جزء من تضاريس الأرض، يعلو كل ما يجاوره. والجبال عامة أكبر من
التلال، لكن ما يسميه الناس تلالاً في مكان ما، قد يكون أكثر علوًا
وارتفاعًا مما يسمونه جبالاً في مكان آخر. على سبيل المثال: يبلغ ارتفاع
تلال بينين شمالي إنجلترا 893م عن سطح البحر، في حين يبلغ ارتفاع جبال أرِّي في
بريتاني بفرنسا 391م عن سطح البحر.
وللجبال جوانب ومنحدرات شديدة وقمم وأجرف حادة، أو مستديرة قليلاً. وكثير من علماء الأرض يعتبرون المنطقة المرتفعة من الأرض جبلاً إذا احتوت على نطاقين مناخيين أو أكثر، ونطاقين من الحياة النباتية أو أكثر، على ارتفاعات مختلفة. وعموما يصبح المناخ أكثر برودة وأكثر رطوبة مع تزايد الارتفاع. وفي معظم أرجاء العالم، فإن ارتفاع جبل ما، يجب ألا يقل عن 600م عمَّا حوله ليحتوي على نطاقين مناخيين.
قد يكون الجبل قمة منفردة مثل بركان وحيد، وقد يكون جزءًا من سلسلة جبال. وتشكل مجموعة السلاسل الجبلية منظومة جبلية. على سبيل المثال : تشكل سلسلة جبال ديفيدنج المشهورة في شرقي أستراليا منظومة جبلية، إذ تشمل كلاً من سلسلة جبال نيو إنجلاند، والجبال الزرقاء في نيوساوث ويلز، والألب الأسترالية في نيو ساوث ويلز، وفكتوريا والجرامبيان في فكتوريا الغربية.
وتتشكل الجبال في المحيط، مثلما تتشكل على اليابسة. العديد من الجزر هي جبال قائمة فوق قاع المحيط، حيث ترتفع قممها فوق سطح الماء. ويوجد أطول منظومة جبلية في العالم في وسط المحيط الأطلسي مغمورة غالبًا بأكملها تحت الماء، وتمتد إلى ما يزيد على 16,000كم من شمال المحيط الأطلسي، وحتى القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا) تقريبًا. وتشكل بعض المتون (الحُيُود) الجبلية العالية قممًا، كجزر مثل جزيرة أيسلندا، والجزر البركانية القريبة منها في سورتسي، التي ظهرت فوق مستوى الأمواج عام 1963م.
وعادة يعبر عن ارتفاع الجبل بالمسافة التي ترتفعها قمته فوق مستوى سطح البحر. وحسب المسح الجغرافي لعام 1954م، فإن جبل إيفرست قد اعتبر ولمدة طويلة من الزمن أعلى جبل في العالم، وبلغ ارتفاعه 8,848م عن سطح البحر. وقد اقترحت المسوح الجغرافية الحديثة قيمًا جديدة لارتفاعات جبل إيفرست، وكذلك جبل ك2 المسمى أيضًا بجبل جودوين أوستن، أو جبل دابسانج. وترى هذه المسوح أن ارتفاع جبل ك2 يفوق ارتفاع جبل إيفرست بأقدام قليلة. لكن العلماء لن يقبلوا هذا حتى يعاد قياس الجبلين مجددًا.
يُعد بركان ماونا كاي في جزيرة هاواي، أعلى قمة جزيرة في العالم. وهو يرتفع عن مستوى سطح البحر بمقدار 4,205م. وإذا ما قيس ارتفاع ماونا كاي بدءًا من قاعدته فوق قاع المحيط الهادئ؛ فإن ارتفاعه سيبلغ 10,203م أي أكثر من عشرة كيلومترات طولاً.
المناخ. تؤثر سلاسل الجبال بقوة في حركات الهواء، وأنماط التساقط من حيث تكثيف البخار إلى مطر، أو ندى أو ثلج.... إلخ. وتهبط درجة حرارة الهواء كلما زاد الارتفاع. كما أن الهواء البارد لا يستطيع أن يحتفظ بكمية الرطوبة كما يفعل الهواء الدافئ. ونتيجة لهذا فإن الهواء الدافيء الرطب، عندما يتحرك صاعدًا منحدر الجبل المواجه للرياح، فإنه يبرد ويتكثف ما به من بخار ماء إلى قطيرات من الماء. وعندئذ يسقط الماء على المنحدر الجبلي المواجه للرياح على هيئة مطر أو ثلج.
مع الوقت يجتاز الهواء قمة الجبل، بعد أن يكون قد فقد معظم ما به من رطوبة، ولهذا السبب يكون جانب الجبل البعيد عن الرياح، الذي يسمى الجانب المعاكس للريح، أكثر جفافًا من الجانب المواجه للرياح. وتسمى المنطقة الجافة على الجانب المعاكس للريح من سلسلة الجبال ظل المطر. ومن المعلوم أن العديد من صحاري العالم تقع في ظل المطر.
تدفق الماء. تؤثر الجبال وتتحكم في توفر المياه للعديد من المناطق الشاسعة. حيث إن الكثير من الأمطار تسقط على منحدرات الجبال، كما أن العديد من الأنهار تستمد مياهها من مناطق جبلية. وكمثال فإن نهري ريوجراندي وكولورادو في أمريكا الشمالية، يستمدان كل مياههما تقريبًا من الجبال. ويذوب كثير من الثلج على الجبال العالية أثناء فصول الصيف فقط، لذلك فإن الجبال تشكل خزانات مائية تغذي الجداول والأنهار حتى أثناء فترات القحط والجفاف صيفًا.
ونظرًا لانحدار المناطق الجبلية الشديد، ووفرة المياه الجارية المتدفقة، فإنها تُعد مواقع ملائمة لإنشاء محطات كهرومائية لتحّول طاقة المياه الساقطة إلى طاقة كهربائية. وتنتج بلاد النرويج الجبلية معظم الطاقة الكهربائية اللازمة لها من القوى المائية.
النباتات والحيوانات. تحتوي الجبال على ظروف متنوعة حسب الارتفاعات المختلفة، ولذلك فإنها توفر بيئات مناسبة لأنواع عديدة من الحياة النباتية والحيوانية. يعيش القليل من الكائنات الحية في البرد القارس فوق الثلوج التي تكسو قمم الجبال. وتستوطن أنواع مختلفة من الحيوانات الصغيرة الحجم مثل الشنشيلة القارضة، والبيكا، في الأماكن السفلى من الحقول الثلجية، ويرافقها في هذه الأماكن، جنباً إلى جنب، القليل من الحيوانات الكبيرة ذات القدم الثابتة كالماعز الجبلي، والضأن. وتتغذى هذه الحيوانات بالشجيرات، والطحالب، والنباتات الأخرى التي تنمو فوق ما يسمى خط الشجر، الذي لا تنمو الأشجار بعده بسبب البرودة.
ويوجد تحت خط الشجر العديد من الجبال التي تكسوها الغابات المليئة بأنواع كثيرة من الحياة النباتية والحيوانية. وتكون بعض أجزاء العالم جافة إلى حد عدم ملاءمتها لنمو الأشجار، فيما عدا المناخات الجبلية الأكثر برودة ورطوبة. وتعتمد صناعة الأخشاب في مثل هذه المناطق، على الغابات الخشبية التي تنمو في المناطق الجبلية.
المعادن. تأتي معظم المصادر المعدنية في العالم من أقاليم جبلية. وتتشكل الجبال بعمليات جيولوجية مثل الثورانات البركانية، والزلازل. وربما تجلب هذه العمليات المعادن القيمة قريبًا من سطح الأرض حيث يمكن تعدينها.
نشاطات الإنسان. تقوم الجبال في أجزاء عديدة من العالم بدور الحواجز، أو الموانع التي تعوق عمليات الانتقال، والاستقرار، والاتصال بالنسبة للإنسان. إن انعزال المجتمعات الإنسانية الجبلية، قد أوجد تباينًا في الثقافات؛ ففي جبال الألب السويسرية مثلاً يتكلم الناس مئات اللهجات التي تعود لأربع لغات مختلفة.
وتعد الجبال أيضًا مناطق ترويحية مهمة، ففي كل عام يقضي ملايين من الناس إجازاتهم في المناطق الجبلية، حيث يخيمون ويتمشون ويتزلجون ويتسلقون الجبال، أو يكتفون بمتعة استنشاق الهواء النقي، ورؤية المناظر الطبيعية الخلابة.
هناك خمسة أنواع أساسية من الجبال مصنفة حسب العمليات الأرضية التي أدت إلى تشكلها: 1- جبال بركانية. 2- جبـال التوائية 3- جبال كتلية انكسارية 4- جبال قبابية 5- جبال تحاتية.
قد تحوي سلاسل الجبال الرئيسية واحدًا أو أكثر من هذه الأنواع. فعلى سبيل المثال، بدأت سلسلة جبال ديفيدنج في شرق أستراليا، جبالاً التوائية، وما لبثت أن خضعت لعمليات التعرية، والتَّحَاتَّ، ثم رفعت الكتل المتعرية إلى أعلى مشكِّلة جبالاً كتلية انكسارية.
الجبال البركانية. الجبال البركانية الشبيهة بجبل إتنا الإيطالي، وفيزوف، وجبل فوجي الياباني، تشكلت من اندفاع الصخر المنصهر من باطن الأرض، وتراكمه فوق سطح الأرض؛ ونتيجة لذلك تتكون الجبال البركانية من الصخور النارية بشكل أساسي، مثل صخري البازلت والريولايت اللذين يتشكلان عندما تبرد، وتتجمد المادة المنصهرة. وتعد الصخور النارية واحدة من ثلاثة أنواع رئيسية من الصخور. والنوعان الآخران من الصخور هما الصخور الرسوبية والصخور المتحولة، ويوجد هذان النوعان في الجبال التي تشكلت بعمليات أخرى.
إن العديد من الحركات المكونة للجبال البركانية، تحدث في أماكن يطلق عليها نُطُق الاندساس (الانضواء). وفي هذه النُطُق (جمع نِطَاق) تتصادم صفيحتان قاريتان كبيرتان من صفائح القشرة الأرضية، ويحدث أن تندس أو تنضوي حافة إحدى الصفيحتين تحت حافة الصفيحة الأخرى، وتُسمى هذه العملية عملية الاندساس أو الانضواء، وبسبب الاحتكاك الشديد بين الصفيحتين بالإضافة إلى حرارة باطن الأرض، فإن الجزء المنضوي من الصفيحة ينصهر، ويصعد بدوره إلى سطح الأرض مكونًا ثورانًا بركانيًا. وقد شكل مثل هذا النشاط البركاني الناتج عن عملية الانضواء سلسلة جبال الكسكيد في أمريكا الشمالية، كما البراكين في المكسيك، وأمريكا الجنوبية.
وإذا وقع نطاق الانضواء بين صفيحتين تحت قاع المحيط؛ فإن النشاط البركاني الناتج في هذه الحالة، يشكل سلسلة من الجزر تسمى القوس الجزيري. وتعد جزر ألُّوشيان في ألاسكا وجزر ماريانا في المحيط الهادئ أمثلة على الأقواس الجزيرية.
ويرافق بناء الجبال البركانية تباعد الصفائح، بعضها عن بعض، حيث يتجمع الصهير الصخري المندفع صاعدًا من باطن الأرض بين الصفيحتين المتباعدتين مؤديًا إلى تكوين سلاسل جبلية مغمورة تحت ماء المحيط تسمى سلسلة وسط محيطية، فقد تَشَكَّلت سلسلة وسط المحيط الأطلسي بهذه الطريقة. وحيث يبرد الصهير الصخري المندفع من باطن الأرض والمتجمع بين الصفيحتين، ومع استمرار تحرك الصفيحتين باتجاهين متباعدين فإن قاعًا محيطيًا جديدًا يتشكل من المادة المتصلبة.
وهناك جبال بركانية أخرى، تشكلت بعمليات مستقلة عن نشاط الصفائح. ويعتقد علماء الأرض أن هذه الجبال قد نشأت عن ريش الوشاح، وهي أعمدة من الصهير الصخري تنبثق صاعدة من أعماق الأرض، وتكون هذه الريش ثابتة بالنسبة للصفائح المتحركة فوقها. وعندما يقترب الصهير الصخري من سطح الأرض فإنه يشكل جيوبًا أو نقاطًا حرارية بالغة السخونة، ما تلبث أن تثور كالبركان. ومع مرور الوقت، واستمرار تحرك الصفائح فوق ريش الصهير الصخري، فإن هذه الأخيرة تشكل خطًا من البراكين. وقد تشكلت جزر هاواي بهذا الأسلوب عندما تحركت الصفيحة الحاملة للمحيط الهادئ في اتجاه شمالي غربي، فوق ريش صهير صخري.
الجبال الالتوائية. تشبه
جبال الأبلاش في شرقي الولايات المتحدة، والألب في أوروبا، وقد تشكلتا عندما تصادمت
صفيحتان وجهًا لوجه، مما أدى إلى طي وتجعد حافتيهما. وغالبًا ما تحوي الجبال
الالتوائية صخورًا رسوبية كحجر الجير، والطفل التي تشكلت عندما استقرت الرواسب
(فتات من الصخور الأقدم عمرًا وبقايا النباتات والحيوانات القديمة) فوق قيعان
المسطحات المائية، ومن ثم تصلبت. وإذا ما تعرضت هذه الصخور الرسوبية للحرارة والضغط
الشديدين، فإن بعضها يتحول إلى صخور متحولة مثل حجر الرخام وصخر الإردواز.
وعامة، تتراكم أسمك الرواسب من الصخور الرسوبية على طول الحواف القارية. وعندما
تتصادم الصفائح والقارات المحمولة عليها، فإن طبقات الرواسب المتراكمة تتجدد وتطوى
كما يطوى مفرش المنضدة إذا دفع بطرفيه عبر المنضدة. ويؤدي مثل هذا الطي أو الثني
للرواسب إلى نشوء جبال التوائية يتراوح تجعد الطبقات الصخرية فيها من شكل تموجات
لطيفة إلى شكل طيات حادة معقدة، مع تصدّع وتكسّر الطبقات. وتتكون معظم جبال
الأبلاش من صخور مطوية بلطف. أما جبال الألب فهي مطوية بقوة بحيث إن المتسلق لهذه
الجبال في بعض المناطق، ربما يقطع الطبقة الصخرية الواحدة مرات عديدة أثناء التسلق.
فمرة نلاحظ أن الطبقة قائمة، ومرة أخرى تكون مقلوبة ثم تعود قائمة وهكذا. ويستمر
هذا الوضع في طبقات صخور هذه الجبال الشديدة الطي والتصدع، وربما يحدث أثناء عمليات
نشوء هذه الجبال أن يندفع الصهير من باطن الأرض إلى أعلى متداخلاً في طبقات صخور
رسوبية، ومؤديًا إلى تكوين عروق من صخر الجرانيت وصخور نارية أخرى. وقد يؤدي ارتفاع
درجة الحرارة وكذلك ارتفاع الضغط، الناجمين عن ضغط ثقل طبقات الصخور العليا، إلى
تغيّر هذه الطبقات الرسوبية العميقة إلى صخور متحولة كصخر الشيست.
الجبال الكتلية
الانكسارية. تتكون هذه الجبال من كتل صخرية ضخمة من قشرة الأرض، أميلت أو
دفعت على طول خط كسر يسمى صدعًا. وتُعد سلسلة جبال تيتون في ويومينج، وسلسلة جبال
سييرا نيفادا في كاليفورنيا، وجبال رونزوري في شرق ووسط إفريقيا، وجبال هارز
والغابة السوداء في ألمانيا، جبالاً كتلية انكسارية. وقد دفعت بعض الكتل الصخرية
إلى أعلى فيما بين صدعين منفصلين. وعلى الأغلب فإن كتلة صخرية رفعت على طول أحد
جوانب صدع واحد.
ففي الجبال الكتلية الانكسارية ينتج المنحدر الشديد للكتل المرفوعة على طول
الصدع من تعرية وتَحَاتٍّ (تفتُّت) سريع للصخور المكشوفة على الجانب الآخر من
الصدع. وتتجمع بوساطة هذه التعرية كُسَارات وحطام هذه الصخور عند قاعدة الجبل.
والعديد من الجبال المنعزلة في ولاية أريزونا ويوتا ونيفادا في غرب الولايات
المتحدة، جبال كتلية انكسارية، فصلت بعضها عن بعض بسهول واسعة مليئة بمثل هذه
الكسارات الصخرية.
الجبال القبابية. وهي شبيهة بالتلال السوداء في داكوتا الجنوبية، وإلى درجة أقل، مقاطعة البحيرة في شمال غرب إنجلترا، حيث تشكلت هذه الجبال عندما أدت القوى الجيولوجية إلى رفع قشرة الأرض نحو انتفاخ أو قبة عريضة. وتكون القباب العالية أكثر عرضة لتزايد الحتّ أو التعرية، إذ أن الصخور الرسوبية التي تغطي القبة تتآكل بسرعة، وتتعرى كاشفة ما تحتها من صخور نارية ومتحولة. ولا تلبث هذه الصخور السفلى القاسية أن تتعرض للحت بأشكال غير منتظمة مشكلة قممًا حادة وأودية.
الجبال التحاتية. يمثل القليل من الجبال، مثل سلسلة جبال دراكنزبرج في جنوب إفريقيا، ما بقي بعد تعرية معلم صخري ناتئ، مثل حافة هضبة عالية، بفعل عاملي الجليد والماء الجاري.
أمريكا الشمالية. تمتد سلسلة جبال الأبلاش من ألاباما في الولايات
المتحدة حتى نيوفاوندلاند في كندا، وذلك لمسافة 3,100كم تقريبًا. وقد تشكلت جبال
الأبلاش نتيجة سلسلة من التصادمات وقعت بين صفيحة أمريكا الشمالية، وصفائح قارية
أخرى، وذلك قبل 435 مليون عام تقريبًا. وترتبط جبال الأبلاش جيولوجيا من حيث نشأتها
مع جبال أيرلندا وأسكتلندا والنرويج.
تمتد جبال الروكي لمسافة 5,300كم تقريبًا، وذلك من ولاية نيومكسيكو حتى ألاسكا.
وهي مشتملة على جبال التوائية، وجبال كتلية انكسارية، وجبال بركانية. وقد بدأت جبال
الروكي في التشكل قبل حوالي 100 مليون عام، كما أنها تعرضت لحركات رفع مرة أخرى
خلال الخمسة والعشرين مليون عام الماضية.
تتكون منظومة جبال
المحيط الهادئ من سلسلتين جبليتين متوازيتين، تمتدان لمسافة 4,000كم تقريبًا، وذلك
من جنوب كاليفورنيا حتى ألاسكا، تشتمل واحدة من السلسلتين؛ وهي الساحلية، على
الجبال الأوليمبية في واشنطن، والعديد من الجزر الواقعة قبالة ساحل كولومبيا
البريطانية، وكذلك على جزء من ساحل ألاسكا، والجزر الساحلية. أما السلسلة الأخرى من
منظومة جبال المحيط الهادئ فتتكون من سييرا نيفادا في كاليفورنيا، وسلسلة جبال
الكسكيد في أوريجون وواشنطن، والجبال الساحلية في كولومبيا البريطانية، وسلاسل جبال
ألاسكا وألّوشيان. لقد بدأت سلسلتا منظومة جبال المحيط الهادئ تشكُّلها قبل حوالي
225 مليون عام، وقد تعرضت للرفع ثانية خلال الخمسة والستين مليون سنة الماضية.
أمريكا
الجنوبية. تمتد جبال الأنديز على طول الساحل الغربي لأمريكا الجنوبية لمسافة
7,200كم. وتتركب هذه الجبال بشكل كبير من صخور نارية تشكل معظمها عن عمليات
الثوران البركاني خلال الخمس والستين مليون عام الماضية. وقد نجم هذا النشاط
البركاني من انضواء، وغوص صفيحة نازكا، حاملة لجزء المحيط الهادئ الواقع غرب أمريكا
الجنوبية، تحت صفيحة أمريكا الجنوبية.
حلقة النار. تُعد جبال الأنديز ومنظومة جبال المحيط
الهادئ جزءًا ممّا يسمى بحلقة النار، وهي حزام من نُطُق الاندساس يحيط
المحيط الهادئ. وتشتمل على البراكين في اليابان، والفلبين، وإندونيسيا، ونيوزيلندا.
ويتألف الجزء الجنوبي الأقصى من حلقة النار هذه من جبال القارة القطبية الجنوبية
(أنتاركتيكا)، بما في ذلك شبه جزيرة أنتاركتيكا، التي تعد امتدادًا لجبال
الأنديز.
إفريقيا. تتكون قارة إفريقيا بشكل أساسي من كتلة قارية قديمة خفضت بعمليات التَّحَاتِّ فتشكلت على هيئة هضبة، ويبرز فوق هذه الهضبة كتل صلبة من الصخور البركانية. إن القمم الأكثر علوًا وارتفاعًا كجبل كيليمنجارو وجبل كينيا هي من أصل بركاني. كما يقتصر وجود الجبال الالتوائية على أقصى الجنوب الغربي، والشمال الغربي من القارة الإفريقية فقط. أما جبال أطلس في شمال غرب القارة فإنها تتبع نظام جبال التيثيان. وتمتد سلسلة جبال أطلس نحو 2,500كم من المملكة المغربية غربًا حتى شمال شرقي تونس شرقًا، وتتكون من سلسلتين رئيسيتين أطلس الشمالية وأطلس الجنوبية، الأولى في شمال المغرب، وتسمى أطلس الريف، والثانية في الجزائر وتسمى أطلس البحر، ويقل ارتفاعها في تونس حيث تنتهي في دخلة المعاوين عند شبه جزيرة بون وأطلس الجنوبية تشمل عددًا من السلاسل.
منظومة جبال التيثيان. تمتد منظومة جبال التيثيان عبر جنوب أوروبا وآسيا إلى ما يزيد على 11,000كم. وتشمل هذه المنظومة: جبال أطلس في شمال غرب إفريقيا وجبال الألب والكارباثيان في أوروبا، وجبال القوقاز ما بين أوروبا وآسيا. وفي قارة آسيا تستمر هذه المنظومة عبر جبال زاغروس والبامير وسلسلة كاراكورام والهملايا.
وتتكون منظومة جبال التيثيان، إلى حد كبير، من صخور رسوبية ونارية بالغة التشوه والتصدع، حدثت خلال الثمانين مليون عام الفائتة. ويعتبر علماء الأرض أن هذه المنظومة الجبلية، قد نجم عن تصادم الصفائح العربية، والإفريقية، والهندية مع صفيحة أوراسيا. ومازالت الزلازل تحدث بشكل متكرر على امتداد منظومة جبال التيثيان، مشيرًا إلى أن عمليات بناء الجبال مستمرة في الحدوث حتى الآن.
وقد أدت دراسة الجبال إلى اكتشاف رواسب معدنية غنية. وهي ضرورية لمواصلة البحث عن مصادر المعادن النافعة. ويساعد الإلمام بجيولوجية المناطق الجبلية المهندسين في وضع التصاميم، ومن ثم بناء الطرق الجبلية وخطوط السكك الحديدية، والأنفاق، والسدود.
قياس الجبال. يشكل تحديد المواقع بدقة، وارتفاعات الجبال، أهمية خاصة للجغرافيين وواضعي الخرائط. فهؤلاء غالبًا ما يستعملون التصوير الجوي، حيث تلتقط آلة تصوير محمولة جوًا مجموعة من الصور المتراكبة لمنطقة ما، ومن ثم يعمل صناع الخرائط على تطبيق ما يسمى التصوير المساحي الضوئي، وذلك لإنشاء الخرائط بالاعتماد على الصور الجوية.
وتقدم الأقمار الصناعية، والطائرات التي تحلق على علو شاهق معلومات دقيقة عن المواقع والارتفاعات، وذلك باستعمال أدوات يطلق عليها مقاييس الارتفاع الرادارية. يُرسل مقياس الارتفاع الراداري، إشارات بالراديو إلى الأرض، ثم يستقبل هذه الإشارات بعد انعكاسها من الأرض. ثم يقوم بحساب المسافة إلى الأرض وذلك بالاعتماد على سرعة الموجات الراديوية، وعلى الزمن الذي استغرقته هذه الموجات في الذهاب إلى الأرض والعودة منها. ويستعمل مساحو الجبال تقنية خاصة تسمى تحديد البعد بالليزر، حيث يرتد شعاع ليزر عن جسم ما، وذلك من أجل تحديد المسافة التي يبعدها هذا الجسم.
انظر: البركان والمقالات ذات الصلة بها.
وللجبال جوانب ومنحدرات شديدة وقمم وأجرف حادة، أو مستديرة قليلاً. وكثير من علماء الأرض يعتبرون المنطقة المرتفعة من الأرض جبلاً إذا احتوت على نطاقين مناخيين أو أكثر، ونطاقين من الحياة النباتية أو أكثر، على ارتفاعات مختلفة. وعموما يصبح المناخ أكثر برودة وأكثر رطوبة مع تزايد الارتفاع. وفي معظم أرجاء العالم، فإن ارتفاع جبل ما، يجب ألا يقل عن 600م عمَّا حوله ليحتوي على نطاقين مناخيين.
قد يكون الجبل قمة منفردة مثل بركان وحيد، وقد يكون جزءًا من سلسلة جبال. وتشكل مجموعة السلاسل الجبلية منظومة جبلية. على سبيل المثال : تشكل سلسلة جبال ديفيدنج المشهورة في شرقي أستراليا منظومة جبلية، إذ تشمل كلاً من سلسلة جبال نيو إنجلاند، والجبال الزرقاء في نيوساوث ويلز، والألب الأسترالية في نيو ساوث ويلز، وفكتوريا والجرامبيان في فكتوريا الغربية.
وتتشكل الجبال في المحيط، مثلما تتشكل على اليابسة. العديد من الجزر هي جبال قائمة فوق قاع المحيط، حيث ترتفع قممها فوق سطح الماء. ويوجد أطول منظومة جبلية في العالم في وسط المحيط الأطلسي مغمورة غالبًا بأكملها تحت الماء، وتمتد إلى ما يزيد على 16,000كم من شمال المحيط الأطلسي، وحتى القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا) تقريبًا. وتشكل بعض المتون (الحُيُود) الجبلية العالية قممًا، كجزر مثل جزيرة أيسلندا، والجزر البركانية القريبة منها في سورتسي، التي ظهرت فوق مستوى الأمواج عام 1963م.
وعادة يعبر عن ارتفاع الجبل بالمسافة التي ترتفعها قمته فوق مستوى سطح البحر. وحسب المسح الجغرافي لعام 1954م، فإن جبل إيفرست قد اعتبر ولمدة طويلة من الزمن أعلى جبل في العالم، وبلغ ارتفاعه 8,848م عن سطح البحر. وقد اقترحت المسوح الجغرافية الحديثة قيمًا جديدة لارتفاعات جبل إيفرست، وكذلك جبل ك2 المسمى أيضًا بجبل جودوين أوستن، أو جبل دابسانج. وترى هذه المسوح أن ارتفاع جبل ك2 يفوق ارتفاع جبل إيفرست بأقدام قليلة. لكن العلماء لن يقبلوا هذا حتى يعاد قياس الجبلين مجددًا.
يُعد بركان ماونا كاي في جزيرة هاواي، أعلى قمة جزيرة في العالم. وهو يرتفع عن مستوى سطح البحر بمقدار 4,205م. وإذا ما قيس ارتفاع ماونا كاي بدءًا من قاعدته فوق قاع المحيط الهادئ؛ فإن ارتفاعه سيبلغ 10,203م أي أكثر من عشرة كيلومترات طولاً.
أهمية الجبال
تأتي أهمية سلاسل الجبال من كونها المتحكمة في مناخ وتدفق مياه المناطق المجاورة لها. وهي ذات أهمية لما يعيش عليها من نباتات وحيوانات، ومهمة أيضًا لكونها مصدرًا للمعادن. ولسلاسل الجبال تأثير على نشاطات الإنسان وأسلوب معيشته. فهي تحدد أنماط تنقله ومواصلاته، وأماكن إقامته، وأماكن الترويح عن نفسه. وهي قبل هذا وذاك تحمي اليابسة من الانقلاب الذي يمكن أن ينتج عن هياج الأمواج في المياه التي تتجاوز مساحتها 70% من مساحة الأرض، وضد أي تقلبات كونية أخرى. يقول الله تعالى في كتابه العزيز ﴿وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم﴾ النحل : 15 . وقال سبحانه: ﴿ألم نجعل الأرض مهادا ¦ والجبال أوتادا﴾ النبأ :6، 7 .المناخ. تؤثر سلاسل الجبال بقوة في حركات الهواء، وأنماط التساقط من حيث تكثيف البخار إلى مطر، أو ندى أو ثلج.... إلخ. وتهبط درجة حرارة الهواء كلما زاد الارتفاع. كما أن الهواء البارد لا يستطيع أن يحتفظ بكمية الرطوبة كما يفعل الهواء الدافئ. ونتيجة لهذا فإن الهواء الدافيء الرطب، عندما يتحرك صاعدًا منحدر الجبل المواجه للرياح، فإنه يبرد ويتكثف ما به من بخار ماء إلى قطيرات من الماء. وعندئذ يسقط الماء على المنحدر الجبلي المواجه للرياح على هيئة مطر أو ثلج.
مع الوقت يجتاز الهواء قمة الجبل، بعد أن يكون قد فقد معظم ما به من رطوبة، ولهذا السبب يكون جانب الجبل البعيد عن الرياح، الذي يسمى الجانب المعاكس للريح، أكثر جفافًا من الجانب المواجه للرياح. وتسمى المنطقة الجافة على الجانب المعاكس للريح من سلسلة الجبال ظل المطر. ومن المعلوم أن العديد من صحاري العالم تقع في ظل المطر.
تدفق الماء. تؤثر الجبال وتتحكم في توفر المياه للعديد من المناطق الشاسعة. حيث إن الكثير من الأمطار تسقط على منحدرات الجبال، كما أن العديد من الأنهار تستمد مياهها من مناطق جبلية. وكمثال فإن نهري ريوجراندي وكولورادو في أمريكا الشمالية، يستمدان كل مياههما تقريبًا من الجبال. ويذوب كثير من الثلج على الجبال العالية أثناء فصول الصيف فقط، لذلك فإن الجبال تشكل خزانات مائية تغذي الجداول والأنهار حتى أثناء فترات القحط والجفاف صيفًا.
ونظرًا لانحدار المناطق الجبلية الشديد، ووفرة المياه الجارية المتدفقة، فإنها تُعد مواقع ملائمة لإنشاء محطات كهرومائية لتحّول طاقة المياه الساقطة إلى طاقة كهربائية. وتنتج بلاد النرويج الجبلية معظم الطاقة الكهربائية اللازمة لها من القوى المائية.
النباتات والحيوانات. تحتوي الجبال على ظروف متنوعة حسب الارتفاعات المختلفة، ولذلك فإنها توفر بيئات مناسبة لأنواع عديدة من الحياة النباتية والحيوانية. يعيش القليل من الكائنات الحية في البرد القارس فوق الثلوج التي تكسو قمم الجبال. وتستوطن أنواع مختلفة من الحيوانات الصغيرة الحجم مثل الشنشيلة القارضة، والبيكا، في الأماكن السفلى من الحقول الثلجية، ويرافقها في هذه الأماكن، جنباً إلى جنب، القليل من الحيوانات الكبيرة ذات القدم الثابتة كالماعز الجبلي، والضأن. وتتغذى هذه الحيوانات بالشجيرات، والطحالب، والنباتات الأخرى التي تنمو فوق ما يسمى خط الشجر، الذي لا تنمو الأشجار بعده بسبب البرودة.
ويوجد تحت خط الشجر العديد من الجبال التي تكسوها الغابات المليئة بأنواع كثيرة من الحياة النباتية والحيوانية. وتكون بعض أجزاء العالم جافة إلى حد عدم ملاءمتها لنمو الأشجار، فيما عدا المناخات الجبلية الأكثر برودة ورطوبة. وتعتمد صناعة الأخشاب في مثل هذه المناطق، على الغابات الخشبية التي تنمو في المناطق الجبلية.
المعادن. تأتي معظم المصادر المعدنية في العالم من أقاليم جبلية. وتتشكل الجبال بعمليات جيولوجية مثل الثورانات البركانية، والزلازل. وربما تجلب هذه العمليات المعادن القيمة قريبًا من سطح الأرض حيث يمكن تعدينها.
نشاطات الإنسان. تقوم الجبال في أجزاء عديدة من العالم بدور الحواجز، أو الموانع التي تعوق عمليات الانتقال، والاستقرار، والاتصال بالنسبة للإنسان. إن انعزال المجتمعات الإنسانية الجبلية، قد أوجد تباينًا في الثقافات؛ ففي جبال الألب السويسرية مثلاً يتكلم الناس مئات اللهجات التي تعود لأربع لغات مختلفة.
وتعد الجبال أيضًا مناطق ترويحية مهمة، ففي كل عام يقضي ملايين من الناس إجازاتهم في المناطق الجبلية، حيث يخيمون ويتمشون ويتزلجون ويتسلقون الجبال، أو يكتفون بمتعة استنشاق الهواء النقي، ورؤية المناظر الطبيعية الخلابة.
كيف تنشأ الجبال
نشأت الجبال بتقدير ا الذي جعل لكل شيء سببًا وأتاح للإنسان أن يبحث ويتدبر ويدرك بعقله آيات ا في خلقه. ويرى العلماء أن الجبال نشأت بفعل قوى أرضية هائلة استغرقت زمنًا طويلاً. وفي أوائل الستينيات من القرن العشرين، طوَّر علماء الأرض نظرية توضح كيفية تكوّن الجبال ومعالم جيولوجية أخرى، وقد أطلق على هذه النظرية اسم نظرية حركية الصفائح، وحسب هذه النظرية فإن قشرة الأرض تتكون من سبع صفائح كبيرة متينة، وعدد من الصفائح الأصغر حجمًا. وهذه الصفائح في حركة بطيئة مستمرة. وتحمل هذه الصفائح المتحركة فوقها كلاً من القارات وأحواض المحيطات. وتحدث الحركات المكونة للجبال عادة، على طول الحدود الفاصلة بين هذه الصفائح.هناك خمسة أنواع أساسية من الجبال مصنفة حسب العمليات الأرضية التي أدت إلى تشكلها: 1- جبال بركانية. 2- جبـال التوائية 3- جبال كتلية انكسارية 4- جبال قبابية 5- جبال تحاتية.
قد تحوي سلاسل الجبال الرئيسية واحدًا أو أكثر من هذه الأنواع. فعلى سبيل المثال، بدأت سلسلة جبال ديفيدنج في شرق أستراليا، جبالاً التوائية، وما لبثت أن خضعت لعمليات التعرية، والتَّحَاتَّ، ثم رفعت الكتل المتعرية إلى أعلى مشكِّلة جبالاً كتلية انكسارية.
الجبال البركانية. الجبال البركانية الشبيهة بجبل إتنا الإيطالي، وفيزوف، وجبل فوجي الياباني، تشكلت من اندفاع الصخر المنصهر من باطن الأرض، وتراكمه فوق سطح الأرض؛ ونتيجة لذلك تتكون الجبال البركانية من الصخور النارية بشكل أساسي، مثل صخري البازلت والريولايت اللذين يتشكلان عندما تبرد، وتتجمد المادة المنصهرة. وتعد الصخور النارية واحدة من ثلاثة أنواع رئيسية من الصخور. والنوعان الآخران من الصخور هما الصخور الرسوبية والصخور المتحولة، ويوجد هذان النوعان في الجبال التي تشكلت بعمليات أخرى.
إن العديد من الحركات المكونة للجبال البركانية، تحدث في أماكن يطلق عليها نُطُق الاندساس (الانضواء). وفي هذه النُطُق (جمع نِطَاق) تتصادم صفيحتان قاريتان كبيرتان من صفائح القشرة الأرضية، ويحدث أن تندس أو تنضوي حافة إحدى الصفيحتين تحت حافة الصفيحة الأخرى، وتُسمى هذه العملية عملية الاندساس أو الانضواء، وبسبب الاحتكاك الشديد بين الصفيحتين بالإضافة إلى حرارة باطن الأرض، فإن الجزء المنضوي من الصفيحة ينصهر، ويصعد بدوره إلى سطح الأرض مكونًا ثورانًا بركانيًا. وقد شكل مثل هذا النشاط البركاني الناتج عن عملية الانضواء سلسلة جبال الكسكيد في أمريكا الشمالية، كما البراكين في المكسيك، وأمريكا الجنوبية.
وإذا وقع نطاق الانضواء بين صفيحتين تحت قاع المحيط؛ فإن النشاط البركاني الناتج في هذه الحالة، يشكل سلسلة من الجزر تسمى القوس الجزيري. وتعد جزر ألُّوشيان في ألاسكا وجزر ماريانا في المحيط الهادئ أمثلة على الأقواس الجزيرية.
ويرافق بناء الجبال البركانية تباعد الصفائح، بعضها عن بعض، حيث يتجمع الصهير الصخري المندفع صاعدًا من باطن الأرض بين الصفيحتين المتباعدتين مؤديًا إلى تكوين سلاسل جبلية مغمورة تحت ماء المحيط تسمى سلسلة وسط محيطية، فقد تَشَكَّلت سلسلة وسط المحيط الأطلسي بهذه الطريقة. وحيث يبرد الصهير الصخري المندفع من باطن الأرض والمتجمع بين الصفيحتين، ومع استمرار تحرك الصفيحتين باتجاهين متباعدين فإن قاعًا محيطيًا جديدًا يتشكل من المادة المتصلبة.
وهناك جبال بركانية أخرى، تشكلت بعمليات مستقلة عن نشاط الصفائح. ويعتقد علماء الأرض أن هذه الجبال قد نشأت عن ريش الوشاح، وهي أعمدة من الصهير الصخري تنبثق صاعدة من أعماق الأرض، وتكون هذه الريش ثابتة بالنسبة للصفائح المتحركة فوقها. وعندما يقترب الصهير الصخري من سطح الأرض فإنه يشكل جيوبًا أو نقاطًا حرارية بالغة السخونة، ما تلبث أن تثور كالبركان. ومع مرور الوقت، واستمرار تحرك الصفائح فوق ريش الصهير الصخري، فإن هذه الأخيرة تشكل خطًا من البراكين. وقد تشكلت جزر هاواي بهذا الأسلوب عندما تحركت الصفيحة الحاملة للمحيط الهادئ في اتجاه شمالي غربي، فوق ريش صهير صخري.
|
|
الجبال القبابية. وهي شبيهة بالتلال السوداء في داكوتا الجنوبية، وإلى درجة أقل، مقاطعة البحيرة في شمال غرب إنجلترا، حيث تشكلت هذه الجبال عندما أدت القوى الجيولوجية إلى رفع قشرة الأرض نحو انتفاخ أو قبة عريضة. وتكون القباب العالية أكثر عرضة لتزايد الحتّ أو التعرية، إذ أن الصخور الرسوبية التي تغطي القبة تتآكل بسرعة، وتتعرى كاشفة ما تحتها من صخور نارية ومتحولة. ولا تلبث هذه الصخور السفلى القاسية أن تتعرض للحت بأشكال غير منتظمة مشكلة قممًا حادة وأودية.
الجبال التحاتية. يمثل القليل من الجبال، مثل سلسلة جبال دراكنزبرج في جنوب إفريقيا، ما بقي بعد تعرية معلم صخري ناتئ، مثل حافة هضبة عالية، بفعل عاملي الجليد والماء الجاري.
المنظومات الجبلية الرئيسية
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
بعض الجبال والقمم المشهورة في العالم | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
| ||||||||||||||||||||||||||
الجبال في العالم العربي | ||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||
|
|
|
|
إفريقيا. تتكون قارة إفريقيا بشكل أساسي من كتلة قارية قديمة خفضت بعمليات التَّحَاتِّ فتشكلت على هيئة هضبة، ويبرز فوق هذه الهضبة كتل صلبة من الصخور البركانية. إن القمم الأكثر علوًا وارتفاعًا كجبل كيليمنجارو وجبل كينيا هي من أصل بركاني. كما يقتصر وجود الجبال الالتوائية على أقصى الجنوب الغربي، والشمال الغربي من القارة الإفريقية فقط. أما جبال أطلس في شمال غرب القارة فإنها تتبع نظام جبال التيثيان. وتمتد سلسلة جبال أطلس نحو 2,500كم من المملكة المغربية غربًا حتى شمال شرقي تونس شرقًا، وتتكون من سلسلتين رئيسيتين أطلس الشمالية وأطلس الجنوبية، الأولى في شمال المغرب، وتسمى أطلس الريف، والثانية في الجزائر وتسمى أطلس البحر، ويقل ارتفاعها في تونس حيث تنتهي في دخلة المعاوين عند شبه جزيرة بون وأطلس الجنوبية تشمل عددًا من السلاسل.
منظومة جبال التيثيان. تمتد منظومة جبال التيثيان عبر جنوب أوروبا وآسيا إلى ما يزيد على 11,000كم. وتشمل هذه المنظومة: جبال أطلس في شمال غرب إفريقيا وجبال الألب والكارباثيان في أوروبا، وجبال القوقاز ما بين أوروبا وآسيا. وفي قارة آسيا تستمر هذه المنظومة عبر جبال زاغروس والبامير وسلسلة كاراكورام والهملايا.
وتتكون منظومة جبال التيثيان، إلى حد كبير، من صخور رسوبية ونارية بالغة التشوه والتصدع، حدثت خلال الثمانين مليون عام الفائتة. ويعتبر علماء الأرض أن هذه المنظومة الجبلية، قد نجم عن تصادم الصفائح العربية، والإفريقية، والهندية مع صفيحة أوراسيا. ومازالت الزلازل تحدث بشكل متكرر على امتداد منظومة جبال التيثيان، مشيرًا إلى أن عمليات بناء الجبال مستمرة في الحدوث حتى الآن.
دراسة الجبال
لماذا يدرس الجيولوجيون الجبال. يدرس الجيولوجيون الجبال؛ لأن هذه الدراسة تزودهم بالمعرفة النافعة والمهمة. فالدراسة التحليلية لبنية وتركيب وتوزيع الجبال تعطي معلومات مهمة عن طبيعة القوى الجيولوجية التي تحكم شكل الأرض الخارجي، وعن تركيب باطن الأرض. ويدرس الجيولوجيون (علماء الأرض) الجبال ليعرفوا تاريخ الأرض، بالإضافة إلى معلومات عن معالم الأرض الرئيسية.وقد أدت دراسة الجبال إلى اكتشاف رواسب معدنية غنية. وهي ضرورية لمواصلة البحث عن مصادر المعادن النافعة. ويساعد الإلمام بجيولوجية المناطق الجبلية المهندسين في وضع التصاميم، ومن ثم بناء الطرق الجبلية وخطوط السكك الحديدية، والأنفاق، والسدود.
قياس الجبال. يشكل تحديد المواقع بدقة، وارتفاعات الجبال، أهمية خاصة للجغرافيين وواضعي الخرائط. فهؤلاء غالبًا ما يستعملون التصوير الجوي، حيث تلتقط آلة تصوير محمولة جوًا مجموعة من الصور المتراكبة لمنطقة ما، ومن ثم يعمل صناع الخرائط على تطبيق ما يسمى التصوير المساحي الضوئي، وذلك لإنشاء الخرائط بالاعتماد على الصور الجوية.
وتقدم الأقمار الصناعية، والطائرات التي تحلق على علو شاهق معلومات دقيقة عن المواقع والارتفاعات، وذلك باستعمال أدوات يطلق عليها مقاييس الارتفاع الرادارية. يُرسل مقياس الارتفاع الراداري، إشارات بالراديو إلى الأرض، ثم يستقبل هذه الإشارات بعد انعكاسها من الأرض. ثم يقوم بحساب المسافة إلى الأرض وذلك بالاعتماد على سرعة الموجات الراديوية، وعلى الزمن الذي استغرقته هذه الموجات في الذهاب إلى الأرض والعودة منها. ويستعمل مساحو الجبال تقنية خاصة تسمى تحديد البعد بالليزر، حيث يرتد شعاع ليزر عن جسم ما، وذلك من أجل تحديد المسافة التي يبعدها هذا الجسم.
انظر: البركان والمقالات ذات الصلة بها.
أسئلة
- كيف تكونت جزر هاواي؟
- ما حلقة النار؟
- عبر أي القارات تمتد منظومة جبال التيثيان؟
- ما أنواع الجبال الخمسة الرئيسية؟
- ما أطول منظومة جبلية في العالم؟
- كيف يتم قياس ارتفاع الجبال بمقياس الارتفاع الراداري؟
- ما أعلى جبل في العالم؟
- ما المقصود بظل المطر؟
- كيف تتشكل الجبال الالتوائية؟
- ما نظريات حركية الصفائح القارية؟
- ما الجبال التي تمتد من الجزائر إلى المغرب؟ وتلك التي تمتد من السعودية إلى اليمن؟