحلفائه الشيوعيين وبين الولايات المتحدة وحلفائها الدول الرأسمالية. وفي حوالي منتصف الثمانينيات من القرن العشرين كان هناك كثير من الدول التي أبعدت نفسها عن الأمم المتحدة كهيئة بيروقراطية عديمة النفع والأثر. وكان بعض الأصوات المحافظة في الولايات المتحدة ينادي بنقل مكتب الأمم المتحدة الرئيسي من مدينة نيويورك. وتجاوبًا مع ما كان يرى أنه توتر سياسي أخذت الولايات المتحدة في الامتناع عن دفع مستحقاتها للمنظمة العالمية. ولكن عندما انهارت الشيوعية في الاتحاد السوفييتي وشرقي أوروبا في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات ذابت الحرب الباردة، كما أن الإيماءات والإشارات بالأصابع داخل أروقة الأمم المتحدة قد حلت محلها التحية وتلاقي الأكف بالسلام. ونتيجة لذلك فقد بدأت الأمم المتحدة تؤدي دورًا في الشؤون العالمية، وأصبح دورها التقليدي في الحفاظ على السلم والمساعدات الإنسانية يتوسع ليشمل اتفاقيات في البيئة الدولية. وفي أكتوبر من عام 1995م، احتفلت الأمم المتحدة بمرور 50 عامًا على تأسيسها.

الماضي المضطرب

وضع النجاح والفشل بصماتهما على تاريخ الأمم المتحدة منذ أن اجتمع ممثلو 50 دولة في سان فرانسيسكو في 26 يونيو 1945 لتوقيع وثيقة الأمم المتحدة التي وضعت أسس الهيئة. وكانت الدول التي صاغت الوثيقة هي في الأصل مجموعة حلفاء حاربوا ضد ألمانيا وإيطاليا واليابان خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)، إذ كانوا يؤمنون بأن وكالة سلام دولية تستطيع أن تساعد على منع حرب عالمية أخرى. وأوضحت الوثيقة أهداف الهيئة التي كانت قد حددت بشكل عريض على أنها تمنح السلام، وتحافظ عليه مؤكدة ضمان حقوق الإنسان، والعمل على الوصول إلى مستويات أحسن للعيش على نطاق العالم أجمع.
وشكلت الوثيقة أيضًا مجلس الأمن الذي كانت له المسؤولية الرئيسية لضمان السلام. ويتكون مجلس الأمن من 15 دولة عضوًا بما في ذلك الأعضاء الخمسة الدائمون الذين هم الولايات المتحدة، والاتحاد السوفييتي السابق، وفرنسا، والصين، والمملكة المتحدة. ولكل من هذه الدول الخمس الحق في نقض أي اقتراح يقدم للمجلس وهو ما يسمى بالفيتو.
وكان كثير من الدول الأعضاء التي حضرت مؤتمر سان فرانسيسكو قد عارضت حق الفيتو وقوته التي كانت قد خصصت لأعضاء مجلس الأمن الدائمين الخمسة. وقد صودق عليها بسبب إصرار مندوبي المملكة المتحدة والولايات المتحدة، والاتحاد السوفييتي السابق الذين كانوا يعتقدون أن بإمكانهم ضمان السلام فقط إذا استمروا في العمل كما كانوا خلال الحرب العالمية الثانية. ولكن بمجرد أن تم توقيع الميثاق فإن العلاقات الطيبة التي كانت سائدة بين الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية تداعت، وتركت المجال لحرب باردة. ومنذ سنة 1946م أخذ الاتحاد السوفييتي السابق في ممارسة حق النقض رافضًا اقتراحًا للولايات المتحدة لتأسيس وكالة دولية للتحكم في إنتاج الطاقة النووية.
وبالرغم من بعض هذه الأشياء فقد كان للولايات المتحدة نفوذ كبير في الأمم المتحدة. ففي عام 1950م مثلاً، عضد كثير من أعضاء الأمم المتحدة بسرعة اقتراحًا أمريكيًا لإرسال قوات عسكرية الى كوريا الجنوبية لطرد غزو قامت به كوريا الشمالية الشيوعية. ولم يستطع الاتحاد السوفييتي السابق استخدام حق النقض في هذه المسألة لأنه كان في ذلك الوقت قد ترك مقعده في مجلس الأمن احتجاجًا على مسائل أخرى.
ومع أن هناك بعض التعاون الأمريكي السوفييتي الذي كان يجد طريقه في حياة الأمم المتحدة إلا أن الدولتين كانتا خصمين بصفة رئيسية. وقد أثار الرئيس السوفييتي نكيتا خروتشوف هذه الخصومة في عام 1960م عندما حضر جلسة للجمعية العمومية في الأمم المتحدة وأخذ يقاطع المتحدثين من المندوبين الآخرين وذلك بالصياح وضرب الطاولة بحذائه. وكان خروتشوف يشعر بإحباط بسبب رفض الأمم المتحدة إنهاء خدمة السكرتير العام آنذاك داج هامرشولد الذي كان يصفه بأنه أداة طيعة في يد الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.
وفي الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين شكلت الدول النامية في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية ائتلافات لتعزيز سياسات محددة في الأمم المتحدة من حيث الأصوات في الجمعية العمومية. وأدى هذا إلى مزيد من الابتعاد بين الدولتين العظميين. وفي عام 1971م كانت دول العالم الثالث هي القوة الرئيسية وراء إدخال الصين الشيوعية إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وانتهى ذلك الإجراء بإخراج الصين الوطنية (تايوان). وفي سنة 1974م ألقى ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية كلمة في الجمعية العمومية للأمم المتحدة لأول مرة طالباً أن يمنح العرب الفلسطينيون مكانة الدولة. وقد عارضت الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل هذا الاقتراح، ولكن بقيادة الدول العربية ومعظم دول العالم الثالث صوتت الجمعية العمومية ليس فقط للاعتراف بحق الفلسطينيين لتشكيل دولتهم، ولكن كذلك للسماح لمنظمة التحرير الفلسطينية بحضور اجتماعات الجمعية العمومية كعضو دون أن يكون لها حق التصويت. وفي عام 1975 أصدرت الأمم المتحدة قرارها رقم 3379 بتاريخ 10 نوفمبر 1975م الذي يقضي بأن الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري. إلا أن هذا القرار قد ألغي بعد أن قادت الولايات المتحدة الأمريكية في أوائل التسعينيات حملة واسعة من أجل تحقيق ذلك.
ولما كانت الولايات المتحدة تشعر بكثير من عدم السعادة بسبب الأعمال التي قام بها المندوبون العرب والشيوعيون في الأمم المتحدة فإنها انسحبت من منظمة العمل الدولية التابعة للهيئة سنة 1977م احتجاجًا على ما أسمته تسييس القضايا العمالية. ثم عادت الولايات المتحدة لمنظة العمل الدولية سنة 1980م. ولكنها في سنة 1984م سحبت دعمها لمنظمة اليونسكو متهمة إياها بمعاداة الغرب وسوء الإدارة. وبحثت المملكة المتحدة عن أسباب من هذا النوع وانسحبت من نفس هذه المنظمة في سنة 1985م.

العمل يدًا واحدة

بانتهاء الحكم الشيوعي في أوروبا الشرقية، وانقسام الاتحاد السوفييتي السابق على نفسه بدأ إجماع عام يظهر لوضع شخصية جديدة للأمم المتحدة. فمنذ تأسيس الأمم المتحدة استعمل الأعضاء الدائمون حقهم في النقض 279 مرة. ولكن بين يونيو 1990م ونوفمبر 1992م لم يحدث أن استخدم حق الفيتو. وبالرغم من أن جمهورية الصين الشعبية ما زالت شيوعية وقد عارضت بعض قرارات مجلس الأمن، إلا أنها امتنعت فقط عن التصويت على تلك الأمور بدلاً من أن تكون الصوت الوحيد المعارض.
وجاء المثال المهم للتصويت الجماعي في الأمم المتحدة في أغسطس 1990م عندما أدان مجلس الأمن غزو النظام العراقي للكويت وصوت 13 عضواً مقابل صفر، وذلك بامتناع كل من كوبا واليمن عن التصويت، لفرض عقوبات اقتصادية شاملة على ذلك القطر. وكانت هذه ثالث مرة في التاريخ تصادق فيها الأمم المتحدة على عقوبات اقتصادية. ثم حدث في المرة الثانية في التاريخ، وكان التصويت 12 مقابل 2 للتعميد باستخدام القوة لطرد العراق من الكويت، وامتنعت الصين عن التصويت على القرار بينما صوت اليمن وكوبا ضد القرار. وشارك 32 عضوًا من أعضاء الأمم المتحدة في القوات العسكرية أو الدعم الحربي في حرب الخليج التي اندلعت في سنة 1991م. وقد أوضحت المحاولة موقفًا محددًا لزعامة سلطة الولايات المتحدة التي قادت الحملة العسكرية.
وعندما دخلت الأمم المتحدة فترة ما بعد الحرب الباردة أمّل زعماء العالم في أن تكون المنظمة أقدر على إنجاز أهدافها. وبكل تأكيد فإن الأمم المتحدة قد وسعت إلى حد كبير من بعثاتها لحفظ السلام خاصة في المناطق التي راقبت فيها إجراء الانتخابات والمساعدات الإنسانية، كما أصدرت عددًا ليس له مثيل من قبل فيما يتعلق بالقرارات الخاصة بحقوق الإنسان. وفي يونيو 1992م جمعت الأمم المتحدة زعماء العالم معًا في ريو دي جانيرو بالبرازيل لمعالجة مشكلات البيئة في مؤتمر الأمم المتحدة عن البيئة والتنمية وقد عرف المؤتمر باسم قمة الأرض. انظر:التلوث البيئي .

الحفاظ على السلام

في الفترة بين سنة 1988م و 1992م انخرطت الأمم المتحدة في 13 عملية، أي نفس القدر من العمليات التي قامت بها في السنوات الاثنتين والأربعين الماضية. وكانت هناك 12 عملية حفظ سلام تتعلق بأكثر من50,000 شخص. واستمرت تلك العمليات تحت الإجراء حتى نهاية سنة 1992م. وكانت هناك بعثتان إحداهما في كرواتيا وهي جمهورية سابقة كانت في يوغوسلافيا، أما البعثة الأخرى فقد كانت في كمبوديا. وهذه تمثل أكبر العمليات حجمًا، وأكثرها تكلفة للأمم المتحدة حتى اليوم. وبلغت تكلفة عمليات حفظ السلام للاثنتي عشرة عملية في عام 1992م ما يقدر بحوالي 3 بلايين دولار أمريكي. وبالرغم من أن الأمم المتحدة قد بذلت جهودًا جبارة لحفظ السلام، فإن بعض بعثاتها لم تصادف نجاحًا. فقد كانت بعضها تجر أذيالها لعقود من السنوات مثل تلك التي في إسرائيل وقبرص وباكستان. وفي السنوات الأخيرة فإن بعض مفاوضات الأمم المتحدة لعقد تسويات سلمية، قد أحضرت الأطراف المتحاربة معًا للاتفاق على خطة سرعان ما يتخلصون منها فيما بعد. ففي إلسلفادور مثلاً اعتمدت قوات الثوار في سنة 1992م على خطة للأمم المتحدة بوجوب نزع السلاح، ولكنها رفضت نزع أسلحتها حتى تذعن الحكومة لاتفاقية السلام وذلك بحل الحرس الوطني وشرطة المالية، وامتنع الجانبان عن تنفيذ الجدول الزمني للاتفاقية السلمية التي أنهت حربًا أهلية دامت 12 سنة.
وبالإضافة إلى ذلك فإن خطة السلام الشاملة التي نظمت لكمبوديا واجهت كذلك بعض العقبات. فقد شملت تلك الخطة رقابة على وقف إطلاق النار، ونزع سلاح الجنود، وإنهاء مهمتهم، وترحيل اللاجئين، وتنظيم انتخابات وتقديم مساعدات إنسانية. بل إن الأمم المتحدة ذهبت إلى أبعد من هذه التعهدات التقليدية وذلك بإدارة حكومة كمبوديا والبنية الأساسية التي جعلتها الحرب التي دامت أكثر من 20 سنة خرابًا. وقد كلفت الاثنا عشر شهرًا الأولى لهذه المحاولة بليوني دولار أمريكي. ولكن في منتصف عام 1992م، رفض الخمير الحمر، وهم أحد الأطراف المتحاربة الأربعة في كمبوديا، أن ينزعوا سلاحهم. وقد هددت المشكلة جهود الأمم المتحدة في المنطقة، ولربما كانت تنذر بالحاجة إلى بعثة أكثر تكلفة وأبعد مدى.
وأما النزاع الذي اندلع في جمهورية البوسنة والهرسك وهي جمهورية من جمهوريات يوغوسلافيا السابقة، كانت قد أعلنت الاستقلال في عام 1991م، ثم وقعت بعد ذلك تحت وطأة هجوم من قوات يوغوسلافيا وجنود الصرب غير النظاميين، فقد أوضح أن قدرة الأمم المتحدة على الحفاظ على السلام محدودة. وكانت قوة عديمة الأثر تمامًا، كما كان عليها أن تطرق طبول التراجع السريع من القطر. أما أولئك الذين بقوا هناك كمراقبين فإنهم قد خاطروا بحياتهم، ونتيجة لذلك فإن مجلس الأمن صوت بالتالي لفرض عقوبات على يوغوسلافيا، ولكن العنف استمر.
العقوبات الاقتصادية والجهود الإنسانية. العقوبات الاقتصادية شبيهة ببعثات حفظ السلام إذ إنها ربما لاتصلح دائماً. فالأمم المتحدة تفرض عقوبات لتعاقب حكومات لمخالفتها معاهدات السلام العالمي والأمن. وقد تمنع العقوبات التجارة والعلاقات الدبلوماسية والسفر الجوي، والاتصالات الثقافية والعلمية، والمساعدات العسكرية، وحتى المشاركة في الألعاب الأوليمبية. غير أن الأمم المتحدة لاتستطيع فرض العقوبات الاقتصادية تماماً، بل إنها تعتمد على تعاون حكومات أعضائها بالإضافة إلى المواطنين والمؤسسات التي قد تمارس بعض الأعمال التجارية مع قطر فرضت عليه عقوبات اقتصادية. وحتى عندما تتعاون مؤسسات العالم مع العقوبات فإن الدولة التي أُنزِل بها العقاب يمكن أن تكون صعبة الإخضاع. فمثلاً، فرضت الأمم المتحدة عقوبات على روديسيا (التي هي زمبابوي الآن)، وذلك في عام 1966م لكي تنهي سيطرة الأقلية البيضاء على حكومتها، غير أن روديسيا استطاعت أن تتحمل الحصار حتى سنة 1980م حيث عقدت انتخابات ديمقراطية.
ومنذ عام 1990م وقعت الأمم المتحدة عقوبات اقتصادية على النظام العراقي لغزوه الكويت، وعلى يوغوسلافيا، وعلى ليبيا لرفضها تسليم مواطنين ادعت الولايات المتحدة أنهم وراء حادثة تفجير الطائرة الأمريكية فوق مدينة لوكربي الأسكتلندية. ومنذ أواخر سنة 1992م وحتى منتصف عام 2003م، فإن كل هذه الأقطار، عدا يوغوسلافيا، ظلت تحت الحصار الاقتصادي دون أن يكون هناك حل في الأفق. وبعد سقوط بغداد في أيدي القوات الأمريكية والبريطانية في التاسع من أبريل 2003م، والقضاء على نظام صدام حسين عملت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على استصدار قرار من مجلس الأمن لرفع العقوبات عن العراق.
وفي عام 2003م، اعترفت ليبيا بمسؤوليتها المدنية عن الحادث، ودفعت أكثر من 2,7 مليار دولار أمريكي تعويضات لذوي الضحايا تمهيداً لرفع العقوبات عنها.
وبالرغم من أن العقوبات تصب عادة على الحكومات إلا أن هذه العقوبات كثيراً ماتنزل على المواطنين. فالحصار بإمكانه أن يرفع تكاليف المعيشة إلى حد بعيد، ويؤدي إلى بطالة ونقص في الطعام والأدوية، وغير ذلك من السلع.
وحتى المساعدات الإنسانية البعيدة عن الانحيازات السياسية المقدرة بحكم التقاليد لايمكن التأكد من نجاحها. ففي البوسنة والهرسك مثلاً أوصد الصّرب طرق إمدادات الأطعمة والأدوية، كما أنهم هاجموا العاملين في مجال الإغاثة.
دفع المطالبات. واجهت الأمم المتحدة تحديات الضيق الاقتصادي، فقد كان النقص في النقد بمثابة الطاعون الذي أصاب الأمم المتحدة منذ سنوات. وفي نهاية شهر يوليو 1992م هددت الاعتمادات غير الكافية بإقفال الأمم المتحدة بحلول نهاية السنة. ومن أجل المساعدة على احتواء التكاليف التي كانت قد ارتفعت خلال السنتين المنتهيتين بعام 1991م إلى مايزيد على 15 بليون دولار أمريكي، جمدت الأمم المتحدة التعيينات، ونقلت موظفيها من رئاستها إلى العمل الميداني، ولكن حتى ذلك لم يكن كافيًا. واتهمت بعض التقارير الأمم المتحدة بسوء الإدارة والإهمال والفساد، واعتبرتها من الأسباب التي طال أمدها، والتي سببت الأزمة المالية. ولكن المبالغ المخصصة التي كان يدفعها أعضاء الأمم المتحدة قد أسهمت في إذكاء المشكلة كذلك. وبحلول سبتمبر عام 1992م كانت للأمم المتحدة ديون على الأعضاء تقدر بمبلغ 1,5 بليون دولار. وكانت متأخرات تكاليف حفظ السلام قد بلغت 839 مليون دولار، بينما كانت المستحقات المنتظمة تنقص بمقدر 911 مليونًا. وبالرغم من أن أعضاء الأمم المتحدة مقيَّدون قانونياً بدفع المستحقات التي عليهم، فإن الهيئة لاتستطيع عمل الكثير حتى من باب بذل ضغط معنوي على أولئك الأعضاء الذين عليهم متأخرات.
وكانت الولايات المتحدة أكبر مدين حتى أكتوبر 1992م، وفي ذلك الوقت فإنها أنزلت ديونها المستحقة من 524 مليون دولار إلى 390 مليون دولار أي أقل قليلاً من ديون روسيا البالغة 402 مليون دولار.
وكان عدم رغبة كثير من الحكومات في دفع ماهو مستحق عليها يعزى جزئياً إلى الضيق الاقتصادي الذي لازم الدول فترة طويلة. ولكن بالمقارنة بالمصروفات الحربية خلال الحرب الباردة ـ ترليون دولار أمريكي في السنة، أو مليون دولار في الدقيقة ـ فإن ثمن حفظ السلام الذي تقوم به الأمم المتحدة يعتبر بحق صفقة.
نظام عالمي جديد. تثير النزاعات بين أعضاء الأمم المتحدة أيضًا تحديات لتقدم المنظمة. وبالرغم من أن نهاية الحرب الباردة قد أدت إلى إجماع أعظم لمجلس الأمن، إلا أن أعضاء الجمعية العمومية قد أعلنوا خوفهم من اتجاه الأمم المتحدة في المستقبل. فقد وضع بطرس غالي وغيره من زعماء العالم تصورهم لانظام عالمي جديد. ولكن ماذا يعني هذا؟ وكيف يمكن تحقيقه؟ مازال هذا أمراً تحيط به الشكوك.
لقد صرحت بعض الأمم وخاصة الدول العربية وغيرها من الدول النامية بشىء من عدم الإيمان بهذا الرأي متسائلين عن الجهات التي سيخدم مصالحها هذا النظام العالمي الجديد. وتنتقد هذه الجماعات الدول الغربية التي صبت اهتمامها على بعثات حفظ السلام على حساب البرامج الاقتصادية الخاصة بالدول الفقيرة. كما أن هذه الدول أبدت مخاوفها من أنه بذهاب الحرب الباردة فإن الولايات المتحدة ستسيطر مرة أخرى على الأمم المتحدة وأن احتياجات البلاد النامية سيجري تجاهلها. ويلاحظ الخبراء أنه إذا كان العالم يرى أن الولايات المتحدة تسيطر على الأمم المتحدة فإن هذا سيثير العداوة كما أنه سيقود إلى أبواب موصدة.
ومن أجل توسيع سلطات الأمم المتحدة مرة أخرى، فقد اقترح أعضاء الأمم المتحدة إعادة النظر في وثيقة الأمم المتحدة وذلك عن طريق إحداث تغيير فيها أو زيادة أعضاء مجلس الأمن الدائمين. وقد اقتُرحت أسماء بعض الدول لذلك وهي ألمانيا، واليابان، والبرازيل، والهند، ونيجيريا، ومصر كدول مرشحة للعضوية الدائمة لمجلس الأمن. ويعتقد بأن اليابان وألمانيا هما الدولتان اللتان سيكون اختيارهما أكثر احتمالا من غيرهما بسبب قوة اقتصادهما. فإذا قررت الأمم المتحدة أن تستبدل بدلاً من أن تزيد العضوية فإنه من المحتمل أن تخسر فرنسا والمملكة المتحدة مقاعدهما.
وقد يساعد الميثاق المعدل المحدث الأمم المتحدة لتكون أكثر قوة في الأحداث العالمية. وبينما يمكن أن تؤدي التعديلات إلى الحد من قدرة الأمم المتحدة على التدخل في شؤون أعضائها فإنها يمكن أن تقوي من عضلات المنظمة لتنفيذ الحلول التي تراها، وتجبر الدول التي ترتكب مخالفات ضد حقوق الإنسان في نظرها على الإذعان لقرارات الأمم المتحدة.
ولما كان مجلس الأمن يبحث في سنة 1992 عن أفكار جديدة وقوة دافعة حديثة للأمم المتحدة، فقد دعا بطرس غالي الخبير في القانون الدولي وأول سكرتير عام من إفريقيا والعالم العربي، لإعداد مشروع عن السياسات والنشاطات التي يمكن أن تعيد الحيوية للأمم المتحدة. وسرعان ما أخذ بطرس غالي هذا التحدي ليصلح المنظمة العالمية. فأخذ من بعض الخطط يدرسها بحثا عن تلك التي تؤدي به إلى الوصول إلى هيئة عالمية نشطة منسقة الجوانب، كما أبان بوضوح الحاجة إلى تعاون أكبر بين الدول الصناعية والعالم النامي.
خطة زمنية للسلام. بعد أن عمل في منصبه لفترة ستة شهور، أعدّ بطرس غالي جدول أعمال للسلام، وهو خطة تؤكد الدبلوماسية الواقية وصنع السلام، ويدعو جزء من هذه الخطة إلى إنشاء جيش ثابت. وبالرجوع إلى المادة 43 من ميثاق الأمم المتحدة، وهي المادة التي تسمح للسكرتير العام بأن يطلب قوات لحفظ الأمن والسلام، طلب بطرس غالي من كل دولة بأن تسهم بنحو 1000 جندي يمكنهم أن يحشدوا في ظرف 24 ساعة. وستمكن مثل هذه القوة السكرتير العام بموافقة مجلس الأمن من إرسال جنود على عجل لتنفيذ وقف لإطلاق النار أو التدخل في أي قطر يعتقد بأن هناك احتمالاً بأن ينفجر فيه الوضع. ولأن القوة العسكرية الجاهزة للعمل ستمول من خلال ميزانيات دفاع البلاد المساهمة، فقد كان بطرس غالي يؤمل في أن هذه الترتيبات سوف تحل أيضًا بعض النقص المزمن في مالية الأمم المتحدة. وفي 29 أكتوبر وافق مجلس الأمن على إنشاء قوة سلام سريعة الانتشار وطلب من أعضاء الجمعية أن يوضحوا موقفهم من حيث الإسهام بالجنود لمثل هذه القوة.
وطلبت مذكرة بطرس غالي في برنامجه إقامة خدمة وجهاز استخبارات عبر العالم ليساعد الأمم المتحدة على تحديد أماكن النزاع وتسويتها قبل انفجار تلك النزاعات لتصبح حروباً. ومثل هذا الإنذار المبكر قد يساعد الأمم المتحدة على مواجهة عدد من المشكلات مثل انتشار الأمراض وذلك بتنظيم مساعدات إنسانية بطريقة تنفذ في الوقت المناسب.
واقترحت خطة السلام هذه أن تعترف كل الدول، أيضًا بمشروعية محكمة العدل الدولية التي تعمل في لاهاي بهولندا. وفي الماضي كانت كل الأحكام الصادرة من محكمة العدل الدولية، وهي إحدى فروع الأمم المتحدة، تقابل بالتجاهل من قبل كثير من الدول.
وبدأت الجمعية العمومية جلستها السابعة والأربعين في سبتمبر 1992م، بمناقشة خطة بطرس غالي للسلام. وحاول بطرس غالي إعادة ترشيح نفسه لفترة ثانية، إلا أن الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية أعربت عن عدم رضاها عنه وذلك بسبب تدخله في الشؤون الداخلية لهذه الدول حسبما قالت. وهكذا تم انتخاب كوفي عنان سكرتيرًا عامًا جديدًا في 1996م.
وفي الوقت الذي كانت فيه الأمم المتحدة بعيدة كل البعد عن تأسيس نظام عالمي جديد فإنها رأت أن الفرصة سانحة للتخلص من كل المنافسات القديمة. والآن وقد وجدت الأمم المتحدة طرقاً تتعامل بها مع الصراع من أجل السلطة والمنصب بطريقة عادلة فإن المطالبات التي أوكلت إليها قد تكون علامة مشجعة. فمثل هذه المطالب تبدو أنها تظهر تقديرًا مجدداً وأملاً في منظمة ولدت من حرب ولكنها ترعرعت للسلام.
وفي 5 سبتمبر 2000م، افتتحت أعمال دورة الألفية، وهي الدورة الخامسة والخمسون للأمم المتحدة. وقد حضر هذه الدورة أكثر من 160 زعيم دولة ورئيس حكومة. توزع قادة العالم أثناء القمة إلى أربع مجموعات جرت في كل منها حوارات ومداخلات بين القادة حول القضايا والتحديات التي طرحت على القمة. وقد تعهد زعماء الدول بالعمل على تهيئة بيئة مواتية للتنمية، والقضاء على الفاقة والفقر، وتعزيز دور الأمم المتحدة في القيام بواجباتها. فشلت القمة في إحراز تقدم لحل الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط والبلقان والكونغو وزمبابوي وشبه القارة الهندية.

أسئلة

  1. ما عدد الدول الأعضاء الممثلة في الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
  2. ما الهدفان الرئيسيان للأمم المتحدة؟
  3. ما مسؤوليات الأمين العام للأمم المتحدة؟
  4. كيف يختلف التصويت في مجلس الأمن عن التصويت في فروع الأمم المتحدة الأخرى؟
  5. ما الفرقان الرئيسيان بين الأمم المتحدة وعصبة الأمم؟
  6. ما اللغات الرسمية للأمم المتحدة؟
  7. ما فرع الأمم المتحدة الذي يعمل مع الوكالات المتخصصة؟
  8. ما الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن؟
  9. لماذا عقد مؤتمر دمبارتون أوكس؟
  10. هل حدث أن انسحبت أي دولة من الأمم المتحدة؟