دولة تتكون من عدة جزر تقع في شمال المحيط الهادئ، قبالة الساحل
الشمالي الشرقي للبر الآسيوي، مواجهة لكل من روسيا وكوريا والصين. وتتألف اليابان
من آلاف الجزر الصغيرة، وأربع جزر كبرى هي: هوكايدو، وهونشو، وكيوشو، وشيكوكو، حيث
تؤلف معًا قوسًا يمتد حوالي 1,900كم. ويعيش في اليابان نحو 126,472,000 نسمة، مما
يجعل اليابان واحدة من أعلى بلدان العالم في الكثافة السكانية.
يسمي اليابانيون بلدهم نيبون أو نيهون التي تعني مصدر الشمس. أما اسم اليابان فربما جاء من الاسم الإيطالي زيبانغو الذي أطلقه عليها الرحالة ماركو بولو في نهاية القرن الثالث عشر الميلادي، والذي سمع عن الجزر اليابانية أثناء سفره عبر الصين.
تغطي الجبال والتلال معظم اليابان، مما يضفي عليها جمالاً مرموقًا، فالكثير من جبالها بركانية، وأشهرها جبل فوجي، وهو أعلى قمة في اليابان. وتحتل الجبال والتلال مساحات شاسعة من أرضها، مما جعل غالبية السكان يعيشون في سهول ضيقة على امتداد السواحل. وتشمل هذه السهول الساحلية الكثير من أفضل الأراضي الزراعية في اليابان ومعظم المدن الرئيسية. يعيش 78% من السكان في المراكز الحضرية. تشغل مراكز الحضارة الحديثة والتجارة والصناعة مدن اليابان الرئيسية. ومدينة طوكيو هي العاصمة، وتُعدّ كبرى المدن في اليابان، وتقع على سهل كانتو الذي يعتبر أوسع منطقة في الأراضي المنخفضة. كما توجد في اليابان ثلاث مدن أخرى يتجاوز سكان الواحدة منها مليوني نسمة.
اليابان واحدة من عمالقة الصناعة في العالم، حيث لا يفوق الإنتاج الصناعي الياباني سوى إنتاج الولايات المتحدة. وقد صنع اليابانيون مجموعة متنوعة من المنتجات، بما فيها السيارات والحواسيب والحديد والفولاذ ومواد البلاستيك وأجهزة المذياع والتلفاز. وأصبحت اليابان قوة اقتصادية رئيسية رغم قلة مواردها الطبيعية، إذ إنها تستورد كثيرًا من المواد الخام التي تحتاجها الصناعات، كما تعتبر اليابان من البلدان التجارية الرئيسية.
وتعكس الحياة اليابانية صورة الحضارتين الشرقية والغربية، فمن تَمسُّك ببعض العادات والتقاليد القديمة كالمصارعة اليابانية القديمة ومشاهدة مسرحيات النو والكابوكي التي تعود إلى ما قبل مئات السنين، إلى التقاطر لمشاهدة أحدث الأفلام والمسرحيات ولبس الملابس الغربية ثم لبس الكيمونو التقليدي في الاحتفالات. وكثير من الفنانين اليابانيين يدمجون في فنهم كلا الطرازين الغربي والياباني.
تأثرت اليابان القديمة بدرجة كبيرة بالحضارة الصينية المجاورة واستعارت منها الكثير، من فن ولغة وتقنية وغيرها. وأول أوروبي دخل اليابان كان في منتصف القرن السادس عشر الميلادي. وبدأت التجارة مع عدد من البلدان الأوروبية. غير أنه في بداية القرن السابع عشر قرر حكام اليابان قطع روابط اليابان مع العالم الخارجي بغية حمايتها من النفوذ الأجنبي. واستمرت هذه العزلة إلى سنة 1853م حينما جاء القائد البحري ماثيو بيري بسفنه الحربية إلى خليج طوكيو. وأدّى استعراض القوة هذا إلى فتح اليابان لاثنين من موانئها سنة 1854م في وجه التجارة الأمريكية. وخلال السبعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، بدأت الحكومة حركة شاملة لتحديث البلاد من كافة الوجوه. وتحولت اليابان في أوائل القرن العشرين إلى دولة صناعية ذات قوة عسكرية. وقد تحكم العسكريون في أمور الدولة بحلول الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي.
وفي السابع من شهر ديسمبر عام 1941م، هاجم اليابانيون القواعد البحرية الأمريكية في بيرل هاربر في جزيرة هاواي، مما أدخل الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية. وحقق اليابانيون عدة انتصارات مبكرة. لكن فيما بعد انقلب الموقف لصالح الولايات المتحدة ودول الحلفاء الأخرى. وفي شهر أغسطس 1945م أسقطت الطائرات الأمريكية أول قنبلتين ذريتين على مدينتي هيروشيما وناجازاكي. وفي الثاني من سبتمبر 1945م، استسلمت اليابان رسميًا وانتهت الحرب العالمية الثانية.
تركت تلك الحرب اليابان مهزومة شر هزيمة؛ فالكثير من المدن اليابانية تحولت إلى أنقاض، والصناعات اليابانية تحطمت، واحتلت قوات الحلفاء اليابان. غير أن مهارة الإنسان الياباني عملت بشكل دؤوب للتغلب على آثار الحرب. فمع نهاية الستينيات من القرن العشرين الميلادي، أصبحت اليابان قوة صناعية عظمى. حاز النجاح الاقتصادي الياباني إعجاب العالم. وفي الوقت الحاضر، لا تتمتع إلا شعوب قليلة بمستوى معيشي يفوق مستوى معيشة اليابان.
الإمبراطور. تَمتَّع الإمبراطور الياباني في أزمنة مختلفة من التاريخ الياباني بسلطات كبرى، بينما حد دستور عام 1947م من سلطة الإمبراطور، حيث اعتبر الإمبراطور رمزًا للدولة ولوحدة شعبها. ومهام الإمبراطور بالكامل احتفالية ومنصب الإمبراطور وراثي. الدايت. يسن القوانين اليابانية، وهو يتألف من مجلسين؛ مجلس النواب، ويتألف من 500 عضوًا يتم انتخابهم لمدة أربع سنوات، ومجلس المستشارين، ويتألف من 252 عضوًا يتم اختيار نصفهم كل ثلاث سنوات لعضوية المجلس لمدة ست سنوات. ويتم اختيار 100 عضو من مجلس المستشارين من الدولة ككل، بينما يتم اختيار 152 عضوًا من بين أعضاء 47 ولاية.
رئيس الوزراء. يتم اختياره من بين أعضاء الدايت (المجلس التشريعي)، وهو عادة رئيس الحزب السياسي الذي يحتل معظم مقاعد المجلس التشريعي. يساعد مجلس الوزراء رئيسه في تسيير أمور الحكومة. يعين رئيس الوزراء أعضاء حكومته. وأكثر من نصف الوزراء يتم اختيارهم من أعضاء المجلس التشريعي (الدايت).
الحكومة المحلية. ينتخب الناخبون في كل من الولايات السبعة والأربعين حاكمًا وجمعية عمومية. تتألف كل ولاية من مدن وقرى، وفي كل مدينة أو قرية يختار السكان رئيس البلدية والمجلس المحلي.
السياسة. يوجد في اليابان عدة أحزاب سياسية، أكثرها نجاحًا الحزب الديمقراطي الليبرالي، وهو حزب المحافظين الذي يحظى بمقاعد في المجلس التشريعي أكثر من أي حزب آخر منذ عام 1955م. يمثل الحزب الديمقراطي الليبرالي عادة المناطق الريفية من أجل تمويله، وأخذ يكسب شعبية أكبر في المدن خصوصًا بين الموظفين والحرفيين. والحزب المعارض الرئيسي هو الحزب الاشتراكي الياباني الذي يستمد معظم دعمه من المجموعات العمالية. هناك أحزاب أخرى صغيرة: حزب كوميتو (حزب الحكومة النظيف)، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، حزب اليابان الجديد.
المحاكم. أعلى محكمة في اليابان هي المحكمة العليا التي تتألف من رئيس القضاة وأربعة عشر قاضيًا. يسمي مجلس الوزراء رئيس القضاة الذي يعينه الإمبراطور فيما بعد. بينما يعين مجلس الوزراء القضاة الأربعة عشر الآخرين. والمحكمة العليا هي المحكمة النهائية لتقرير المسائل الدستورية. والمحاكم اليابانية الأقل مستوى ثماني محاكم إقليمية عليا و50 محكمة محلية، بالإضافة لعدد كبير من المحاكم الصغرى التي تنظر في المخالفات والقضايا الصغرى، وكذلك كثير من المحاكم العائلية التي تعالج المشكلات الأهلية.
القوات المسلحة. لا يحق لليابان بموجب الدستور، إعلان حرب أو أن تملك قوات جوية أو برية أو بحرية لهذا الغرض. وفي الوقت نفسه، فإن لدى اليابان قوات برية وبحرية وجوية للدفاع عن نفسها. يبلغ حجم قوات الدفاع اليابانية 243,000 فرد، والخدمة فيها اختيارية.
الولايات اليابانية. الولايات أكبر أجزاء الحكومة المحلية في اليابان ويبلغ عددها 47 ولاية.
اليابان إحدى أكثر الكثافات السكانية في العالم، إذ تبلغ الكثافة السكانية فيها 335 نسمة/كم². ويعيش حوالي 90% من السكان في السهول الساحلية التي تشغل 20% من مساحة اليابان. لذا، فهذه السهول من أكثر بقاع العالم ازدحامًا بالسكان.
يزدحم ملايين اليابانيين في طوكيو العاصمة التي يبلغ عدد سكانها ثمانية ملايين وثلث المليون نسمة. تبلغ الكثافة السكانية في طوكيو 14,000 نسمة/كم². يعيش في كل من: يوكوهاما وأوساكا وناغويا أكثر من مليوني نسمة. وهناك سبع مدن أخرى يتجاوز سكانها المليون نسمة.
سلالة اليابانيين. وجد العلماء أدلة تفيد أن اليابانيين ينحدرون من شعوب عدة هاجرت إلى جزر اليابان من مناطق مختلفة من آسيا. فمعظمهم جاء عبر موجات من شمال شرقي البر الآسيوي عبر شبه الجزيرة الكورية. وبعضهم جاء من جزر تقع جنوبي اليابان. غير أن الجزر اليابانية كانت مأهولة منذ عام 4500 ق.م بالسكان الذين عملوا بالصيد البري والبحري، وجمع النباتات والثمار. وتُعرف هذه الحضارة المبكرة بجومون التي تعني نمط الحبل، حيث كان يصنع السكان الفخار المزين برسم يشبه الحبال.
ظهرت خلال القرن الثالث قبل الميلاد، موجات أخرى من المهاجرين، حيث حل محل الجومون مجتمع زراعي. وقد دُعيت هذه الحضارة باسم يايوي. لقد عمل هؤلاء السكان في زراعة الأرز في الحقول المروية، وأقاموا القرى على امتداد الأودية النهرية والسهول الساحلية. ويعتقد أن اليابانيين الحاليين ينحدرون من هذه السلالة. كما يعتقد العلماء أن السكان الذين عاشوا في اليابان حوالي عام 100م يشبهون إلى حد كبير سكان اليابان الحاليين من حيث اللغة والشكل العام.
ينتمي اليابانيون إلى العرق الجغرافي الآسيوي. انظر: الأجناس البشرية. ويشكل الصينيون والكوريون أكبر الأقليات في اليابان، إذ يعيش في اليابان حوالي 70,000 صيني، 675,000 كوري بالإضافة إلى 15,000 نسمة من الأينو الذين يعيش معظمهم في جزيرة هوكايدو في أقصى شمالي اليابان. تزاوج الكثير من الأينو مع اليابانيين وتبنوا الحضارة والتراث اليابانيَّيْن. يختلف بقية الأينو عرقيًا وحضاريًا عن اليابانيين. ويعتقد بعض العلماء أن الأينو يابانيون أصلاً طردوا باتجاه الشمال من قِبَل سكان اليابان الحاليين. انظر: الأينو، شعوب.
تعاني الأقليات في اليابان من الإجحاف والتحيز، وأكثرها معاناة مجموعة اليابانيين التي تُدعى إيتا أو براكومن الذين يبلغ عددهم نحو 3 مليون نسمة، جاءوا من القرى التي اشتهرت ببعض الأعمال كإعدام المجرمين، وذبح الأبقار ودباغة الجلود. وتعتبر البوذية، وهي إحدى الديانات الرئيسية في اليابان، هذه الأعمال ومن يعمل بها غير نظيف. لذلك فإن جماعة البراكومن، رغم عدم اختلافها عرقيًا عن سائر اليابانيين، تعاني من التمييز ضدها. فالكثير من البراكومن يعيشون منعزلين في الأحياء الفقيرة من المدن أو في قرى خاصة. وقد بدأوا حركة اجتماعية نشطة للحصول على معاملة أفضل، إلا أنهم لم يحققوا سوى نجاح محدود.
اللغة. اليابانية اللغة الرسمية، يتم التحدث بها بعدة لهجات محلية، تختلف كثيرًا بعضها عن بعض في لفظها. وتمثل لهجة سكان طوكيو الشكل الرسمي للتحدث باليابانية، فجميع اليابانيين تقريبًا يفهمونها، لذا فهي تستخدم في المدارس وفي الإذاعة والتلفاز. كما يجيد الكثير من اليابانيين اللغة الإنجليزية، إذ إن بعض الكلمات اليابانية مأخوذة من الأصل الإنجليزي. تعتبر كتابة اللغة اليابانية من أصعب أنظمة الكتابة في العالم، حيث إن كل حرف يمثل رمزًا. كما أن المدارس اليابانية تُعلم التلاميذ كتابة اليابانية بحروف رومانية. للحصول على مزيد من المعلومات انظر: اليابانية، اللغة.
يتمتع معظم سكان المدينة بمستوى معيشة مرتفع، مع وجود بعض المناطق الفقيرة المجاورة. يعمل الكثير منهم في المصارف، والمصانع، والفنادق، والمطاعم، والمكاتب، والمحلات التجارية ويملك بعضهم أعماله الخاصة، كما يعمل الآخرون في الوظائف الحكومية. تنخفض نسبة البطالة في اليابان، فالاقتصاد الياباني قوي لدرجة أن معظم اليابانيين يجدون عملاً. كما تضمن بعض المؤسسات اليابانية العمل لمن يعمل بها طوال الحياة.
تتألف مساكن المدينة من عمارات ذات شقق حديثة وبيوت يابانية تقليدية. معظم البيوت التقليدية بسيطة، تتكون من طابق أو طابقين من البناء الخشبي محاط معظمها بالحدائق. أما أرضية البيت فهي أعلى من مستوى المدخل، ويترك الأفراد أحذيتهم عند المدخل ويلبسون نعالاً. عندما يدخلون غرفة المعيشة تكون الغرف مفصولة من الورق المقوى المتحرك، مما يسمح بتغير حجم الغرف وشكلها. وفي الغرف التقليدية، تفرش الأرض بأبسطة القش الياباني، وترتب الغرف بحيث تستخدم غرف جلوس نهارًا وللنوم ليلاً لأن المساكن صغيرة. تشكل الغرفة الرئيسية في البيت التقليدي زاوية تعلَّق عليها المزخرفات. ويحتوي الكثير من الشقق والبيوت اليابانية على غرفة واحدة أو أكثر مفروشة على الطريقة الأوروبية، حيث تغطَّى أرضها بالسجاد. وتعاني المدن اليابانية، كغيرها من مدن العالم، من نقص في توافر المساكن للسكان وازدحام الشوارع والطرقات وتلوث الماء والهواء.
لا تنتشر الجريمة في المدينة اليابانية على نقيض البلدان الغربية؛ فمعدل الجريمة في اليابان أقل بكثير مما هو عليه في المدينة الغربية، ففي طوكيو على سبيل المثال يمكنك استخدام المواصلات العامة والسير في معظم شوارع المدينة في أي ساعة من الليل والنهار بأمان.
حياة الريف. يعيش حوالي ربع سكان اليابان (22%) في الريف. وفي المناطق الريفية، على امتداد السواحل، يعيش بعض اليابانيين على صيد الأسماك، وجمع الأعشاب البحرية الصالحة للأكل. لكن مستوى المعيشة ارتفع بشكل كبير منذ الحرب العالمية الثانية، فمعظمهم يملك سيارة وتلفازًا ملونًا وثلاجة، وغسالة. كما يملك معظم المزارعين اليابانيين الأرض التي يفلحونها باستخدام الجرارات الزراعية. ويستخدم اليابانيون الأسمدة والمبيدات والأساليب الزراعية الحديثة، مما يرفع الإنتاج بشكل كبير. في معظم الأحوال، يعمل أحد أفراد العائلة الريفية في المدينة المجاورة. لقد أقيمت بعض الصناعات في الأرياف بسبب توافر العمالة. وتسكن معظم العائلات في البيت الياباني التقليدي الخشبي الذي يشبه بيوت المدن. وتتألف البيوت الريفية من غرفة واحدة إلى أربع غرف، والقديم منها سطحه من القش بينما الجديد منها مسقوف بالقرميد.
هاجر الكثير من سكان الريف إلى المدن منذ الخمسينيات من القرن العشرين، وذلك للعمل في الصناعة، حيث مستوى الدخل الأعلى، ومن ثم أصبحت الزراعة حرفة خاصة بالمسنين.
حياة الأسرة. كان اليابانيون قبل عام 1945م يعيشون ضمن أسر كبيرة العدد، تشمل الأجداد والآباء والأبناء وأحيانًا الأعمام وأسرهم. وللزوج سلطة كاملة على زوجته، والأطفال يطيعون آباءهم طاعة عمياء. كما يختار الوالدان الزوج المناسب لأبنائهما. وفي معظم الحالات، لا يعرف العروسان بعضهما قبل الزواج.
أما اليوم، فيعيش معظم اليابانيين ضمن أسر صغيرة تقتصر على الآباء والأبناء فقط. وما زالت الرابطة الأسرية قوية، ولكن منذ الحرب العالمية الثانية أصبحت العلاقات داخل الأسرة أقل رسمية، فالأبناء أخذوا حرية أكبر، فأصبح معظمهم يختارون شركاء حياتهم بأنفسهم، وتبعًا لقناعتهم ومصلحتهم الشخصية. وفي بعض العائلات، يرث الابن الأكبر مهنة أبيه، ولكن، في الغالب، يختار الابن الأكبر المهنة التي يرغبها.
ضمن دستور عام 1947م حق المساواة للمرأة في جميع المجالات؛ فمعظم النساء يعملن حاليًا خارج البيت. وتعمل معظم النساء حتى الزواج، وتعود لاستئناف العمل بعد التحاق الأبناء بالمدرسة، كما تزاول بعض النساء النشاط الاجتماعي والسياسي.
الملابس. يرتدي معظم اليابانيين اليوم الملابس ذات الطابع الغربي خارج البيت، بينما يرتدي آخرون ـ خصوصًا كبار السن ـ الملابس التقليدية اليابانية داخل البيت، وترتدي غالبية السكان الملابس الغربية داخل البيت. يخلع الياباني حذاءه عند دخول البيت، ولا يلبس سوى النعال.
الطعام والشراب. يعتبر الأرز العنصر الأساسي في الطعام الياباني، ويؤكل مسلوقًا ومعه بعض المخللات المصنوعة من الملفوف والخيار والباذنجان والفجل. يأكل الياباني الأرز مع كل وجبة غذائية.
والسمك المصدر الرئيسي للبروتين، وأفضل طريقة لأكل السمك رشه بالملح وشواؤه على النار. أما المصدر الثاني للبروتين فهو فول الصويا الذي يؤكل في الغالب على شكل معجونة أو على شكل سائل لإعطاء نكهة للطعام، كما يأكل اليابانيون الفواكه والأعشاب البحرية. ويعتبر الشاي المشروب الأكثر شعبية، كما يشربون الكحوليات.
يفضل اليابانيون المواد الطازجة في طعامهم إذ يحبذون النكهة الطبيعية للطعام. ويأكلون غالبًا على منضدة منخفضة، ويهتمون بترتيب طعامهم في الأطباق بشكل جذاب، ويأكلون باستخدام العيدان الخشبية.
منذ الخمسينيات من القرن العشرين غيّر اليابانيون كثيرًا من عاداتهم الغذائية، فأخذوا يأكلون لحوم الطيور والخبز في كثير من وجباتهم.
الترويح. يمارس اليابانيون عدة أنواع من الألعاب الرياضية والهوايات في أوقات الفراغ، وتُعدّ كرة القاعدة (البيسبول) أكثرها انتشارًا بالإضافة إلى الجولف والتزلج على الجليد وتنس الطاولة والتنس الأرضي والكرة الطائرة. ويمارس الكثير منهم رياضة الجودو والكاراتيه. يمارس اليابانيون هوايات الصيد وتسلق الجبال. يحتفل اليابانيون بعدة مهرجانات، أكثرها شعبية يوم رأس السنة الذي يبدأ في اليوم الأول من شهر يناير من كل عام، حيث يلبسون الملابس التقليدية الملونة ويزورون أقرباءهم ويتبادلون الهدايا ويمارسون أنواع الرياضة المختلفة.
أما في بيوتهم، فيعدون الولائم الشهية ويلعبون ألعابهم التقليدية، وتنتهي الاحتفالات في اليوم الثالث من الشهر نفسه، غير أن البعض يستمر في الاحتفالات حتى منتصف الشهر.
الديانة. أقدم الديانات هي الشنتو التي تعني طريق الآلهة، وتعود إلى زمن قديم جدًا. يعبد أتباعها عدة آلهة تدعى كامي وتوجد في الجبال والأنهار والصخور والأشجار وغيرها من عناصر الطبيعة. في عام 1868م، وضعت الحكومة اليابانية ديانة رسمية أسمتها شنتو الدولة، وهي تؤكد الوطنية وتقديس الإمبراطور كإله. وقد تم إلغاء هذه الديانة رسميًا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ونفى الإمبراطور أن يكون إلهًا. وتعزى كثير من صفات اليابانيين لديانة الشنتو التي يدين بها أكثر من 90% من اليابانيين.
ويعتنق حوالي 75% من اليابانيين البوذية، وبجانبها يعتنق معظمهم الشنتو في الوقت نفسه. وقد جاءت البوذية إلى اليابان من الصين وكوريا في حوالي 552م. يشكل النصارى في اليابان أقل من 1%، وقد جاءت النصرانية إلى اليابان في حوالي عام 1550م مع المنصِّرين الأسبان والبرتغاليين. ويفوق عدد البروتستانت عدد الرومان الكاثوليك بين النصارى في اليابان. تطورت في أعقاب الحرب العالمية الثانية ديانة جديدة تشتمل على مزيج من النصرانية والبوذية والشنتو. والكونفوشية ديانة صينية الأصل ذات تأثير كبير ولها أتباع كثيرون في اليابان.
التعليم. بمقتضى القانون الياباني، يجب على الأطفال إكمال ست سنوات من التعليم الابتدائي، وثلاث سنوات في المدرسة الثانوية الصغرى. والتعليم في المدارس الحكومية مجانًا خلال تسع سنوات من عمر الطفل (من 6 - 14سنة)، وغالبًا ما يكمل جميع الأطفال تعليمهم الإلزامي. وتعمل المدارس خمسة أيام ونصف اليوم أسبوعيًا. يمتد العام الدراسي من شهر أبريل حتى شهر مارس من العام الذي يليه، بينما تمتد العطلة المدرسية السنوية من أواخر يوليو إلى نهاية أغسطس. وتتمتع اليابان بمستوى تعليم عالٍ، إذ إن معظم الأشخاص من 15 سنة فما فوق يستطيعون القراءة والكتابة. ويقضي أطفال اليابان وقتًا كبيرًا في تعلم اللغة اليابانية لصعوبتها. وبعد إتمامهم المدرسة الثانوية الصغرى يذهب الأطفال إلى المدرسة الثانوية العليا لدراسة ثلاث سنوات فيها، وذلك بعد اجتيازهم لاختبارات القبول. ويذهب حوالي 95% ممن يكملون دارستهم الثانوية الصغرى للدراسة الثانوية العليا.
يوجد في اليابان حوالي 460جامعة و600 كلية فنية أكبرها جامعة طوكيو وبها 80,000 طالب وطالبة. ولا يتجاوز عدد الجامعات الحكومية في اليابان 90 جامعة. وعلى الطلبة الذين يلتحقون بالجامعة أو الكلية الفنية اجتياز امتحان خاص بذلك. وتبلغ نسبة الطلبة الذين يلتحقون بمؤسسات الدراسات العليا بعد إكمالهم الدراسة الثانوية 38%.
الموسيقى. للموسيقى اليابانية نغمة ناعمة بالمقارنة بالموسيقى الغربية. وتستخدم الموسيقى التقليدية الطبل، والناي. تلقى الموسيقى الغربية شعبية في اليابان، ويوجد لدى كثير من المدن اليابانية فرق موسيقية خاصة متخصصة في الموسيقى الغربية.
تبلغ مساحة الجزر اليابانية 377,708كم². والجزر الأربع الكبرى حسب حجمها هي: هونشو، هوكايدو، كيوشو ، شيكوكو، بالإضافة إلى آلاف الجزر الأصغر حجمًا. كما تشمل اليابان سلسلة جزر بوين وريوكيو. يقع المحيط الهادئ إلى جنوب اليابان وشرقها. أما بحر اليابان فيغسل شواطئ سواحلها الغربية، ويبلغ مجموع أطوال سواحل جزر اليابان الأربع الكبرى 7,448كم.
هونشو. كبرى الجزر اليابانية، إذ تبلغ مساحتها 227,414كم²، ويعيش عليها حوالي80% من سكان اليابان. تمتد ثلاث سلاسل جبلية بجانب بعضها عبر شمالي الجزيرة. ويعيش معظم سكان هذه المناطق في أودية الجبال الصغيرة، ويعملون بالزراعة باعتبارها حرفة رئيسية. يقع سهل سينداي شرق السلاسل الجبلية، وعلى امتداد المحيط الهادئ. وغربي الجبال، يقع سهل إيشجو، الذي يمتد حتى بحر اليابان.
وتقع في وسط هونشو قمم جبال الألب اليابانية، وإلى الشرق من هذه الجبال تمتد سلسلة من البراكين التي تقطع وسط الجزيرة، أشهرها جبل فوجي أو فوجي ياما أعلى قمة في اليابان، وهو جبل بركاني خامد يرتفع نحو 3,776م فوق مستوى سطح البحر. ويُعدّ سهل كانتو أوسع السهول اليابانية، إذ يمتد ما بين جبال الألب وحتى المحيط الهادئ شرقًا. وهو مركز مهم للزراعة، وقد قامت عليه مدينة طوكيو. وهناك مركزان آخران للزراعة والصناعة، هما سهل نوبي وسهل أوساكا ويقعان في جنوب وغرب منطقة كانتو.
يتألف معظم جنوب غربي هونشو من جبال مموجة، أما القرى الزراعية وقرى صيد الأسماك، وبعض المدن الصناعية، فتتوزع على بعض السهول الصغيرة المتناثرة في المنطقة.
هوكايدو. ثانية كبريات جزر اليابان، إذ تبلغ مساحتها 78,073كم²، تقع في شمال اليابان. يعيش عليها حوالي 5% من سكان اليابان، ويتكون معظمها من التلال والجبال المغطاة بالغابات. يقع في جنوبها الغربي سهل إيشي كاري أكبر سهول هوكايدو، ومنطقة الزراعة الرئيسية فيها. يعتمد اقتصادها بشكل رئيسي على إنتاج الألبان، وصيد الأسماك، والغابات. كما أنها منطقة ترويحية، بفضل شتائها الطويل وتساقط الثلوج بكثرة عليها، مما جعلها مهيَّأة للر ياضات الشتوية.
كيوشو. تقع أقصى جنوب جزر اليابان الأربع الرئيسية، تبلغ مساحتها 36,554كم² ويعيش عليها 11% من سكان اليابان. تمتد من وسط الجزيرة وحتى جنوبها سلسلة من الغابات الجبلية. أما شمالها الغربي فيتألف من تلال مموجة وسهول واسعة. يوجد في هذه المنطقة الصناعية الكثير من المدن. تمتد منطقة الزراعة الرئيسية على الساحل الغربي للجزيرة. تنتشر في المنطقة الشمالية الشرقية والجنوبية من الجزيرة براكين كثيرة، حيث الرماد البركاني وهضاب الحمم البركانية.
شيكوكو. صغرى الجزر اليابانية الأربع الكبرى، إذ تبلغ مساحتها 18,256كم²، يعيش عليها حوالي 3% من سكان اليابان. تفتقر إلى السهول الواسعة، وتقطعها الجبال من الشرق إلى الغرب. يعيش معظم سكانها في الشمال ويزرعون الأرز والفواكه المختلفة. كما أن تعدين النحاس مهم في هذه الجزيرة. وفي السهل الضيق الممتد على ساحل الجزيرة الجنوبي، يُزْرع الأرز والخضراوات المختلفة.
جزر ريوكيو وبونين. كانت من ممتلكات اليابان إلى أن انتزعتها الولايات المتحدة عند نهاية الحرب العالمية الثانية. ثم أعادت الولايات المتحدة شمال ريوكيو إلى اليابان عام 1953م وجزر بونين عام 1968م. كما استعادت اليابان عام 1972م سيطرتها على بقية جزر ريوكيو، بما في ذلك جزيرة أوكيناوا كبرى جزر هذه المجموعة.
تضم جزر ريوكيو ما يزيد على 100 جزيرة تمتد من شيكوكو شمالاً إلى تايوان جنوبًا ويعيش عليها حوالي مليون نسمة. تبلغ مساحتها 3,120كم². تقع جزر بونين على بعد 970كم شرق اليابان، وتتألف من 97 جزيرة بركانية، تمتد على مساحة قدرها 106كم²، يعيش عليها حوالي 1,900نسمة، انظر: بونين، جزر؛ ريوكيو، جزر.
كما يتأثر مناخ اليابان بالرياح الموسمية الشمالية الغربية التي تسبب سقوط الثلوج على السواحل الشمالية الغربية لليابان، وفي الصيف تتحول هذه الرياح إلى جنوبية شرقية، لذا تجعل وسط اليابان وجنوبها حارًا ورطبًا باستثناء شرقي هوكايدو.
تسقط على اليابان على الأقل 100سم من الأمطار سنويًا. ففي اليابان فصلا مطر رئيسيان: من منتصف يونيو إلى أوائل يوليو ومن سبتمبر إلى ديسمبر. وتجتاح اليابان سنويًا عدة أعاصير خصوصًا مع نهاية الصيف ومطلع الخريف، فتحدث الأمطار الغزيرة، وتلحق الرياح العاتية المصاحبة لها أضرارًا كبيرة بالبيوت والمزروعات.
نجم عن هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية تدمير مصانعها، غير أن اليابانيين أدهشوا العالم بسرعة نجاحهم في إعادة بناء اقتصادهم، حيث قدمت لهم الولايات المتحدة المساعدات المالية. فاستخدموا أحدث الأساليب التقنية، مما جعل مصانعهم ذات إنتاجية عالية. وبسرعة، أصبحت اليابان تصدِّر مصنوعات ذات نوعية ممتازة للخارج. ومع نهاية ستينيات القرن العشرين حوَّل اليابانيون المهرة بلدهم ليصبح قوة اقتصادية عظمى في العالم.
التصنيع. يعتبر التصنيع أكبر نشاط اقتصادي في اليابان، فهو يسهم بـ 25% من جملة الناتج الوطني الإجمالي، ويوظف 20% من جملة القوى العاملة في اليابان. يعتبر معدل النمو الصناعي الياباني من أعلى المعدلات في العالم. فمنذ الأعوام (1970م - 1980م) تضاعف الإنتاج الصناعي أكثر من ثلاث مرات. تنتج الصناعة اليابانية كل شيء؛ فإنتاجها يتراوح ما بين الإلكترونيات الصغيرة وناقلات النفط الكبيرة، وهي مشهورة بجودتها العالية ومستواها الرفيع. وتستخدم المصانع اليابانية أحدث الآلات والمعدات والأساليب المتقدمة، وتحدِّث نفسها باستمرار ليبقى إنتاجها رفيع المستوى ومنخفض التكاليف، وتصدره بأسعار منافسة. وهي تلاقي طلبًا كبيرًا عليها في الأسواق العالمية.
تتمثل أهم الصناعات اليابانية في صناعة وسائل النقل، فهي تنتج نحو تسعة ملايين سيارة سنويًا، مما يجعلها الأولى في العالم في إنتاج السيارات، وكذلك هي الدولة الأولى في بناء السفن. تعد صناعة الآلات الكهربائية والإلكترونية كأجهزة الحاسوب وأجهزة المذياع والتلفاز من أسرع الصناعات نموًا، وتباع في مختلف بلدان العالم.
تُعدُّ اليابان إحدى الدول الكبرى المنتجة للحديد والفولاذ، الذي يصدر الكثير منه إلى الخارج، كما تعتبر اليابان في طليعة البلدان المنتجة للإسمنت، والسيراميك، والملابس، والصناعات المعدنية ومنتجات الأخشاب. وتتركز الصناعة اليابانية في خمس مناطق، كما تشتهر اليابان بالصناعات البتروكيميائية كالبلاستيك والألياف الصناعية.
الزراعة. تسهم الزراعة بنحو 2% من مجمل الناتج الوطني الإجمالي، وتستخدم 6% من مجموع القوى العاملة. لا تتجاوز مساحة أراضي اليابان الصالحة للزراعة 15% من المساحة العامة. ومع ذلك تنتج اليابان 70% من احتياجاتها الغذائية. يبلغ متوسط حجم المزرعة اليابانية حوالي هكتار واحد، إلا أن إنتاجية الأرض عالية وذلك لاستخدام طرق الري الحديثة والبذور المحسَّنة والمواد الكيميائية الزراعية والآلات. وبما أن اليابان يغلب عليها الطابع الجبلي، لذا تندر الأراضي الزراعية المستوية. لذلك يزرع اليابانيون بعض المحاصيل على المدرجات (المصاطب) الصناعية، حيث تساعد هذه المدرجات في استيعاب مياه الأمطار ومنع انجراف التربة.
الأرز المحصول الرئيسي في اليابان، حيث تعتبر اليابان إحدى دول العالم الرئيسية في إنتاج الأرز، الذي يشغل أكثر من 50% من الأراضي الزراعية. كما يزرع اليابانيون محاصيل أخرى مثل: بنجر السكر، والشاي، والتبغ والقمح بالإضافة لمحاصيل الفاكهة كالتفاح، واليوسفي، والبرتقال، والكمثرى والفراولة. وهم ينتجون خضراوات متنوعة مثل الباذنجان والكرنب والجزر والكرنب الصيني والخيار والبطاطس والبصل والبطاطا الحلوة والطماطم والفجل الأبيض. أخذ اليابانيون منذ مطلع النصف الثاني من القرن العشرين يأكلون كميات أكبر من منتجات الألبان، والبيض واللحوم. لذلك تزايدت أعداد مشروعات الثروة الحيوانية والدواجن. وكان الكثير من المزارعين اليابانيين قبل الحرب العالمية الثانية يستأجرون الأراضي التي يزرعونها مقابل إعطاء المالك نصف إنتاجها. أما بعد الحرب، وبفضل الإصلاح الزراعي الذي طُِّبق، فقد تقلص حجم الحيازات الزراعية، وتمكن المزارعون من شراء الأراضي التي يفلحونها، لذلك تبلغ نسبة المزارعين المالكين لأراضيهم في الوقت الحاضر 90%.
صناعة صيد السمك. اليابان واحدة من الدول الرائدة في العالم في صيد الأسماك وتصنيعها، فهي توظف 1% من القوى العاملة اليابانية التي تصطاد 10 مليون طن من الأسماك سنويًا. تملك اليابان أكبر أسطول لصيد الأسماك في العالم، إذ يضم ما يزيد على 400,000 سفينة وقارب، تقوم بالصيد في المياه الإقليمية الدولية. واليابان الدولة الأولى في إنتاج سمك التونة والثانية، بعد الولايات المتحدة، في إنتاج السالمون. بالإضافة إلى العديد من الأسماك الأخرى.
تأثر إنتاج الأسماك سلبيًا بالتلوث البحري الناجم عن الفضلات الصناعية. كما كانت اليابان من كبار صائدي الحيتان في العالم، إلا أنها خفضت تدريجيًا هذا النوع من الصيد.
التعدين. تحظى اليابان بوجود تشكيلة متنوعة من المعادن، إلا أنها بكميات قليلة لا تفي باحتياجاتها، وأهمها: الفحم الحجري والنحاس والحجر الجيري والمنجنيز والفضة والزنك. تستورد اليابان معظم المعادن التي تحتاجها الصناعة اليابانية من الخارج، فهي تستورد تقريبًا جميع خامات الألومنيوم والنفط، ومعظم فحم الكوك والحديد.
الخدمات. تشمل الخدمات عددًا كبيرًا من الأنشطة الاقتصادية المتنوعة التي تسهم بحوالي 59% من مجمل الناتج الوطني الإجمالي، وتستخدم حوالي 60% من مجموع القوى العاملة، وهي تشمل موظفي الحكومة كالعاملين في المستشفيات والمدارس. كما تشمل المؤسسات المالية المصارف وشركات التأمين، وتشمل العاملين في الدعاية والإعلان والشركات، كما تشمل التجارة والنقل والاتصالات.
مصادر الطاقة. تحتاج اليابان كميات كبيرة من الطاقة لمصانعها ومزارعها وبيوتها وللسيارات، واليابان من كبريات دول العالم في إنتاج الطاقة الكهربائية. يأتي 65% من الطاقة من النفط، وتستورد اليابان كل احتياجاتها تقريبًا من النفط والغاز الطبيعي، إذ إن الإنتاج المحلي منهما لا يغطي أكثر من 1% من احتياجاتها المحلية. ومعظم كميات النفط المستوردة تأتي من بلدان الشرق الأوسط،كذلك تواصل اليابان التنقيب عن النفط على أمل العثور عليه في سواحلها وفي مضيق كوريا وبحر اليابان.
تمتلك اليابان مصادر كبيرة للفحم الحجري في جزيرتي هوكايدو وكيوشو بالرغم من أن معظم المتوافر منه من النوع الردئ رقيق الطبقات، لذلك يكثر الاعتماد على النفط مصدرًا للطاقة. تزوِّد الكهرباء الناتجة من مصادر الطاقة النووية البلاد بنحو 25% من احتياجاتها للطاقة. وتنتج محطات الطاقة الكهرومائية نحو 10% من احتياجات اليابان.
التجارة الخارجية. تعتبر اليابان في مقدمة البلدان التجارية في العالم، ويصل مجموع صادراتها ووارداتها إلى أكثر من 250 بليون دولار أمريكي في السنة. وصادراتها الرئيسية سيارات الركاب والحديد والفولاذ والمعدات الإلكترونية، وتأتي بعدها الآلات الكهربائية وغير الكهربائية والدراجات النارية والشاحنات والبلاستيك (اللدائن) والأجهزة الدقيقة والسفن والأقمشة النسيجية المصنعة. إن المادة الرئيسية التي تستوردها اليابان هي النفط الذي يؤلف نسبة 35% من مجموع وارداتها. والمواد المستوردة الأخرى تشتمل على الكيميائيات والفحم الحجري وخام الحديد والغاز الطبيعي والخشب واللحم والحبوب. تعد الولايات المتحدة الأمريكية الشريك التجاري الرئيسي لليابان، ويأتي بعدها كل من أستراليا وكندا والصين وألمانيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. حافظت اليابان منذ ستينيات القرن العشرين على ميزانها التجاري لصالحها، عن طريق تصدير مواد مصنَّعة بأسعار منافسة وتحديد وارداتها، غير أن استمرار هذا الوضع قد أدى إلى انتقاد بعض شركاء اليابان التجاريين لها لتأثير ذلك عكسيًا على ميزانهم التجاري، فطالبوا اليابان بخفض صادراتها إليهم وإزالة المعوقات في وجه صادراتهم إليها. وقد بدأت اليابان في الثمانينيات بالاستجابة لهذه المطالب، غير أن هذه الاستجابة لم تكن كافية لكي يتخلص عدد من شركاء اليابان التجاريين الرئيسيين من العجز في ميزانهم التجاري.
النقل والاتصالات. تمتلك اليابان نظامًا حديثًا للنقل يتميز بكفاءة عالية، يشتمل على الطرق الخارجية وخطوط السكك الحديدية والسفن الساحلية. وفي جميع المدن، يتوافر نظام دقيق للنقل، بما في ذلك الحافلات والقطارات وقطارات الأنفاق. وتأتي اليابان في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في عدد سيارات الركَّاب، وبها 29 مليون سيارة، وتنقل الشاحنات 45% من السلع داخل اليابان، بينما تنقل القطارات 7% من السلع و40% من المسافرين. وتتصل جزيرتا هوكايدو وهونشو بنفق طوله 53,9كم تحت البحر. وهو أطول نفق يُستخدم للنقل في العالم. ويبلغ حجم الأسطول التجاري الياباني 40 مليون طن متري. والموانئ الرئيسية هي جيبا وكوبي وناغويا ويوكوهاما، كما توجد مئات من الموانئ والمرافئ الصغيرة. وتنقل السفن ما يقارب نصف البضائع المعدة للشحن داخل اليابان. وفي اليابان كثير من المطارات الحديثة ويندرج المطار الدولي في طوكيو ومطار أوساكا الدولي ضمن المطارات الأكثر ازدحامًا في العالم. تعتبر أعمال النشر والبث الإذاعي من الخدمات المزدهرة في اليابان، ففيها أكثر من 125 صحيفة، منها ثلاث صحف كبيرة تنشر في خمس طبعات إقليمية، وتنتج دور النشر 40 ألف كتاب سنويًا. ويوجد في كل بيت ياباني جهاز تلفاز وجهاز مذياع واحد أوأكثر. وتقوم الحكومة بإدارة النظام البريدي. أما أنظمة البرق والهاتف، فإنها تتبع القطاع الخاص، و90% من الدور اليابانية فيها جهاز للهاتف.
تأثير الحضارة الصينية. مع نهاية القرن الخامس الميلادي،
بدأت الأساليب التقنية والأفكار الجديدة بالوصول إلى اليابان قادمة من الصينيين.
فأخذ اليابانيون نظام الكتابة عن الصينيين بالإضافة إلى الأسلوب الصيني في حساب
التقويم السنوي. كما أخذت الكونفوشية في الانتشار في اليابان بعد قدومها من الصين.
كما جاءت البوذية من الصين وكوريا إلى اليابان حوالي عام 552م.
وقد شجع الأمير شوتوكو الذي حكم اليابان من عام 593م وحتى عام 622م اليابانيين على تبني الأفكار الصينية. فحاول زيادة قوة اليابان بتبني النظام المركزي الإمبراطوري الصيني. وفي عام 645م، أصبح كوتوكيو إمبراطورًا لليابان، وفي العام التالي، بدأ كوتوكيو ومستشاروه في تطبيق إصلاحات تيكا، وهو برنامج يمثل النموذج الصيني في الحكم. فقسمت اليابان إلى مقاطعات ومناطق وقرى. وكل مقاطعة يحكمها حاكم مسؤول أمام الإمبراطور. كما تضمن برنامج تيكا الإصلاحي نظامًا مركزيًا للضرائب وبرنامجًا لتوزيع الأراضي.
وفي عام 794م، أُسست عاصمة اليابان في هيان التي عُرفت فيما بعد بكيوتو. وهيمنت أسرة الفوجيوارا عام 858م على البلاط الإمبراطوري، وقد حققت هذه الأسرة شهرة وقوة أكبر من خلال مصاهرتها للعائلة الإمبراطورية.
واستولت هذه العائلة أيضًا على معظم الريف الياباني، وذلك من خلال امتلاكها للمزارع الضخمة. وحكمت عائلة الفوجيوارا اليابان لمدة 300 عام، فقد الإمبراطور خلالها قوته الحقيقية مع أنه بقي الحاكم الرسمي.
ظهور الجنرالات (الشوغن). استمرت الحكومة اليابانية خلال القرن الحادي عشر الميلادي في فقدان سلطتها في الأرياف، وأخذ الإقطاعيون الذين كانوا يسمون ديميو باستئجار المحاربين لحماية أراضيهم والفلاحين العاملين فيها، وقد عُرف هؤلاء المحاربون فيما بعد باسم الساموراي. انظر: الساموراي.
كانت أقوى مجموعتي الساموراي بزعامة أسرتين؛ أسرة تايرا وأسرة ميناموتو اللتين تنافستا للسيطرة على البلاط الإمبراطوري. وفي عام 1160م، انتزعت أسرة تايرا سلطة الحكم من أسرة فوجيوارا. وانتهت سلطة تايرا عام 1185م عندما هُزمت في معركة بحرية مع أسرة ميناموتو التي يتزعمها يوريتومو والتي أصبحت أقوى عائلة في اليابان. وقد أسس زعيمها قيادته العسكرية في كاماكورا.
وادعى يوريتومو أنه حامي الإمبراطور ويحكم باسمه. وفي عام1192م، خلع عليه الإمبراطور لقب شوغن أي جنرال. وأصبحت حكومته العسكرية تُعرف باسم شوغيونيت. واستمر حكم الجنرالات لليابان حتى عام 1867م، وكانوا يحكمون دائمًا باسم الإمبراطور.
العلاقات الخارجية. شعر اليابانيون بأنهم في وضع آمن من أي هجوم خارجي لموقع جزرهم المعزول. في عام 1274م، أرسل القائد المغولي قبلاي خان أسطولاً لاحتلال اليابان، فنزل جنوده في كيوشو، إلا أنهم انسحبوا بعد تعرضهم لإعصار هدد سفنهم، وفي عام 1281م، حاول مرة أخرى فأرسل أسطولاً أكبر يشتمل على 140,000 من الرجال، غير أن الأسطول دمّره إعصار بحري.
ومع نهاية القرن الثالث عشر الميلادي، زار الرحالة الأوروبي ماركو بولو الصين، ومن خلاله عرف الأوروبيون الجزر اليابانية. وقد وصف اليابان بأنها أرض الذهب والثراء. وفيما بعد، حاول آخرون الوصول إلى اليابان، ومنهم كريستوفر كولمبوس الذي أبحر غربًا من أوروبا قاصدًا اليابان أو الهند الشرقية عام 1492م. وكان البحارة البرتغاليون أول الأوروبيين الذين يصلون إلى اليابان، وذلك عام 1543م. وفي عام 1549م، وصل منصِّر أسباني إلى كاجوشيما في جنوب كيوشو، وأخذ ينشر الكاثوليكية الرومانية، ورحب به اليابانيون. وفي مطلع القرن السابع عشر وصل إلى اليابان تجار هولنديون وإنجليز.
عهد طوكيوجاوا. سيطر محارب عظيم يدعى هايديوشي على اليابان عام 1585م وحتى وفاته عام 1598م. حاول إنشاء إمبراطورية عظمى تشمل الصين، غير أن جيوشه لم تتجاوز كوريا التي حاول احتلالها مرتين عام 1592م وعام 1597م دون نجاح. وفي عام 1603م، تولى الأمر أحد نوابه واسمه إياسيو شوغن. وحكمت عائلته المسماه طوكيوجاوا اليابان لأكثر من 250 عامًا. كان إياسيو عبقريًا، فأنهى الحروب الداخلية وبنى قلعة، وأسس حكومة له في إيدو، وسميت عام 1868م باسم طوكيو.
خاف إياسيو أن تكون بعثات التنصير مقدمة لغزو أوروبي لبلاده، لذلك طرد المنصِّرين. وأجبر النصارى اليابانيين على التخلي عنها، وقتل من رفض منهم ذلك. وانتهت النصرانية تقريبًا من اليابان مع حلول عام 1640م.
قطعت الحكومة روابطها مع الخارج وعزلت نفسها عن بقية العالم خلال الثلاثينيات من القرن السابع عشر الميلادي. فمُنع اليابانيون الموجودون في الخارج من العودة، وقتل بعض البحارة من الأوروبيين الموجودين في اليابان، ولم يبق تعامل مع الأوروبيين سوى مع الهولنديين، وذلك لعدم ارتباطهم بإرساليات المنصرين، وسمح للهولنديين بإرسال سفينة تجارية واحدة سنويًا لليابان.
تجديد العلاقات مع الغرب. في مطلع القرن التاسع عشر زاد اهتمام الولايات المتحدة بسوء معاملة البحارة الأمريكان في اليابان، لذا أرسلت عام 1853م بعثة أمريكية بقيادة ماثيو سي. بيري الذي وصل مع أربع سفن حربية إلى خليج طوكيو، وقدم إلى الحكومة اليابانية المطالب الأمريكية. وعاد في العام التالي لأخذ الرد على تلك المطالب. وبعد أسابيع، وقَّعت اليابان معاهدة مع الولايات المتحدة سُمح بموجبها لدبلوماسي أمريكي بالإقامة في اليابان، كما ضمنت اليابان معاملة أفضل للبحارة الأمريكيين الذي يضطرون للنزول للسواحل اليابانية. كما سُمح للأمريكيين بالتجارة مع اليابان من خلال ميناءين هما: هاكوداتي وميناء شيمودا. بعد ذلك وقَّعت كل من بريطانيا وروسيا وهولندا معاهدات مماثلة مع اليابان. انظر: بيري.
وقعت معاهدات تجارية أوسع مع الولايات المتحدة عام 1858م، وفي العام نفسه أيضًا وقعت معاهدات تجارية مماثلة مع هولندا وروسيا وفرنسا، وبريطانيا. واعتبرت المعارضة اليابانية هذه المعاهدات غير عادلة بالنسبة لليابان. لذلك عمل حكام المقاطعات الغربية من اليابان على إجبار الحاكم شوغن على الاستقالة، وأعيدت السلطة في اليابان منذ ذلك التاريخ (1867م) إلى الإمبراطور. وأصبح موتسوهيتو إمبراطورًا لليابان في 3 يناير 1868م.
العهد الميجي. نُقلت العاصمة اليابانية عام 1868م من كيوتو إلى إيدو التي سميت فيما بعد طوكيو (العاصمة الحالية). عُرفت الفترة التي حكم خلالها الإمبراطور موتسوهيتو (1867- 1912م) بالعهد الميجي. خلال هذا العهد، تطورت اليابان لتصبح قوة صناعية حديثة وقوة عسكرية، وأصبح الإمبراطور رمزًا للعهد الجديد. فأصدر الميثاق الإمبراطوري، الذي يضمن نية الحكومة بتحديث اليابان، والتوجه للدول الغربية للحصول على التقنية والأفكار الحديثة. فشيَّدت آلاف المدارس وحلَّت قوات الساموراي، واستبدلت بها جيشًا وأسطولاً حديثين. وأنشأت شبكة برق، وبدأت ببناء السكك الحديدية وأرست نظامين حديثين للمصارف المالية والضرائب.
كما شجعت الحكومة التصنيع، فأنشأت عددًا من المشروعات الصناعية التجريبية لتكون نماذج تحتذى للصناعة في اليابان. وتمت الاستعانة بالخبراء الأوروبيين والأمريكيين؛ لتدريب اليابانيين على استخدام تطوير التقنية الحديثة.
وفي عام 1882م، أُرسل هيروبومي إيتو أحد قادة العهد الميجي إلى أوروبا لدراسة أنظمة الحكم الدستورية. وفي عام 1889م، صدر أول دستور ياباني، أصبح بموجبه الإمبراطور رأس الدولة والقائد الأعلى للجيش والبحرية. كما عين جميع الوزراء المهمين المسؤولين أمامه. كما تضمن الدستور إنشاء مجلس نيابي (دايت) مكون من مجلس للنواب ومجلس للشيوخ.
العهد الاستعماري. نجحت اليابان خلال العقد الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي في تعديل الاتفاقيات غير العادلة مع الدول الغربية. وبدأت في الوقت نفسه سياسة اليابان التوسعية الاستعمارية، فأرادت أن تسيطر على الصناعة والتجارة الكورية، وأرادت زيادة نفوذها في الصين. ففي يوليو 1894م شنت اليابان حربًا على الصين لانتزاع كوريا منها، ونجحت في ذلك.
وبموجب معاهدة شيمونوسيكي التي وقعت في 17 أبريل عام 1895م حصلت اليابان من الصين على كل من تايوان وشبه جزيرة لايودونج والجزء الجنوبي من منشوريا. إلا أن فرنسا وألمانيا وروسيا أُجبرت اليابان بعد أسابيع قليلة على إعادة لايودونج للصين. كما ضمنت معاهدة شيمونوسيكي استقلال كوريا عن الصين، مما يتركها مفتوحة للنفوذ الياباني.
ومع نهاية القرن التاسع عشر، استفحل الخلاف بين اليابان وروسيا لتعارض مصالحهما في كوريا ومنشوريا، وتحالفت بريطانيا مع اليابان عام 1902م. وفي عام 1904م، هاجمت اليابان الأسطول الروسي دونما إنذار، وأعلنت الحرب على روسيا وكسبت نصرًا سريعًا في البحر والبر، إلا أنها كانت حربًا مكلفة للفريقين. توسط الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت، وأقنع الطرفين بتوقيع معاهدة بورتسماوث بينهما في مدينة بورتسماوث بنيوهامبشاير الأمريكية عام 1905م.
أعطت الاتفاقية اليابان شبه جزيرة لايودونج التي سبق أن استأجرتها روسيا من الصين. كما اعترفت روسيا بهيمنة اليابان على كوريا، وحصلت اليابان أيضًا على النصف الجنوبي من جزيرة سخالين، وأخذت أيضًا الحق في مد خط سكة حديدية في جنوب منشوريا. وفي عام 1910م، ضمت اليابان كوريا مستعمرة لها.
اندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914م.، ولكون اليابان حليفة بريطانيا، فقد أعلنت اليابان الحرب على ألمانيا، وقد أعطتها الحرب فرصة لتوسيع الإمبراطورية اليابانية، فاحتلت اليابان المواقع الألمانية في آسيا كشبه جزيرة شاندونج الصينية والجزر الألمانية في المحيط الهادئ.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى اهتمت اليابان بتنمية تجارتها بدلاً من توسيع إمبراطوريتها، وأصبحت عضوًا في عصبة الأمم عام 1920م.
ظهور العسكرية. في العشرينيات من القرن العشرين كان زعيم الأغلبية في البرلمان الياباني يُختار رئيسًا للوزراء.
وفي الأول من سبتمبر عام 1923م، ضربت هزة أرضية مدمرة منطقة طوكيو ـ يوكوهاما مسببة حرائق وأمواجًا مدية شديدة، نتج عنها مقتل 143,000 نسمة من سكان اليابان. كما أن الأزمة الاقتصادية العالمية قد أثرت بدورها سلبيًا على الاقتصاد الياباني. وفي الوقت نفسه، أخذت الصين تعزز إدارتها لمنشوريا، مما أثار مخاوف اليابان على امتيازاتها في منشوريا. لم يكن باستطاعة الإدارة السياسية اليابانية معالجة الأمر، مما دفع بالعسكريين إلى أخذ ذلك على مسؤوليتهم.
ففي عام 1931م، احتلت الجيوش اليابانية منشوريا وأقامت فيها حكومة تابعة لها، ومد اليابانيون نفوذهم إلى منغوليا الداخلية وأجزاء أخرى من الصين. وفي 15 مايو 1932م، اغتال الوطنيون اليابانيون رئيس وزرائهم تسيوشي أينوكاي.
نددت عصبة الأمم بالإجراءات اليابانية في منشوريا، لذا انسحبت اليابان من عصبة الأمم عام 1933م. فشل انقلاب عسكري ياباني عام 1936م كان يهدف إلى إيجاد حكومة أكثر وطنية، إلا أن ثلاثة من القادة المدنيين قتلوا أثناء الانقلاب، مما عزز من قوة العسكريين في الحكم.
وفي عام 1937م، وقع اشتباك بين قوات صينية وأخرى يابانية على جسر ماركو بولو قرب بكين، فوقعت حرب بين الصين واليابان. ومع نهاية عام 1938م، كان معظم شرقي الصين تحت سيطرة اليابان. وأخذت طموحات اليابان في تأسيس إمبراطورية عظمى تتبلور أكثر فأكثر، فوقعت اليابان معاهدة ضد الشيوعية مع ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية.
الحرب العالمية الثانية. بدأت الحرب العالمية الثانية في أوروبا عام 1939م، وفي سبتمبر 1940م، احتلت اليابان الأجزاء الشمالية من الهند الصينية التابعة لفرنسا. وفي الشهر نفسه، وقعت اليابان اتفاقًا مع ألمانيا وإيطاليا لتعزيز التحالف فيما بينها. أثار التوسع الياباني قلق الولايات المتحدة. ففي يوليو 1941م، احتلت اليابان بقية الهند الصينية، مما جعل الولايات المتحدة توقف صادراتها إلى اليابان. وفي خريف 1941م، أصبح الجنرال هيديكي توجو رئيسًا لوزراء اليابان، وبدأ العسكريون في اليابان يخططون لحرب مع الولايات المتحدة.
ففي 7 ديسمبر 1941م، ضرب اليابانيون الأسطول الأمريكي في قاعدته في بيرل هاربر في هاواي. بالإضافة لذلك ضرب اليابانيون القواعد الأمريكية في الفلبين وغيرها من جزر المحيط الهادئ. وبذلك حقق اليابانيون نصرًا مذهلاً وسريعًا في جنوب شرقي آسيا وجنوب المحيط الهادئ.
وفي عام 1942م، كانت اليابان في قمة قوتها. وفي مايو 1942م، مني الأسطول الياباني بأول نكسة له في معركة مع الأسطول الأمريكي في بحر الكورال، إذ لم يستطع أي من الأسطولين تحقيق نصر حاسم. وفي الشهر التالي، خسر الأسطول الياباني في معركة ميدواي. وأخذت اليابان تتراجع فسقطت حكومة الجنرال توجو في 18 يوليو 1944م.
وفي مطلع عام 1945م، بدأ اليابانيون يدافعون عن وطنهم، فضربت الطائرات الأمريكية المصانع اليابانية، وقصفت السفن الأمريكية المدن الساحلية وقطعت الغواصات الأمريكية الإمدادات الحيوية عن اليابان. وفي الثامن من أغسطس، ضربت الولايات المتحدة مدينة هيروشيما بالقنبلة الذرية، وبعد ذلك بيومين أعلن الاتحاد السوفييتي الحرب على اليابان وغزا منشوريا وكوريا. وفي التاسع من أغسطس، ضرب الأمريكيون مدينة ناجازاكي بقنبلة ذرية أخرى.
وفي 14 أغسطس، قررت اليابان الاستسلام. وفي الثاني من سبتمبر 1945م، استسلم اليابانيون رسميًا على ظهر البارجة الأمريكية ميسوري في خليج طوكيو.
خسرت بذلك اليابان كل الأراضي التي استولت عليها في البر الآسيوي، وكذلك الجزر التي كانت قد احتلتها في المحيط الهادئ. ولم يبق لها سوى جزرها الأربع الرئيسية وبعض الجزر الصغيرة المجاورة. كما خسرت ملايين الضحايا من سكانها، ودمرت معظم مدنها من القصف الجوي وتمزق اقتصادها.
احتلال الحلفاء العسكري لليابان. بدأ مع نهاية أغسطس عام 1945م، وقد تمثلت أهداف الاحتلال بإنهاء العسكرية اليابانية وإنشاء حكومة ديمقراطية. وكانت جميع قوات الاحتلال أمريكية تقريبًا. وقد قام الجنرال الأمريكي دوجلاس ماك آرثر ـ بوصفه قائدًا أعلى للحلفاء ـ بإدارة اليابان أثناء فترة الاحتلال.
عمل الاحتلال على نزع سلاح خمسة ملايين من العسكريين اليابانيين وتسريحهم من الخدمة العسكرية. وحاكم الحلفاء 25 شخصًا من قادة اليابان بجرائم الحرب، وقد أعدم سبعة منهم من بينهم رئيس الوزراء الأسبق توجو وحكم على البقية بالسجن. كما اعتبر 200,000 ياباني غير مؤهلين لأي منصب سياسي في المستقبل لمؤازرتهم للعسكريين والوطنيين أثناء الحرب.
وفي عام 1946م، وضع الجنرال ماك آرثر ومستشاروه مسودة دستور لليابان، سرعان ما قبلته السلطات اليابانية، وقد وضع موضع التنفيذ في الثالث من مايو 1947م. وقد نقل الدستور جميع السلطات السياسية من الإمبراطور إلى الشعب. كما ألغى الدستور الجيش والبحرية اليابانية، وأكد على أن اليابان ستتخلى عن استعمال الحرب سلاحًا سياسيًا.
كما وُضعت الإصلاحات الاقتصادية أثناء الاحتلال، فطُبِّق الإصلاح الزراعي على نطاق واسع ليمكن المزارعين اليابانيين من تملك الأراضي التي يزرعونها، وتم تأسيس اتحاد للعمال.
وفي عام 1949م، أعلن الجنرال ماك آرثر أن الأهداف الأساسية للاحتلال قد تحققت، وبدأ يخفف من القيود عن الشعب الياباني. وفي الثامن من سبتمبر 1951م، وقعت اليابان معاهدة سلام مع 48 دولة في مدينة سان فرانسيسكو. وفي اليوم نفسه، وُقِّعت معاهدة أمنية بين اليابان والولايات المتحدة، سمح بموجبها للولايات المتحدة بالاحتفاظ بقواعد وجنود لها في اليابان. وُضعت اتفاقية سان فرانسيسكو موضع التنفيذ في 28 أبريل 1952م، وانتهى في اليوم ذاته رسميًا احتلال الحلفاء لليابان.
فشلت اليابان في الانضمام للأمم المتحدة عام 1952م وذلك لمعارضة الاتحاد السوفييتي الذي وقعت معه اليابان معاهدة لإنهاء حالة الحرب في نهاية العام نفسه، وانضمت بعد ذلك للأمم المتحدة.
الازدهار الاقتصادي بعد الحرب. حقق الاقتصاد الياباني تقدمًا كبيرًا بعد الحرب العالمية الثانية، فمع منتصف الخمسينيات، عاد الإنتاج الصناعي إلى مستواه قبيل الحرب، وأثناء الفترة من 1960 إلى1970م، كان الإنتاج الاقتصادي ينمو بمعدل 10% سنويًا.
ويعود الفضل في هذا النجاح السريع إلى عدة أسباب منها: استيراد اليابان للتقنية الغربية بأسعار رخيصة نسبيًا، والاستثمار الكبير في الآلات والمعدات، وتركيز اليابانيين على إنتاج سلع للسوق العالمية، وتمتع اليابان بقوى عاملة مدربة بشكل جيد، وتعمل بجدية متناهية. علاوة على ذلك، فقد نمت التجارة الدولية بشكل متسارع بعد الحرب مما مكن اليابان من استيراد الخامات التي تحتاجها، وتصدير السلع الصناعية المتنوعة. كما ارتفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي للسكان بعد الحرب، فزاد استهلاكهم من الأجهزة الكهربائية.
وتزوج ولي عهد اليابان الأمير أكيهيتو عام 1959م من مشيكو شودا ابنة أحد أغنياء الصناعة اليابانية مخالفًا بذلك التقاليد. وفي عام 1971م، زار الإمبراطور هيروهيتو والإمبراطورة ناجاكو أوروبا الغربية، وهي المرة الأولى التي يسافر فيها الإمبراطور خارج اليابان.
وفي عام 1955م، تأسس الحزب الديمقراطي الليبرالي المحافظ الذي حكم اليابان منذ ذلك الوقت. وهو ائتلاف مكون من عدة مجموعات سياسية يابانية. واجهت اليابان أول أزمة سياسية يابانية بعد الحرب في عام 1960م، بعد أن وقعت اتفاقية التعاون والأمن المتبادلة مع الولايات المتحدة الأمريكية، فبقيت بموجبها القواعد الأمريكية في اليابان، مما أغضب الكثير من اليابانيين فاندلع الشغب. وفي عام 1970م، جُددت المعاهدة لكن بمعارضة أقل.
أعادت الولايات المتحدة لليابان جزر بونين وأيوو جيما عام 1968م. وكانت الولايات المتحدة قد أعادت لليابان الجزء الشمالي من جزر ريوكيو عام 1953م وأعادت بقيتها عام 1972م. ومازالت روسيا تدعي ملكية جزر الكوريل وتحتلها.
اليابان اليوم. تتمتع اليابان بأعلى معدل نمو اقتصادي بين الدول الصناعية الرئيسية في العالم. وقد لفت النجاح الاقتصادي الياباني أنظار العالم إليه. فخلال ما يزيد على قرن من الزمن، واليابان تتعلم من الغرب الأفكار والتكنولوجيا. وفي الثمانينيات من القرن العشرين، أصبحت الدول الأوروبية تطمح في أن تتعلم من اليابان لتحسين اقتصادياتها.
وبالرغم من النجاح الاقتصادي، إلا أن اليابان تعاني من بعض المشكلات منها: النقص الكبير بالمساكن، وتلوث البيئة الحضرية. كما يضغط الحلفاء الغربيون على اليابان لتزيد من إنفاقها العسكري، ولتؤدي دورًا أكبر في الترتيبات الأمنية في المنطقة.
يستند الازدهار الاقتصادي لليابان على تصدير السلع المصنعة مقابل استيراد الخامات. ومنذ مطلع الثمانينيات من القرن العشرين، وشركاء اليابان ينتقدون سياستها التجارية، لما تلحقه من أضرار باقتصادياتهم. ولتحسين علاقاتها التجارية بهم، وافقت اليابان عام 1981م على الحد من صادراتها من السيارات لكل من كندا، والولايات المتحدة وألمانيا، وخفضت من بعض قيودها على الواردات. وفي سبتمبر 1992م، أرسلت اليابان وحدات من قواتها لتنضم لبعثة الأمم المتحدة التي عملت على حفظ السلام في كمبوديا.
توفي الإمبراطور هيروهيتو في يناير 1989م وقد استمر في السلطة منذ 1926م، وخلفه ابنه الإمبراطور أكيهيتو إمبراطورًا جديدًا لليابان.
استقال رئيس الوزراء موريهيرو هوسوكاوا في أبريل 1994م، بعد اتهامه بسوء استخدام الأموال العامة. وكان هوسوكاوا قد أمضى أقل من عام واحد في منصبه. واستمر خلفه تستومي هاتا في رئاسة الوزارة حتى شهر يونيو من نفس العام، ثم شكلت حكومة اتئلافية جديدة برئاسة توميتشي ميوراياما، وهو أول رئيس وزراء اشتراكي باليابان منذ عام 1948م. استقال ميوراياما في يناير 1996م، وخلفه ريوتارو هاشموتو من الحزب الليبرالي الديمقراطي. وفي يناير 1995م ضرب زلزال قوي منطقة كوبي أدى إلى وفاة أكثر من 5000 شخص وألحق أضرارًا مادية جسيمة بالممتلكات.
أعادت الأحزاب المعارضة تنظيم نشاطها عام 1998م، إئتلف اثنان من أكبر أحزاب المعارضة وهما الحزب الديمقراطي والحزب الليبرالي. وفي العام نفسه بدأت اليابان برنامجاً مدته ثلاث سنوات للإصلاح المالي، ويهدف البرنامج إلى تقليل القيود الحكومية على الاستثمارات المالية.
يسمي اليابانيون بلدهم نيبون أو نيهون التي تعني مصدر الشمس. أما اسم اليابان فربما جاء من الاسم الإيطالي زيبانغو الذي أطلقه عليها الرحالة ماركو بولو في نهاية القرن الثالث عشر الميلادي، والذي سمع عن الجزر اليابانية أثناء سفره عبر الصين.
تغطي الجبال والتلال معظم اليابان، مما يضفي عليها جمالاً مرموقًا، فالكثير من جبالها بركانية، وأشهرها جبل فوجي، وهو أعلى قمة في اليابان. وتحتل الجبال والتلال مساحات شاسعة من أرضها، مما جعل غالبية السكان يعيشون في سهول ضيقة على امتداد السواحل. وتشمل هذه السهول الساحلية الكثير من أفضل الأراضي الزراعية في اليابان ومعظم المدن الرئيسية. يعيش 78% من السكان في المراكز الحضرية. تشغل مراكز الحضارة الحديثة والتجارة والصناعة مدن اليابان الرئيسية. ومدينة طوكيو هي العاصمة، وتُعدّ كبرى المدن في اليابان، وتقع على سهل كانتو الذي يعتبر أوسع منطقة في الأراضي المنخفضة. كما توجد في اليابان ثلاث مدن أخرى يتجاوز سكان الواحدة منها مليوني نسمة.
اليابان واحدة من عمالقة الصناعة في العالم، حيث لا يفوق الإنتاج الصناعي الياباني سوى إنتاج الولايات المتحدة. وقد صنع اليابانيون مجموعة متنوعة من المنتجات، بما فيها السيارات والحواسيب والحديد والفولاذ ومواد البلاستيك وأجهزة المذياع والتلفاز. وأصبحت اليابان قوة اقتصادية رئيسية رغم قلة مواردها الطبيعية، إذ إنها تستورد كثيرًا من المواد الخام التي تحتاجها الصناعات، كما تعتبر اليابان من البلدان التجارية الرئيسية.
وتعكس الحياة اليابانية صورة الحضارتين الشرقية والغربية، فمن تَمسُّك ببعض العادات والتقاليد القديمة كالمصارعة اليابانية القديمة ومشاهدة مسرحيات النو والكابوكي التي تعود إلى ما قبل مئات السنين، إلى التقاطر لمشاهدة أحدث الأفلام والمسرحيات ولبس الملابس الغربية ثم لبس الكيمونو التقليدي في الاحتفالات. وكثير من الفنانين اليابانيين يدمجون في فنهم كلا الطرازين الغربي والياباني.
تأثرت اليابان القديمة بدرجة كبيرة بالحضارة الصينية المجاورة واستعارت منها الكثير، من فن ولغة وتقنية وغيرها. وأول أوروبي دخل اليابان كان في منتصف القرن السادس عشر الميلادي. وبدأت التجارة مع عدد من البلدان الأوروبية. غير أنه في بداية القرن السابع عشر قرر حكام اليابان قطع روابط اليابان مع العالم الخارجي بغية حمايتها من النفوذ الأجنبي. واستمرت هذه العزلة إلى سنة 1853م حينما جاء القائد البحري ماثيو بيري بسفنه الحربية إلى خليج طوكيو. وأدّى استعراض القوة هذا إلى فتح اليابان لاثنين من موانئها سنة 1854م في وجه التجارة الأمريكية. وخلال السبعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، بدأت الحكومة حركة شاملة لتحديث البلاد من كافة الوجوه. وتحولت اليابان في أوائل القرن العشرين إلى دولة صناعية ذات قوة عسكرية. وقد تحكم العسكريون في أمور الدولة بحلول الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي.
وفي السابع من شهر ديسمبر عام 1941م، هاجم اليابانيون القواعد البحرية الأمريكية في بيرل هاربر في جزيرة هاواي، مما أدخل الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية. وحقق اليابانيون عدة انتصارات مبكرة. لكن فيما بعد انقلب الموقف لصالح الولايات المتحدة ودول الحلفاء الأخرى. وفي شهر أغسطس 1945م أسقطت الطائرات الأمريكية أول قنبلتين ذريتين على مدينتي هيروشيما وناجازاكي. وفي الثاني من سبتمبر 1945م، استسلمت اليابان رسميًا وانتهت الحرب العالمية الثانية.
تركت تلك الحرب اليابان مهزومة شر هزيمة؛ فالكثير من المدن اليابانية تحولت إلى أنقاض، والصناعات اليابانية تحطمت، واحتلت قوات الحلفاء اليابان. غير أن مهارة الإنسان الياباني عملت بشكل دؤوب للتغلب على آثار الحرب. فمع نهاية الستينيات من القرن العشرين الميلادي، أصبحت اليابان قوة صناعية عظمى. حاز النجاح الاقتصادي الياباني إعجاب العالم. وفي الوقت الحاضر، لا تتمتع إلا شعوب قليلة بمستوى معيشي يفوق مستوى معيشة اليابان.
نظام الحكم
وُضع الدستور الياباني الحالي من قِبَل قوات احتلال الحلفاء، وتم تطبيقه منذ الثالث من مايو عام 1947م. فهذا الدستور الديمقراطي غيّر الحكومة اليابانية تغييرًا جذريًا. فأول دستور ياباني كان قد أعلن في عام 1889م، معطيًا قوة الحكم للإمبراطور الياباني. أما دستور عام 1947م فقد نقل تلك السلطة من الإمبراطور إلى الشعب الياباني، كما ضمن الكثير من الحريات الإنسانية، كحرية الرأي، وحرية الدين وحرية الصحافة وحرية الأحزاب. وقد قسم الدستور المهام بين السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية. يحق لجميع المواطنين اليابانيين من سن 20 سنة وأكثر الاقتراع. كما ضمن دستور عام 1947م حق النساء في الانتخاب.الإمبراطور. تَمتَّع الإمبراطور الياباني في أزمنة مختلفة من التاريخ الياباني بسلطات كبرى، بينما حد دستور عام 1947م من سلطة الإمبراطور، حيث اعتبر الإمبراطور رمزًا للدولة ولوحدة شعبها. ومهام الإمبراطور بالكامل احتفالية ومنصب الإمبراطور وراثي. الدايت. يسن القوانين اليابانية، وهو يتألف من مجلسين؛ مجلس النواب، ويتألف من 500 عضوًا يتم انتخابهم لمدة أربع سنوات، ومجلس المستشارين، ويتألف من 252 عضوًا يتم اختيار نصفهم كل ثلاث سنوات لعضوية المجلس لمدة ست سنوات. ويتم اختيار 100 عضو من مجلس المستشارين من الدولة ككل، بينما يتم اختيار 152 عضوًا من بين أعضاء 47 ولاية.
رئيس الوزراء. يتم اختياره من بين أعضاء الدايت (المجلس التشريعي)، وهو عادة رئيس الحزب السياسي الذي يحتل معظم مقاعد المجلس التشريعي. يساعد مجلس الوزراء رئيسه في تسيير أمور الحكومة. يعين رئيس الوزراء أعضاء حكومته. وأكثر من نصف الوزراء يتم اختيارهم من أعضاء المجلس التشريعي (الدايت).
الحكومة المحلية. ينتخب الناخبون في كل من الولايات السبعة والأربعين حاكمًا وجمعية عمومية. تتألف كل ولاية من مدن وقرى، وفي كل مدينة أو قرية يختار السكان رئيس البلدية والمجلس المحلي.
السياسة. يوجد في اليابان عدة أحزاب سياسية، أكثرها نجاحًا الحزب الديمقراطي الليبرالي، وهو حزب المحافظين الذي يحظى بمقاعد في المجلس التشريعي أكثر من أي حزب آخر منذ عام 1955م. يمثل الحزب الديمقراطي الليبرالي عادة المناطق الريفية من أجل تمويله، وأخذ يكسب شعبية أكبر في المدن خصوصًا بين الموظفين والحرفيين. والحزب المعارض الرئيسي هو الحزب الاشتراكي الياباني الذي يستمد معظم دعمه من المجموعات العمالية. هناك أحزاب أخرى صغيرة: حزب كوميتو (حزب الحكومة النظيف)، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، حزب اليابان الجديد.
المحاكم. أعلى محكمة في اليابان هي المحكمة العليا التي تتألف من رئيس القضاة وأربعة عشر قاضيًا. يسمي مجلس الوزراء رئيس القضاة الذي يعينه الإمبراطور فيما بعد. بينما يعين مجلس الوزراء القضاة الأربعة عشر الآخرين. والمحكمة العليا هي المحكمة النهائية لتقرير المسائل الدستورية. والمحاكم اليابانية الأقل مستوى ثماني محاكم إقليمية عليا و50 محكمة محلية، بالإضافة لعدد كبير من المحاكم الصغرى التي تنظر في المخالفات والقضايا الصغرى، وكذلك كثير من المحاكم العائلية التي تعالج المشكلات الأهلية.
القوات المسلحة. لا يحق لليابان بموجب الدستور، إعلان حرب أو أن تملك قوات جوية أو برية أو بحرية لهذا الغرض. وفي الوقت نفسه، فإن لدى اليابان قوات برية وبحرية وجوية للدفاع عن نفسها. يبلغ حجم قوات الدفاع اليابانية 243,000 فرد، والخدمة فيها اختيارية.
الولايات اليابانية. الولايات أكبر أجزاء الحكومة المحلية في اليابان ويبلغ عددها 47 ولاية.
السكان
عدد السكان. يعيش في اليابان حوالي 126,472,000، مما يجعلها سابعة أكبر دولة في العالم من حيث حجم السكان. خلال الفترة من 1870-1970م تضاعف سكان اليابان أكثر من ثلاث مرات. فقد تزايد عددهم من 30 مليونًا إلى ما يزيد على 100 ميلون نسمة. منذ عام 1970م، أدى انخفاض معدل المواليد إلى خفض معدل النمو السكاني الذي يبلغ الآن أقل من 0,5% سنويًا.اليابان إحدى أكثر الكثافات السكانية في العالم، إذ تبلغ الكثافة السكانية فيها 335 نسمة/كم². ويعيش حوالي 90% من السكان في السهول الساحلية التي تشغل 20% من مساحة اليابان. لذا، فهذه السهول من أكثر بقاع العالم ازدحامًا بالسكان.
يزدحم ملايين اليابانيين في طوكيو العاصمة التي يبلغ عدد سكانها ثمانية ملايين وثلث المليون نسمة. تبلغ الكثافة السكانية في طوكيو 14,000 نسمة/كم². يعيش في كل من: يوكوهاما وأوساكا وناغويا أكثر من مليوني نسمة. وهناك سبع مدن أخرى يتجاوز سكانها المليون نسمة.
سلالة اليابانيين. وجد العلماء أدلة تفيد أن اليابانيين ينحدرون من شعوب عدة هاجرت إلى جزر اليابان من مناطق مختلفة من آسيا. فمعظمهم جاء عبر موجات من شمال شرقي البر الآسيوي عبر شبه الجزيرة الكورية. وبعضهم جاء من جزر تقع جنوبي اليابان. غير أن الجزر اليابانية كانت مأهولة منذ عام 4500 ق.م بالسكان الذين عملوا بالصيد البري والبحري، وجمع النباتات والثمار. وتُعرف هذه الحضارة المبكرة بجومون التي تعني نمط الحبل، حيث كان يصنع السكان الفخار المزين برسم يشبه الحبال.
ظهرت خلال القرن الثالث قبل الميلاد، موجات أخرى من المهاجرين، حيث حل محل الجومون مجتمع زراعي. وقد دُعيت هذه الحضارة باسم يايوي. لقد عمل هؤلاء السكان في زراعة الأرز في الحقول المروية، وأقاموا القرى على امتداد الأودية النهرية والسهول الساحلية. ويعتقد أن اليابانيين الحاليين ينحدرون من هذه السلالة. كما يعتقد العلماء أن السكان الذين عاشوا في اليابان حوالي عام 100م يشبهون إلى حد كبير سكان اليابان الحاليين من حيث اللغة والشكل العام.
ينتمي اليابانيون إلى العرق الجغرافي الآسيوي. انظر: الأجناس البشرية. ويشكل الصينيون والكوريون أكبر الأقليات في اليابان، إذ يعيش في اليابان حوالي 70,000 صيني، 675,000 كوري بالإضافة إلى 15,000 نسمة من الأينو الذين يعيش معظمهم في جزيرة هوكايدو في أقصى شمالي اليابان. تزاوج الكثير من الأينو مع اليابانيين وتبنوا الحضارة والتراث اليابانيَّيْن. يختلف بقية الأينو عرقيًا وحضاريًا عن اليابانيين. ويعتقد بعض العلماء أن الأينو يابانيون أصلاً طردوا باتجاه الشمال من قِبَل سكان اليابان الحاليين. انظر: الأينو، شعوب.
تعاني الأقليات في اليابان من الإجحاف والتحيز، وأكثرها معاناة مجموعة اليابانيين التي تُدعى إيتا أو براكومن الذين يبلغ عددهم نحو 3 مليون نسمة، جاءوا من القرى التي اشتهرت ببعض الأعمال كإعدام المجرمين، وذبح الأبقار ودباغة الجلود. وتعتبر البوذية، وهي إحدى الديانات الرئيسية في اليابان، هذه الأعمال ومن يعمل بها غير نظيف. لذلك فإن جماعة البراكومن، رغم عدم اختلافها عرقيًا عن سائر اليابانيين، تعاني من التمييز ضدها. فالكثير من البراكومن يعيشون منعزلين في الأحياء الفقيرة من المدن أو في قرى خاصة. وقد بدأوا حركة اجتماعية نشطة للحصول على معاملة أفضل، إلا أنهم لم يحققوا سوى نجاح محدود.
اللغة. اليابانية اللغة الرسمية، يتم التحدث بها بعدة لهجات محلية، تختلف كثيرًا بعضها عن بعض في لفظها. وتمثل لهجة سكان طوكيو الشكل الرسمي للتحدث باليابانية، فجميع اليابانيين تقريبًا يفهمونها، لذا فهي تستخدم في المدارس وفي الإذاعة والتلفاز. كما يجيد الكثير من اليابانيين اللغة الإنجليزية، إذ إن بعض الكلمات اليابانية مأخوذة من الأصل الإنجليزي. تعتبر كتابة اللغة اليابانية من أصعب أنظمة الكتابة في العالم، حيث إن كل حرف يمثل رمزًا. كما أن المدارس اليابانية تُعلم التلاميذ كتابة اليابانية بحروف رومانية. للحصول على مزيد من المعلومات انظر: اليابانية، اللغة.
أنماط المعيشة
حياة المدينة. يعيش حوالي ثلاثة أرباع (78%) الشعب الياباني في المراكز الحضرية في مناطق المدن الكبرى الرئيسية، وهي: طوكيو ويوكوهاما وأوساكا وناغويا، وجميعها في جزيرة هونشو. تشبه مدن اليابان الكبرى من نواحٍ عدة المدن الغربية؛ مناطق تجارية مزدحمة، عمارات إدارية شاهقة الارتفاع، ازدحام مروري خلال ساعات بدء الدوام وعند انتهائه، شبكة واسعة وحديثة من المواصلات السطحية وقطارات الأنفاق، ملايين السكان ينتقلون يوميًا من مقار عملهم وإليها، مطاعم متنوعة في مستواها ونوعية أطعمتها. كما تعرض الكثير من المدن اليابانية أحدث الأفلام والموسيقى والمسرحيات من جميع أنحاء العالم. ما زال الكثير من العادات القديمة مزدهرًا حتى في أكبر المدن، فالمحلات الصغيرة تنتشر على جوانب الشوارع الضيقة، فهي تختص ببيع مواد تقليدية كأطباق القش التي تُسمى تاتامي التي تستخدم لتغطية أرضية البيوت، كما تنتشر مخازن التجهيزات المكتبية، ومحلات الألعاب التي تجمع بين أحدث الألعاب الإلكترونية والدمى التي تلبس الملابس اليابانية التقليدية. وتنتشر الحدائق والمتنزهات في أكثر المدن ازدهارًا بالسكان، وتعكس جميعها حب اليابانيين للطبيعة. يشاهد الكثير من المواطنين المسرحيات اليابانية، ويشتركون في المهرجانات التقليدية.يتمتع معظم سكان المدينة بمستوى معيشة مرتفع، مع وجود بعض المناطق الفقيرة المجاورة. يعمل الكثير منهم في المصارف، والمصانع، والفنادق، والمطاعم، والمكاتب، والمحلات التجارية ويملك بعضهم أعماله الخاصة، كما يعمل الآخرون في الوظائف الحكومية. تنخفض نسبة البطالة في اليابان، فالاقتصاد الياباني قوي لدرجة أن معظم اليابانيين يجدون عملاً. كما تضمن بعض المؤسسات اليابانية العمل لمن يعمل بها طوال الحياة.
تتألف مساكن المدينة من عمارات ذات شقق حديثة وبيوت يابانية تقليدية. معظم البيوت التقليدية بسيطة، تتكون من طابق أو طابقين من البناء الخشبي محاط معظمها بالحدائق. أما أرضية البيت فهي أعلى من مستوى المدخل، ويترك الأفراد أحذيتهم عند المدخل ويلبسون نعالاً. عندما يدخلون غرفة المعيشة تكون الغرف مفصولة من الورق المقوى المتحرك، مما يسمح بتغير حجم الغرف وشكلها. وفي الغرف التقليدية، تفرش الأرض بأبسطة القش الياباني، وترتب الغرف بحيث تستخدم غرف جلوس نهارًا وللنوم ليلاً لأن المساكن صغيرة. تشكل الغرفة الرئيسية في البيت التقليدي زاوية تعلَّق عليها المزخرفات. ويحتوي الكثير من الشقق والبيوت اليابانية على غرفة واحدة أو أكثر مفروشة على الطريقة الأوروبية، حيث تغطَّى أرضها بالسجاد. وتعاني المدن اليابانية، كغيرها من مدن العالم، من نقص في توافر المساكن للسكان وازدحام الشوارع والطرقات وتلوث الماء والهواء.
لا تنتشر الجريمة في المدينة اليابانية على نقيض البلدان الغربية؛ فمعدل الجريمة في اليابان أقل بكثير مما هو عليه في المدينة الغربية، ففي طوكيو على سبيل المثال يمكنك استخدام المواصلات العامة والسير في معظم شوارع المدينة في أي ساعة من الليل والنهار بأمان.
حياة الريف. يعيش حوالي ربع سكان اليابان (22%) في الريف. وفي المناطق الريفية، على امتداد السواحل، يعيش بعض اليابانيين على صيد الأسماك، وجمع الأعشاب البحرية الصالحة للأكل. لكن مستوى المعيشة ارتفع بشكل كبير منذ الحرب العالمية الثانية، فمعظمهم يملك سيارة وتلفازًا ملونًا وثلاجة، وغسالة. كما يملك معظم المزارعين اليابانيين الأرض التي يفلحونها باستخدام الجرارات الزراعية. ويستخدم اليابانيون الأسمدة والمبيدات والأساليب الزراعية الحديثة، مما يرفع الإنتاج بشكل كبير. في معظم الأحوال، يعمل أحد أفراد العائلة الريفية في المدينة المجاورة. لقد أقيمت بعض الصناعات في الأرياف بسبب توافر العمالة. وتسكن معظم العائلات في البيت الياباني التقليدي الخشبي الذي يشبه بيوت المدن. وتتألف البيوت الريفية من غرفة واحدة إلى أربع غرف، والقديم منها سطحه من القش بينما الجديد منها مسقوف بالقرميد.
هاجر الكثير من سكان الريف إلى المدن منذ الخمسينيات من القرن العشرين، وذلك للعمل في الصناعة، حيث مستوى الدخل الأعلى، ومن ثم أصبحت الزراعة حرفة خاصة بالمسنين.
حياة الأسرة. كان اليابانيون قبل عام 1945م يعيشون ضمن أسر كبيرة العدد، تشمل الأجداد والآباء والأبناء وأحيانًا الأعمام وأسرهم. وللزوج سلطة كاملة على زوجته، والأطفال يطيعون آباءهم طاعة عمياء. كما يختار الوالدان الزوج المناسب لأبنائهما. وفي معظم الحالات، لا يعرف العروسان بعضهما قبل الزواج.
أما اليوم، فيعيش معظم اليابانيين ضمن أسر صغيرة تقتصر على الآباء والأبناء فقط. وما زالت الرابطة الأسرية قوية، ولكن منذ الحرب العالمية الثانية أصبحت العلاقات داخل الأسرة أقل رسمية، فالأبناء أخذوا حرية أكبر، فأصبح معظمهم يختارون شركاء حياتهم بأنفسهم، وتبعًا لقناعتهم ومصلحتهم الشخصية. وفي بعض العائلات، يرث الابن الأكبر مهنة أبيه، ولكن، في الغالب، يختار الابن الأكبر المهنة التي يرغبها.
ضمن دستور عام 1947م حق المساواة للمرأة في جميع المجالات؛ فمعظم النساء يعملن حاليًا خارج البيت. وتعمل معظم النساء حتى الزواج، وتعود لاستئناف العمل بعد التحاق الأبناء بالمدرسة، كما تزاول بعض النساء النشاط الاجتماعي والسياسي.
الملابس. يرتدي معظم اليابانيين اليوم الملابس ذات الطابع الغربي خارج البيت، بينما يرتدي آخرون ـ خصوصًا كبار السن ـ الملابس التقليدية اليابانية داخل البيت، وترتدي غالبية السكان الملابس الغربية داخل البيت. يخلع الياباني حذاءه عند دخول البيت، ولا يلبس سوى النعال.
الطعام والشراب. يعتبر الأرز العنصر الأساسي في الطعام الياباني، ويؤكل مسلوقًا ومعه بعض المخللات المصنوعة من الملفوف والخيار والباذنجان والفجل. يأكل الياباني الأرز مع كل وجبة غذائية.
والسمك المصدر الرئيسي للبروتين، وأفضل طريقة لأكل السمك رشه بالملح وشواؤه على النار. أما المصدر الثاني للبروتين فهو فول الصويا الذي يؤكل في الغالب على شكل معجونة أو على شكل سائل لإعطاء نكهة للطعام، كما يأكل اليابانيون الفواكه والأعشاب البحرية. ويعتبر الشاي المشروب الأكثر شعبية، كما يشربون الكحوليات.
يفضل اليابانيون المواد الطازجة في طعامهم إذ يحبذون النكهة الطبيعية للطعام. ويأكلون غالبًا على منضدة منخفضة، ويهتمون بترتيب طعامهم في الأطباق بشكل جذاب، ويأكلون باستخدام العيدان الخشبية.
منذ الخمسينيات من القرن العشرين غيّر اليابانيون كثيرًا من عاداتهم الغذائية، فأخذوا يأكلون لحوم الطيور والخبز في كثير من وجباتهم.
الترويح. يمارس اليابانيون عدة أنواع من الألعاب الرياضية والهوايات في أوقات الفراغ، وتُعدّ كرة القاعدة (البيسبول) أكثرها انتشارًا بالإضافة إلى الجولف والتزلج على الجليد وتنس الطاولة والتنس الأرضي والكرة الطائرة. ويمارس الكثير منهم رياضة الجودو والكاراتيه. يمارس اليابانيون هوايات الصيد وتسلق الجبال. يحتفل اليابانيون بعدة مهرجانات، أكثرها شعبية يوم رأس السنة الذي يبدأ في اليوم الأول من شهر يناير من كل عام، حيث يلبسون الملابس التقليدية الملونة ويزورون أقرباءهم ويتبادلون الهدايا ويمارسون أنواع الرياضة المختلفة.
أما في بيوتهم، فيعدون الولائم الشهية ويلعبون ألعابهم التقليدية، وتنتهي الاحتفالات في اليوم الثالث من الشهر نفسه، غير أن البعض يستمر في الاحتفالات حتى منتصف الشهر.
الديانة. أقدم الديانات هي الشنتو التي تعني طريق الآلهة، وتعود إلى زمن قديم جدًا. يعبد أتباعها عدة آلهة تدعى كامي وتوجد في الجبال والأنهار والصخور والأشجار وغيرها من عناصر الطبيعة. في عام 1868م، وضعت الحكومة اليابانية ديانة رسمية أسمتها شنتو الدولة، وهي تؤكد الوطنية وتقديس الإمبراطور كإله. وقد تم إلغاء هذه الديانة رسميًا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ونفى الإمبراطور أن يكون إلهًا. وتعزى كثير من صفات اليابانيين لديانة الشنتو التي يدين بها أكثر من 90% من اليابانيين.
ويعتنق حوالي 75% من اليابانيين البوذية، وبجانبها يعتنق معظمهم الشنتو في الوقت نفسه. وقد جاءت البوذية إلى اليابان من الصين وكوريا في حوالي 552م. يشكل النصارى في اليابان أقل من 1%، وقد جاءت النصرانية إلى اليابان في حوالي عام 1550م مع المنصِّرين الأسبان والبرتغاليين. ويفوق عدد البروتستانت عدد الرومان الكاثوليك بين النصارى في اليابان. تطورت في أعقاب الحرب العالمية الثانية ديانة جديدة تشتمل على مزيج من النصرانية والبوذية والشنتو. والكونفوشية ديانة صينية الأصل ذات تأثير كبير ولها أتباع كثيرون في اليابان.
التعليم. بمقتضى القانون الياباني، يجب على الأطفال إكمال ست سنوات من التعليم الابتدائي، وثلاث سنوات في المدرسة الثانوية الصغرى. والتعليم في المدارس الحكومية مجانًا خلال تسع سنوات من عمر الطفل (من 6 - 14سنة)، وغالبًا ما يكمل جميع الأطفال تعليمهم الإلزامي. وتعمل المدارس خمسة أيام ونصف اليوم أسبوعيًا. يمتد العام الدراسي من شهر أبريل حتى شهر مارس من العام الذي يليه، بينما تمتد العطلة المدرسية السنوية من أواخر يوليو إلى نهاية أغسطس. وتتمتع اليابان بمستوى تعليم عالٍ، إذ إن معظم الأشخاص من 15 سنة فما فوق يستطيعون القراءة والكتابة. ويقضي أطفال اليابان وقتًا كبيرًا في تعلم اللغة اليابانية لصعوبتها. وبعد إتمامهم المدرسة الثانوية الصغرى يذهب الأطفال إلى المدرسة الثانوية العليا لدراسة ثلاث سنوات فيها، وذلك بعد اجتيازهم لاختبارات القبول. ويذهب حوالي 95% ممن يكملون دارستهم الثانوية الصغرى للدراسة الثانوية العليا.
يوجد في اليابان حوالي 460جامعة و600 كلية فنية أكبرها جامعة طوكيو وبها 80,000 طالب وطالبة. ولا يتجاوز عدد الجامعات الحكومية في اليابان 90 جامعة. وعلى الطلبة الذين يلتحقون بالجامعة أو الكلية الفنية اجتياز امتحان خاص بذلك. وتبلغ نسبة الطلبة الذين يلتحقون بمؤسسات الدراسات العليا بعد إكمالهم الدراسة الثانوية 38%.
الفنون
منذ مئات السنين والفنون اليابانية متأثرة بالفنون الصينية. أما التأثيرات الغربية على الفنون اليابانية فقد بدأت حوالي عام 1870م. ومع ذلك كانت هناك دائمًا فنون يابانية متميزة.الموسيقى. للموسيقى اليابانية نغمة ناعمة بالمقارنة بالموسيقى الغربية. وتستخدم الموسيقى التقليدية الطبل، والناي. تلقى الموسيقى الغربية شعبية في اليابان، ويوجد لدى كثير من المدن اليابانية فرق موسيقية خاصة متخصصة في الموسيقى الغربية.
السطح
تتمتع اليابان بجمال طبيعي أخاذ، إذ تغطي الجبال والتلال حوالي 70% من مساحتها، كما تكثر فيها الشلالات المائية وتغطي جبالها الغابات التي تشغل 68% من مساحة اليابان. تقع اليابان على جزء غير مستقر للغاية من سطح الكرة الأرضية، مما جعلها عرضة للهزات الأرضية والثوران البركاني. تشهد اليابان سنويًا حوالي 1,500 هزة أرضية معظمها خفيفة لا تُحدث سوى أضرار بسيطة. أما الهزات العنيفة المدمرة فتحدث كل عدة سنوات. وتحدث هزات في قاع المحيط، ينجم عنها أمواج مدمرة تُسمى الموجة البحرية الزلزالية (تسونامي). وفي اليابان ما يزيد على 150 بركانًا رئيسيًا، أكثر من 60 منها براكين نشطة. ويجري في اليابان عدد كبير من الأنهار معظمها أنهار قصيرة ضحلة، وانحدارها الشديد لا يساعد على استخدامها للملاحة، إلا أنها تستخدم لري المزروعات وتوليد الطاقة الكهربائية. وتنتشر في جبال اليابان البحيرات التي يشكَّل بعضها في فوهات البراكين، كما تظهر ينابيع المياه الحارة في مناطق مختلفة في اليابان.تبلغ مساحة الجزر اليابانية 377,708كم². والجزر الأربع الكبرى حسب حجمها هي: هونشو، هوكايدو، كيوشو ، شيكوكو، بالإضافة إلى آلاف الجزر الأصغر حجمًا. كما تشمل اليابان سلسلة جزر بوين وريوكيو. يقع المحيط الهادئ إلى جنوب اليابان وشرقها. أما بحر اليابان فيغسل شواطئ سواحلها الغربية، ويبلغ مجموع أطوال سواحل جزر اليابان الأربع الكبرى 7,448كم.
هونشو. كبرى الجزر اليابانية، إذ تبلغ مساحتها 227,414كم²، ويعيش عليها حوالي80% من سكان اليابان. تمتد ثلاث سلاسل جبلية بجانب بعضها عبر شمالي الجزيرة. ويعيش معظم سكان هذه المناطق في أودية الجبال الصغيرة، ويعملون بالزراعة باعتبارها حرفة رئيسية. يقع سهل سينداي شرق السلاسل الجبلية، وعلى امتداد المحيط الهادئ. وغربي الجبال، يقع سهل إيشجو، الذي يمتد حتى بحر اليابان.
وتقع في وسط هونشو قمم جبال الألب اليابانية، وإلى الشرق من هذه الجبال تمتد سلسلة من البراكين التي تقطع وسط الجزيرة، أشهرها جبل فوجي أو فوجي ياما أعلى قمة في اليابان، وهو جبل بركاني خامد يرتفع نحو 3,776م فوق مستوى سطح البحر. ويُعدّ سهل كانتو أوسع السهول اليابانية، إذ يمتد ما بين جبال الألب وحتى المحيط الهادئ شرقًا. وهو مركز مهم للزراعة، وقد قامت عليه مدينة طوكيو. وهناك مركزان آخران للزراعة والصناعة، هما سهل نوبي وسهل أوساكا ويقعان في جنوب وغرب منطقة كانتو.
يتألف معظم جنوب غربي هونشو من جبال مموجة، أما القرى الزراعية وقرى صيد الأسماك، وبعض المدن الصناعية، فتتوزع على بعض السهول الصغيرة المتناثرة في المنطقة.
هوكايدو. ثانية كبريات جزر اليابان، إذ تبلغ مساحتها 78,073كم²، تقع في شمال اليابان. يعيش عليها حوالي 5% من سكان اليابان، ويتكون معظمها من التلال والجبال المغطاة بالغابات. يقع في جنوبها الغربي سهل إيشي كاري أكبر سهول هوكايدو، ومنطقة الزراعة الرئيسية فيها. يعتمد اقتصادها بشكل رئيسي على إنتاج الألبان، وصيد الأسماك، والغابات. كما أنها منطقة ترويحية، بفضل شتائها الطويل وتساقط الثلوج بكثرة عليها، مما جعلها مهيَّأة للر ياضات الشتوية.
كيوشو. تقع أقصى جنوب جزر اليابان الأربع الرئيسية، تبلغ مساحتها 36,554كم² ويعيش عليها 11% من سكان اليابان. تمتد من وسط الجزيرة وحتى جنوبها سلسلة من الغابات الجبلية. أما شمالها الغربي فيتألف من تلال مموجة وسهول واسعة. يوجد في هذه المنطقة الصناعية الكثير من المدن. تمتد منطقة الزراعة الرئيسية على الساحل الغربي للجزيرة. تنتشر في المنطقة الشمالية الشرقية والجنوبية من الجزيرة براكين كثيرة، حيث الرماد البركاني وهضاب الحمم البركانية.
شيكوكو. صغرى الجزر اليابانية الأربع الكبرى، إذ تبلغ مساحتها 18,256كم²، يعيش عليها حوالي 3% من سكان اليابان. تفتقر إلى السهول الواسعة، وتقطعها الجبال من الشرق إلى الغرب. يعيش معظم سكانها في الشمال ويزرعون الأرز والفواكه المختلفة. كما أن تعدين النحاس مهم في هذه الجزيرة. وفي السهل الضيق الممتد على ساحل الجزيرة الجنوبي، يُزْرع الأرز والخضراوات المختلفة.
جزر ريوكيو وبونين. كانت من ممتلكات اليابان إلى أن انتزعتها الولايات المتحدة عند نهاية الحرب العالمية الثانية. ثم أعادت الولايات المتحدة شمال ريوكيو إلى اليابان عام 1953م وجزر بونين عام 1968م. كما استعادت اليابان عام 1972م سيطرتها على بقية جزر ريوكيو، بما في ذلك جزيرة أوكيناوا كبرى جزر هذه المجموعة.
تضم جزر ريوكيو ما يزيد على 100 جزيرة تمتد من شيكوكو شمالاً إلى تايوان جنوبًا ويعيش عليها حوالي مليون نسمة. تبلغ مساحتها 3,120كم². تقع جزر بونين على بعد 970كم شرق اليابان، وتتألف من 97 جزيرة بركانية، تمتد على مساحة قدرها 106كم²، يعيش عليها حوالي 1,900نسمة، انظر: بونين، جزر؛ ريوكيو، جزر.
المناخ
يتباين مناخ اليابان بشكل كبير من الشمال إلى الجنوب، فتنعم الجزر الجنوبية (شيكوكو، كيوشو) بمناخ دافئ؛ فصيفها حار طويل وشتاؤها معتدل، أما جزيرة هونشو فصيفها دافئ رطب. والشتاء معتدل في جنوب اليابان، أما في الشمال فهو بارد يسقط فيه الجليد. وتشهد هونشو ربيعًا وخريفًا مشمسين، أما هوكايدو فصيفها بارد وشتاؤها مثلج كجنوب السويد. يتأثر مناخ اليابان بالتيارات البحرية كتيار اليابان وتيار أوياشو. يعمل تيار اليابان القادم من الجنوب على تدفئة السواحل التي يمر بها، بعكس تيار أوياشو الشمالي الذي يعمل بدوره على تبريد الساحل الشرقي لهوكايدو وشمال هونشو.كما يتأثر مناخ اليابان بالرياح الموسمية الشمالية الغربية التي تسبب سقوط الثلوج على السواحل الشمالية الغربية لليابان، وفي الصيف تتحول هذه الرياح إلى جنوبية شرقية، لذا تجعل وسط اليابان وجنوبها حارًا ورطبًا باستثناء شرقي هوكايدو.
تسقط على اليابان على الأقل 100سم من الأمطار سنويًا. ففي اليابان فصلا مطر رئيسيان: من منتصف يونيو إلى أوائل يوليو ومن سبتمبر إلى ديسمبر. وتجتاح اليابان سنويًا عدة أعاصير خصوصًا مع نهاية الصيف ومطلع الخريف، فتحدث الأمطار الغزيرة، وتلحق الرياح العاتية المصاحبة لها أضرارًا كبيرة بالبيوت والمزروعات.
الاقتصاد
أصبحت اليابان قوة اقتصادية رئيسية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فهي ثانية دول العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية من حيث قيمة الناتج الوطني الإجمالي. فعلى الرغم من محدودية مواردها الطبيعية، تمكنت اليابان من تطوير وتنمية اقتصادها بسرعة كبيرة. فهي تستورد معظم الخامات الصناعية من الخارج، وحتى تدفع ثمن هذه الخامات فهي تصدر منتجاتها إلى معظم دول العالم، مما جعل الاقتصاد الياباني يعتمد بشكل كبير على التجارة الخارجية.نجم عن هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية تدمير مصانعها، غير أن اليابانيين أدهشوا العالم بسرعة نجاحهم في إعادة بناء اقتصادهم، حيث قدمت لهم الولايات المتحدة المساعدات المالية. فاستخدموا أحدث الأساليب التقنية، مما جعل مصانعهم ذات إنتاجية عالية. وبسرعة، أصبحت اليابان تصدِّر مصنوعات ذات نوعية ممتازة للخارج. ومع نهاية ستينيات القرن العشرين حوَّل اليابانيون المهرة بلدهم ليصبح قوة اقتصادية عظمى في العالم.
التصنيع. يعتبر التصنيع أكبر نشاط اقتصادي في اليابان، فهو يسهم بـ 25% من جملة الناتج الوطني الإجمالي، ويوظف 20% من جملة القوى العاملة في اليابان. يعتبر معدل النمو الصناعي الياباني من أعلى المعدلات في العالم. فمنذ الأعوام (1970م - 1980م) تضاعف الإنتاج الصناعي أكثر من ثلاث مرات. تنتج الصناعة اليابانية كل شيء؛ فإنتاجها يتراوح ما بين الإلكترونيات الصغيرة وناقلات النفط الكبيرة، وهي مشهورة بجودتها العالية ومستواها الرفيع. وتستخدم المصانع اليابانية أحدث الآلات والمعدات والأساليب المتقدمة، وتحدِّث نفسها باستمرار ليبقى إنتاجها رفيع المستوى ومنخفض التكاليف، وتصدره بأسعار منافسة. وهي تلاقي طلبًا كبيرًا عليها في الأسواق العالمية.
تتمثل أهم الصناعات اليابانية في صناعة وسائل النقل، فهي تنتج نحو تسعة ملايين سيارة سنويًا، مما يجعلها الأولى في العالم في إنتاج السيارات، وكذلك هي الدولة الأولى في بناء السفن. تعد صناعة الآلات الكهربائية والإلكترونية كأجهزة الحاسوب وأجهزة المذياع والتلفاز من أسرع الصناعات نموًا، وتباع في مختلف بلدان العالم.
تُعدُّ اليابان إحدى الدول الكبرى المنتجة للحديد والفولاذ، الذي يصدر الكثير منه إلى الخارج، كما تعتبر اليابان في طليعة البلدان المنتجة للإسمنت، والسيراميك، والملابس، والصناعات المعدنية ومنتجات الأخشاب. وتتركز الصناعة اليابانية في خمس مناطق، كما تشتهر اليابان بالصناعات البتروكيميائية كالبلاستيك والألياف الصناعية.
الزراعة. تسهم الزراعة بنحو 2% من مجمل الناتج الوطني الإجمالي، وتستخدم 6% من مجموع القوى العاملة. لا تتجاوز مساحة أراضي اليابان الصالحة للزراعة 15% من المساحة العامة. ومع ذلك تنتج اليابان 70% من احتياجاتها الغذائية. يبلغ متوسط حجم المزرعة اليابانية حوالي هكتار واحد، إلا أن إنتاجية الأرض عالية وذلك لاستخدام طرق الري الحديثة والبذور المحسَّنة والمواد الكيميائية الزراعية والآلات. وبما أن اليابان يغلب عليها الطابع الجبلي، لذا تندر الأراضي الزراعية المستوية. لذلك يزرع اليابانيون بعض المحاصيل على المدرجات (المصاطب) الصناعية، حيث تساعد هذه المدرجات في استيعاب مياه الأمطار ومنع انجراف التربة.
الأرز المحصول الرئيسي في اليابان، حيث تعتبر اليابان إحدى دول العالم الرئيسية في إنتاج الأرز، الذي يشغل أكثر من 50% من الأراضي الزراعية. كما يزرع اليابانيون محاصيل أخرى مثل: بنجر السكر، والشاي، والتبغ والقمح بالإضافة لمحاصيل الفاكهة كالتفاح، واليوسفي، والبرتقال، والكمثرى والفراولة. وهم ينتجون خضراوات متنوعة مثل الباذنجان والكرنب والجزر والكرنب الصيني والخيار والبطاطس والبصل والبطاطا الحلوة والطماطم والفجل الأبيض. أخذ اليابانيون منذ مطلع النصف الثاني من القرن العشرين يأكلون كميات أكبر من منتجات الألبان، والبيض واللحوم. لذلك تزايدت أعداد مشروعات الثروة الحيوانية والدواجن. وكان الكثير من المزارعين اليابانيين قبل الحرب العالمية الثانية يستأجرون الأراضي التي يزرعونها مقابل إعطاء المالك نصف إنتاجها. أما بعد الحرب، وبفضل الإصلاح الزراعي الذي طُِّبق، فقد تقلص حجم الحيازات الزراعية، وتمكن المزارعون من شراء الأراضي التي يفلحونها، لذلك تبلغ نسبة المزارعين المالكين لأراضيهم في الوقت الحاضر 90%.
صناعة صيد السمك. اليابان واحدة من الدول الرائدة في العالم في صيد الأسماك وتصنيعها، فهي توظف 1% من القوى العاملة اليابانية التي تصطاد 10 مليون طن من الأسماك سنويًا. تملك اليابان أكبر أسطول لصيد الأسماك في العالم، إذ يضم ما يزيد على 400,000 سفينة وقارب، تقوم بالصيد في المياه الإقليمية الدولية. واليابان الدولة الأولى في إنتاج سمك التونة والثانية، بعد الولايات المتحدة، في إنتاج السالمون. بالإضافة إلى العديد من الأسماك الأخرى.
تأثر إنتاج الأسماك سلبيًا بالتلوث البحري الناجم عن الفضلات الصناعية. كما كانت اليابان من كبار صائدي الحيتان في العالم، إلا أنها خفضت تدريجيًا هذا النوع من الصيد.
التعدين. تحظى اليابان بوجود تشكيلة متنوعة من المعادن، إلا أنها بكميات قليلة لا تفي باحتياجاتها، وأهمها: الفحم الحجري والنحاس والحجر الجيري والمنجنيز والفضة والزنك. تستورد اليابان معظم المعادن التي تحتاجها الصناعة اليابانية من الخارج، فهي تستورد تقريبًا جميع خامات الألومنيوم والنفط، ومعظم فحم الكوك والحديد.
الخدمات. تشمل الخدمات عددًا كبيرًا من الأنشطة الاقتصادية المتنوعة التي تسهم بحوالي 59% من مجمل الناتج الوطني الإجمالي، وتستخدم حوالي 60% من مجموع القوى العاملة، وهي تشمل موظفي الحكومة كالعاملين في المستشفيات والمدارس. كما تشمل المؤسسات المالية المصارف وشركات التأمين، وتشمل العاملين في الدعاية والإعلان والشركات، كما تشمل التجارة والنقل والاتصالات.
مصادر الطاقة. تحتاج اليابان كميات كبيرة من الطاقة لمصانعها ومزارعها وبيوتها وللسيارات، واليابان من كبريات دول العالم في إنتاج الطاقة الكهربائية. يأتي 65% من الطاقة من النفط، وتستورد اليابان كل احتياجاتها تقريبًا من النفط والغاز الطبيعي، إذ إن الإنتاج المحلي منهما لا يغطي أكثر من 1% من احتياجاتها المحلية. ومعظم كميات النفط المستوردة تأتي من بلدان الشرق الأوسط،كذلك تواصل اليابان التنقيب عن النفط على أمل العثور عليه في سواحلها وفي مضيق كوريا وبحر اليابان.
تمتلك اليابان مصادر كبيرة للفحم الحجري في جزيرتي هوكايدو وكيوشو بالرغم من أن معظم المتوافر منه من النوع الردئ رقيق الطبقات، لذلك يكثر الاعتماد على النفط مصدرًا للطاقة. تزوِّد الكهرباء الناتجة من مصادر الطاقة النووية البلاد بنحو 25% من احتياجاتها للطاقة. وتنتج محطات الطاقة الكهرومائية نحو 10% من احتياجات اليابان.
التجارة الخارجية. تعتبر اليابان في مقدمة البلدان التجارية في العالم، ويصل مجموع صادراتها ووارداتها إلى أكثر من 250 بليون دولار أمريكي في السنة. وصادراتها الرئيسية سيارات الركاب والحديد والفولاذ والمعدات الإلكترونية، وتأتي بعدها الآلات الكهربائية وغير الكهربائية والدراجات النارية والشاحنات والبلاستيك (اللدائن) والأجهزة الدقيقة والسفن والأقمشة النسيجية المصنعة. إن المادة الرئيسية التي تستوردها اليابان هي النفط الذي يؤلف نسبة 35% من مجموع وارداتها. والمواد المستوردة الأخرى تشتمل على الكيميائيات والفحم الحجري وخام الحديد والغاز الطبيعي والخشب واللحم والحبوب. تعد الولايات المتحدة الأمريكية الشريك التجاري الرئيسي لليابان، ويأتي بعدها كل من أستراليا وكندا والصين وألمانيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. حافظت اليابان منذ ستينيات القرن العشرين على ميزانها التجاري لصالحها، عن طريق تصدير مواد مصنَّعة بأسعار منافسة وتحديد وارداتها، غير أن استمرار هذا الوضع قد أدى إلى انتقاد بعض شركاء اليابان التجاريين لها لتأثير ذلك عكسيًا على ميزانهم التجاري، فطالبوا اليابان بخفض صادراتها إليهم وإزالة المعوقات في وجه صادراتهم إليها. وقد بدأت اليابان في الثمانينيات بالاستجابة لهذه المطالب، غير أن هذه الاستجابة لم تكن كافية لكي يتخلص عدد من شركاء اليابان التجاريين الرئيسيين من العجز في ميزانهم التجاري.
النقل والاتصالات. تمتلك اليابان نظامًا حديثًا للنقل يتميز بكفاءة عالية، يشتمل على الطرق الخارجية وخطوط السكك الحديدية والسفن الساحلية. وفي جميع المدن، يتوافر نظام دقيق للنقل، بما في ذلك الحافلات والقطارات وقطارات الأنفاق. وتأتي اليابان في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في عدد سيارات الركَّاب، وبها 29 مليون سيارة، وتنقل الشاحنات 45% من السلع داخل اليابان، بينما تنقل القطارات 7% من السلع و40% من المسافرين. وتتصل جزيرتا هوكايدو وهونشو بنفق طوله 53,9كم تحت البحر. وهو أطول نفق يُستخدم للنقل في العالم. ويبلغ حجم الأسطول التجاري الياباني 40 مليون طن متري. والموانئ الرئيسية هي جيبا وكوبي وناغويا ويوكوهاما، كما توجد مئات من الموانئ والمرافئ الصغيرة. وتنقل السفن ما يقارب نصف البضائع المعدة للشحن داخل اليابان. وفي اليابان كثير من المطارات الحديثة ويندرج المطار الدولي في طوكيو ومطار أوساكا الدولي ضمن المطارات الأكثر ازدحامًا في العالم. تعتبر أعمال النشر والبث الإذاعي من الخدمات المزدهرة في اليابان، ففيها أكثر من 125 صحيفة، منها ثلاث صحف كبيرة تنشر في خمس طبعات إقليمية، وتنتج دور النشر 40 ألف كتاب سنويًا. ويوجد في كل بيت ياباني جهاز تلفاز وجهاز مذياع واحد أوأكثر. وتقوم الحكومة بإدارة النظام البريدي. أما أنظمة البرق والهاتف، فإنها تتبع القطاع الخاص، و90% من الدور اليابانية فيها جهاز للهاتف.
نبذة تاريخية
العصر القديم. لا يعرف المؤرخون الكثير عن تاريخ اليابان القديم، فأصل اليابانيين ما زال غامضًا. لقد عاش أناس في الجزر اليابانية معتمدين على الصيد البري وصيد الأسماك وجمع الثمار والأعشاب على الأقل قبل 6,500 سنة. وبحلول عام 200ق.م، أخذ الناس يسكنون القرى ويمارسون الزراعة. ومنذ القرن الثالث الميلادي واليابان تحكمها عشائر متناحرة يرأس كل منها رئيس. وبحلول عام 400م تقريبًا، أصبحت عشيرة ياماتو أقوى العشائر على الإطلاق في وسط اليابان، ويعتبر زعماء هذه العشيرة أجداد العائلة الإمبراطورية.
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
تواريخ مهمة في اليابان | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
وقد شجع الأمير شوتوكو الذي حكم اليابان من عام 593م وحتى عام 622م اليابانيين على تبني الأفكار الصينية. فحاول زيادة قوة اليابان بتبني النظام المركزي الإمبراطوري الصيني. وفي عام 645م، أصبح كوتوكيو إمبراطورًا لليابان، وفي العام التالي، بدأ كوتوكيو ومستشاروه في تطبيق إصلاحات تيكا، وهو برنامج يمثل النموذج الصيني في الحكم. فقسمت اليابان إلى مقاطعات ومناطق وقرى. وكل مقاطعة يحكمها حاكم مسؤول أمام الإمبراطور. كما تضمن برنامج تيكا الإصلاحي نظامًا مركزيًا للضرائب وبرنامجًا لتوزيع الأراضي.
وفي عام 794م، أُسست عاصمة اليابان في هيان التي عُرفت فيما بعد بكيوتو. وهيمنت أسرة الفوجيوارا عام 858م على البلاط الإمبراطوري، وقد حققت هذه الأسرة شهرة وقوة أكبر من خلال مصاهرتها للعائلة الإمبراطورية.
واستولت هذه العائلة أيضًا على معظم الريف الياباني، وذلك من خلال امتلاكها للمزارع الضخمة. وحكمت عائلة الفوجيوارا اليابان لمدة 300 عام، فقد الإمبراطور خلالها قوته الحقيقية مع أنه بقي الحاكم الرسمي.
ظهور الجنرالات (الشوغن). استمرت الحكومة اليابانية خلال القرن الحادي عشر الميلادي في فقدان سلطتها في الأرياف، وأخذ الإقطاعيون الذين كانوا يسمون ديميو باستئجار المحاربين لحماية أراضيهم والفلاحين العاملين فيها، وقد عُرف هؤلاء المحاربون فيما بعد باسم الساموراي. انظر: الساموراي.
كانت أقوى مجموعتي الساموراي بزعامة أسرتين؛ أسرة تايرا وأسرة ميناموتو اللتين تنافستا للسيطرة على البلاط الإمبراطوري. وفي عام 1160م، انتزعت أسرة تايرا سلطة الحكم من أسرة فوجيوارا. وانتهت سلطة تايرا عام 1185م عندما هُزمت في معركة بحرية مع أسرة ميناموتو التي يتزعمها يوريتومو والتي أصبحت أقوى عائلة في اليابان. وقد أسس زعيمها قيادته العسكرية في كاماكورا.
وادعى يوريتومو أنه حامي الإمبراطور ويحكم باسمه. وفي عام1192م، خلع عليه الإمبراطور لقب شوغن أي جنرال. وأصبحت حكومته العسكرية تُعرف باسم شوغيونيت. واستمر حكم الجنرالات لليابان حتى عام 1867م، وكانوا يحكمون دائمًا باسم الإمبراطور.
العلاقات الخارجية. شعر اليابانيون بأنهم في وضع آمن من أي هجوم خارجي لموقع جزرهم المعزول. في عام 1274م، أرسل القائد المغولي قبلاي خان أسطولاً لاحتلال اليابان، فنزل جنوده في كيوشو، إلا أنهم انسحبوا بعد تعرضهم لإعصار هدد سفنهم، وفي عام 1281م، حاول مرة أخرى فأرسل أسطولاً أكبر يشتمل على 140,000 من الرجال، غير أن الأسطول دمّره إعصار بحري.
ومع نهاية القرن الثالث عشر الميلادي، زار الرحالة الأوروبي ماركو بولو الصين، ومن خلاله عرف الأوروبيون الجزر اليابانية. وقد وصف اليابان بأنها أرض الذهب والثراء. وفيما بعد، حاول آخرون الوصول إلى اليابان، ومنهم كريستوفر كولمبوس الذي أبحر غربًا من أوروبا قاصدًا اليابان أو الهند الشرقية عام 1492م. وكان البحارة البرتغاليون أول الأوروبيين الذين يصلون إلى اليابان، وذلك عام 1543م. وفي عام 1549م، وصل منصِّر أسباني إلى كاجوشيما في جنوب كيوشو، وأخذ ينشر الكاثوليكية الرومانية، ورحب به اليابانيون. وفي مطلع القرن السابع عشر وصل إلى اليابان تجار هولنديون وإنجليز.
عهد طوكيوجاوا. سيطر محارب عظيم يدعى هايديوشي على اليابان عام 1585م وحتى وفاته عام 1598م. حاول إنشاء إمبراطورية عظمى تشمل الصين، غير أن جيوشه لم تتجاوز كوريا التي حاول احتلالها مرتين عام 1592م وعام 1597م دون نجاح. وفي عام 1603م، تولى الأمر أحد نوابه واسمه إياسيو شوغن. وحكمت عائلته المسماه طوكيوجاوا اليابان لأكثر من 250 عامًا. كان إياسيو عبقريًا، فأنهى الحروب الداخلية وبنى قلعة، وأسس حكومة له في إيدو، وسميت عام 1868م باسم طوكيو.
خاف إياسيو أن تكون بعثات التنصير مقدمة لغزو أوروبي لبلاده، لذلك طرد المنصِّرين. وأجبر النصارى اليابانيين على التخلي عنها، وقتل من رفض منهم ذلك. وانتهت النصرانية تقريبًا من اليابان مع حلول عام 1640م.
قطعت الحكومة روابطها مع الخارج وعزلت نفسها عن بقية العالم خلال الثلاثينيات من القرن السابع عشر الميلادي. فمُنع اليابانيون الموجودون في الخارج من العودة، وقتل بعض البحارة من الأوروبيين الموجودين في اليابان، ولم يبق تعامل مع الأوروبيين سوى مع الهولنديين، وذلك لعدم ارتباطهم بإرساليات المنصرين، وسمح للهولنديين بإرسال سفينة تجارية واحدة سنويًا لليابان.
تجديد العلاقات مع الغرب. في مطلع القرن التاسع عشر زاد اهتمام الولايات المتحدة بسوء معاملة البحارة الأمريكان في اليابان، لذا أرسلت عام 1853م بعثة أمريكية بقيادة ماثيو سي. بيري الذي وصل مع أربع سفن حربية إلى خليج طوكيو، وقدم إلى الحكومة اليابانية المطالب الأمريكية. وعاد في العام التالي لأخذ الرد على تلك المطالب. وبعد أسابيع، وقَّعت اليابان معاهدة مع الولايات المتحدة سُمح بموجبها لدبلوماسي أمريكي بالإقامة في اليابان، كما ضمنت اليابان معاملة أفضل للبحارة الأمريكيين الذي يضطرون للنزول للسواحل اليابانية. كما سُمح للأمريكيين بالتجارة مع اليابان من خلال ميناءين هما: هاكوداتي وميناء شيمودا. بعد ذلك وقَّعت كل من بريطانيا وروسيا وهولندا معاهدات مماثلة مع اليابان. انظر: بيري.
وقعت معاهدات تجارية أوسع مع الولايات المتحدة عام 1858م، وفي العام نفسه أيضًا وقعت معاهدات تجارية مماثلة مع هولندا وروسيا وفرنسا، وبريطانيا. واعتبرت المعارضة اليابانية هذه المعاهدات غير عادلة بالنسبة لليابان. لذلك عمل حكام المقاطعات الغربية من اليابان على إجبار الحاكم شوغن على الاستقالة، وأعيدت السلطة في اليابان منذ ذلك التاريخ (1867م) إلى الإمبراطور. وأصبح موتسوهيتو إمبراطورًا لليابان في 3 يناير 1868م.
العهد الميجي. نُقلت العاصمة اليابانية عام 1868م من كيوتو إلى إيدو التي سميت فيما بعد طوكيو (العاصمة الحالية). عُرفت الفترة التي حكم خلالها الإمبراطور موتسوهيتو (1867- 1912م) بالعهد الميجي. خلال هذا العهد، تطورت اليابان لتصبح قوة صناعية حديثة وقوة عسكرية، وأصبح الإمبراطور رمزًا للعهد الجديد. فأصدر الميثاق الإمبراطوري، الذي يضمن نية الحكومة بتحديث اليابان، والتوجه للدول الغربية للحصول على التقنية والأفكار الحديثة. فشيَّدت آلاف المدارس وحلَّت قوات الساموراي، واستبدلت بها جيشًا وأسطولاً حديثين. وأنشأت شبكة برق، وبدأت ببناء السكك الحديدية وأرست نظامين حديثين للمصارف المالية والضرائب.
كما شجعت الحكومة التصنيع، فأنشأت عددًا من المشروعات الصناعية التجريبية لتكون نماذج تحتذى للصناعة في اليابان. وتمت الاستعانة بالخبراء الأوروبيين والأمريكيين؛ لتدريب اليابانيين على استخدام تطوير التقنية الحديثة.
وفي عام 1882م، أُرسل هيروبومي إيتو أحد قادة العهد الميجي إلى أوروبا لدراسة أنظمة الحكم الدستورية. وفي عام 1889م، صدر أول دستور ياباني، أصبح بموجبه الإمبراطور رأس الدولة والقائد الأعلى للجيش والبحرية. كما عين جميع الوزراء المهمين المسؤولين أمامه. كما تضمن الدستور إنشاء مجلس نيابي (دايت) مكون من مجلس للنواب ومجلس للشيوخ.
العهد الاستعماري. نجحت اليابان خلال العقد الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي في تعديل الاتفاقيات غير العادلة مع الدول الغربية. وبدأت في الوقت نفسه سياسة اليابان التوسعية الاستعمارية، فأرادت أن تسيطر على الصناعة والتجارة الكورية، وأرادت زيادة نفوذها في الصين. ففي يوليو 1894م شنت اليابان حربًا على الصين لانتزاع كوريا منها، ونجحت في ذلك.
وبموجب معاهدة شيمونوسيكي التي وقعت في 17 أبريل عام 1895م حصلت اليابان من الصين على كل من تايوان وشبه جزيرة لايودونج والجزء الجنوبي من منشوريا. إلا أن فرنسا وألمانيا وروسيا أُجبرت اليابان بعد أسابيع قليلة على إعادة لايودونج للصين. كما ضمنت معاهدة شيمونوسيكي استقلال كوريا عن الصين، مما يتركها مفتوحة للنفوذ الياباني.
ومع نهاية القرن التاسع عشر، استفحل الخلاف بين اليابان وروسيا لتعارض مصالحهما في كوريا ومنشوريا، وتحالفت بريطانيا مع اليابان عام 1902م. وفي عام 1904م، هاجمت اليابان الأسطول الروسي دونما إنذار، وأعلنت الحرب على روسيا وكسبت نصرًا سريعًا في البحر والبر، إلا أنها كانت حربًا مكلفة للفريقين. توسط الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت، وأقنع الطرفين بتوقيع معاهدة بورتسماوث بينهما في مدينة بورتسماوث بنيوهامبشاير الأمريكية عام 1905م.
أعطت الاتفاقية اليابان شبه جزيرة لايودونج التي سبق أن استأجرتها روسيا من الصين. كما اعترفت روسيا بهيمنة اليابان على كوريا، وحصلت اليابان أيضًا على النصف الجنوبي من جزيرة سخالين، وأخذت أيضًا الحق في مد خط سكة حديدية في جنوب منشوريا. وفي عام 1910م، ضمت اليابان كوريا مستعمرة لها.
اندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914م.، ولكون اليابان حليفة بريطانيا، فقد أعلنت اليابان الحرب على ألمانيا، وقد أعطتها الحرب فرصة لتوسيع الإمبراطورية اليابانية، فاحتلت اليابان المواقع الألمانية في آسيا كشبه جزيرة شاندونج الصينية والجزر الألمانية في المحيط الهادئ.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى اهتمت اليابان بتنمية تجارتها بدلاً من توسيع إمبراطوريتها، وأصبحت عضوًا في عصبة الأمم عام 1920م.
ظهور العسكرية. في العشرينيات من القرن العشرين كان زعيم الأغلبية في البرلمان الياباني يُختار رئيسًا للوزراء.
وفي الأول من سبتمبر عام 1923م، ضربت هزة أرضية مدمرة منطقة طوكيو ـ يوكوهاما مسببة حرائق وأمواجًا مدية شديدة، نتج عنها مقتل 143,000 نسمة من سكان اليابان. كما أن الأزمة الاقتصادية العالمية قد أثرت بدورها سلبيًا على الاقتصاد الياباني. وفي الوقت نفسه، أخذت الصين تعزز إدارتها لمنشوريا، مما أثار مخاوف اليابان على امتيازاتها في منشوريا. لم يكن باستطاعة الإدارة السياسية اليابانية معالجة الأمر، مما دفع بالعسكريين إلى أخذ ذلك على مسؤوليتهم.
ففي عام 1931م، احتلت الجيوش اليابانية منشوريا وأقامت فيها حكومة تابعة لها، ومد اليابانيون نفوذهم إلى منغوليا الداخلية وأجزاء أخرى من الصين. وفي 15 مايو 1932م، اغتال الوطنيون اليابانيون رئيس وزرائهم تسيوشي أينوكاي.
نددت عصبة الأمم بالإجراءات اليابانية في منشوريا، لذا انسحبت اليابان من عصبة الأمم عام 1933م. فشل انقلاب عسكري ياباني عام 1936م كان يهدف إلى إيجاد حكومة أكثر وطنية، إلا أن ثلاثة من القادة المدنيين قتلوا أثناء الانقلاب، مما عزز من قوة العسكريين في الحكم.
وفي عام 1937م، وقع اشتباك بين قوات صينية وأخرى يابانية على جسر ماركو بولو قرب بكين، فوقعت حرب بين الصين واليابان. ومع نهاية عام 1938م، كان معظم شرقي الصين تحت سيطرة اليابان. وأخذت طموحات اليابان في تأسيس إمبراطورية عظمى تتبلور أكثر فأكثر، فوقعت اليابان معاهدة ضد الشيوعية مع ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية.
الحرب العالمية الثانية. بدأت الحرب العالمية الثانية في أوروبا عام 1939م، وفي سبتمبر 1940م، احتلت اليابان الأجزاء الشمالية من الهند الصينية التابعة لفرنسا. وفي الشهر نفسه، وقعت اليابان اتفاقًا مع ألمانيا وإيطاليا لتعزيز التحالف فيما بينها. أثار التوسع الياباني قلق الولايات المتحدة. ففي يوليو 1941م، احتلت اليابان بقية الهند الصينية، مما جعل الولايات المتحدة توقف صادراتها إلى اليابان. وفي خريف 1941م، أصبح الجنرال هيديكي توجو رئيسًا لوزراء اليابان، وبدأ العسكريون في اليابان يخططون لحرب مع الولايات المتحدة.
ففي 7 ديسمبر 1941م، ضرب اليابانيون الأسطول الأمريكي في قاعدته في بيرل هاربر في هاواي. بالإضافة لذلك ضرب اليابانيون القواعد الأمريكية في الفلبين وغيرها من جزر المحيط الهادئ. وبذلك حقق اليابانيون نصرًا مذهلاً وسريعًا في جنوب شرقي آسيا وجنوب المحيط الهادئ.
وفي عام 1942م، كانت اليابان في قمة قوتها. وفي مايو 1942م، مني الأسطول الياباني بأول نكسة له في معركة مع الأسطول الأمريكي في بحر الكورال، إذ لم يستطع أي من الأسطولين تحقيق نصر حاسم. وفي الشهر التالي، خسر الأسطول الياباني في معركة ميدواي. وأخذت اليابان تتراجع فسقطت حكومة الجنرال توجو في 18 يوليو 1944م.
وفي مطلع عام 1945م، بدأ اليابانيون يدافعون عن وطنهم، فضربت الطائرات الأمريكية المصانع اليابانية، وقصفت السفن الأمريكية المدن الساحلية وقطعت الغواصات الأمريكية الإمدادات الحيوية عن اليابان. وفي الثامن من أغسطس، ضربت الولايات المتحدة مدينة هيروشيما بالقنبلة الذرية، وبعد ذلك بيومين أعلن الاتحاد السوفييتي الحرب على اليابان وغزا منشوريا وكوريا. وفي التاسع من أغسطس، ضرب الأمريكيون مدينة ناجازاكي بقنبلة ذرية أخرى.
وفي 14 أغسطس، قررت اليابان الاستسلام. وفي الثاني من سبتمبر 1945م، استسلم اليابانيون رسميًا على ظهر البارجة الأمريكية ميسوري في خليج طوكيو.
خسرت بذلك اليابان كل الأراضي التي استولت عليها في البر الآسيوي، وكذلك الجزر التي كانت قد احتلتها في المحيط الهادئ. ولم يبق لها سوى جزرها الأربع الرئيسية وبعض الجزر الصغيرة المجاورة. كما خسرت ملايين الضحايا من سكانها، ودمرت معظم مدنها من القصف الجوي وتمزق اقتصادها.
احتلال الحلفاء العسكري لليابان. بدأ مع نهاية أغسطس عام 1945م، وقد تمثلت أهداف الاحتلال بإنهاء العسكرية اليابانية وإنشاء حكومة ديمقراطية. وكانت جميع قوات الاحتلال أمريكية تقريبًا. وقد قام الجنرال الأمريكي دوجلاس ماك آرثر ـ بوصفه قائدًا أعلى للحلفاء ـ بإدارة اليابان أثناء فترة الاحتلال.
عمل الاحتلال على نزع سلاح خمسة ملايين من العسكريين اليابانيين وتسريحهم من الخدمة العسكرية. وحاكم الحلفاء 25 شخصًا من قادة اليابان بجرائم الحرب، وقد أعدم سبعة منهم من بينهم رئيس الوزراء الأسبق توجو وحكم على البقية بالسجن. كما اعتبر 200,000 ياباني غير مؤهلين لأي منصب سياسي في المستقبل لمؤازرتهم للعسكريين والوطنيين أثناء الحرب.
وفي عام 1946م، وضع الجنرال ماك آرثر ومستشاروه مسودة دستور لليابان، سرعان ما قبلته السلطات اليابانية، وقد وضع موضع التنفيذ في الثالث من مايو 1947م. وقد نقل الدستور جميع السلطات السياسية من الإمبراطور إلى الشعب. كما ألغى الدستور الجيش والبحرية اليابانية، وأكد على أن اليابان ستتخلى عن استعمال الحرب سلاحًا سياسيًا.
كما وُضعت الإصلاحات الاقتصادية أثناء الاحتلال، فطُبِّق الإصلاح الزراعي على نطاق واسع ليمكن المزارعين اليابانيين من تملك الأراضي التي يزرعونها، وتم تأسيس اتحاد للعمال.
وفي عام 1949م، أعلن الجنرال ماك آرثر أن الأهداف الأساسية للاحتلال قد تحققت، وبدأ يخفف من القيود عن الشعب الياباني. وفي الثامن من سبتمبر 1951م، وقعت اليابان معاهدة سلام مع 48 دولة في مدينة سان فرانسيسكو. وفي اليوم نفسه، وُقِّعت معاهدة أمنية بين اليابان والولايات المتحدة، سمح بموجبها للولايات المتحدة بالاحتفاظ بقواعد وجنود لها في اليابان. وُضعت اتفاقية سان فرانسيسكو موضع التنفيذ في 28 أبريل 1952م، وانتهى في اليوم ذاته رسميًا احتلال الحلفاء لليابان.
فشلت اليابان في الانضمام للأمم المتحدة عام 1952م وذلك لمعارضة الاتحاد السوفييتي الذي وقعت معه اليابان معاهدة لإنهاء حالة الحرب في نهاية العام نفسه، وانضمت بعد ذلك للأمم المتحدة.
الازدهار الاقتصادي بعد الحرب. حقق الاقتصاد الياباني تقدمًا كبيرًا بعد الحرب العالمية الثانية، فمع منتصف الخمسينيات، عاد الإنتاج الصناعي إلى مستواه قبيل الحرب، وأثناء الفترة من 1960 إلى1970م، كان الإنتاج الاقتصادي ينمو بمعدل 10% سنويًا.
ويعود الفضل في هذا النجاح السريع إلى عدة أسباب منها: استيراد اليابان للتقنية الغربية بأسعار رخيصة نسبيًا، والاستثمار الكبير في الآلات والمعدات، وتركيز اليابانيين على إنتاج سلع للسوق العالمية، وتمتع اليابان بقوى عاملة مدربة بشكل جيد، وتعمل بجدية متناهية. علاوة على ذلك، فقد نمت التجارة الدولية بشكل متسارع بعد الحرب مما مكن اليابان من استيراد الخامات التي تحتاجها، وتصدير السلع الصناعية المتنوعة. كما ارتفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي للسكان بعد الحرب، فزاد استهلاكهم من الأجهزة الكهربائية.
وتزوج ولي عهد اليابان الأمير أكيهيتو عام 1959م من مشيكو شودا ابنة أحد أغنياء الصناعة اليابانية مخالفًا بذلك التقاليد. وفي عام 1971م، زار الإمبراطور هيروهيتو والإمبراطورة ناجاكو أوروبا الغربية، وهي المرة الأولى التي يسافر فيها الإمبراطور خارج اليابان.
وفي عام 1955م، تأسس الحزب الديمقراطي الليبرالي المحافظ الذي حكم اليابان منذ ذلك الوقت. وهو ائتلاف مكون من عدة مجموعات سياسية يابانية. واجهت اليابان أول أزمة سياسية يابانية بعد الحرب في عام 1960م، بعد أن وقعت اتفاقية التعاون والأمن المتبادلة مع الولايات المتحدة الأمريكية، فبقيت بموجبها القواعد الأمريكية في اليابان، مما أغضب الكثير من اليابانيين فاندلع الشغب. وفي عام 1970م، جُددت المعاهدة لكن بمعارضة أقل.
أعادت الولايات المتحدة لليابان جزر بونين وأيوو جيما عام 1968م. وكانت الولايات المتحدة قد أعادت لليابان الجزء الشمالي من جزر ريوكيو عام 1953م وأعادت بقيتها عام 1972م. ومازالت روسيا تدعي ملكية جزر الكوريل وتحتلها.
اليابان اليوم. تتمتع اليابان بأعلى معدل نمو اقتصادي بين الدول الصناعية الرئيسية في العالم. وقد لفت النجاح الاقتصادي الياباني أنظار العالم إليه. فخلال ما يزيد على قرن من الزمن، واليابان تتعلم من الغرب الأفكار والتكنولوجيا. وفي الثمانينيات من القرن العشرين، أصبحت الدول الأوروبية تطمح في أن تتعلم من اليابان لتحسين اقتصادياتها.
وبالرغم من النجاح الاقتصادي، إلا أن اليابان تعاني من بعض المشكلات منها: النقص الكبير بالمساكن، وتلوث البيئة الحضرية. كما يضغط الحلفاء الغربيون على اليابان لتزيد من إنفاقها العسكري، ولتؤدي دورًا أكبر في الترتيبات الأمنية في المنطقة.
يستند الازدهار الاقتصادي لليابان على تصدير السلع المصنعة مقابل استيراد الخامات. ومنذ مطلع الثمانينيات من القرن العشرين، وشركاء اليابان ينتقدون سياستها التجارية، لما تلحقه من أضرار باقتصادياتهم. ولتحسين علاقاتها التجارية بهم، وافقت اليابان عام 1981م على الحد من صادراتها من السيارات لكل من كندا، والولايات المتحدة وألمانيا، وخفضت من بعض قيودها على الواردات. وفي سبتمبر 1992م، أرسلت اليابان وحدات من قواتها لتنضم لبعثة الأمم المتحدة التي عملت على حفظ السلام في كمبوديا.
توفي الإمبراطور هيروهيتو في يناير 1989م وقد استمر في السلطة منذ 1926م، وخلفه ابنه الإمبراطور أكيهيتو إمبراطورًا جديدًا لليابان.
استقال رئيس الوزراء موريهيرو هوسوكاوا في أبريل 1994م، بعد اتهامه بسوء استخدام الأموال العامة. وكان هوسوكاوا قد أمضى أقل من عام واحد في منصبه. واستمر خلفه تستومي هاتا في رئاسة الوزارة حتى شهر يونيو من نفس العام، ثم شكلت حكومة اتئلافية جديدة برئاسة توميتشي ميوراياما، وهو أول رئيس وزراء اشتراكي باليابان منذ عام 1948م. استقال ميوراياما في يناير 1996م، وخلفه ريوتارو هاشموتو من الحزب الليبرالي الديمقراطي. وفي يناير 1995م ضرب زلزال قوي منطقة كوبي أدى إلى وفاة أكثر من 5000 شخص وألحق أضرارًا مادية جسيمة بالممتلكات.
أعادت الأحزاب المعارضة تنظيم نشاطها عام 1998م، إئتلف اثنان من أكبر أحزاب المعارضة وهما الحزب الديمقراطي والحزب الليبرالي. وفي العام نفسه بدأت اليابان برنامجاً مدته ثلاث سنوات للإصلاح المالي، ويهدف البرنامج إلى تقليل القيود الحكومية على الاستثمارات المالية.
أسئلة
- كيف تغيرت حياة الأسرة في اليابان منذ الحرب العالمية الثانية؟
- لماذا تتعرض اليابان سنويًا للعديد من الهزات الأرضية؟
- كيف يعتمد الاقتصاد الياباني على التجارة الخارجية؟
- من هم البراكومن أو الإيتا؟ ولماذا أصبحوا ضحية التمييز؟
- ما الأهداف الرئيسية لاحتلال الحلفاء لليابان؟
- كيف تؤثر الرياح الموسمية على مناخ اليابان؟
- كيف غير دستور عام 1947م حكومة اليابان؟
- كم نسبة الأراضي اليابانية الصالحة للزراعة؟ كيف يجعل المزارعون اليابانيون أراضيهم أوفر إنتاجًا؟
- لماذا قطع جنرالات طوكيوجاوا روابطهم مع العالم الخارجي؟ كيف حدد حكام طوكيوجاوا التجارة؟
- ما الأسباب التي ساعدت على استعادة الاقتصاد الياباني قوته بعد الحرب العالمية الثانية؟