أكثر المحاصيل الغذائية أهمية في العالم. وتعتمد مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم على الأغذية التي تصنع من حبوب نبات القمح. ويتم طحن هذه الحبوب فتصبح دقيقاً يدخل في عمل البسكويت والخبز، والكعك، والشباتي، والبسكويت الرقيق، والمعكرونة، والإسباجتي، وأطعمة أخرى.
والقمح يتبع الفصيلة النجيلية، فهو ينتمي إلى مجموعة الغلال أو حبوب الغلال. وتضم هذه المجموعة أيضاً الغلال الأخرى المهمة مثل: الأرز والذرة الشامية والشعير والذرة الرفيعة والشوفان والدخن والتريتيكيل والجاودار (الراي).
ويغطي القمح ـ في أجزاء من سطح الكرة الأرضية ـ أكبر مساحة من أي محصول غذائي آخر. والدول الرئيسية المنتجة للقمح في العالم هي: كندا والصين وفرنسا والهند وروسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة. ويبلغ الإنتاج العالمي للقمح حوالي 735 مليون طن متري في العام. وهذه الكمية يمكن أن تملأ قطار بضائع يمتد حول العالم مرتين ونصف تقريبًا.
جمع الناس القمح البري قبل بداية الزراعة بزمن طويل. ويعتقد العلماء أنه منذ حوالي 11,000 عام مضت، اتخذ الناس في الشرق الأوسط أولى الخطوات تجاه الزراعة، وكان القمح واحدًا من أوائل النباتات التي زرعوها.
وبمضي الوقت أنتج المزارعون من الحبوب أكثر مما احتاجوه لطعامهم؛ ونتيجة لذلك لم يعد كثير من الناس في حاجة لأن ينتجوا غذاءهم، فانطلقوا لإتقان مهارات أخرى نافعة.
وقد أدّت هذه التغيرات إلى بناء المدن المتوسطة والكبيرة، و اتساع التجارة، وتطوّر الحضارات العظمى في مصر القديمة والهند وبلاد ما بين النهرين.
وربما كان المزارعون الأوائل ينتقون الحبوب من أفضل نباتات القمح عندهم لاستخدامها تقاويَ لزراعة المحصول التالي. وبهذه الطريقة نقلت صفات معينة ومرغوب فيها من القمح على مدى عصور زراعته. وقد ترتب على مثل هذه الممارسات حدوث تطوّر تدريجي في تحسين سلالات وأنواع القمح.
وخلال القرن العشرين استنبط العلماء أصنافاً جديدة من القمح، تنتج كميات كبيرة من الحبوب تستطيع مقاومة البرودة والأمراض والحشرات وغيرها من العوامل الأخرى التي تهدد محصول القمح، ونتيجة لذلك ارتفع إنتاج القمح بدرجة كبيرة.
استعمالات القمح
غذاء للناس. يعد القمح أكثر الأغذية أهمية لما يزيد على ثلث سكان العالم نظراً لأنه يدخل في عمل معظم الوجبات بصورة أو بأخرى، إذ يؤكل القمح بدرجة رئيسية في الخبز والأطعمة الأخرى التي تُحضَّر من دقيق القمح. كما أنّ الناس يأكلون القمح أيضًا في المعكرونة والإسباجتي، والصور الأخرى من دقيق المعكرونة وفي حبوب وجبات الإفطار.
دقيق القمح ممتاز في الخبز لأنه يحتوي على مادة بروتينية تسمى الجلوتين تجعل
العجين مرنًا، مما يسمح للعجين المحتوي على الخميرة بالانتفاخ. وتستخدم نسبة كبيرة
من دقيق القمح الذي يطحن في الدول الصناعية بوساطة المخابز التجارية لإنتاج الخبز
والفطائر والكعك والشباتي والقطايف والقرصان والأصناف الأخرى، بالإضافة إلى أن دقيق
القمح والمعجنات المحتوية عليه تباع أيضاً لاستخدامها في المنازل.
ولإنتاج دقيق القمح يقوم أصحاب المطاحن بطحن حبوب القمح إلى مسحوق ناعم. وحبوب القمح غنية بالمواد الغذائية التي تشمل البروتين والنشا وفيتامين هـ، وفيتامينات ب، والنياسين والريبوفلافين والثيامين، كما أن الحبوب تحتوي أيضًا على معادن أساسية مثل الحديد والفوسفور.
يُصنع دقيق القمح الكامل من كلّ الحبة، ولهذا فإنه يحتوي على المواد الغذائية الموجودة في كل أجزائها. ولإنتاج دقيق أبيض، يقوم أصحاب المطاحن بطحن الجزء الرخو الأبيض الداخلي من الحبوب فقط الذي يطلق عليه السويداء (الإندوسبيرم) وهو الذي يحتوي على الجلوتين وجميع النشا تقريبًا الموجود في الحبَّة. والدقيق الأبيض يفتقر إلى الفيتامينات والمعادن التي توجد في النخالة؛ أي الغلاف القوي الذي يكسو الحبة والجرثومة أو الجنين (مرحلة ما قبل التطور). وفي الولايات المتحدة، وكندا وعدد من الدول الأخرى يضيف الطحّانون والخبّازون فيتامينات ب والحديد إلى معظم الدقيق الأبيض لرفع قيمته الغذائية، ويسمى الدقيق المدعم. انظر: الدقيق.
ولإنتاج دقيق القمح يقوم أصحاب المطاحن بطحن حبوب القمح إلى مسحوق ناعم. وحبوب القمح غنية بالمواد الغذائية التي تشمل البروتين والنشا وفيتامين هـ، وفيتامينات ب، والنياسين والريبوفلافين والثيامين، كما أن الحبوب تحتوي أيضًا على معادن أساسية مثل الحديد والفوسفور.
يُصنع دقيق القمح الكامل من كلّ الحبة، ولهذا فإنه يحتوي على المواد الغذائية الموجودة في كل أجزائها. ولإنتاج دقيق أبيض، يقوم أصحاب المطاحن بطحن الجزء الرخو الأبيض الداخلي من الحبوب فقط الذي يطلق عليه السويداء (الإندوسبيرم) وهو الذي يحتوي على الجلوتين وجميع النشا تقريبًا الموجود في الحبَّة. والدقيق الأبيض يفتقر إلى الفيتامينات والمعادن التي توجد في النخالة؛ أي الغلاف القوي الذي يكسو الحبة والجرثومة أو الجنين (مرحلة ما قبل التطور). وفي الولايات المتحدة، وكندا وعدد من الدول الأخرى يضيف الطحّانون والخبّازون فيتامينات ب والحديد إلى معظم الدقيق الأبيض لرفع قيمته الغذائية، ويسمى الدقيق المدعم. انظر: الدقيق.
الباستا. يعد القمح المكوّن الرئيسي في المعكرونة، والإسباجتي، والأشكال الأخرى
من الباستا. وتصنع معظم الباسْتا من السِّيمولينا، وهي حبوب قمح المعكرونة خشنة
الطحن. ويُضيف صُنّاع منتجات الباستا ماء ومكونات أخرى إلى السيمولينا لتكوين قوام
عَجيني سميك أو عجينة، ثم يضغطون هذه العجينة بقوّة خلال آلات تُشَكِّلها إلى
معكرونة، وشعرية، وإسباجتي، وأشكال أخرى.
أغذية الإفطار. تُصنع كثير من أغذية الإفطار من القمح. وحبوب الإفطار الجاهزة التي تحتوي قمحًا تشمل: رقائق النخالة والقمح المنفوخ والبسكويت ورقائق القمح. أما حبوب الإفطار المطبوخة التي تُصنع من القمح فتشمل: كسرات القمح، والحبوب المملتة (حبوب منبتة بالنقع في الماء) والقمح الملفوف، وجريش القمح الكامل.
علف للماشية. تستخدم بعض أجنة القمح والردة التي تُنتج بعد طحن الدقيق الأبيض في أعلاف الدواجن والماشية، كما تقدم حبوب القمح علفاً لحيوانات المزارع عندما تكون التغذية به اقتصادية.
أغذية الإفطار. تُصنع كثير من أغذية الإفطار من القمح. وحبوب الإفطار الجاهزة التي تحتوي قمحًا تشمل: رقائق النخالة والقمح المنفوخ والبسكويت ورقائق القمح. أما حبوب الإفطار المطبوخة التي تُصنع من القمح فتشمل: كسرات القمح، والحبوب المملتة (حبوب منبتة بالنقع في الماء) والقمح الملفوف، وجريش القمح الكامل.
علف للماشية. تستخدم بعض أجنة القمح والردة التي تُنتج بعد طحن الدقيق الأبيض في أعلاف الدواجن والماشية، كما تقدم حبوب القمح علفاً لحيوانات المزارع عندما تكون التغذية به اقتصادية.
استعمالات أخرى. يُعد القمح كذلك مصدرًا لمواد معينة
تستعمل لتحسين القيمة الغذائية، أو طعم الأغذية، إذ تُضاف أجنة القمح الغنية
بالفيتامينات، وزيت بذرة القمح إلى بعض حبوب الإفطار، وأنواع الخبز المميزة،
والأغذية الأخرى. كما يستخدم حمض الجلوتاميك الذي يتحصل عليه من القمح، في عمل
جلوتامات أحادية الصوديوم، وهو ملح ذو نكهة خفيفة جذابة، إلا أنه يُظهر نكهة
الأغذية الأخرى. انظر: الجلوتامات أحادية
الصوديوم.
تجفف سيقان نباتات القمح لعمل قشّ يمكن أن يجدل إلى سلال وقبعات، وتصنع منه ألواح للصناديق أو يستعمل سمادًا. وفي الصناعة تستخدم الأغلفة الخارجية لحبوب القمح في تلميع المعدن والزجاج. كما تصنع المواد اللاصقة التي تستخدم في لصق طبقات الخشب الرقائقي (الأبلكاش) من نشا القمح كما يستعمل الكحول الذي ينتج من القمح وقودًا وفي تصنيع مطاط صناعي ومنتجات أخرى.
التركيب. تتكون الأجزاء الرئيسية لنبات القمح الكامل النمو من الجذور والساق والأوراق والقمة (النورة السنبلة). وللقمح نوعان من الجذور، ابتدائية وثانوية. تنمو من ثلاثة إلى خمسة جذور ابتدائية تمتد حوالي3,5 إلى 7,5سم تحت سطح التربة، وتعيش هذه الجذور عادة لمدة ستة إلى ثمانية أسابيع فقط. وعندما يبدأ الساق في النمو خارجًا من التربة، فإن الجذور الثانوية تتكون تحت السطح مباشرة، وهي أكثر سمكاً ومتانة من الجذور الابتدائية، وتثبِّت النبات بإحكام في التربة. ويقع معظم المجموع الجذري في الطبقة العليا من التربة لعمق 38 -50سم. وإذا كانت التربة خفيفة، فقد ينتشر المجموع الجذري لعمق يبلغ 210سم.
تجفف سيقان نباتات القمح لعمل قشّ يمكن أن يجدل إلى سلال وقبعات، وتصنع منه ألواح للصناديق أو يستعمل سمادًا. وفي الصناعة تستخدم الأغلفة الخارجية لحبوب القمح في تلميع المعدن والزجاج. كما تصنع المواد اللاصقة التي تستخدم في لصق طبقات الخشب الرقائقي (الأبلكاش) من نشا القمح كما يستعمل الكحول الذي ينتج من القمح وقودًا وفي تصنيع مطاط صناعي ومنتجات أخرى.
نبات القمح
تتميز نباتات القمح الصغيرة بلونها الأخضر الزاهي، وتبدو مثل النجيل، ويتراوح طول النبات من 0,6-1,5م. وهي تتحول إلى لون بني مائل إلى الاصفرار عندما تنضج.
التركيب. تتكون الأجزاء الرئيسية لنبات القمح الكامل النمو من الجذور والساق والأوراق والقمة (النورة السنبلة). وللقمح نوعان من الجذور، ابتدائية وثانوية. تنمو من ثلاثة إلى خمسة جذور ابتدائية تمتد حوالي3,5 إلى 7,5سم تحت سطح التربة، وتعيش هذه الجذور عادة لمدة ستة إلى ثمانية أسابيع فقط. وعندما يبدأ الساق في النمو خارجًا من التربة، فإن الجذور الثانوية تتكون تحت السطح مباشرة، وهي أكثر سمكاً ومتانة من الجذور الابتدائية، وتثبِّت النبات بإحكام في التربة. ويقع معظم المجموع الجذري في الطبقة العليا من التربة لعمق 38 -50سم. وإذا كانت التربة خفيفة، فقد ينتشر المجموع الجذري لعمق يبلغ 210سم.
ومعظم نباتات القمح لها ساق رئيسية وعدّة سيقان فرعية تسمّى خلْفَات (أشطاء أو
ساق طارئة تنشأ في ساق الزرع)، ولكلّ ورقة في نبات القمح غمد ونصل. يلتفّ الغمد حول
الساق أو الخلْفَة، أما النصل الطويل المسطّح الرفيع فيمتد من قمّة الغمد. ويقع كل
نصل على الجانب المقابل من السّاق الذي يوجد به النصل الذي تحته مباشرة.
تسمى قمة نبات القمح السنبلة، وتتكون في أعلى كل ساق رئيسية وخَلْفة. وتتركب السنبلة من ساق متعددة المفاصل وتحمل مجاميع من الأزهار، تسمى السنيبلات، تتفرّع عند كل مفصل، وتحتوي كل سنيبلة أولية على حبة قمح مغلّفة في قشرة. ولكثير من أنواع القمح شعر خشن صلب يسمى الحسك أو السفا يمتد من السنبلات. وتحمل سنبلة القمح النّموذجية من 30 إلى 50 حبة.
يبلغ طول حبة القمح عادة من 3 إلى 9ملم، ولها ثلاثة أجزاء رئيسية هي: النّخالة، والسويداء، والجنين. فالنخالة أو غطاء البذرة تُغطي سطح الحبّة وتتكوّن من عدّة طبقات، وتُشكل ما يبلغ حوالي 14% من الحبَّة. وفي داخل النّخالة توجد السويداء والجنين. وتُشَكّل السويداء الجزء الأكبر من الحبة، أي حوالي 83%. أما الجنين، فيكوّن 3% فقط من الحبة، وهو جزء البذرة الذي ينمو إلى نبات جديد بعد زراعتها.
النمو والتكاثر. تبدأ حبة القمح في امتصاص الرطوبة والانتفاخ بعد فترة قصيرة من زراعتها. وتظهر الجذور الأوّلية، ثم تبدأ الساق في النمو تجاه سطح التربة. وبعد أسبوع إلى أسبوعين، يظهر النبات الصغير فوق الأرض، وفي أقل من شهر، تظهر الأوراق والخلفة كما تبدأ الجذور الثّانوية في النّمو.
تسمى قمة نبات القمح السنبلة، وتتكون في أعلى كل ساق رئيسية وخَلْفة. وتتركب السنبلة من ساق متعددة المفاصل وتحمل مجاميع من الأزهار، تسمى السنيبلات، تتفرّع عند كل مفصل، وتحتوي كل سنيبلة أولية على حبة قمح مغلّفة في قشرة. ولكثير من أنواع القمح شعر خشن صلب يسمى الحسك أو السفا يمتد من السنبلات. وتحمل سنبلة القمح النّموذجية من 30 إلى 50 حبة.
يبلغ طول حبة القمح عادة من 3 إلى 9ملم، ولها ثلاثة أجزاء رئيسية هي: النّخالة، والسويداء، والجنين. فالنخالة أو غطاء البذرة تُغطي سطح الحبّة وتتكوّن من عدّة طبقات، وتُشكل ما يبلغ حوالي 14% من الحبَّة. وفي داخل النّخالة توجد السويداء والجنين. وتُشَكّل السويداء الجزء الأكبر من الحبة، أي حوالي 83%. أما الجنين، فيكوّن 3% فقط من الحبة، وهو جزء البذرة الذي ينمو إلى نبات جديد بعد زراعتها.
النمو والتكاثر. تبدأ حبة القمح في امتصاص الرطوبة والانتفاخ بعد فترة قصيرة من زراعتها. وتظهر الجذور الأوّلية، ثم تبدأ الساق في النمو تجاه سطح التربة. وبعد أسبوع إلى أسبوعين، يظهر النبات الصغير فوق الأرض، وفي أقل من شهر، تظهر الأوراق والخلفة كما تبدأ الجذور الثّانوية في النّمو.
وفي الربيع، عندما يكون الجو مناسبًا، تمتد السيقان، من أغمدة الأوراق، ثم تظهر
القمم على الخلفة بعد ذلك بقليل. وبعد بضعة أيام من بزوغ السنبلة من الغمد، تلقح
الأزهار ثم تتحول إلى حبات قمح. وتلقح كل زهرة قمح نفسها عادة، وأحيانًا تحمل
الرياح حبوب اللقاح من زهرة وتلقح زهرة أخرى.
يصبح القمح تام النضج بعد حوالي 30-60 يومًا من الإزهار تبعًا للظروف الجوية. وخلال فترة النضج تزداد الحبوب في الحجم وتتصلب تدريجياً إلى أن يصبح النبات كلّه جافًا ويتحول لونه إلى بني مائل للاصفرار. وقد يكون لون الحبوب الناضجة أبيض، أو أحمر، أو أصفر، أو أزرق، أو بنفسجياً، تبعًا لصنف القمح.
يزرع القمح الشتوي في الخريف ويحصد في الربيع أو الصيف التالي، حيث يبلغ مرحلة تكوين الخلفة ثم يتوقف عن النمو نظرًا لحلول الجو البارد، ثم تستعيد النباتات نموها عندما يعود الجو الدافئ في الربيع. ويحتاج إزهار القمح الشتوي إلى مثل هذه الفترة من الجو البارد، ذي الأيام القصيرة، والليالي الطويلة. وإذا زرع القمح الشتوي في الربيع، فإنه عادة لا يعطي محصولاً.
ويزرع القمح الربيعي في المناطق ذات الأجواء شديدة البرودة، ويزرع في الربيع، ويصبح كامل النضج في صيف العام نفسه.
أنواع القمح. ميز العلماء حوالي 30 نوعًا من القمح بناءً على الاختلافات في السِّمات المميزة مثل الشكل، وأنماط النمو. ومن بين هذه الأنواع، ثلاثة فقط ذات أهمية تجارية في معظم الدول، وهي القمح العادي والقمح الصولجاني والقمح القاسي (قمح المعكرونة). وبالإضافة إلى ذلك فإن بعض العلماء يعتبرون القمح الصولجاني من القمح العادي وليس نوعًا منفصلاً. كما أن العلماء يختلفون أيضًا حول تصنيف أنواع أخرى.
القمح العادي. يسمى قمح الخبز، وهو أكثر أنواع القمح انتشار ًا في العالم. وقد تكون حبوبه حمراء، أو كهرمانيّة (بنِية مائلة إلى الاصفرار)، أو بيضاء، أو بنفسجية، أو زرقاء اللّون. وتختلف في قوامها من صلدٍ إلى رخو. ويشمل القمح العادي القمح الشتوي والرّبيعي، ويُزرع في معظم مناطق إنتاج القمح الرئيسية في العالم.
القمح الصولجاني وثيق الصلة بالقمح العادي، وحبوبه بيضاء أو حمراء، ورخوة القوام عادة، كما أنه قد يكون من النوع الشتوي أو الربيعي.
القمح القاسي (الصلد) حباته صلدة ذات لون أبيض أو أحمر أو كهرماني أو بنفسجي. وطحينه متماسك عندما يُعجن، ولهذا السبب يُستعمل القمح القاسي في منتجات دقيق الباستا.
أصناف القمح. يُقسَّم كل نوع من أنواع القمح إلى عدة أصناف تختلف في خصائصها، ويُحدد ذلك إنتاجه وموسم نموه،ومحتوى بروتينه، وقدرته على مقاومة البرد والجفاف والمرض والآفات الحشرية.
لقد أُنتج ما يزيد على 40,000 صنف من القمح في العالم، ويقوم العلماء بالبحث عن أصناف جديدة تتوفر فيها معظم الصفات المرغوبة. كما يقوم العلماء في المختبرات وفي محطات التجارب الزراعية وشركات البذور والجامعات، باستيلاد أصناف جديدة بطريقة يطلق عليها التهجين، وفيها تستعمل حبوب اللّقاح من أحد الأصناف لإخصاب نباتات صنف آخر. ويشكل الناتج صنفًا جديدًا له بعض خصائص كلا الأبوين. وتتم زراعة البذور الجديدة النّاتجة من الهجين لعدة أجيال، وذلك لزيادة درجة النقاء والتأكد من ثبات الصفات المرغوبة للصنف الجديد.
الدرجات التّجارية للقمح. يقسّم القمح بوجه عام إلى رتب تسويقية عديدة على أساس صفاته مثل اللون وقوام الحبوب. ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، يتم تقسيم القمح إلى: 1- قمح شتوي أحمر صلد. 2- قمح شتويّ أحمر رخو. 3- قمح ربيعي أحمر صلد. 4- قمح قاسٍ. 5- قمح صلد أحمر. 6- قمح أبيض. 7- قمح مختلط.
هذا التصنيف يساعد الحكومات على تنظيم نوعية القمح الذي يباع، ويعين أيضًا شركات الطحن والمصدرين على اختيار الحبوب التي يشترونها. ولكل صنف صفات واستعمالات مختلفة. وعمومًا، تحتوي الأصناف الصلدة على بروتين أكثر مما تحتويه الأصناف الرخوة. و يتم الحصول على الدقيق الفاخر للخبز من القمح الأحمر الصلد. أما القمح الأحمر الرخو، فيستعمل في صُنع البسكويت، والكعك، والفطائر الحلوة. ويشترى القمح الأحمر الصلد لعمل منتجات دقيق المعكرونة. والقمح الأبيض رخو، وأفضل ما يصلح له هو أغذية الإفطار والفطائر الحلوة. ويتكوّن القمح المخلوط من نوعين أو أكثر.
تُعتبر الخطوات الأساسية لزراعة القمح واحدة تقريبًا في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن مزَارع القمح تختلف في حجمها ومستويات الميكنة (العمل الذي تؤديه الآلات). ففي كثير من الدول غير الصّناعية، يستعمل مزارعو القمح حيوانات لتجرّ محاريثهم في حقولهم الصغيرة، بالإضافة إلى أنَّهم قد يزرعون ويحصدون محاصيلهم يدويّا. أما في الدول الصناعية، فإنّ القمح يُزرع كلّه تقريبًا في مزارع كبيرة بمساعدة الجرّارات والآلات المتخصّصة. ويصف هذا القسم كيف يُزرع القمح باستخدام الآلة في حقل كبير.
الظروف المناخية. الظروف المناخية الجافة بعض الشيء، والمعتدلة، هي الأكثر ملاءمة لزراعة القمح. أما شدة الحرارة أو البرودة، أو المناخ الرطب جدًا أو الجاف جدًا، فتعد غير ملائمة لزراعة كل من القمح الربيعي والشتوي. فالظروف الجوية، بما فيها درجات الحرارة والأمطار، لها تأثير كبير في تحديد موسم زراعة القمح. ومن أسباب انخفاض المحصول الزراعة في وقت مبكر جدًّا أو متأخرجدًًا،كما تعرض الزراعة المتأخرة للقمح الشتوي المحصول للتلف نتيجة للبرودة.
يبذر المزارعون القمح الشتوي في وقت يسمح للنّباتات الصغيرة بأن تصبح قوية، بدرجة تمكنها من مقاومة برودة الشتاء. ويقوم المزارعون في نصف الكرة الشمالي بزراعة القمح الشتوي مبكراً في أول سبتمبر، كما يمكن تأخير الزّراعة حتى أوائل نوفمبر في المناطق التي يتأخر فيها دخول فصل الشتاء. وفي مناطق القمح الشتوي الشمالية، قد يبذر المزارعون القمح في خطوط ضيِّقة على عمق بوصات قليلة. وعندما تمتلئ هذه الخطوط بالثلوج المتساقطة، فإنّها تعمل دثارًا يقي النباتات من البرد الشديد.
ويتعرض القمح الربيعي لمخاطر جوية أقل، لأن فترة نموه أقصر بكثير من القمح الشتوي. وقد يلجأ المزارعون في بعض المناطق إلى زراعة القمح الربيعي في أوائل مارس. أما في المناطق الأكثر برودة، فإن المزارعين ينتظرون حتى منتصف أبريل لزراعة القمح الربيعي. ويتبع المزارعون في نصف الكرة الجنوبي، المواسم المناسبة لهم في أقطارهم.
ظروف التربة. ينمو القمح بصورة جيدة في أنواع التربة التي يطلق عليها الطفالية الطينية والطفالية الغرينية. انظر: التربة الطفالية. ويجب أن تحتوي التربة على نسبة عالية من المادة العضوية المتحللة كي توفر الغذاء لنباتات القمح. فإذا كانت التربة فقيرة في بعض العناصر الغذائية، فإنه يمكن للمزارع إضافتها في صورة سماد.
وفي كثير من أنحاء العالم يزرع المزارعون القمح في الأرض نفسها في كل عام. ونتيجة لذلك، فإن التربة تفقد بعد عدة سنوات العناصر الغذائية اللازمة لإنتاج محصول جيد. وبالإضافة إلى ذلك فإن الرياح والماء يجرفان ويزيلان معظم العناصر الغذائية من التربة. وعادة ما يقوم المزارعون بأخذ عيِّنات من التربة لاختبارها لمعرفة مدى احتوائها على العناصر الغذائية الضرورية. وتبيِّن مثل هذه الاختبارات درجة حموضة التربة. وإذا أصبحت التربة حمضية أكثر من اللازم فإن القمح لا ينمو جيدًا، بل قد يصل الأمر إلى عدم الإنبات، وحينئذ يستطيع المزارعون إضافة السماد والجير إلى التربة لتعويض العناصر الغذائية وخفض درجة الحموضة.
وبعض المزارعين لا يزرعون القمح في الأرض نفسها كل عام، وإنما يزرعونه في دورة مع محاصيل مثل البرسيم، والذرة الشامية، والشوفان، وفول الصويا، وهذا الأسلوب يُعيد العناصر الغذائية إلى التربة ويعين على مقاومة الأمراض والآفات. ويلجأ المزارعون في المناطق القليلة الأمطار إلى زراعة الحقل مرة كل سنتين. وفي السنوات التي لا يزرع فيها القمح، تُترك الأرض بورًا حتى تتمكن من تخزين الرّطوبة.
تجهيز التربة. يجهز مزارعو القمح حقولهم للمحصول التالي بالحرث الذي يبدأونه في أسرع وقت بعد الحصاد. ويعمل الحرث على تهوية سطح التربة ويسمح للرطوبة أن تُمتص إلى داخل الأرض، حيث تختزن للمحصول التالي، كما أنه يدفن الأعشاب الضارة ومخلّفات المحصول السابق. وعندما تتحلل هذه المادة النباتية تنساب فيها العناصر الغذائية التي يتغذى بها النبات الجديد. وفي المناطق التي تعاني من الانجراف يستعمل المزارعون المحراث الذي يفكك التربة، ولكنه يترك النباتات على السطح فتساعد على تقليل الانجراف
يصبح القمح تام النضج بعد حوالي 30-60 يومًا من الإزهار تبعًا للظروف الجوية. وخلال فترة النضج تزداد الحبوب في الحجم وتتصلب تدريجياً إلى أن يصبح النبات كلّه جافًا ويتحول لونه إلى بني مائل للاصفرار. وقد يكون لون الحبوب الناضجة أبيض، أو أحمر، أو أصفر، أو أزرق، أو بنفسجياً، تبعًا لصنف القمح.
تصنيف القمح
توجد عدة طرق لتصنيف القمح؛ فأنواع القمح قد تصنف بشكل عام إلى قمح شتوي وقمح ربيعي، بينما يُقسِّم العلماء القمح تبعًا لنوعه وصنفه. وبالإضافة إلى ذلك فإن حكومات كثيرة من البلدان المنتجة للقمح قد أدخلت درجات لتسهيل مبيعات القمح. القمح الشتوي والقمح الربيعي. صنفت هذه الأنواع طبقًا لموسم نموها، ويتوقف نوع القمح الذي يزرع، على المناخ أولاً. فالقمح الشتوي ينمو في أجواء أكثر اعتدالاً عن القمح الربيعي. وعمومًا، فإن القمح الربيعي يعطي إنتاجًا أعلى.
يزرع القمح الشتوي في الخريف ويحصد في الربيع أو الصيف التالي، حيث يبلغ مرحلة تكوين الخلفة ثم يتوقف عن النمو نظرًا لحلول الجو البارد، ثم تستعيد النباتات نموها عندما يعود الجو الدافئ في الربيع. ويحتاج إزهار القمح الشتوي إلى مثل هذه الفترة من الجو البارد، ذي الأيام القصيرة، والليالي الطويلة. وإذا زرع القمح الشتوي في الربيع، فإنه عادة لا يعطي محصولاً.
ويزرع القمح الربيعي في المناطق ذات الأجواء شديدة البرودة، ويزرع في الربيع، ويصبح كامل النضج في صيف العام نفسه.
أنواع القمح. ميز العلماء حوالي 30 نوعًا من القمح بناءً على الاختلافات في السِّمات المميزة مثل الشكل، وأنماط النمو. ومن بين هذه الأنواع، ثلاثة فقط ذات أهمية تجارية في معظم الدول، وهي القمح العادي والقمح الصولجاني والقمح القاسي (قمح المعكرونة). وبالإضافة إلى ذلك فإن بعض العلماء يعتبرون القمح الصولجاني من القمح العادي وليس نوعًا منفصلاً. كما أن العلماء يختلفون أيضًا حول تصنيف أنواع أخرى.
القمح العادي. يسمى قمح الخبز، وهو أكثر أنواع القمح انتشار ًا في العالم. وقد تكون حبوبه حمراء، أو كهرمانيّة (بنِية مائلة إلى الاصفرار)، أو بيضاء، أو بنفسجية، أو زرقاء اللّون. وتختلف في قوامها من صلدٍ إلى رخو. ويشمل القمح العادي القمح الشتوي والرّبيعي، ويُزرع في معظم مناطق إنتاج القمح الرئيسية في العالم.
القمح الصولجاني وثيق الصلة بالقمح العادي، وحبوبه بيضاء أو حمراء، ورخوة القوام عادة، كما أنه قد يكون من النوع الشتوي أو الربيعي.
القمح القاسي (الصلد) حباته صلدة ذات لون أبيض أو أحمر أو كهرماني أو بنفسجي. وطحينه متماسك عندما يُعجن، ولهذا السبب يُستعمل القمح القاسي في منتجات دقيق الباستا.
أصناف القمح. يُقسَّم كل نوع من أنواع القمح إلى عدة أصناف تختلف في خصائصها، ويُحدد ذلك إنتاجه وموسم نموه،ومحتوى بروتينه، وقدرته على مقاومة البرد والجفاف والمرض والآفات الحشرية.
لقد أُنتج ما يزيد على 40,000 صنف من القمح في العالم، ويقوم العلماء بالبحث عن أصناف جديدة تتوفر فيها معظم الصفات المرغوبة. كما يقوم العلماء في المختبرات وفي محطات التجارب الزراعية وشركات البذور والجامعات، باستيلاد أصناف جديدة بطريقة يطلق عليها التهجين، وفيها تستعمل حبوب اللّقاح من أحد الأصناف لإخصاب نباتات صنف آخر. ويشكل الناتج صنفًا جديدًا له بعض خصائص كلا الأبوين. وتتم زراعة البذور الجديدة النّاتجة من الهجين لعدة أجيال، وذلك لزيادة درجة النقاء والتأكد من ثبات الصفات المرغوبة للصنف الجديد.
الدرجات التّجارية للقمح. يقسّم القمح بوجه عام إلى رتب تسويقية عديدة على أساس صفاته مثل اللون وقوام الحبوب. ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، يتم تقسيم القمح إلى: 1- قمح شتوي أحمر صلد. 2- قمح شتويّ أحمر رخو. 3- قمح ربيعي أحمر صلد. 4- قمح قاسٍ. 5- قمح صلد أحمر. 6- قمح أبيض. 7- قمح مختلط.
هذا التصنيف يساعد الحكومات على تنظيم نوعية القمح الذي يباع، ويعين أيضًا شركات الطحن والمصدرين على اختيار الحبوب التي يشترونها. ولكل صنف صفات واستعمالات مختلفة. وعمومًا، تحتوي الأصناف الصلدة على بروتين أكثر مما تحتويه الأصناف الرخوة. و يتم الحصول على الدقيق الفاخر للخبز من القمح الأحمر الصلد. أما القمح الأحمر الرخو، فيستعمل في صُنع البسكويت، والكعك، والفطائر الحلوة. ويشترى القمح الأحمر الصلد لعمل منتجات دقيق المعكرونة. والقمح الأبيض رخو، وأفضل ما يصلح له هو أغذية الإفطار والفطائر الحلوة. ويتكوّن القمح المخلوط من نوعين أو أكثر.
كيف يزرع القمح
ينمو القمح في ظروف مناخية وتربة تختلف اختلافًا واسعًا، إلا أن المحصول الجيد منه يتطلب ظروفًا جوية مناسبة، وتربة ملائمة للحصول على أعلى محصول. ولا بد لمزارعي القمح من استخدام التقاوي العالية الجودة والخالية من المرض، وأن يزرعوا ويحصدوا القمح في الوقت المناسب تمامًا. وبالإضافة إلى ذلك، فعليهم حماية المحصول النامي من التلف الناتج عن الأمراض والآفات.
تُعتبر الخطوات الأساسية لزراعة القمح واحدة تقريبًا في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن مزَارع القمح تختلف في حجمها ومستويات الميكنة (العمل الذي تؤديه الآلات). ففي كثير من الدول غير الصّناعية، يستعمل مزارعو القمح حيوانات لتجرّ محاريثهم في حقولهم الصغيرة، بالإضافة إلى أنَّهم قد يزرعون ويحصدون محاصيلهم يدويّا. أما في الدول الصناعية، فإنّ القمح يُزرع كلّه تقريبًا في مزارع كبيرة بمساعدة الجرّارات والآلات المتخصّصة. ويصف هذا القسم كيف يُزرع القمح باستخدام الآلة في حقل كبير.
الظروف المناخية. الظروف المناخية الجافة بعض الشيء، والمعتدلة، هي الأكثر ملاءمة لزراعة القمح. أما شدة الحرارة أو البرودة، أو المناخ الرطب جدًا أو الجاف جدًا، فتعد غير ملائمة لزراعة كل من القمح الربيعي والشتوي. فالظروف الجوية، بما فيها درجات الحرارة والأمطار، لها تأثير كبير في تحديد موسم زراعة القمح. ومن أسباب انخفاض المحصول الزراعة في وقت مبكر جدًّا أو متأخرجدًًا،كما تعرض الزراعة المتأخرة للقمح الشتوي المحصول للتلف نتيجة للبرودة.
يبذر المزارعون القمح الشتوي في وقت يسمح للنّباتات الصغيرة بأن تصبح قوية، بدرجة تمكنها من مقاومة برودة الشتاء. ويقوم المزارعون في نصف الكرة الشمالي بزراعة القمح الشتوي مبكراً في أول سبتمبر، كما يمكن تأخير الزّراعة حتى أوائل نوفمبر في المناطق التي يتأخر فيها دخول فصل الشتاء. وفي مناطق القمح الشتوي الشمالية، قد يبذر المزارعون القمح في خطوط ضيِّقة على عمق بوصات قليلة. وعندما تمتلئ هذه الخطوط بالثلوج المتساقطة، فإنّها تعمل دثارًا يقي النباتات من البرد الشديد.
ويتعرض القمح الربيعي لمخاطر جوية أقل، لأن فترة نموه أقصر بكثير من القمح الشتوي. وقد يلجأ المزارعون في بعض المناطق إلى زراعة القمح الربيعي في أوائل مارس. أما في المناطق الأكثر برودة، فإن المزارعين ينتظرون حتى منتصف أبريل لزراعة القمح الربيعي. ويتبع المزارعون في نصف الكرة الجنوبي، المواسم المناسبة لهم في أقطارهم.
ظروف التربة. ينمو القمح بصورة جيدة في أنواع التربة التي يطلق عليها الطفالية الطينية والطفالية الغرينية. انظر: التربة الطفالية. ويجب أن تحتوي التربة على نسبة عالية من المادة العضوية المتحللة كي توفر الغذاء لنباتات القمح. فإذا كانت التربة فقيرة في بعض العناصر الغذائية، فإنه يمكن للمزارع إضافتها في صورة سماد.
وفي كثير من أنحاء العالم يزرع المزارعون القمح في الأرض نفسها في كل عام. ونتيجة لذلك، فإن التربة تفقد بعد عدة سنوات العناصر الغذائية اللازمة لإنتاج محصول جيد. وبالإضافة إلى ذلك فإن الرياح والماء يجرفان ويزيلان معظم العناصر الغذائية من التربة. وعادة ما يقوم المزارعون بأخذ عيِّنات من التربة لاختبارها لمعرفة مدى احتوائها على العناصر الغذائية الضرورية. وتبيِّن مثل هذه الاختبارات درجة حموضة التربة. وإذا أصبحت التربة حمضية أكثر من اللازم فإن القمح لا ينمو جيدًا، بل قد يصل الأمر إلى عدم الإنبات، وحينئذ يستطيع المزارعون إضافة السماد والجير إلى التربة لتعويض العناصر الغذائية وخفض درجة الحموضة.
وبعض المزارعين لا يزرعون القمح في الأرض نفسها كل عام، وإنما يزرعونه في دورة مع محاصيل مثل البرسيم، والذرة الشامية، والشوفان، وفول الصويا، وهذا الأسلوب يُعيد العناصر الغذائية إلى التربة ويعين على مقاومة الأمراض والآفات. ويلجأ المزارعون في المناطق القليلة الأمطار إلى زراعة الحقل مرة كل سنتين. وفي السنوات التي لا يزرع فيها القمح، تُترك الأرض بورًا حتى تتمكن من تخزين الرّطوبة.
تجهيز التربة. يجهز مزارعو القمح حقولهم للمحصول التالي بالحرث الذي يبدأونه في أسرع وقت بعد الحصاد. ويعمل الحرث على تهوية سطح التربة ويسمح للرطوبة أن تُمتص إلى داخل الأرض، حيث تختزن للمحصول التالي، كما أنه يدفن الأعشاب الضارة ومخلّفات المحصول السابق. وعندما تتحلل هذه المادة النباتية تنساب فيها العناصر الغذائية التي يتغذى بها النبات الجديد. وفي المناطق التي تعاني من الانجراف يستعمل المزارعون المحراث الذي يفكك التربة، ولكنه يترك النباتات على السطح فتساعد على تقليل الانجراف
وقبل زراعة القمح مباشرة، يجهّز المزارعون مهد الحبة بآلة تسمى المسحاة النابضية
الأسنان. وللأمشاط نتوءات معدنية حادة تكسِّركتل الأرض إلى قطع صغيرة بحيث تكون
سهلة لينة في تجمعها بعضها قرب بعض حول بذور القمح.
الزراعـــــة. يستعمل المزارعون في عملية بذر تقاوي القمح آلة يسحبها جرار تسمى البذارة. وهي تحفر خطوطاً في الأرض بعمق يكفي لزراعة الحبوب، وفي الوقت نفسه تُسقط الآلة الحبوب، واحدة تلو الأخرى، داخل الخطوط وتغطيها بالتربة. وتقوم بعض البذارات أيضًا بإسقاط كمية من السماد مع الحبة. ويمكن ضبط البذّارة لزراعة العدد المطلوب من الحبوب في الفدان الواحد. وتتراوح معدلات التقاوي من حوالي 0,04م§ للهكتار في الأقاليم الجافة إلى 0,17م§ للهكتار في الأقاليم الرطبة. وتعادل هذه الكمية من التقاوي 40 كجم للهكتار إلى 170كجم للهكتار في المناطق الجافة والرطبة على التوالي. ويستطيع المزارع باستعمال بذارة كبيرة، أن يزرع أكثر من 81 هكتارًا من القمح في اليوم.
الرعاية أثناء النمو. يتعرض نبات القمح للتَّلف نتيجة للإصابة بالأمراض والآفات الحشرية والحشائش الضارة. ويستخدم مزارعو القمح عدة طرق لمنع حدوث مثل هذا التلف. مكافحة الأمراض. يعتبر الصدأ أكثر أمراض القمح خطورة. ويسبب هذا المرض فطريات تنمو على نبات القمح وينتج عنها بقع صغيرة في لون الصدأ على الأوراق والسيقان والسنابل، ثم تتحول البقع بعد ذلك إلى لون بُني. يستمد الفطر الغذاء والماء من نبات القمح، الأمر الذي قد يحول دون تكون الحبوب. وهناك نوعان من الصدأ: صدأ الأوراق، وصدأ السيقان. غير أن بعض أصناف القمح تكون أكثر مقاومة لأنواع معينة من الصدأ. ويواصل مستولدو السلالات النباتية استنباط المزيد من أصناف القمح التي تستطيع مقاومة الصدأ. انظر: الصدأ.
يوجد مرض فطري آخر خطير يصيب حبوب القمح، وهو السناج. وينقسم إلى نوعين رئيسيين هما: السناج النّتن، والسناج السائب. وفي مرحلة السناج النتن تمتلىء حبوب القمح المصابة بكتلة سوداء من جراثيم السناج النتن، ويطلق على هذه الحبوب المصابة كرات السناج، وهي التي تطلق ـ عندما تتكسر ـ رائحة عفنة. وإذا تكسرت كرات السناج أثناء الحصاد، تنتشر الجراثيم وتتلوّث آلاف الحبوب الأخرى. أما إذا بذرت الحبوب المصابة، فإن المحصول التالي سيكون عرضة للإصابة. وتحل جراثيم السناج السوداء محل الحبوب والقشور في نباتات القمح المصابة بالسناج السائب، ثم تحمل الرياح هذه الجراثيم إلى نباتات قمح أخرى فينتشر المرض. ويستطيع المزارعون مقاومة النوعين من السناج بمعالجة التقاوي قبل الزراعة، أو برش محاصيلها بمواد كيميائية تقتل الجراثيم. وهناك بعض أصناف القمح المقاومة لأمراض السناج. انظر: السناج.
تهاجم أمراض عديدة أخرى القمح، غير أنها لا تسبب في معظم الحالات تلفًا كبيرًا. وهي تشتمل على السناج اللوائي وتلطخ القنابع والتلطخ الورقي، والجَرَب والاستحواذ الكلبي، واسوداد العصافة والتبرقش.
مقاومة الآفات الحشرية. قد يصل التلف الذي تسببه الحشرات إلى 30% من محصول القمح العالمي كل عام. ويهاجم أكثر من 100 نوع مختلف من الحشرات القمح. وتتضمن بعض هذه الأنواع الجنادب والجراد التي تأكل سيقان وأوراق نبات القمح. أما الديدان السلكية، والديدان القارضة، وبعض الحشرات الأخرى، فتأكل الجذور والحبوب أو تقرض ساق القمح عند سطح التربة. وتمتص حشرات أخرى تشمل ذباب هسِّي العصير من السيقان. وتشمل الحشرات التي تتلف القمح أيضًا الديدان المدرعة وخنافس ورق الحبوب والبق الأخضر وديدان العقد والذباب المنشاري لسيقان القمح ويرقات ساق القمح القطعاء. كما يهاجم سوس الحبوب، وعثة الحبوب المُسماة أنجاومواس حبوب القمح المخزونة.
وبعض أصناف القمح تقاوم الذباب الهَسِّي وذباب ساق القمح. ويستطيع المزارعون مقاومة الحشرات الأخرى باستعمال المبيدات الحشرية. وتساعد زراعة القمح الشتوي بعد موت الذباب الذي فقس في الخريف، المزارعين أيضًا في تقليل التلف الذي يصيب المحصول بسبب هذه الآفة الحشرية.
مقاومة الأعشاب الضارة. تسلب الأعشاب الضارة نباتات القمح رطوبتها وقوتها، ويَنتج عن ذلك نقص في محصول الحبوب، بل يمكن لبعض الأعشاب الضارة أن تتلف محصول القمح كلية. فنباتات الثوم البري، والبصل البري، تعطي القمح رائحة تجعله غير صالح للاستعمال في هيئة دقيق. وتتضمن الأخرى التي تسبب تلفًا كبيرًا لمحاصيل القمح نبات الشوك الكندي، والبرومس، واللبلاب، والدوثية، ونجم الصباح البري، والخردل البري، والشوفان البري. ويساعد الإعداد الجيد لمهد البذور في منع نمو الأعشاب، فإذا أصبح وجود الأعشاب الضارة مشكلة بين نباتات القمح النّامية، فيمكن أن يضيف المزارعون مواد كيميائية سبق للوكالات الحكومية التصريح بها لمثل هذا الاستعمال وهذه يطلق عليها مبيدات الأعشاب.
الحصـاد. يحصد المزارعون القمح بعد نضجه مباشرة، وقبل أن يتلف المحصول نتيجة للظروف الجوية السيئة. ويصبح القمح جاهزًا للحصاد عندما لا تتعدى نسبة الرطوبة فيه 14% من وزن الحبوب. وللكشف عن تمام بلوغ النضج، يستطيع المزارعون جلب عيِّنة إلى مستودع تخزين الحبوب لاختبار الرطوبة، كما أنهم قد يختبرون الحبة بالضغط عليها أو كسرها بأظافرهم. فالحبوب عندما تكون مهيأة للحصاد، تكون صلدة وجافه وتتكسر محدثة صوتا واضحاً وخشناً. وتستخدم المزارع المميكنة الكبيرة آلات ضخمة تدار بقدرة آلية ذاتية، يطلق عليها الحصادات الدراسات لحصاد القمح. وتقوم الحصادات الدراسات بقطع السيقان، وبعملية الدراس ـ أي فصل الحبوب عن باقي النبات. وفي شمال أمريكا تقوم فرق كبيرة من الحصادات الدراسات بمتابعة حصاد القمح مُتجهة شمالاً من تكساس إلى كندا. تتحرك فرق بهذه الحصادات الدراسات من حقل إلى آخر، وتعمل ليلاًَ ونهارًا كي تحصد القمح في حينه.
آسيا. في الصين، يزرع القمح في مناطق عديدة، في مقدمتها سهل الصين الشمالي في الشرق. ويزرع معظم مزارعي الصين القمح الشتوي. وفي بعض الحقول التي تروى يزرعون محصول القطن والذرة الشامية أو فول الصويا، بين صفوف القمح قبل أن يصبح القمح جاهزًا للحصاد. يقوم المزارعون في كازاخستان ووسط روسيا بزراعة أنواع مختلفة من القمح الأبيض الرخو. وأهم مناطق زراعته هي السهول المستوية (البراري)، حيث توجد الأراضي العميقة الخصبة. ويمتد هذا الحزام من الأراضي السوداء حوالي 3,200كم ابتداءً من حوض نهر الدانوب في شرقي أوروبا عبر شمال كازاخستان وإلى داخل وسط روسيا. وتأتي الهند، وتركيا، وباكستان بعد الصين في مقدمة الدول المنتجة للقمح في آسيا. يبذر المزارعون القمح الشتوي في معظم شمالي الهند بعد انتهاء هطول الأمطار الصيفية.
أوروبا. يزرع الفلاحون في مولدوفا وأوكرانيا والقسم الأوروبي من روسيا القمح الشتوي الأحمر الصلد. أما الدول الأخرى التي تنتج قمحًا في أوروبا فهي: فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة.
أمريكا الشمالية. في الولايات المتحدة، تُزرع أنواع عديدة من القمح في مواعيد مختلفة، بالمناطق المتباينة، تبعًا للظروف الجوية. ففي تكساس وأوكلاهوما وكنساس وكولورادو ونبراسكا يزرع المزارعون القمح الشتوي الأحمر الصلد، بينما في مينيسوتا وداكوتا ومونتانا يزرعون القمح الربيعي الأحمر الصلد وقمح الدّيوُرَم الربيعي. أما في المناطق الأخرى، فيزرعون القمح الشتوي الأحمر الرخو والقمح الأبيض.
في كندا يزرع معظم القمح تقريبًا من القمح الربيعي الأحمر الصلد في مقاطعات البراري وساسكاتشوان وألبرتا ومانيتوبا.
أمريكا الجنوبية. تُعدُّ البامبا المنطقة الرئيسية لزراعة القمح في أمريكا الجنوبية. وهي سهل خصيب في الأرجنتين، وفيه يُزرع القمح الشتوي الأحمر الصلد في مزارع هائلة تعتمد على الآلات الزراعية. أستراليا. تعد أستراليا خامسة أكبر دول العالم تصديرًا، يزرع المزارعون القمح في الجزء الجنوبي منها. ومعظم محصول أستراليا تقريبًا من القمح الربيعي الأبيض. ويعتبر إنتاج القمح ذا أهمية بالغة في الاقتصاد الأسترالي، إذ يعد القمح واحدًا من أهم صادرات الدولة. وقد نما إنتاج الدولة من القمح خلال التسعينيات من القرن العشرين، إذ بلغ المحصول في المتوسط حوالي 22 مليون طن متري في العام، يستهلك منه محلياً حوالي مليوني طن متري فقط، معظمها في الخبز. فأستراليا ليس لديها صناعات حيوانية كبيرة تعتمد في التغذية على الحبوب. وتصل صادرات أستراليا إلى حوالى خُمس تجارة العالم في القمح. والإنتاجية في أستراليا أقل منها في الدول الأخرى، غير أنّ ضخامة مساحة المزارع تسمح للمزارعين الأستراليين بإنتاج كميات كبيرة من كل مزرعة، وقمح أكثر لكلّ فرد، وذلك بالمقارنة مع ما هو ممكن إنتاجه في معظم الدول. ويوجد في أستراليا حوالي 45,000 مزرعة قمح، ويبلغ متوسط المساحة للمزرعة التي يبذر فيها القمح 200 هكتار، كما يصل متوسط الناتج السنوي من الهكتار 1,5 من الأطنان مقارنًا بـ 2,2 منها للهكتار في الولايات المتحدة.
ينتقل القمح من مخزن الحبوب بالطريق البرّي، أو بالسِّكك الحديدية إلى صوامع نهائية تقع في سوق قمح كبير أو مركز للنقل البحري. وقد تُخلط شحنات في المستودع النهائي لإنتاج مخاليط تطلبها مطاحن الدقيق. فإذا كانت الحبوب ستصدَّر، يجري فحصها ووضع درجة لها. وكثيرًا ما تسع الصوامع النهائية من 35,000 إلى 350,000 طن متري من القمح، كما أن بعضها يمكن أن يتسع لأكثر من ذلك. انظر: صومعة الغلال.
يُحَمَّل القمح من المحطة النهائية في سفن ضخمة للتصدير. ويحمل معظم القمح المتبقى في الشاحنات، والسكك الحديدية، ومراكب نقل البضائع إلى المطاحن كي تطحنه إلى دقيق. أما ما يتبقى فيشحن إلى مُصنِّعين آخرين لاستعماله في علف الحيوان، أو منتجات صناعية أخرى. للحصول على وصف لطحن الدقيق. انظر: الدقيق.
شراء القمح وبيعه. في بعض الدول الصّناعية، قد تشتري شركات الطحن القمح مباشرة من المزارعين. ومع ذلك، فالأغلب أن مخازن الحبوب هي التي تشتري قمح المزارعين. ويباع أغلب القمح الذي يخزن في صوامع الحبوب من خلال بورصة المقاصة أو بورصة الحبوب. ونظام البورصة في حد ذاته لايعني شراء القمح أو بيعه، وإنما هو سوق منظم يجتمع فيه الذين يريدون شراء سلعة ما مع أولئك الذين يريدون بيعها بنظام المقاصة. وهذه المجموعة من المتعاملين تضم مزارعين، وممثلين لصوامع الحبوب ومطاحن الدقيق، ومصدرين. وبالإضافة إلى ذلك فإن بعض التجار مضاربون، بمعنى أنهم يشترون ويبيعون سلعة ما على أمل تحقيق ربح بدون مبادلة فعلية للسلعة ذاتها.
وقد يبتاع المشترون القمح الموجود فعلاً في المستودع، كما أن البورصات الأكبر لها أيضًا سوق البيع الآجل حيث يُبرم التجار عقود شراء وبيع القمح بسعر محدد وتاريخ لاحق. وتساعد السوق المستقبلية شركات المطاحن وغيرها من المصنعين بأن تؤمِّن لهم موردًا مستمراً من الحبوب بأسعار تقررت قبل التسليم بمدة طويلة. انظر: سوق المقاصة.
يُسوق القمح أحيانًا بمعرفة وكالات حكومية، مثل مجلس القمح الكندي (سي. دَبْليو. بي)، الذي يمثل المزارعين والمستهلكين والدولة. وهو يشتري ويبيع القمح بأسعار تحددها الدولة، كما أنه يُحدِّد حصص المشتريات من مزارعي القمح، وينظم الصادرات، ويدفع لمزارعي القمح مستحقاتهم عندما يُسلِّمون محصولهم للصوامع، ثم يجمع القمح ويباع بمعرفة مجلس القمح. وقد يتسلّم المزارعون دفعات إضافية بعد بيع المحصول. ويقضي هذا النظام بأن يتسلّم جميع المزارعين نفس السعر للقمح ذي الرتبة المتساوية، كما يضمن لهم نصيبًا عادلاً من التسويق.
ويعتبر مجلس القمح الأسترالي منظمة لا تستهدف الربح. وهو مسؤول عن تسويق القمح والحصول على أفضل سعر ممكن لزارعي القمح. ويتضمن ذلك القيام بتحميل حوالي 600 سفينة في أكثر من 18 ميناء، بما يقرب من 16 مليون طن متري من القمح، وشحنها إلى 50 مركزاً من مراكز الأسواق المحتملة. كما أن تشريعات تسويق القمح تفوِّض المجلس في أن يكون مسؤولاً عن تسويق جميع القمح في أستراليا وماوراء البحار.
وتتضمن الدول الرئيسية المشترية للقمح الأسترالي كلاًّ من الصين ومصر وإيران وروسيا. كما تشمل أسواق التصدير الأخرى بنغلادش واليابان وإندونيسيا وكوريا الجنوبية.
التحكم في إنتاج القمح. يختلف الإنتاج العالمي للقمح اختلافًا كبيرًا من عام إلى آخر، اعتمادًا على الظروف الجوية، ومساحة الأرض المزروعة. وفي سنوات الإنتاج العالي، قد تحصد دول كثيرة قمحًا أكثر من حاجتها. ويستطيع هؤلاء تخزين الفائض أو بيعه إلى الدول التي تحتاج القمح. وحينما تحاول الدول تصريف فائضها، يميل سعر القمح إلى الانخفاض.
وأحيانًا تنخفض الأسعار إلى أقل من سعر تكلفة الإنتاج. وإذا استمرت أسعار القمح في الانخفاض، فإن ذلك قد يؤدي بالمزارعين إلى زراعة قمح أقل، أو التحول عنه إلى محصول آخر. وفي سنوات الإنتاج المنخفض قد يكون القمح الموجود أقل كثيرًا من المطلوب لإطعام الناس.
وفي كثير من الدول يكون لدى الحكومة بعض البرامج الزراعية التي تستهدف توفيق مستويات الإنتاج مع المتطلبات المتوقعة للسوق، وبذلك تمنع حدوث فائض أو نقص كبيرين. وتدعم بعض الحكومات أسعار القمح بأن تضمن شراء الفائض بسعر محدود إذا انخفض سعر السوق أقل من ذلك السعر. وقد تلجأ الدولة إلى تخزين فائض القمح وبيعه فيما بعد عندما يرتفع السعر.
وتهدف برامج حكومية أخرى إلى زيادة أو خفض مساحة الأرض المزروعة، تبعاً لاحتياجات الدولة. فالولايات المتحدة، على سبيل المثال، لديها فائض في كل عام. ومن عام 1962م وحتى أواخر السبعينيات من القرن العشرين، حاولت حكومة الولايات المتحدة الحد من مساحة الأرض التي تُزرع قمحًا وذلك بأن تدفع للمزارعين تعويضات مالية نظير ترك حقولهم بدون زراعة. كما عرضت برنامجًا للدفع العَيْني في عامي 1983م، 1984م يقضي بأن المزارعين الذين يُحِدون من زراعاتهم يستطيعون الحصول على دفعة من فائَض قمح سبق للحكومة أن خزّنته من أعوام سابقة، وبإمكان المزارعين بيع هذا القمح أو تخزينه. وقد بدأ برنامج الدفع العيني المُعدَّل عام 1986م في السماح للمزارعين بتسلّم دفعات من سلع أخرى بجانب القمح.
الطلب العالمي على القمح. تضاعفت تجارة القمح العالمية خلال سبعينيات القرن العشرين من 50 مليون إلى 100 مليون طن متري في العام. وتُعزى هذه الزيادة بالدرجة الأولى إلى ازدياد الطلب على القمح من قبل الاتحاد السوفييتي، والصين، وبعض الدول في الشرق الأوسط. وقد تراخى الطلب جزئياً خلال الثمانينيات من القرن العشرين نتيجة للجهود التي تبذلها هذه الدول لزراعة ما يكفي من القمح لسدّ متطلباتها.
مستقبل القمح. إن مستقبل زراعة القمح و تخزينه وبيعه وتصديره مضمون لأنه غذاء أساسي في كثير من الدول. ولقد أدت الزيادة في سكان العالم إلى زيادة الاستهلاك العالمي من القمح. وكانت هناك نزعة في بعض الدول النامية التي تحصل على دخل كبير من صادراتها، أن تشتري قمحًا أكثر لإطعام كل من الإنسان والماشية. وفي الأعوام الأخيرة كانت الفوائد الصحية للقمح سببًا في جعل سكان العالم في الدول الصناعية يستهلكون كميات أكثر من المنتجات الغذائية التي تُصنع من القمح بدلاً من الأنواع الأخرى من الحبوب. كما يستهلك القمح أيضًا بكميات أكبر بطريق غير مباشر من خلال استهلاك لحوم الماشية التي تغذّت بالقمح.
ومن المتوقع أن تبلغ تجارة القمح في العالم بحلول عام 2000م حوالي 140 مليون طن متري. ومع ذلك، فمن الصّعب التكهّن بحجم تجارة الحبوب في المستقبل لأنّها تعتمد على عدد من العوامل التي تشمل: السّياسة، والاقتصاد، وعدد السكان، والنمط الغذائي، والظروف الجوية. فالتغيرات في أيّ من هذه العوامل قد تؤثر تأثيرًا جذريًا في حجم ومدى المشاركة في تجارة القمح.
إن أقل من 20% من الإنتاج العالمي للقمح يجري الاتجار فيه دولياً. والدول المصدرة دول غنية أساسًا، وقد اضطُّرت هذه الدول بين وقت وآخر إلى عقد صفقات على أساس غير تجاري للإغاثة من المجاعات. وقد جعلت مثل هذه الصفقات من موارد القمح في العالم قضيّة سياسية لها بعض الأهمية.
وقد كان القمح من أوائل النباتات التي زُرعت. ويعتقد العلماء أن المزارعين زرعوا القمح لأول مرة منذ حوالي 11000 عام مضت، حيث وَجد علماء الآثار في الشّرق الأوسط بقايا حبوب قمح يرجع زمنها إلى حوالي 9000ق.م. عند موقع قرية جارما قرب دمشق في سوريا.
كما أنهم وجدوا كذلك معزقات من العظام، ومناجل من الصوان، ومعدات طحن حجرية ربما تكون قد استعملت لزراعة وحصاد وجرش الحبوب.
أدت زراعة القمح والمحاصيل الأخرى إلى تغيرات هائلة في حياة الناس الذين أصبحوا غير مضطرين إلى التجول الدائم بحثًا عن الغذاء. وأصبحت الفلاحة توفر مصدرًا للغذاء أيسر، ويُعوّل عليه بدرجة أكبر، كما مكنت الناس من إنشاء مستوطنات دائمة. وباتساع إنتاج القمح، تحرر أناس كثيرون من إنتاج الغذاء واستطاعوا إتقان مهارات أخرى. ومع تحسن طرق الزراعة والتجهيز، زرع الناس في بعض المناطق ما يكفي من الحبوب لغذاء أناس آخرين.
وبهذه الطريقة، تطورت التجارة، وحلّت مدن مزدهرة محل قرى ضئيلة. وقد ساعدت هذه التغيرات في إمكانية تطور الحضارات العظمى القديمة.
انتشار زراعة القمح. كانت زراعة القمح قد انتشرت فى أنحاء كثيرة من آسيا وأوروبا وشمال إفريقيا منذ عام 4000ق.م. وقد تطوّرت أنواع قمح جديدة تدريجياً نتيجة التلقيح العشوائي بين القمح المزروع والحشائش البرية. ولما كانت لبعض أنواع القمح الجديدة صفات فَضَّلها المزارعون، فقد بدأت هذه الأنواع تحلّ محلّ الأصناف القديمة. كما زُرعت الأصناف ثنائية الحبة وأحادية الحبة على نطاق واسع إلى أن ظهر القمح القاسي (الصلد) في القرن السادس قبل الميلاد. ولقد تطور كلٌّ من القمح العادي والقمح الصولجاني في القرن السادس الميلادي.
انتقل القمح إلى الأمريكتين بوساطة المكتشفين والمستوطنين من دول أوروبية عديدة. وفي عام 1493م، أدخل كريستوفر كولمبوس القمح إلى العالم الجديد في رحلته الثانية إلى جزر الهند الغربية، ثم انتقل القمح من أسبانيا إلى المكسيك عام 1519م، وإلى الأرجنتين بحلول عام 1527م، كما حمل المنصِّرون الأسبان معهم فيما بعد قمحًا إلى جنوب غربي الولايات المتحدة. كذلك بدأ المستوطنون الفرنسيون في كندا زراعة القمح في نوفا سكوتيا عام 1605م.
أعطى إدخال القمح الشتوي إلى الولايات المتحدة دفعة كبرى في تصنيع منتجات القمح. وفي السبعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، هاجر أعضاء طائفة دينية تسمى المانونيت من روسيا إلى كنساس، وحملوا معهم صنفًا من القمح الشتوي يسمى التركي الأحمركان ملائمًا أشد الملاءمة للأمطار القليلة التي تسقط على السهول العظمى. وفي زمن قصير زرع الصنف التركي الأحمر والأصناف التي اشتُقَّت منه في جميع حقول القمح تقريبًا في كنساس والولايات القريبة منها. وتعود أصناف كثيرة من القمح التي تزرع في الوقت الرّاهن بالولايات المتحدة إلى الصنف التركي الأحمر.
ميكنة زراعة القمح. منذ بدايات الزراعة وحتى أوائل القرن التاسع عشر الميلادي كان هناك قليل من التغيير في الأدوات المستعملة لزراعة القمح. وعلى مدى آلاف السنين، حصد المزارعون القمح يدوياً بالمنجَل أو المحَش. وكانت السيقان وقتئذ تربط في حزم وتُجمع في أكوام انتظارًا للدّراس. كانت الماشية تدرس السنابل أو يضربها المزارعون بعصا معقوفة يطلق عليها مِدَق الدِّراس. وبعد فصل الحب عن السنابل، كان القمح يُقذف في الهواء فينفصل التبن بعيدًا تاركًا الحبوب. وتُسمى هذه العملية التَّذْريَة، وهي لا تزال مستعملة في كثير من الدول النامية في جميع أنحاء العالم. ويتلف كثير من الحب نتيجة للوقت الطويل الذي يستغرقه حصاده ودِراسُه.
أدت آلالات التي طُوِّرت في القرن التاسع عشر الميلادي إلى رفع كفاية زراعة القمح إلى درجة عالية. وكانت آلات الدّراس مستعملة في المملكة المتحدة في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي حين كانت الدَرَّاسة تقوم في بضع ساعات بالعمل الذي كان يستغرق عدة أيام. ثم سجَّل المخترع الأمريكي سايروس ماكورميك أول آلة حصاد ناجحة في 1834م. وبحلول التسعينيات من القرن نفسه، كانت معظم الحصادات مُزودة بوصلة لربط السيقان في حزم. وتم تطوير حصادة ودرّاسة معًا في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر الميلادي بمعرفة هيرمان مور، وجون هاسكول من ميتشيجان. ومع ذلك، فقد استمر معظم المزارعين في استعمال حصادات ودرّاسات منفصلة. وفي العشرينيات من القرن العشرين الميلادي، أدى نقص العمالة الزراعية مصحوبًا بتحسينات في الحصادات الآلية إلى لجوء عدد أكثر من المزارعين إلى استعمالها.
وحتى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، كانت معظم تجهيزات المزارع والحقول تستخدم طاقة حيوانات المزرعة أو الأيدي العاملة. وخلال الثمانينيات من ذلك القرن، حلَّت الآلات البخارية تدريجياً محل الحيوانات في كثير من الدول الصناعية. وبحلول أوائل العشرينيات من القرن العشرين، استعملت آلات الاحتراق الداخلي لتشغيل الجرارات وآلات المزرعة الأخرى.
لقد أدى استخدام الآلات في جميع أنحاء العالم إلى خفض كبير في مقدار الجهد البشري اللازم لزراعة القمح. وقبل عام 1830م، كان المزارع يحتاج إلى أكثر من 64 ساعة لإعداد التربة، وزراعة التقاوي، وحش ودراس 0,4 هكتارات من القمح. أما اليوم، فإن ذلك يحتاج إلى أقل من 3 ساعات من العمل. كما أن استخدام الآلات قد مكن المزارعين من زراعة مساحات أكبر. وباستعمال المعدات اليدوية، يمكن لأسرة ريفية أن تزرع حوالي هكتار واحد من القمح، ولكن باستخدام الآلات الحديثة يمكن لهذه الأسرة أن تزرع حوالي 405 هكتارات من القمح.
استنباط أصناف قمح جديدة. لقد تحققت أكبر الإنجازات أهمية في تاريخ القمح بسبب وسائل التلقيح العلمية التي تمت خلال القرن العشرين. فباستنباط أصناف جديدة من القمح، تمكن المزارعون من تحقيق زيادة هائلة في كمية محصول القمح لكل هكتار. ويعطي بعض الأصناف إنتاجية أعلى لأنه أفضل مقاومة للأمراض أو الآفات، وبعضها الآخر ينضج مبكرًا، وبذلك يتيح للمحصول النجاة من المخاطر مثل الصقيع المبكر والجفاف المتأخر. كما أن المزارعين استنبطوا أيضًا نباتات لها سيقان قوية تستطيع حمل محصول أكثر من الحبوب. ويتطلب كثير من الأصناف عالية الإنتاجية كميّات كبيرة من المخصبات أو مبيدات الآفات. وخلال منتصف القرن العشرين، بذل العلماء الزّراعيون في جميع أنحاء العالم جُهدًا كبيراً لزيادة إنتاج الحبوب في الدول النامية. وقد كان نجاح هذا الجهد متميّزًا لدرجة أن أطلق عليه اسم الثورة الخضراء. وقد اعتمد نجاحه بالدرجة الأولى على استعمال الأصناف عالية الإنتاج.
وفي عام 1970م مُنح العالم الأمريكي نورمان بورلوج جائزة نوبل للسلام عن أبحاث القمح التي أدت إلى استنباط هذه الأنواع. انظر: بورلوج، نورمان إيرنست.
لقد أدّت الثورة الخضراء إلى تقليل خطر المجاعة في كثير من الدول النامية. فقد ساعدتها على أن تصبح أقلّ اعتمادًا على القمح الذي تستورده للأعداد المتزايدة من سكانها. كما أنّها ساعدت في تركيز الانتباه إلى معوقات زيادة موارد الغذاء في العالم. فعلى سبيل المثال، قد تكون الموارد المائية محدودة، والأراضي من نوعية رديئة، إلا أن بعض الدول تغلبت على ذلك وأنتجت كميات كبيرة بل صدّرت فائض إنتاجها، وخير مثال على ذلك تجربة المملكة العربية السعودية، إذ بلغ إنتاجها في عام 1991م نحو 3,8 مليون طن بعد أن كان لا يتجاوز 3000 طن في عام 1970م. واستحقت المملكة على ذلك تقدير دول العالم ممثلة في منظمة الأغذية والزراعة الدولية. انظر: السعودية.
ومع ذلك، فهناك مشاكل تقلل من مكاسب الثورة الخضراء، ومن هذه المشاكل عدم مقدرة المزارعين على توفير الكم والنوع المناسبين من أنظمة الري والمخصبات والمبيدات ووسائل النقل، وحماية المحاصيل. كما أن معدلات نمو السكان تفوق معدلات إنتاج الموارد الغذائية في كثير من الدول. انظر: الثورة الخضراء.
الزراعـــــة. يستعمل المزارعون في عملية بذر تقاوي القمح آلة يسحبها جرار تسمى البذارة. وهي تحفر خطوطاً في الأرض بعمق يكفي لزراعة الحبوب، وفي الوقت نفسه تُسقط الآلة الحبوب، واحدة تلو الأخرى، داخل الخطوط وتغطيها بالتربة. وتقوم بعض البذارات أيضًا بإسقاط كمية من السماد مع الحبة. ويمكن ضبط البذّارة لزراعة العدد المطلوب من الحبوب في الفدان الواحد. وتتراوح معدلات التقاوي من حوالي 0,04م§ للهكتار في الأقاليم الجافة إلى 0,17م§ للهكتار في الأقاليم الرطبة. وتعادل هذه الكمية من التقاوي 40 كجم للهكتار إلى 170كجم للهكتار في المناطق الجافة والرطبة على التوالي. ويستطيع المزارع باستعمال بذارة كبيرة، أن يزرع أكثر من 81 هكتارًا من القمح في اليوم.
الرعاية أثناء النمو. يتعرض نبات القمح للتَّلف نتيجة للإصابة بالأمراض والآفات الحشرية والحشائش الضارة. ويستخدم مزارعو القمح عدة طرق لمنع حدوث مثل هذا التلف. مكافحة الأمراض. يعتبر الصدأ أكثر أمراض القمح خطورة. ويسبب هذا المرض فطريات تنمو على نبات القمح وينتج عنها بقع صغيرة في لون الصدأ على الأوراق والسيقان والسنابل، ثم تتحول البقع بعد ذلك إلى لون بُني. يستمد الفطر الغذاء والماء من نبات القمح، الأمر الذي قد يحول دون تكون الحبوب. وهناك نوعان من الصدأ: صدأ الأوراق، وصدأ السيقان. غير أن بعض أصناف القمح تكون أكثر مقاومة لأنواع معينة من الصدأ. ويواصل مستولدو السلالات النباتية استنباط المزيد من أصناف القمح التي تستطيع مقاومة الصدأ. انظر: الصدأ.
يوجد مرض فطري آخر خطير يصيب حبوب القمح، وهو السناج. وينقسم إلى نوعين رئيسيين هما: السناج النّتن، والسناج السائب. وفي مرحلة السناج النتن تمتلىء حبوب القمح المصابة بكتلة سوداء من جراثيم السناج النتن، ويطلق على هذه الحبوب المصابة كرات السناج، وهي التي تطلق ـ عندما تتكسر ـ رائحة عفنة. وإذا تكسرت كرات السناج أثناء الحصاد، تنتشر الجراثيم وتتلوّث آلاف الحبوب الأخرى. أما إذا بذرت الحبوب المصابة، فإن المحصول التالي سيكون عرضة للإصابة. وتحل جراثيم السناج السوداء محل الحبوب والقشور في نباتات القمح المصابة بالسناج السائب، ثم تحمل الرياح هذه الجراثيم إلى نباتات قمح أخرى فينتشر المرض. ويستطيع المزارعون مقاومة النوعين من السناج بمعالجة التقاوي قبل الزراعة، أو برش محاصيلها بمواد كيميائية تقتل الجراثيم. وهناك بعض أصناف القمح المقاومة لأمراض السناج. انظر: السناج.
تهاجم أمراض عديدة أخرى القمح، غير أنها لا تسبب في معظم الحالات تلفًا كبيرًا. وهي تشتمل على السناج اللوائي وتلطخ القنابع والتلطخ الورقي، والجَرَب والاستحواذ الكلبي، واسوداد العصافة والتبرقش.
مقاومة الآفات الحشرية. قد يصل التلف الذي تسببه الحشرات إلى 30% من محصول القمح العالمي كل عام. ويهاجم أكثر من 100 نوع مختلف من الحشرات القمح. وتتضمن بعض هذه الأنواع الجنادب والجراد التي تأكل سيقان وأوراق نبات القمح. أما الديدان السلكية، والديدان القارضة، وبعض الحشرات الأخرى، فتأكل الجذور والحبوب أو تقرض ساق القمح عند سطح التربة. وتمتص حشرات أخرى تشمل ذباب هسِّي العصير من السيقان. وتشمل الحشرات التي تتلف القمح أيضًا الديدان المدرعة وخنافس ورق الحبوب والبق الأخضر وديدان العقد والذباب المنشاري لسيقان القمح ويرقات ساق القمح القطعاء. كما يهاجم سوس الحبوب، وعثة الحبوب المُسماة أنجاومواس حبوب القمح المخزونة.
وبعض أصناف القمح تقاوم الذباب الهَسِّي وذباب ساق القمح. ويستطيع المزارعون مقاومة الحشرات الأخرى باستعمال المبيدات الحشرية. وتساعد زراعة القمح الشتوي بعد موت الذباب الذي فقس في الخريف، المزارعين أيضًا في تقليل التلف الذي يصيب المحصول بسبب هذه الآفة الحشرية.
مقاومة الأعشاب الضارة. تسلب الأعشاب الضارة نباتات القمح رطوبتها وقوتها، ويَنتج عن ذلك نقص في محصول الحبوب، بل يمكن لبعض الأعشاب الضارة أن تتلف محصول القمح كلية. فنباتات الثوم البري، والبصل البري، تعطي القمح رائحة تجعله غير صالح للاستعمال في هيئة دقيق. وتتضمن الأخرى التي تسبب تلفًا كبيرًا لمحاصيل القمح نبات الشوك الكندي، والبرومس، واللبلاب، والدوثية، ونجم الصباح البري، والخردل البري، والشوفان البري. ويساعد الإعداد الجيد لمهد البذور في منع نمو الأعشاب، فإذا أصبح وجود الأعشاب الضارة مشكلة بين نباتات القمح النّامية، فيمكن أن يضيف المزارعون مواد كيميائية سبق للوكالات الحكومية التصريح بها لمثل هذا الاستعمال وهذه يطلق عليها مبيدات الأعشاب.
الحصـاد. يحصد المزارعون القمح بعد نضجه مباشرة، وقبل أن يتلف المحصول نتيجة للظروف الجوية السيئة. ويصبح القمح جاهزًا للحصاد عندما لا تتعدى نسبة الرطوبة فيه 14% من وزن الحبوب. وللكشف عن تمام بلوغ النضج، يستطيع المزارعون جلب عيِّنة إلى مستودع تخزين الحبوب لاختبار الرطوبة، كما أنهم قد يختبرون الحبة بالضغط عليها أو كسرها بأظافرهم. فالحبوب عندما تكون مهيأة للحصاد، تكون صلدة وجافه وتتكسر محدثة صوتا واضحاً وخشناً. وتستخدم المزارع المميكنة الكبيرة آلات ضخمة تدار بقدرة آلية ذاتية، يطلق عليها الحصادات الدراسات لحصاد القمح. وتقوم الحصادات الدراسات بقطع السيقان، وبعملية الدراس ـ أي فصل الحبوب عن باقي النبات. وفي شمال أمريكا تقوم فرق كبيرة من الحصادات الدراسات بمتابعة حصاد القمح مُتجهة شمالاً من تكساس إلى كندا. تتحرك فرق بهذه الحصادات الدراسات من حقل إلى آخر، وتعمل ليلاًَ ونهارًا كي تحصد القمح في حينه.
مواعيد الحصاد في أنحاء العالم | ||||||||||||||||||||||
يتم حصاد القمح في كل شهور السنة تقريبا في العالم. في كل شهر من شهور السنة يحصد القمح في مكان ما في العالم كما ترى في هذا الجدول (أسفل): | ||||||||||||||||||||||
|
مناطق زراعة القمح
تتصدر كندا والصين وفرنسا والهند وروسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة قائمة الدول المنتجة للقمح. وتُنتج بعض الدول من القمح أكثر مما يستهلكه سكانها، ويعتمد المزارعون في هذه الدول بشدة على مبيعات التصدير. وتتصدر الولايات المتحدة جميع الدول الأخرى في صادرات القمح، ودقيق القمح. وتُصدّر الأرجنتين وأستراليا وكندا وفرنسا كميات ضخمة من القمح. أما الصين فتأتي في مقدمة دول العالم المستوردة للقمح.
آسيا. في الصين، يزرع القمح في مناطق عديدة، في مقدمتها سهل الصين الشمالي في الشرق. ويزرع معظم مزارعي الصين القمح الشتوي. وفي بعض الحقول التي تروى يزرعون محصول القطن والذرة الشامية أو فول الصويا، بين صفوف القمح قبل أن يصبح القمح جاهزًا للحصاد. يقوم المزارعون في كازاخستان ووسط روسيا بزراعة أنواع مختلفة من القمح الأبيض الرخو. وأهم مناطق زراعته هي السهول المستوية (البراري)، حيث توجد الأراضي العميقة الخصبة. ويمتد هذا الحزام من الأراضي السوداء حوالي 3,200كم ابتداءً من حوض نهر الدانوب في شرقي أوروبا عبر شمال كازاخستان وإلى داخل وسط روسيا. وتأتي الهند، وتركيا، وباكستان بعد الصين في مقدمة الدول المنتجة للقمح في آسيا. يبذر المزارعون القمح الشتوي في معظم شمالي الهند بعد انتهاء هطول الأمطار الصيفية.
أوروبا. يزرع الفلاحون في مولدوفا وأوكرانيا والقسم الأوروبي من روسيا القمح الشتوي الأحمر الصلد. أما الدول الأخرى التي تنتج قمحًا في أوروبا فهي: فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة.
أمريكا الشمالية. في الولايات المتحدة، تُزرع أنواع عديدة من القمح في مواعيد مختلفة، بالمناطق المتباينة، تبعًا للظروف الجوية. ففي تكساس وأوكلاهوما وكنساس وكولورادو ونبراسكا يزرع المزارعون القمح الشتوي الأحمر الصلد، بينما في مينيسوتا وداكوتا ومونتانا يزرعون القمح الربيعي الأحمر الصلد وقمح الدّيوُرَم الربيعي. أما في المناطق الأخرى، فيزرعون القمح الشتوي الأحمر الرخو والقمح الأبيض.
في كندا يزرع معظم القمح تقريبًا من القمح الربيعي الأحمر الصلد في مقاطعات البراري وساسكاتشوان وألبرتا ومانيتوبا.
أمريكا الجنوبية. تُعدُّ البامبا المنطقة الرئيسية لزراعة القمح في أمريكا الجنوبية. وهي سهل خصيب في الأرجنتين، وفيه يُزرع القمح الشتوي الأحمر الصلد في مزارع هائلة تعتمد على الآلات الزراعية. أستراليا. تعد أستراليا خامسة أكبر دول العالم تصديرًا، يزرع المزارعون القمح في الجزء الجنوبي منها. ومعظم محصول أستراليا تقريبًا من القمح الربيعي الأبيض. ويعتبر إنتاج القمح ذا أهمية بالغة في الاقتصاد الأسترالي، إذ يعد القمح واحدًا من أهم صادرات الدولة. وقد نما إنتاج الدولة من القمح خلال التسعينيات من القرن العشرين، إذ بلغ المحصول في المتوسط حوالي 22 مليون طن متري في العام، يستهلك منه محلياً حوالي مليوني طن متري فقط، معظمها في الخبز. فأستراليا ليس لديها صناعات حيوانية كبيرة تعتمد في التغذية على الحبوب. وتصل صادرات أستراليا إلى حوالى خُمس تجارة العالم في القمح. والإنتاجية في أستراليا أقل منها في الدول الأخرى، غير أنّ ضخامة مساحة المزارع تسمح للمزارعين الأستراليين بإنتاج كميات كبيرة من كل مزرعة، وقمح أكثر لكلّ فرد، وذلك بالمقارنة مع ما هو ممكن إنتاجه في معظم الدول. ويوجد في أستراليا حوالي 45,000 مزرعة قمح، ويبلغ متوسط المساحة للمزرعة التي يبذر فيها القمح 200 هكتار، كما يصل متوسط الناتج السنوي من الهكتار 1,5 من الأطنان مقارنًا بـ 2,2 منها للهكتار في الولايات المتحدة.
تسويق القمح
نقل والقمح وتخزينه. ينبغي للمزارعين أن يخزنوا بعد الحصاد محصول كل موسم، مراعين في أحوال كثيرة الحفاظ على الأنواع المختلفة من الحبوب منفصلة إلى أن تباع. وفي بعض الدول ينقل المزارعون قمحهم بالشاحنات إلى نقطة تخزين مركزية حيث تفرِّغ كل شاحنة حمولتها من القمح في حفرة، ثم يقوم سير متحرك بنقل الحبوب منها وحملها إلى صوامع الغلال (أبراج التخزين) وإفراغها. ويصنف تجار القمح الحبوب إلى عدة درجات على أساس الوزن والجودة. وللدرجات استعمالات مختلفة، كما أن القمح يُسَوّق على أساس درجته. وتتلقّى مراكز التخزين المركزية معظم قمحها من المزارعين مباشرة.
ينتقل القمح من مخزن الحبوب بالطريق البرّي، أو بالسِّكك الحديدية إلى صوامع نهائية تقع في سوق قمح كبير أو مركز للنقل البحري. وقد تُخلط شحنات في المستودع النهائي لإنتاج مخاليط تطلبها مطاحن الدقيق. فإذا كانت الحبوب ستصدَّر، يجري فحصها ووضع درجة لها. وكثيرًا ما تسع الصوامع النهائية من 35,000 إلى 350,000 طن متري من القمح، كما أن بعضها يمكن أن يتسع لأكثر من ذلك. انظر: صومعة الغلال.
يُحَمَّل القمح من المحطة النهائية في سفن ضخمة للتصدير. ويحمل معظم القمح المتبقى في الشاحنات، والسكك الحديدية، ومراكب نقل البضائع إلى المطاحن كي تطحنه إلى دقيق. أما ما يتبقى فيشحن إلى مُصنِّعين آخرين لاستعماله في علف الحيوان، أو منتجات صناعية أخرى. للحصول على وصف لطحن الدقيق. انظر: الدقيق.
شراء القمح وبيعه. في بعض الدول الصّناعية، قد تشتري شركات الطحن القمح مباشرة من المزارعين. ومع ذلك، فالأغلب أن مخازن الحبوب هي التي تشتري قمح المزارعين. ويباع أغلب القمح الذي يخزن في صوامع الحبوب من خلال بورصة المقاصة أو بورصة الحبوب. ونظام البورصة في حد ذاته لايعني شراء القمح أو بيعه، وإنما هو سوق منظم يجتمع فيه الذين يريدون شراء سلعة ما مع أولئك الذين يريدون بيعها بنظام المقاصة. وهذه المجموعة من المتعاملين تضم مزارعين، وممثلين لصوامع الحبوب ومطاحن الدقيق، ومصدرين. وبالإضافة إلى ذلك فإن بعض التجار مضاربون، بمعنى أنهم يشترون ويبيعون سلعة ما على أمل تحقيق ربح بدون مبادلة فعلية للسلعة ذاتها.
وقد يبتاع المشترون القمح الموجود فعلاً في المستودع، كما أن البورصات الأكبر لها أيضًا سوق البيع الآجل حيث يُبرم التجار عقود شراء وبيع القمح بسعر محدد وتاريخ لاحق. وتساعد السوق المستقبلية شركات المطاحن وغيرها من المصنعين بأن تؤمِّن لهم موردًا مستمراً من الحبوب بأسعار تقررت قبل التسليم بمدة طويلة. انظر: سوق المقاصة.
يُسوق القمح أحيانًا بمعرفة وكالات حكومية، مثل مجلس القمح الكندي (سي. دَبْليو. بي)، الذي يمثل المزارعين والمستهلكين والدولة. وهو يشتري ويبيع القمح بأسعار تحددها الدولة، كما أنه يُحدِّد حصص المشتريات من مزارعي القمح، وينظم الصادرات، ويدفع لمزارعي القمح مستحقاتهم عندما يُسلِّمون محصولهم للصوامع، ثم يجمع القمح ويباع بمعرفة مجلس القمح. وقد يتسلّم المزارعون دفعات إضافية بعد بيع المحصول. ويقضي هذا النظام بأن يتسلّم جميع المزارعين نفس السعر للقمح ذي الرتبة المتساوية، كما يضمن لهم نصيبًا عادلاً من التسويق.
ويعتبر مجلس القمح الأسترالي منظمة لا تستهدف الربح. وهو مسؤول عن تسويق القمح والحصول على أفضل سعر ممكن لزارعي القمح. ويتضمن ذلك القيام بتحميل حوالي 600 سفينة في أكثر من 18 ميناء، بما يقرب من 16 مليون طن متري من القمح، وشحنها إلى 50 مركزاً من مراكز الأسواق المحتملة. كما أن تشريعات تسويق القمح تفوِّض المجلس في أن يكون مسؤولاً عن تسويق جميع القمح في أستراليا وماوراء البحار.
وتتضمن الدول الرئيسية المشترية للقمح الأسترالي كلاًّ من الصين ومصر وإيران وروسيا. كما تشمل أسواق التصدير الأخرى بنغلادش واليابان وإندونيسيا وكوريا الجنوبية.
التحكم في إنتاج القمح. يختلف الإنتاج العالمي للقمح اختلافًا كبيرًا من عام إلى آخر، اعتمادًا على الظروف الجوية، ومساحة الأرض المزروعة. وفي سنوات الإنتاج العالي، قد تحصد دول كثيرة قمحًا أكثر من حاجتها. ويستطيع هؤلاء تخزين الفائض أو بيعه إلى الدول التي تحتاج القمح. وحينما تحاول الدول تصريف فائضها، يميل سعر القمح إلى الانخفاض.
وأحيانًا تنخفض الأسعار إلى أقل من سعر تكلفة الإنتاج. وإذا استمرت أسعار القمح في الانخفاض، فإن ذلك قد يؤدي بالمزارعين إلى زراعة قمح أقل، أو التحول عنه إلى محصول آخر. وفي سنوات الإنتاج المنخفض قد يكون القمح الموجود أقل كثيرًا من المطلوب لإطعام الناس.
وفي كثير من الدول يكون لدى الحكومة بعض البرامج الزراعية التي تستهدف توفيق مستويات الإنتاج مع المتطلبات المتوقعة للسوق، وبذلك تمنع حدوث فائض أو نقص كبيرين. وتدعم بعض الحكومات أسعار القمح بأن تضمن شراء الفائض بسعر محدود إذا انخفض سعر السوق أقل من ذلك السعر. وقد تلجأ الدولة إلى تخزين فائض القمح وبيعه فيما بعد عندما يرتفع السعر.
وتهدف برامج حكومية أخرى إلى زيادة أو خفض مساحة الأرض المزروعة، تبعاً لاحتياجات الدولة. فالولايات المتحدة، على سبيل المثال، لديها فائض في كل عام. ومن عام 1962م وحتى أواخر السبعينيات من القرن العشرين، حاولت حكومة الولايات المتحدة الحد من مساحة الأرض التي تُزرع قمحًا وذلك بأن تدفع للمزارعين تعويضات مالية نظير ترك حقولهم بدون زراعة. كما عرضت برنامجًا للدفع العَيْني في عامي 1983م، 1984م يقضي بأن المزارعين الذين يُحِدون من زراعاتهم يستطيعون الحصول على دفعة من فائَض قمح سبق للحكومة أن خزّنته من أعوام سابقة، وبإمكان المزارعين بيع هذا القمح أو تخزينه. وقد بدأ برنامج الدفع العيني المُعدَّل عام 1986م في السماح للمزارعين بتسلّم دفعات من سلع أخرى بجانب القمح.
الطلب العالمي على القمح. تضاعفت تجارة القمح العالمية خلال سبعينيات القرن العشرين من 50 مليون إلى 100 مليون طن متري في العام. وتُعزى هذه الزيادة بالدرجة الأولى إلى ازدياد الطلب على القمح من قبل الاتحاد السوفييتي، والصين، وبعض الدول في الشرق الأوسط. وقد تراخى الطلب جزئياً خلال الثمانينيات من القرن العشرين نتيجة للجهود التي تبذلها هذه الدول لزراعة ما يكفي من القمح لسدّ متطلباتها.
مستقبل القمح. إن مستقبل زراعة القمح و تخزينه وبيعه وتصديره مضمون لأنه غذاء أساسي في كثير من الدول. ولقد أدت الزيادة في سكان العالم إلى زيادة الاستهلاك العالمي من القمح. وكانت هناك نزعة في بعض الدول النامية التي تحصل على دخل كبير من صادراتها، أن تشتري قمحًا أكثر لإطعام كل من الإنسان والماشية. وفي الأعوام الأخيرة كانت الفوائد الصحية للقمح سببًا في جعل سكان العالم في الدول الصناعية يستهلكون كميات أكثر من المنتجات الغذائية التي تُصنع من القمح بدلاً من الأنواع الأخرى من الحبوب. كما يستهلك القمح أيضًا بكميات أكبر بطريق غير مباشر من خلال استهلاك لحوم الماشية التي تغذّت بالقمح.
ومن المتوقع أن تبلغ تجارة القمح في العالم بحلول عام 2000م حوالي 140 مليون طن متري. ومع ذلك، فمن الصّعب التكهّن بحجم تجارة الحبوب في المستقبل لأنّها تعتمد على عدد من العوامل التي تشمل: السّياسة، والاقتصاد، وعدد السكان، والنمط الغذائي، والظروف الجوية. فالتغيرات في أيّ من هذه العوامل قد تؤثر تأثيرًا جذريًا في حجم ومدى المشاركة في تجارة القمح.
إن أقل من 20% من الإنتاج العالمي للقمح يجري الاتجار فيه دولياً. والدول المصدرة دول غنية أساسًا، وقد اضطُّرت هذه الدول بين وقت وآخر إلى عقد صفقات على أساس غير تجاري للإغاثة من المجاعات. وقد جعلت مثل هذه الصفقات من موارد القمح في العالم قضيّة سياسية لها بعض الأهمية.
نبذة تاريخية
الأصول. يعتقد العلماء أنّ أنواع النباتات البرية ذات الصلة بالقمح قد نشأت أولاً في الشرق الأوسط. فأنواع القمح البرية الثنائية الحبة، وبعض الحشائش البرية قد نشأت في هذه المنطقة، وهي أسلاف جميع أنواع القمح المزروع. ومن المحتمل أنّ الناس في البداية قد قاموا بجمع الحبوب ومضغها، وبمضي الوقت، تعلموا تحميصها على النّار، وجرشها وغليها لعمل العصيدة. وقد نتج عن قَليْ هذه العصيدة خُبز مفرود، يشبه الفطائر المحلاة. ويُحتمل أن يكون الناس قد اكتشفوا كيفية عمل الخبز المخمر بعد أن اختلطت بعض العصيدة بالخميرة.
وقد كان القمح من أوائل النباتات التي زُرعت. ويعتقد العلماء أن المزارعين زرعوا القمح لأول مرة منذ حوالي 11000 عام مضت، حيث وَجد علماء الآثار في الشّرق الأوسط بقايا حبوب قمح يرجع زمنها إلى حوالي 9000ق.م. عند موقع قرية جارما قرب دمشق في سوريا.
كما أنهم وجدوا كذلك معزقات من العظام، ومناجل من الصوان، ومعدات طحن حجرية ربما تكون قد استعملت لزراعة وحصاد وجرش الحبوب.
أدت زراعة القمح والمحاصيل الأخرى إلى تغيرات هائلة في حياة الناس الذين أصبحوا غير مضطرين إلى التجول الدائم بحثًا عن الغذاء. وأصبحت الفلاحة توفر مصدرًا للغذاء أيسر، ويُعوّل عليه بدرجة أكبر، كما مكنت الناس من إنشاء مستوطنات دائمة. وباتساع إنتاج القمح، تحرر أناس كثيرون من إنتاج الغذاء واستطاعوا إتقان مهارات أخرى. ومع تحسن طرق الزراعة والتجهيز، زرع الناس في بعض المناطق ما يكفي من الحبوب لغذاء أناس آخرين.
وبهذه الطريقة، تطورت التجارة، وحلّت مدن مزدهرة محل قرى ضئيلة. وقد ساعدت هذه التغيرات في إمكانية تطور الحضارات العظمى القديمة.
انتشار زراعة القمح. كانت زراعة القمح قد انتشرت فى أنحاء كثيرة من آسيا وأوروبا وشمال إفريقيا منذ عام 4000ق.م. وقد تطوّرت أنواع قمح جديدة تدريجياً نتيجة التلقيح العشوائي بين القمح المزروع والحشائش البرية. ولما كانت لبعض أنواع القمح الجديدة صفات فَضَّلها المزارعون، فقد بدأت هذه الأنواع تحلّ محلّ الأصناف القديمة. كما زُرعت الأصناف ثنائية الحبة وأحادية الحبة على نطاق واسع إلى أن ظهر القمح القاسي (الصلد) في القرن السادس قبل الميلاد. ولقد تطور كلٌّ من القمح العادي والقمح الصولجاني في القرن السادس الميلادي.
انتقل القمح إلى الأمريكتين بوساطة المكتشفين والمستوطنين من دول أوروبية عديدة. وفي عام 1493م، أدخل كريستوفر كولمبوس القمح إلى العالم الجديد في رحلته الثانية إلى جزر الهند الغربية، ثم انتقل القمح من أسبانيا إلى المكسيك عام 1519م، وإلى الأرجنتين بحلول عام 1527م، كما حمل المنصِّرون الأسبان معهم فيما بعد قمحًا إلى جنوب غربي الولايات المتحدة. كذلك بدأ المستوطنون الفرنسيون في كندا زراعة القمح في نوفا سكوتيا عام 1605م.
أعطى إدخال القمح الشتوي إلى الولايات المتحدة دفعة كبرى في تصنيع منتجات القمح. وفي السبعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، هاجر أعضاء طائفة دينية تسمى المانونيت من روسيا إلى كنساس، وحملوا معهم صنفًا من القمح الشتوي يسمى التركي الأحمركان ملائمًا أشد الملاءمة للأمطار القليلة التي تسقط على السهول العظمى. وفي زمن قصير زرع الصنف التركي الأحمر والأصناف التي اشتُقَّت منه في جميع حقول القمح تقريبًا في كنساس والولايات القريبة منها. وتعود أصناف كثيرة من القمح التي تزرع في الوقت الرّاهن بالولايات المتحدة إلى الصنف التركي الأحمر.
ميكنة زراعة القمح. منذ بدايات الزراعة وحتى أوائل القرن التاسع عشر الميلادي كان هناك قليل من التغيير في الأدوات المستعملة لزراعة القمح. وعلى مدى آلاف السنين، حصد المزارعون القمح يدوياً بالمنجَل أو المحَش. وكانت السيقان وقتئذ تربط في حزم وتُجمع في أكوام انتظارًا للدّراس. كانت الماشية تدرس السنابل أو يضربها المزارعون بعصا معقوفة يطلق عليها مِدَق الدِّراس. وبعد فصل الحب عن السنابل، كان القمح يُقذف في الهواء فينفصل التبن بعيدًا تاركًا الحبوب. وتُسمى هذه العملية التَّذْريَة، وهي لا تزال مستعملة في كثير من الدول النامية في جميع أنحاء العالم. ويتلف كثير من الحب نتيجة للوقت الطويل الذي يستغرقه حصاده ودِراسُه.
أدت آلالات التي طُوِّرت في القرن التاسع عشر الميلادي إلى رفع كفاية زراعة القمح إلى درجة عالية. وكانت آلات الدّراس مستعملة في المملكة المتحدة في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي حين كانت الدَرَّاسة تقوم في بضع ساعات بالعمل الذي كان يستغرق عدة أيام. ثم سجَّل المخترع الأمريكي سايروس ماكورميك أول آلة حصاد ناجحة في 1834م. وبحلول التسعينيات من القرن نفسه، كانت معظم الحصادات مُزودة بوصلة لربط السيقان في حزم. وتم تطوير حصادة ودرّاسة معًا في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر الميلادي بمعرفة هيرمان مور، وجون هاسكول من ميتشيجان. ومع ذلك، فقد استمر معظم المزارعين في استعمال حصادات ودرّاسات منفصلة. وفي العشرينيات من القرن العشرين الميلادي، أدى نقص العمالة الزراعية مصحوبًا بتحسينات في الحصادات الآلية إلى لجوء عدد أكثر من المزارعين إلى استعمالها.
وحتى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، كانت معظم تجهيزات المزارع والحقول تستخدم طاقة حيوانات المزرعة أو الأيدي العاملة. وخلال الثمانينيات من ذلك القرن، حلَّت الآلات البخارية تدريجياً محل الحيوانات في كثير من الدول الصناعية. وبحلول أوائل العشرينيات من القرن العشرين، استعملت آلات الاحتراق الداخلي لتشغيل الجرارات وآلات المزرعة الأخرى.
لقد أدى استخدام الآلات في جميع أنحاء العالم إلى خفض كبير في مقدار الجهد البشري اللازم لزراعة القمح. وقبل عام 1830م، كان المزارع يحتاج إلى أكثر من 64 ساعة لإعداد التربة، وزراعة التقاوي، وحش ودراس 0,4 هكتارات من القمح. أما اليوم، فإن ذلك يحتاج إلى أقل من 3 ساعات من العمل. كما أن استخدام الآلات قد مكن المزارعين من زراعة مساحات أكبر. وباستعمال المعدات اليدوية، يمكن لأسرة ريفية أن تزرع حوالي هكتار واحد من القمح، ولكن باستخدام الآلات الحديثة يمكن لهذه الأسرة أن تزرع حوالي 405 هكتارات من القمح.
استنباط أصناف قمح جديدة. لقد تحققت أكبر الإنجازات أهمية في تاريخ القمح بسبب وسائل التلقيح العلمية التي تمت خلال القرن العشرين. فباستنباط أصناف جديدة من القمح، تمكن المزارعون من تحقيق زيادة هائلة في كمية محصول القمح لكل هكتار. ويعطي بعض الأصناف إنتاجية أعلى لأنه أفضل مقاومة للأمراض أو الآفات، وبعضها الآخر ينضج مبكرًا، وبذلك يتيح للمحصول النجاة من المخاطر مثل الصقيع المبكر والجفاف المتأخر. كما أن المزارعين استنبطوا أيضًا نباتات لها سيقان قوية تستطيع حمل محصول أكثر من الحبوب. ويتطلب كثير من الأصناف عالية الإنتاجية كميّات كبيرة من المخصبات أو مبيدات الآفات. وخلال منتصف القرن العشرين، بذل العلماء الزّراعيون في جميع أنحاء العالم جُهدًا كبيراً لزيادة إنتاج الحبوب في الدول النامية. وقد كان نجاح هذا الجهد متميّزًا لدرجة أن أطلق عليه اسم الثورة الخضراء. وقد اعتمد نجاحه بالدرجة الأولى على استعمال الأصناف عالية الإنتاج.
وفي عام 1970م مُنح العالم الأمريكي نورمان بورلوج جائزة نوبل للسلام عن أبحاث القمح التي أدت إلى استنباط هذه الأنواع. انظر: بورلوج، نورمان إيرنست.
لقد أدّت الثورة الخضراء إلى تقليل خطر المجاعة في كثير من الدول النامية. فقد ساعدتها على أن تصبح أقلّ اعتمادًا على القمح الذي تستورده للأعداد المتزايدة من سكانها. كما أنّها ساعدت في تركيز الانتباه إلى معوقات زيادة موارد الغذاء في العالم. فعلى سبيل المثال، قد تكون الموارد المائية محدودة، والأراضي من نوعية رديئة، إلا أن بعض الدول تغلبت على ذلك وأنتجت كميات كبيرة بل صدّرت فائض إنتاجها، وخير مثال على ذلك تجربة المملكة العربية السعودية، إذ بلغ إنتاجها في عام 1991م نحو 3,8 مليون طن بعد أن كان لا يتجاوز 3000 طن في عام 1970م. واستحقت المملكة على ذلك تقدير دول العالم ممثلة في منظمة الأغذية والزراعة الدولية. انظر: السعودية.
ومع ذلك، فهناك مشاكل تقلل من مكاسب الثورة الخضراء، ومن هذه المشاكل عدم مقدرة المزارعين على توفير الكم والنوع المناسبين من أنظمة الري والمخصبات والمبيدات ووسائل النقل، وحماية المحاصيل. كما أن معدلات نمو السكان تفوق معدلات إنتاج الموارد الغذائية في كثير من الدول. انظر: الثورة الخضراء.
أسئلة
- ما جزء حبة القمح الذي يستعمل في عمل الدقيق الأبيض؟
- لماذا يلجأ بعض المزارعين إلى زراعة القمح في دورة موسمية مع محاصيل أخرى؟
- ما الخلْفَات (الأشطاء)؟
- ما آلات زراعة القمح الرئيسية الثلاث التي ُطُورّت خلال الثلاثينيات من القرن التاسع عشر؟
- ما الدول الثلاث ذات السبق في إنتاج القمح؟
- متى وأين زرع القمح لأول مرة؟
- ماذا يُقصد بالثورة الخضراء؟
- كم حبة تحملها السنبلة النموذجية من القمح؟
- ماذا تعني بورصة الحبوب؟
- كيف ارتبط تطور الحضارات القديمة بتاريخ القمح؟